أخبارأنشطة ومجتمع

مسرحية: أسامة .. أيقونة المضطهدين وحملة لإنقاذه

بدت عينا أسامة زائغتين، وجلس متوتراً بجسده الصغير المحشور خلف أحد المتارس وهو يصوب بندقيته إلى هدف يجهله، بجانب رفيقه الذي أخفى عليه السبب الحقيقي لوجودهما في هذا الخندق.

 

إنه في السابعة عشر من عمره، لكنه على وشك أن يتحول إلى قاتل.. يحدث هذا في الواقع اليومي، ولكن المشهد هنا جزء من مسرحية عرضت في عدن.

 

واستطاع الممثلان أكرم مختار وهشام حمادي، تأدية هذا المشهد المحوري بإتقان، رغم الحيز الضيق الذي أتاحته القاعات الدراسية الصغيرة التي عرضت فيها مسرحية "حكاية أسامة"، بمدينة عدن خلال الربع الثاني من العام الجاري 2016 ومن تنفيذ فرقة خليج عدن.

 

وتقدم "حكاية أسامة" بأسلوب مسرحي المضطهدين، حيث تتيح هذه الآلية التفاعلية مساحة حرة لإشراك الجمهور في إعادة بناء الأحداث، أو تقديم رؤية خاصة للحل، سواء عبر النصيحة، أو الصعود إلى خشبة المسرح وتغيير مجرى الأحداث، لإنقاذ شخص ما يتعرض للاضطهاد.

 

وجرى بالتزامن تقديم نسخة محلية أخرى في صنعاء تحت عنوان "قصة معلبة"، نفذتها هناك مؤسسة الوفاء للإنتاج الفني، والنسختان اشتركتا في خطوط عريضة تعكس واقع استقطاب الجماعات المسلحة لفئة الشباب، وانطلق المشروع بمبادرة من إذاعة هولندا العالمية “RNW Media” ، ضمن مشاريعها التي تستهدف فئة الشباب وقضية التطرف والعنف، تحت المظلة الالكترونية "ساحة شباب اليمن".

 

وتبدأ "حكاية أسامة" بملف الاضطهاد المنزلي، حيث ينحدر بطل القصة من أسرة فقيرة تعيش في خلافات دائمة بين أب متسلط وأم عديمة الحيلة، وربما يأتي هذا انعكاساً للجدل المتواصل حول المراهق المجرم "هل خلقته البيئة المحيطة، أم هبط بروحه الشريرة من السماء؟".

 

قدمت المسرحية في شكل عروض متجولة في المدارس الثانوية، بلغ عددها أكثر من أربعين عرضاً، توزعت بين عدن جنوباً، وصنعاء شمالاً، وبين الثانويات المختلفة من الجنسين، ذكوراً وإناثاً، وطلبت بعض إدارات المدارس في عدن، تنفيذ أكثر من عرض واحد، وشوهد الطلاب وهم يتحلقون العروض وينخرطون في تفاعل سلس مع الممثلين، وشارك بعضهم في إعادة تمثيل بعض المشاهد، لتغيير مجرى الأحداث، وليتجنبوا أي نهاية مأساوية محتملة، وظهر البعض مندمجاً في تأدية دور المضطهد الذي يقاوم الظروف الافتراضية التي سحقت النسخة الأصلية في المسرحية.

 

وتظهر النسخة الأصلية من "أسامة" أنه ضحية للبيئة المحيطة به، داخل البيت، وفي العمل اليدوي الذي دفعه إليه والده قسراً بعد إيقافه عن الدراسة، وقبل أن ينجرف للكسب السريع عبر السلاح.

 

وعبر استبيان وزع على الجمهور كتبت طالبة من ثانوية أبان في المدينة القديمة "كريتر" شرق عدن "ألهمتني المسرحية أن أحيط نفسي بأشخاص أثق بأنهم سيقفون معي إذا ما وقعت في مصيبة"، وكتبت طالبة أخرى من ثانوية 14 أكتوبر "ألهمتني المسرحية أن أشارك أكثر في حملات رفع الوعي في مدينتي"، بينما علق طالب من ثانوية مأرب في ورقة الاستبيان "علينا المساعدة جميعاً في رفع جودة التعليم، لأنه هو الحل لمشاكلنا".

 

وأطلقت ساحة شباب اليمن الوسم #انقذوا_اسامة ضمن حملة ستتوسع خلال النصف الثاني من العام الجاري، وستمتد لتشمل أنشطة مختلفة، وغير مسرحية، قد تجعل من أسامة أيقونة للمضطهد الذي يمكن إنقاذه. وسبقت العروض المسرحية، دورة تدريبية قصيرة ومكثفة رعتها إذاعة هولندا العالمية للشريكين المحليين، في العاصمة الأردنية عمان، خلال الربع الأول من العام الجاري.

زر الذهاب إلى الأعلى