مشاورات الكويت في انتظار كسر شروط الحوثيين وصالح
يوم عصيب عاشته مشاورات السلام اليمنية التي كان من المقرر أن تنطلق، أمس الاثنين، ليعطل عدم توجّه وفد الانقلابيين إلى الكويت موعد انطلاقها، ويهدد الجهود السياسية والتقدّم الذي جرى إحرازه خلال الأشهر الأخيرة، وسط حديث المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، من "ساعات حاسمة"، قد يستأنف موعد المشاورات معها، اليوم الثلاثاء، مع توجيه المبعوث الأممي تحذيراً ضمنياً للانقلابيين.
وأكدت مصادر سياسية مطلعة في العاصمة صنعاء، أن وفدي جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) وحزب "المؤتمر الشعبي" الذي يترأسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، رفضا المغادرة، مساء الأحد، متمسكين بالاشتراطات التي قدّمها الطرفان للحوار، على الرغم من ضغوط أممية ودولية حاولت إقناعهما بالحضور في الموعد المحدد.
ووفقاً للمصادر، فإن أبرز الاشتراطات التي قدمها الحوثيون وحلفاؤهم للمشاركة في المشاورات، هي تثبيت وقف إطلاق النار، بما في ذلك عدم تنفيذ التحالف العربي غارات جوية أو التحليق بطائرات التجسس. كما وقعت خلافات مباشرة مع المبعوث الأممي، حين أصروا على ضرورة أن تدين الأمم المتحدة، الخروقات، وما قالوا إنه قصف جوي تعرضت له اللجنة المحلية للإشراف على الهدنة في محافظة الجوف.
وأشار مصدر يمني مرافق للوفد الحكومي في الكويت، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن التأجيل ليس لموعد محدد، متوقّعاً أن يصل وفد الحوثيين وحلفائهم، مساء الاثنين أو الثلاثاء، (وبالتالي قد يتم افتتاح المشاورات اليوم الثلاثاء). وقال إن الوفد الحكومي سينتظر في الكويت، لأنه حريص على السلام، على الرغم من العراقيل التي وضعها الانقلابيون.
وكان قرار الانقلابيين بوضع هذه الشروط، قد اتخذ خلال اجتماع عُقد السبت وضم أعضاء المكتب السياسي لجماعة الحوثيين و"اللجنة العامة" لحزب "المؤتمر الشعبي"، إذ اتفقا على التنسيق الشامل والكامل بينهما وعلى مطالبة الأمم المتحدة باتخاذ موقف من الخروقات، لكنهما لم يعلنا بصورة واضحة شروطاً لحضور المشاورات، وأبقيا عليها للتفاوض المباشر مع المبعوث الأممي قبل الانطلاق.
وتسبّب تأخر انطلاق المشاورات في حرج للمبعوث الأممي، فيما برزت نبرة غضب تحذيرية من الوفد الحكومي الذي كان قد حضر إلى الكويت يومي السبت والأحد، ويترأسه نائب رئيس الحكومة، وزير الخارجية عبدالملك المخلافي، إذ ألمح أعضاء في الوفد في تصريحات منفصلة إلى أن الطرف الانقلابي يتحمّل المسؤولية الكاملة عن أي إحباط لجولة المشاورات.
وأفادت وكالة "سبأ" التابعة للحكومة بأن الوفد الحكومي التقى المبعوث الأممي وجرت مناقشة التحضيرات للمشاورات. وأكد الوفد جاهزية الطرف الحكومي للبدء في المشاورات في إطار التزام الحكومة ورغبتها الجادة في إحلال السلام ووقف نزيف الدم اليمني وفقاً للمرجعيات والأسس المتفق عليها. وقال المخلافي إن "وفد الحوثي وصالح ما زال يماطل في الوصول وينتهك اتفاق وقف إطلاق النار، والذي يُعدّ تحديا للمجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن ومساعي إحلال السلام وتطلعات الشعب اليمني في السلام وتحقيق الأمن والاستقرار".
وعلى إثر فشل الموعد وضغوط الوفد الحكومي، خرج المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ببيان حمل تحذيراً للانقلابيين، وتحدث عن أن "المستجدات التي حصلت في الساعات الأخيرة" أدت إلى "تأخير" موعد الانطلاق، مضيفاً: "نحن نعمل على تخطي تحديات الساعات الأخيرة ونطلب من الوفود إظهار حسن النية والحضور إلى طاولة الحوار من أجل التوصل إلى حل سلمي". وأضاف: "الساعات القليلة المقبلة حاسمة، وعلى الأطراف تحمل مسؤولياتهم الوطنية والعمل على حلول توافقية وشاملة".
وتقدم المبعوث الدولي بالشكر للوفد الحكومي "الذي التزم بموعد المباحثات ووصل في الوقت المحدد"، وتمنّى "على ممثلي أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام ألا يضيعوا هذه الفرصة التي قد تجنّب اليمن خسارة المزيد من الأرواح ومن المفترض أن تضع حلاً لدوامة العنف في البلاد"، مشيراً إلى أنه من المرتقب أن "ترتكز المحادثات على إطار عملي يمهد للعودة إلى مسار سلمي ومنظم بناء على مبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني".
ويتواجد في الكويت عدد كبير من الدبلوماسيين، وعلى رأسهم سفراء مجموعة الدول الـ18 المهتمة بشؤون اليمن، وتتألف من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، ودول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، وكانت المجموعة قد عقدت لقاءً مع المخلافي بعد وصوله، ومن المقرر أن تستمر في الإشراف على سير المشاورات في الأيام الماضية.
وتحدّثت مصادر قريبة من الحوثيين عن أن "لجنة التنسيق والتهدئة" المؤلفة من ممثلين عن الطرفين والمتواجدة في الكويت منذ أكثر من أسبوع، عقدت الاثنين لقاء مع المبعوث الأممي لمناقشة تداعيات تأجيل افتتاح موعد المشاورات. وتنعقد المحادثات في "الديوان الأميري" في الكويت تحت عنوان "مشاورات السلام اليمنية"، برعاية الأمم المتحدة ودولة الكويت، ويتألف كل وفد من 14 عضواً، بينهم 10 مفاوضين وأربعة فنيين ومستشارين، ومن المقرر أن يجري نقاش خمسة مواضيع.
وجاء التأجيل، أمس على الرغم من تقدّم نوعي في مسار السلام تحقق مساء الأحد، وتمثل بتوقيع اتفاق بين اللجان المحلية في محافظة مأرب وأطراف على تثبيت وقف إطلاق النار، في كل جبهات المحافظة، بعد اتفاق مماثل جرى توقيعه السبت في محافظة تعز.
وتعد جبهة مأرب وأطراف صنعاء، من أكثر الجبهات حساسية واشتعالاً بالمواجهات، خصوصاً في الأشهر الأخيرة، ويمثل الاتفاق المحلي في تلك المناطق تقدماً نوعياً يمكن أن تتبعه اتفاقات محلية في بقية المحافظات