أقيلوا أحمد عوض من رئاسة الحكومة!
مصطفى محمود يكتب: أقيلوا أحمد عوض من رئاسة الحكومة!
قبيل تعيين أحمد عوض بن مبارك رئيساً للوزراء، كتبت مقالاً قلت فيه: إن تعيين بن مبارك خطأ استراتيجي يرتكبه مجلس القيادة، سيدفع ثمنه اليمن أرضاً وإنساناً. فخطر بن مبارك لا يتوقف عند كونه فاسداً فاحشاً أو لأنه يصنع الفشل المدمر جزئياً. هذه أمور، على هول خطورتها، تعد سهلة وبسيطة مقارنة بنتائج الكوارث الكلية التي يخلفها وراءه عقب كل منصب حكومي يتولاه. خلف بعد كل منصب كارثة مزلزلة لم يشهد لها تاريخ البلاد مثيلاً. وضربت الأمثلة التالية:
الرئيس السابق هادي عين أحمد عوض بن مبارك رئيساً لمؤتمر الحوار الوطني، وأنفق عليه ملايين الدولارات من الخزينة العامة للدولة. ولكن ماذا حصل بعد؟ انتهى مؤتمر أحمد عوض بن مبارك بكارثة اجتياح الحوثي للعاصمة صنعاء، وعربدوا فيها. وجميعكم تعلمون تلك التفاصيل.
الرئيس السابق هادي لم يتعلم الدرس، فقام بتعيين بن مبارك رئيساً للوزراء في نفس الفترة. ثم ماذا حصل بعد؟ كانت النتيجة كارثية، إذ ساهم بتمكين الحوثيين من مؤسسات الدولة من خلال موقعه كرئيس للوزراء حينها. وبعد أن أخذوا منه ما يريدون طالبوا بإقالته، ولم يدم طويلاً في هذا المنصب. جميعكم تعلمون تلك التفاصيل.
الرئيس السابق هادي لم يستفد من هذه الدروس، فقام بتعيين بن مبارك للمرة الثالثة مديراً لمكتب رئاسة الجمهورية. ثم ماذا حصل بعد؟ كانت النتيجة أنه أقنع الرئيس هادي بتوقيع وثيقة "السلم والشراكة" مع الحوثيين، وبعدها مباشرة تم اختطافه أو استضافته من قبل الحوثيين. تم حصار الرئيس هادي وإهانته وإذلاله مما اضطره لتقديم استقالته واستقالة حكومة بحاح حينها. وتم التنكيل بالرئيس هادي وهروبه من البلاد. جميعكم تعلمون بقية التفاصيل.
الرئيس هادي استمر في مشواره مع بن مبارك، وقام بتعيينه سفيراً لليمن في واشنطن. وماذا حصل بعد؟ كانت النتيجة كارثية كسابقاتها، إذ تمكن الحوثيون خلال فترة بن مبارك من النفوذ إلى أهم المؤسسات الأمريكية ومراكز صنع القرار هناك من خلال الناشطين ومؤسسات المجتمع المدني. بسبب هذا الاختراق، بدأ المجتمع الدولي، وعلى رأسه أمريكا، بطرح فكرة الاعتراف بالحوثي كحكومة شرعية بديلة عن شرعية هادي التي يمثلها بن مبارك نفسه في أمريكا. ولولا الجهود الدبلوماسية للسعودية التي أعاقت تنفيذ تلك الفكرة، حتى تم تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، وبذل الرئيس رشاد العليمي جهوداً مضنية لاستعادة الشرعية التي كاد الحوثي يسحب أغلبها.
عينه الرئيس هادي وزيراً للخارجية. وماذا حصل بعد؟ كانت النتيجة لا تختلف عن سابقاتها؛ كارثية. فقد تحولت أغلب السفارات اليمنية في الخارج إلى دكاكين، ولا أخجل إن قلت مواخير. ومن كل مكان تسمع صراخ اليمنيين في الخارج، والمظاهرات أمام السفارات لا تتوقف. الطلاب يتعرضون للاستغلال، والمغتربون يتعرضون للإهانة داخل السفارات. لدرجة أن بعض المسؤولين في السفارات تم اتهامهم رسمياً من سلطات بعض البلدان بالتجارة بالمخدرات والدعارة، وتم تسريب الكثير من القضايا الأخلاقية من داخل السفارات والبعثات الدبلوماسية اليمنية. هذه أمور يعلمها الجميع.
قبل أشهر تم تعيينه رئيساً للوزراء. ماذا حصل بعد؟ واصل بن مبارك مشواره التدميري بكفاءة، إذ سعى جاهداً لتعطيل الحكومة وعرقلة اجتماعاتها ومؤسساتها. ولا يستطيع أحد من الوزراء تكذيب هذا الكلام. إلى جانب الفشل في تنفيذ المواجهات السياسية والاقتصادية وخطط مجلس القيادة ورفضها، بدأت العملة بالانهيار. وبرغم فداحة هذا الانهيار ورفضنا له، أعتبر أن الأمر ما زال سهلاً ويمكن تفاديه ومعالجته.
لكن إذا استمر بن مبارك رئيساً للوزراء، ماذا سيحصل؟ أتوقع أنه خلال عامين فقط، سينخفض الريال مقابل الدولار وربما يتخطى الدولار الأمريكي الواحد عشرين ألف ريال يمني. ليس هذا وحسب، بل أيضاً قد يصل محمد علي الحوثي إلى قصر المعاشيق. وعليكم تخيل بقية السيناريو. ومن أجل ألا نصل إلى هذا الحال السيئ، أوجه نصيحتي الثانية والأخيرة، وأنا مسؤول عنها، احفظوها عني وحاسبوني.
الخلاصة:
(أقيلوا أحمد عوض بن مبارك عن رئاسة الحكومة، بل عن أي وظيفة رسمية حتى مدرس جامعي. فضريبة إقالته وإبعاده اليوم مهما ترونها مكلفة فهي بسيطة جداً مقارنة بدفع ضريبة بقائه رئيساً للوزراء فترة أطول. سيدفع الثمن الجميع، وستكون الضريبة باهظة، وستدفعها أغلب المناطق المحررة وعدن في مقدمتها. سينتهي شيء اسمه عملة وطنية وشرعية، وستنهار المكونات الجمهورية: المجلس الانتقالي، أو المقاومة في الساحل الغربي، الجيش الوطني في مأرب وتعز. سيخلق مرحلة جديدة على حساب كل الموجودين الآن... إن من لم يستفد من تجارب التاريخ محكوم عليه بتكرار الأخطاء).