تقارير ووثائق

جولة ولد الشيخ أحمد: محاولة أخيرة في زمن أوباما

بعد لقاءات واجتماعات، غالبيتها غير معلنة، كشف المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، عن خارطة جولته المكوكية التي تشمل عدداً من عواصم المنطقة، وسط غموض يحيط بتفاصيل المقترحات الجديدة التي يحملها.

 

ويبدو أنها الفرصة الأخيرة للجهود الدولية الساعية لحل سلمي في اليمن، في ظل إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، التي تستعد لمغادرة البيت الأبيض قريباً. وتأتي الجولة قبل اجتماع من المقرر أن يعقده مجلس الأمن في 25 يناير/ كانون الثاني الحالي، ويستمع فيه إلى إفادة من ولد الشيخ حول تطورات الوضع في البلاد.

 

وكانت العاصمة القطرية الدوحة هي المحطة الثانية في جولة المبعوث الأممي بعد الرياض. وأعلن ولد الشيخ أحمد، أمس الخميس، أنه عقد لقاء مطولاً مع وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، تطرقا فيه "إلى أولويات المرحلة المقبلة لضمان حل سياسي سلمي في اليمن"، مشيراً إلى أن الدوحة جددت دعمها الكامل لجهود الأمم المتحدة. وقال "كل الشكر لدولة قطر على المساعدات الإنسانية التي وصلت إلى الشعب اليمني، وتجديد دعمها الكامل لجهود الأمم المتحدة ومسار السلام في اليمن".

 

وجاءت زيارة ولد الشيخ إلى الدوحة بعد ساعات من إعلانه اختتام زيارة إلى السعودية استمرت ثلاثة أيام، التقى خلالها مسؤولين سعوديين ويمنيين، لم يُعلن منها سوى لقاء مع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف الزياني، ومع محافظ البنك المركزي اليمني، منصر القطيعي، بالإضافة إلى اجتماعه مع السفراء المعتمدين لدى اليمن من مجموعة الدول الـ18 المشرفة على جهود التسوية في البلاد، والتي تتألف من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن ودول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي ودول أخرى.

 

وفي الوقت الذي لم تخرج فيه الاجتماعات بنتائج واضحة، باستثناء تجديد الأطراف دعمها لجهود الأمم المتحدة، ذكرت وكالة الأنباء السعودية أن الأمين العام المساعد للشؤون السياسية والمفاوضات في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عبد العزيز بن حمد العويشق، الذي شارك في اجتماع المبعوث الأممي مع السفراء، أكد دعم "مجلس التعاون للجهود التي يبذلها ولد الشيخ أحمد"، وأعرب عن أمله "في أن يخرج الاجتماع المقبل لمجلس الأمن المقرر عقده في 25 يناير برسالة واضحة تدفع الحوثي وعلي عبدالله صالح للاستجابة إلى المبادرات التي تقدمها الأمم المتحدة من أجل دفع عملية السلام في اليمن، وسرعة التوصل إلى حل سياسي ينهي الأزمة في اليمن".

 

وكان ولد الشيخ أحمد كشف، في ختام زيارته إلى السعودية، عن أنه سيتوجه إلى الدوحة ثم مسقط، فعمّان، قبل أن يتوجه إلى مدينة عدن، حيث مقر إقامة الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، وكذلك إلى صنعاء. وأعلن أنه سيكثف جهوده من أجل التوصل إلى حل سلمي للصراع. وكشفت مصادر مقربة من مكتب الأمم المتحدة في اليمن، عن أن محطات الزيارات المقبلة لولد الشيخ أحمد ستركز أساساً على تفعيل عمل لجنة التنسيق والتهدئة والمقرر أن تجتمع في الأردن، تمهيداً لانتقالها إلى مدينة ظهران الجنوب السعودية، للإشراف على عملية إعادة تفعيل اتفاق وقف الأعمال القتالية وفقاً لأحكام وشروط العاشر من إبريل/ نيسان العام الماضي.

 

ووفقاً للمصادر، فإن مقياس نجاح الجولة الحالية سيكون في صنعاء، إذا نجح في إقناع الانقلابيين (جماعة أنصار الله، وحزب المؤتمر الذي يترأسه علي عبدالله صالح)، بإرسال ممثليهم للمشاركة في اجتماعات عمّان المرتقبة، وما يليها من إجراءات بالانتقال إلى السعودية، في وقت لم تتضح فيه حتى اليوم، ملامح التعديلات المطروحة على الخطة المقترحة كأرضية لحل سلمي في البلاد، بعد أن رفضت الحكومة أواخر العام الماضي "خارطة الطريق" المقدمة من المبعوث الأممي، والتي تستوعب في الأساس مقترحات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، وتشمل شقاً سياسياً يتعلق بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وشقاً أمنياً يتضمن انسحاب الحوثيين من صنعاء ومدن أخرى، وغيرها من الإجراءات.

 

وبعد سلسلة من التجارب والمحطات، التي عادة ما كانت تنتهي بالفشل أو بتحقيق تهدئة هشة، يرى مراقبون يمنيون أن جهود ولد الشيخ أحمد، في جولته الحالية، تبدو أقرب إلى "فرصة أخيرة" لإدارة أوباما التي تستعد لمغادرة البيت الأبيض، بعد أن كانت مقترحات كيري محوراً للتحركات والمقترحات الدولية لحل سلمي في اليمن، منذ أغسطس/ آب 2016، وكلها انتهت من دون تحقيق تقدم محوري حتى اليوم.

 

وعلى الرغم من استمرار الهوة، وعدم ظهور مؤشرات على توصل الأطراف إلى أرضية مشتركة للعودة إلى المشاورات والوصول إلى حل سلمي في البلاد، إلا أن هناك مؤشرات رضى في المقابل، تظهرها مختلف الأطراف بالقبول مبدئياً بالتوجه لإعادة تفعيل اتفاق وقف إطلاق النار، وفقاً للاتفاق الذي سبق انطلاق مشاورات الكويت، وانهار تدريجياً مع مطلع يوليو/ تموز، قبل أن يعود الوضع إلى التصعيد العسكري منذ أغسطس الماضي، وحتى اليوم. وكان لافتاً تركيز المبعوث الأممي في جولته الحالية، على الوضع الاقتصادي، بعد وصول مبلغ 200 مليار ريال يمني، جرت طباعتها في روسيا لحل أزمة السيولة.

 

ويسعى ولد الشيخ أحمد إلى إقناع الحكومة الشرعية بتسليم رواتب الموظفين في مختلف أنحاء البلاد، بما في ذلك المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، في ظل تسريبات تتحدث عن اتفاق أو تفاهم غير معلن رعته الأمم المتحدة بين طرفي الحكومة والانقلابيين، يتضمن اقتسام المبلغ الذي جرت طباعته بالمناصفة، ما لم تلتزم الحكومة في عدن بدفع الرواتب في مختلف أنحاء البلاد.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى