رئيسية

مبادرة البخيتي المثيرة: الحل في اليمن شمال وجنوب.. النص

أطلق الناشط السياسي اليمني، والقيادي السابق في جماعة الحوثيين، علي البخيتي مبادرة مثيرة للجدل، تضمنت اقتراح خطوات لحل في اليمن على اساس شمال وجنوبز
وشملت مبادرة البخيتي التي يعيد نشوان نيوز نشرها، العديد من النقاط، التي اعتبرها حقائق واقعية، مشيراً إلى أن الحل الذي لا ترعاه الأمم المتحدة غير واقعي، حسب رأيه.
وتصل المبادرة، إلى اقتراح حوار بين القوى في الشمال برعاية السعودية وفي الجنوب برعاية من السعودية بالإضافة إلى الإمارات.
وأثارت المبادرة، لغطاً وردود فعل متباينة، إذ تعرض البخيتي لانتقادات شديدة اللهجة بسببها اعتبرت أنه كشف عن مطلب يمزق البلاد، كما اعتبر آخرون أنها واقعية.

ولأهمية المبادرة وما أثارته من جدل، يعيد نشوان نيوز نشرها:
الانفصال بين الشمال والجنوب كمدخل لحل الأزمة في اليمن (الحقيقة مرة لكن هذا هو الحل)/ 18 مارس 2017م
الانفصال بين الشمال والجنوب كمدخل لحل الأزمة في اليمن
(الحقيقة مرة لكن هذا هو الحل)
------------
علي البخيتي 18 مارس 2017م
- المقدمة
- حقائق على الأرض يجب معرفتها قبل الشروع في التسوية
- أفكار لمشروع مبادرة للتسوية تتعامل مع الحقائق على الأرض
- ملاحظات ختامية

أولاً/ المقدمة:
بدأ اليأس يدب إلى مساعي السلام في اليمن، بسبب تعقيد الملف وتداخله، فنحن أمام مشكلات تراكمت منذ العام 1990م، متعلقة بالوحدة بين الشمال والجنوب، إضافة إلى مشكلات ومشاريع سابقة على هذا التاريخ –إمامة في الشمال وفي الجنوب صراع طغمة وزمرة 86م ودويلات جنوب ما قبل 67م- برزت للسطح مجدداً في الشمال والجنوب مدفوعة بحالة الفوضى، ويراد للتسوية السياسية المفترضة أن تعالج كل تلك المشكلات التي تراكمت لعقود، وذلك ضرب من الجنون، والإصرار عليه يعني ضياع اليمن ودخوله مرحلة الفوضى الشاملة.
المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة عبر مبعوثها الخاص لليمن إسماعيل ولد الشيخ يمضي بشكل إيجابي على المستوى النظري وإن كان بطيئاً، لكنه حلم صعب التحقيق، لأن الواقع على الأرض يمضي باتجاه آخر تماماً، في تكرار للمشهد الذي حصل أثناء مؤتمر الحوار الوطني بصنعاء في 2013م، حيث كان المؤتمرون في الحوار –وأنا أحدهم- يرسمون لنا المدينة الفاضلة، بينما المجموعات المسلحة التابعة لمختلف الأطراف ترسم واقع معاكس آخر تماماً على الأرض، وما إن شارف الحوار على الانتهاء حتى انفجرت الحرب في عدة جبهات، وانتهت بدخول الحوثيين صنعاء، وانقلابهم على السلطة، ومن ثم هروب هادي وتدخل التحالف العربي، وكل ذلك أوصل البلد الآن إلى واقع انفصالي على الحدود الشطرية لعام 90م، نفس المشهد يتكرر اليوم، ولد الشيخ وسفراء الرباعية يرسمون لنا على الورق مدينة فاضلة، لكن الواقع على الأرض مختلف تماماً، ويمضي باتجاه الانفجار الكبير، الذي قد يخلق عدة دول في الشمال وعدة دول في الجنوب في أحسن الأحوال، وفي أسوأها ستتحول اليمن إلى دولة فاشلة تسيطر على مناطقها ومدنها عشرات المجموعات المسلحة المتناحرة، إضافة إلى انتشار المجموعات الإرهابية التي توظف كل تلك الفوضى وتعمل على توسيع حاضنتها الشعبية.
لا يمكن لولد الشيخ ولا لمسار التسوية السياسية حل كل المشكلات اليمنية المتداخلة والمتراكمة منذ عقود، ولن يُجدي نفعاً التوصل إلى تسوية سياسية نظرية على الورق لا تقبل بها القوى التي تسيطر على الأرض، ستتحول تلك التسوية إلى وثيقة حوار جديدة توضع على الرف كما وضعت وثيقة الحوار الوطني، ودستور هادي، وقرار تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم، وإعلان الحوثيين الدستوري، كل تلك الوثائق انتهت إلى سلة المهملات، لأنها لم تتعامل بواقعية مع ما يحدث على الأرض، أو تم فرضها من قبل أحد الأطراف وسعى لتمريرها دون توافق.
إذا أردنا حل الأزمة اليمنية فليس من المنطقي العمل على تسوية شاملة كاملة لكل تلك المشكلات المتراكمة والمتداخلة، بل علينا تفكيك عناصر المشكلة، والعمل على حل كل عقدة لوحدها، ومن ثم النظر في إمكانية إيجاد تسوية شاملة بعد أن تستقر الأوضاع في كل منطقة على حدة، وتتضح الجهات التي تمثلها، والتي لديها القدرة على تسويق وفرض أي تسوية شاملة تتبناها وتوقع عليها.
لنفترض جدلاً أن ولد الشيخ تمكن من التوصل إلى تسوية سياسية شاملة كما تقول أجندات الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، ولنفترض أن الرئيس المعترف بشرعيته عبدربه منصور هادي وافق على خارطة ولد الشيخ ومضى في التسوية مع الحوثيين وصالح والإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) وبقية الأحزاب ووقعها، هل سيتمكن هادي من فرض التسوية في الجنوب اليمني؟؟، إذا كان هادي عاجزاً عن العودة إلى قرية (الوضيع) مسقط رأسه، وإذا كان عاجزاً عن الخروج من قصر معاشيق، وعن السيطرة على مطار عدن، وعن تغيير عاقل حارة أو إمام جامع أو رجل أمن في المطار مدعوم من مجموعة مسلحة في عدن، كيف سيتمكن من فرض حل سياسي على مساحة الجنوب التي تتجاوز 300 ألف كم2؟!!، هل سيستدعي هادي ما يسمى بالجيش الوطني (جيش علي محسن والمقدشي والإخوان وآل الأحمر) في مأرب للدخول مجدداً إلى المحافظات الجنوبية لفرض التسوية؟، هل سنعيد تكرار سيناريو حرب 94م؟.
علينا أن نُدرك أن الخارطة السياسية ونفوذ مراكز القوى تغير في الجنوب، وحتى في الشمال، وهناك قوى جديدة برزت على السطح، وقوى توارت، وقوى تغير وزنها، وهناك مزاج شعبي جديد تجاه الكثير من القضايا التي كانت تمثل ثوابت وطنية، وتفاصيل كثيرة لا مجال للحديث المفصل عنها الآن، لكن ما يهم هو أن ننظر قليلاً للأرض قبل الحديث عن تسويات على الورق.
نعرف جميعاً أن هناك مزاجاً شعبوياً عصبوياً سائداً في الجنوب اليوم مختلف تماماً عما كان سائداً قبل عام 90م، واضطرت القوى السياسية لمغازلة ذلك المزاج المتطرف والمزايدة عبر تبني شعاراته، وأصبحت تلك القوى السياسية الجنوبية، قديمها وحديثها، عاجزة عن صنع وعي لدى الجماهير بما هو الممكن والمتاح، وأين تكمن مصلحة الجنوب اليمني بشكل عام، وتصاعد هذا المزاج الشعبوي المتطرف وخلق واقع جديد في الجنوب معادي للشمال والشماليين، ومعادي حتى لمُسمى اليمن، ثم تطرف هذا المزاج أكثر وبدأ في التعاطي بنَفَس عصبوي كذلك مع قضايا جنوبية داخلية، وانتشر داء المناطقية إلى الدرجة التي تم تأسيس وحدات عسكرية وأمنية في الجنوب على أسس مناطقية جنوبية ولأول مرة منذ استقلال الجنوب، وبدأت مواجهات عسكرية داخل عدن نفسها بين مجموعات تتبع فصائل مختلفة، وعندما أقول مزاج شعبوي أنا أعني الكلمة، أي أنه ليس مزاجاً شعبياً عاماً –رأي عام- ناتج عن وعي سياسي، ولا يعبر عن الغالبية من أبناء جنوب اليمن، التي لا تزال صامته ترقب الأحداث، وسيأتي اليوم الذي تتحدث فيه بعد أن تختبر كل الأطراف وكل الخيارات.
هناك بالمقابل رأي نخبوي بدأ في التبلور في الشمال، يميل لخيار الانفصال بين الشمال والجنوب، ولم يتجرأ أصحاب هذا الرأي على طرح أفكارهم للمواطنين في الشمال، الذين لا يزال الرأي العام الغالب عندهم متمسك بالوحدة ومحب لها، ومستعد لتقديم تنازلات كثيرة من أجلها، لكن هذا الوعي العام الوحدوي في الشمالي مفصول عن الواقع على الأرض في الجنوب، والذي لا يمكن القفز عليه الا بشلال جديد من الدماء.
النخبة السياسية الشمالية عاجزة عن البوح لجماهيرها بالحقيقة، ومربكة، وتائهة بين الأحلام والواقع الجديد، نخبة أصبحت خاملة في فنادق السعودية وغيرها من دول العالم، أو نخبة مجنونة في صنعاء لا تزال تراهن على الحل العسكري لفرض خياراتها، ولا تزال تتحدث عن الوحدة بنفس صيغة 94م، الوحدة أو الموت، وغيرها من الشعارات الجوفاء، وكأن الوحدة جنة الله الموعودة، ونخبة أخرى في صنعاء كذلك لكن لديها مشروع طائفي تسعى لفرضة مستغلة لكل تلك الأحداث والمتغيرات، والشعب اليمني في الشمال تائه بين تلك النُخب، كما الشعب في الجنوب تائه بين مشاريع المجموعات المسلحة المناطقية التي تتحكم به والمشاريع الإقليمية التي تتجاذبه وآفة الإرهاب التي تنخره كما تنخر مناطق شمالية كذلك.
هناك أسئلة عجز الدبلوماسيون والسفراء والمحللون الأجانب عن الإجابة عنها، وكلها مرتبطة بسؤال أساسي وهو: لماذا هناك صعوبة في التوصل إلى حل للأزمة اليمنية مع أن أغلب الأسس متفق عليها في مؤتمر الحوار، ولا يختلف أحد على الخطوط العريضة لبناء الدولة الجديدة؟، ولا على مرجعية قرارات مجلس الأمن بعد موافقة الحوثيين وصالح عليها في الخطاب الذي وقعوه وأرسلوه لكيري في سلطنة عُمان، ولماذا كلما شعروا بقرب الحل وجدوا أن الحل تبخر وأصبح بعيد المنال؟، وأسئلة أخرى متعلقة بالميدان من مثل: لماذا هناك خمول في الجبهات التي تقاتل الحوثيين في الشمال؟، ولماذا هناك صمت من القوى والأحزاب والمشايخ الموالين للتحالف ولشرعية هادي تجاه تلك الجبهات؟، ولماذا لا يعودون إلى الداخل لقيادة والاشراف على المعارك من المناطق التي لا تخضع لسلطة الحوثيين كمأرب؟، وكيف يقاتل الجنوبي في الشمال وهو رافع لعلم التشطير لا علم الوحدة مع أنه يزعم أنه تحت شرعية هادي؟، وكيف يستحوذ الجنوبيون على أكثر من 75% من المناصب والتعيينات في شرعية هادي وأكثر من 90% من التعيينات في السلك الدبلوماسي مثلاُ ومع ذلك لا يزال المزاج الشعبوي الأقوى في الجنوب يطالب بالانفصال؟!، كل ذلك أصاب المتابع الأجنبي بالذهول واستعصى عليه فهم المشهد اليمني.
ثانياً/ حقائق على الأرض يجب أن يعرفها الجميع:
وللإجابة على تلك الأسئلة يجب فهم بعض الحقائق، وبعد استيعابها سيتضح شكل التسوية السياسية الممكنة، ومن الحقائق التي على الجميع ادراكها:
- الحقيقة الأولى: الخلاف في اليمن له بعد شخصي بين شخصيات نافذة تسيطر على أحزاب ومكونات قوية، وتجر أحزابها لمعاركها الخاصة، إضافة لشخصيات تمثل قوى طفيلية لا وجود لها على الأرض لكن لها شرعية دولية، إضافة لشخصيات تدعي حقها في الولاية (الحكم) بناء على مشاريع طائفية مذهبية عفى عليها الزمن، وبالتالي الخلاف والصراع شخصي أكثر منه خلاف حول مشاريع وبرامج وطنية، ومن هنا تتقارب الحلول وتتباعد بحسب أوضاع وأمزجة والدور المستقلبي لتلك الشخصيات ومشاريعهم الخاصة، لا بحسب رؤية الأحزاب ومشاريعها الوطنية النظرية، فالأمزجة والمشاريع الشخصية وحتى الفئوية سريعة التغير بعكس الرؤى والمشاريع الحزبية ذات التوجه الوطني -على المستوى النظري على الأقل-.
- الحقيقة الثانية: الرئيس المعترف بشرعيته (عبد ربه منصور هادي) –مع كل تقديرنا واحترامنا له كرئيس لليمن يعترف به العالم- يمثل قوة طفيلية لا تأثير لها على الواقع، ولا تسيطر على منطقة، ولا يتمكن حتى من العودة إلى مسقط رأسه في قرية الوضيع بمحافظة أبين، تلك القوة تعيش في ظل الخلافات، وتستغل التناقضات والصراعات والحروب وتعمل على تأجيجها، وتدرك أنها ستموت وتتلاشى مع أي تسوية سياسية حقيقة وعادلة بين القوى الفاعلة، لذا لن تسمح بأي توافق أو تسوية سياسية، وان حدثت ستعمل على افشالها، تلك القوة الطفيلية تستحوذ على 75% من المناصب والتعيينات في ما يعرف بالحكومة والسلطة المعترف بشرعيتها، واستحوذت –مثلاً- على حوالي 90% من التعيينات الأخيرة في السلك الدبلوماسي، سفراء وملحقين، وتسعى تلك القوة الطفيلية للاستحواذ على نصيب الأسد في التسوية القادمة باعتبارها تمثل الجنوب، وباعتبارها تمثل دولة الوحدة كذلك، وهذا ما يعرقل التسوية السياسية، لان الأحزاب والقوى الحقيقية والفاعلة على الأرض تشعر أنها ستهضم لصالح قوة لا وجود حقيقي لها، ولا أرض تنطلق منها، لذلك تتهرب من التسوية وتسعى بطريقة أو بأخرى لعرقلتها عندما تعرف مقدار الحصة المعروضة عليها.
إضافة إلى أن مراكز النفوذ والأحزاب والمكونات الشمالية المؤيدة لشرعية هادي باتت تسأل نفسها: لماذا نعطي هادي كل تلك الحصة وهو غير قادر على فرض خيارات الشرعية ولا رفع أعلامها حتى في عدن على بعد 2 كم من مقر إقامته في قصر معاشيق؟، ولا يستطيع إعادتنا من فنادق الرياض للعيش في عدن والانطلاق منها لمواجهة الحوثيين سياسياً وإعلامياً وعسكرياً، وإذا كنا نسمح لهادي ومن معه بالاستحواذ على كل تلك الحصة فالهدف واضح، وهو استرضاء نخب جنوبية بعد إقصاء مورس على كثير منهم منذ 20 عاماً، لكن هادي يأخذ تلك الحصة له ولزمرته الجنوبية الخاصة - التي لم يطالها الإقصاء منذ 94م لأنها كانت شريكة في دخول عدن وفي نظام ما بعد حرب 94م- ولا يوزعها على النخب الجنوبية التي تم إقصاؤها بالفعل ولا يسترضيها، ومن أخذ منهم منصب كعيدروس الزبيدي وشلال شايع وهاني بن بريك أخذه بقوته الميدانية وبضغط إماراتي لاعتبارات أخرى لا علاقة لها بالشرعية وبدولة الوحدة، ولكي يقال أن تلك المناطق تتبع الشرعية، ولا تتبع مشاريع أخرى، بينما الوقع عكس ذلك تماماً، حيث يرفع بن بريك وعيدروس وشلال اعلام ما قبل الوحدة ولا يعترفون بدولة الوحدة التي تم تعيينهم من رئيسها، وهنا تكمن المهزلة التي أنتجتها تلك القوة الطفيلية.
ولذلك فالرأي والمزاج السائد بين النخبة الجنوبية الجديدة –والقديمة كذلك عدى من هم مع هادي- يقول للشماليين: لو تعطون لهادي 100% من المناصب فذلك لا يعنينا ولا يسترضينا، هادي منكم يا شماليين، ودخل عدن في 94م فاتحاً على دبابة مثلكم، استرضوه بما شئتم فلن نعترف به ولا بشرعيته، فقط سنستفيد من شرعيته -حتى يتهيأ المزاج الدولي والإقليمي للاعتراف بنا- لكننا لن نُمكنها من الأرض، بل سنفرض خياراتنا ومشاريعنا، ولن نسمح له بالعودة حتى إلى قريته، وعليكم الاعتراف بنا نحن الذين نسيطر على الأرض لا بقوة طفيلية تصنعونها في الجنوب بهدف استرضائنا، لأنكم تضحكون على أنفسكم وتخسرون أعمالكم ووظائفكم وتمنحونها لقوة طفيلية لن تعيد لكم شيء في الجنوب، الذي بات اليوم عملياً لا يعترف بشرعية سلطة هادي ولا بالجمهورية اليمنية، ولا يعتبر مشاركة هادي في السلطة مشاركة للجنوب ولقواه الفاعلة.
القوى ومراكز النفوذ الشمالية تسأل نفسها كذلك: إذا كان هادي عجز عن حماية تجار ومواطنين بل وحتى عمال شماليين وأصحاب مطاعم وبوافي عصير لا حول لهم ولا قوة، هُجر الكثير منهم على أسس عنصرية في عدن ومناطق جنوبية أخرى –وأكد ذلك تقرير لجنة العقوبات المشكلة من مجلس الأمن والتي تستهدف معرقلي التسوية السياسية- كيف سيتمكن من حماية الدولة اليمنية ومصالحنا واستثماراتنا في الجنوب وحقوقنا كمواطنين يمنين يحق لهم العيش والعمل والتعيين في المناصب الحكومية والاستثمار في كل المناطق بما فيها المحافظات الجنوبية؟.
القوى الشمالية كذلك تسأل نفسها: إذا وقع هادي التسوية وقدمنا له ما يريد من تنازلات كم هي المساحة في الجنوب التي سيتمكن من فرض التسوية فيها؟، إذا كان سيفرضها على 1 كم مربع هي مساحة قصر معاشيق ومحيطه فذلك لا فائدة منه، ولا يتناسب مع ما قدمناه له، والأفضل أن نُنجز تسوية مع عيدروس الزبيدي وشلال شايع وهاني بن بريك وغيرهم من القوى التي تسيطر على الأرض.
- الحقيقة الثالثة: الوحدة اليمنية انتهت يوم 7/ 7/ 1994م، وما بعد ذلك اليوم، عندما تم إقصاء الشريك الجنوبي القوي والفاعل في حينه، والاستعاضة عنه بقوة طفيلية يقودها هادي وبعض الزمرة التي كانت تقيم أصلاً في الشمال بعد أحداث يناير 86م باعتبارها تمثل الجنوب، ولأكثر من 20 عاماً والنخبة السياسية الشمالية تضحك على نفسها، إلى أن صدمها الواقع الذي فرضته القوى الجنوبية الجديدة –القديمة بعد أن غيرت شعاراتها- على الأرض خلال العام الماضي بعد دحر الحوثيين والجيش والأمن الذي كان يمثل دولة الوحدة وتقوده شرعية هادي الطفيلية المصنوعة في الشمال.
- الحقيقة الرابعة: أن هناك واقعاً انفصالياً اليوم، أفرز يمناً شمالياً ويمناً جنوبياً على الأرض، وهذا الواقع الانفصالي أشد مرارة من واقع الانفصال ما قبل عام 90م، فعلى الأقل قبل عام 90م كان المواطن الشمالي يتمتع بحرية التنقل والعمل والاستثمار في المحافظات الجنوبية مثله مثل أبنائها، ويتمتع بحق المواطنة وكامل الحقوق السياسية مع أن الجنوب كان دولة مستقلة، فقد كان أحد رؤساء الجنوب ذو أصول شمالية، وكان كثير من النخبة التي تقود الجنوب من أصول شمالية، ولم يكن يجد الجنوبيون الوحدويون غضاضة في ذلك وبالأخص الذين تربوا على ثقافة الجبهة القومية والحزب الاشتراكي اليمني، أما اليوم فالمواطن الشمالي البسيط يتعرض لشتى أنواع المضايقات، ورُحل الكثير منهم، ويتم التعامل مع من بقي كطابور خامس محتمل.
- الحقيقة الخامسة: أن سيطرة جماعة طائفية سلالية كهنوتية –جماعة الحوثيين- على السلطة في صنعاء وسعيها لفرض إرادتها على اليمن واليمنيين كانت الشعرة التي قصمت ظهر بعير الوحدة بين الشمال والجنوب، وقد تقصم ظهر بعير الشمال نفسه، وتهدده بالانقسام إلى دويلات و إلى مزيد من التفكك داخل النسيج الاجتماعي اليمني إذا ما أصرت على استمرار حكمها وفرض مشروعها الطائفي، فسيطرتها على صنعاء يعزز من النزعة المناطقية والمذهبية حتى في الشمال، في تعز والحديدة وإب والبيضاء ومأرب، وتتشكل الآن صورة طائفية موازية لصورة الحوثيين في تلك المحافظات، ولا يمكن استعادة الهوية الوطنية الجامعة، وتبنيها من جديد كخيار أول لليمنيين ما لم نُسقط سلطة الكهنوت في صنعاء، وعندها فقط ستتداعى كل المشاريع والنزعات المناطقية والمذهبية التي باتت تأسر تلك المحافظات الشمالية.
- الحقيقة السادسة: أن الرئيس السابق صالح – وشركائه في الحكم (الإخوان المسلمين/ حزب الإصلاح)- يتحمل جزءاً كبيراً مما وصلت إليه الأوضاع، فاستئثاره بالحكم وافراغه للديمقراطية من محتواها، وتحويلها إلى وسيلة لتمديد تلو التمديد لنفسه، ومن ثم تبنيه لمشروع توريث نجله أحمد، والذي كان سبباً رئيسياً في الأزمة السياسية، وتفكك الجيش، ومن ثم سقوط الدولة اليمنية. لكن الرئيس السابق رقم صعب ويقود حزباً قوياً وفاعلاً على الأرض، وله تحالفات قبلية هائلة، ولا يمكن تجاوزه بأي حال من الأحوال في أي تسوية كشريك في السلطة عبر حزب المؤتمر لا كحاكم أو مُشارك في الحكم بشخصه من جديد.
- الحقيقة السابعة: أن هناك خطاباً تحريضياً طائفياً وسلالياً وجه للهاشميين بشكل عام، ولأتباع المذهب الزيدي ساهم في تقوية الحوثيين، ومنحهم حاضنة شعبية قوية باعتبارهم القادرين على حماية تلك المكونات الاجتماعية، وهذا الخطاب تبنته قوى مذهبية كالسلفيين والإخوان المسلمين بالتعاون مع صالح أثناء تحالفهم معه ضد الحوثيين في حروب صعدة، وما زال ذلك الخطاب مستمراً إلى اليوم من بعض ذلك التحالف.
- الحقيقة الثامنة: الصراع في اليمن يمني - يمني بالأساس، ثم تحول في جزء منه إلى صراع إقليمي، متأثراً بأجواء الصراع والحروب الدائرة في المنطقة، ومع ذلك ليس مرتبط تماماً بالصراع الإقليمي، كارتباط الملف العرقي والسوري مثلاً، بمعنى أنه يمكن انجاز تسوية سياسية في اليمن إذا ما قررت الأطراف اليمنية ذلك وفي أي وقت.
- الحقيقة التاسعة: أن الشماليين اليوم من يجب أن يُطالب بحق تقرير المصير من دولة وحدوية متوهمة في مخيلتهم فقط، فمن الخطأ الاعتماد على قوة طفيلية يتزعمها هادي تستحوذ على أغلب المناصب الحكومية والتعيينات وأموال الشرعية فيما هي عاجزة عن اثبات واقع وحدوي على الأرض في الجنوب يحمي حتى مواطني الشمال العاديين فكيف بالسياسيين، فإما أن تكون هناك تسوية مع من يملك التحكم في الشارع ويمسك بالأرض في الجنوب وإما فالانفصال هو الحل من وحدة أشبه بالسراب.
- الحقيقة العاشرة: أن هناك واقعاً انفصالياً –داخل الشمال هذه المرة- بدأ يترسخ في مأرب ومناطق شمالية أخرى، متأثراً بأقاليم هادي التفكيكية الستة، ومدفوعاً بواقع الهروب من سلطة الكهنوت الحوثية التي تحكم صنعاء، وكأنها ستستمر للأبد، وهذا الواقع يجب أن يسقط عبر اسقاط سلطة الحوثيين في صنعاء، اما بتسوية سياسية أو بحسم عسكري، لكن قبل ذلك يجب أن يكون مشروع البديل جاهزاً، وتصوره لما بعد سقوط سلطة الحوثيين حاضراً ويتعامل مع أسوأ الإحتمالات.
- الحقيقة 11: أن موضوع الأقلمة لم يطرح الا بهدف معالجة القضية الجنوبية، لذا كان يتم بحثه في فريق القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار وليس في فريق بناء الدولة، لكن القوة الطفيلية الهادوية عومت ذلك المطلب ونقلته إلى داخل الجنوب وداخل الشمال، وسعت إلى إنشاء أقاليم داخل الجنوب وداخل الشمال، لخلق بؤر فتنة وصراع لكي تُبقى من خلاله على وجود لها، لعلم تلك القوة أن لا قبول لها في الإقليم الجنوبي أو الشمالي لو تم تقسيم اليمن على أساس إقليمين فقط، فصيغة الاقليمين التي طرحها الحزب الاشتراكي اليمني كانت الأنسب بعد مؤتمر الحوار (أما الآن فقد تغير الواقع وتجاوز ذلك الخيار)، إلا أن القوة الطفيلية بالتعاون مع بعض السفارات والخبراء الأجانب غير المدركين للواقع في اليمن والذين تنحصر اهتماماتهم في حقول النفط وكيفية تحاصصها بين شركاتهم عمدت إلى خلط الأوراق وتفخيخ البلد بمشروع الستة أقاليم.
- الحقيقة 12: أن الأصلح لليمن كدولة واحدة، أو كدولة في الشمال ودولة في الجنوب هو نظام حكم محلي واسع الصلاحيات لكل محافظة، بحيث تدير نفسها وجزء من ثرواتها، لأن تقسيم الشمال إلى أربعة أقاليم مثلاً يعني خلق أربع هويات داخل الشمال –وبالأخص في هذه الأوقات التي لا دولة فيها تنظم عملية انتقال يمكن التحكم فيها بشكل سلس ومدروس- ومن ثم التصارع داخل وبين الأقاليم وصولاً إلى تشكل أربع دويلات متناحرة غير مستقرة، فخلق أربعة أقاليم ليس بالأمر السهل ولا تتوفر له الإمكانات، فكل إقليم بحاجة إلى حكومة ووزراء ومجلس نواب وقوانين خاصة ووو... الخ، ونفس الإشكالية في الجنوب، فاحتمال الصراع بين الأقاليم فيه على الثروة والحدود وارد جداً، وبالأخص أن هناك إقليم غني وإقليم فقير لا يملك ثروة، وكل منطقة ومحافظة لها تطلعاتها الخاصة.
- الحقيقة 13: القوى السياسية الشمالية تسعى لتوتير الأوضاع في الجنوب وتفكيك القوى السياسية فيه حتى لا تقوم له قائمة ويبقى رهينة لسلطة الشمال وتابع لها، والقوة الطفيلية التي يقودها هادي تؤدي نفس الدور كذلك في الجنوب لتبقى هي القوة التي تمثله في السلطة، كما أن تلك القوة الطفيلية تعمل على إحداث صدام وفرقة وصراع وحرب بين مراكز القوة الشمالية لتبقى في الحكم، لإدراكها أن أي تسوية بين قوى الشمال يعني خروجها من السلطة، وأي تسوية بين قوى الجنوب الحقيقية سيؤدي لحرمانها من تمثيل الجنوب، وهذا هو سبب فشل التسوية السياسية، في الشمال، وفي الجنوب، وبالتالي في اليمن ككل، ولذلك لا مناص من بحث موضوع الشمال دون تدخل من أي قوة أو شخصية جنوبية، وبحث موضوع الجنوب دون تدخل من القوى والشخصيات الشمالية، لكي ننجز تسوية سياسية من مرحلتين.
- الحقيقة 14: انفصال منظم وآمن يحفظ حقوق المواطنين ومصالحهم وترابطهم العائلي خير من وحدة فيها حروب ومؤامرات تفسد الشمال وتفسد الجنوب كذلك، وتبث الفرقة والكراهية بين المواطنين. فخير للشمالي أن يذهب للجنوب بجواز دولة الشمال كسائح أو كمستثمر يحظى باحترام وتقدير من السلطة هناك على أن يتم ملاحقته وإبعاده بطريقة مُهينة، أو يبقى مع شعور بالخوف والتوجس في دولة واحدة لم تعد موجودة.
- الحقيقة 15: من تحاوروا في الكويت طرفان، أحدهم مراسل والآخر لا وجود له على الأرض، فطرف الحوثيين والمؤتمر كان يقوده ممثلي الحوثيين، ولا دور لممثلي حزب المؤتمر، الذين تحولوا إلى مستشارين فقط، وفي نفسك الوقت فإن ممثلي الحوثيين أنفسهم كانوا عبارة عن مراسلين لعبدالملك الحوثي ولا يملكون القرار، والطرف الآخر (الشرعية وحلفائها) كان يقودهم ممثل للقوة الطفيلية التي يتزعمها هادي، ولا دور حقيقي لممثلي الأحزاب (الإصلاح/ الاشتراكي/ الناصري/ العدالة والبناء/ الرشاد)، ولهذا فشل الحوار لأنه كان بين مراسلين للحوثي وبين القوة الطفيلية التي يقودها هادي، فيما المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك والأحزاب الأخرى والقوى الجنوبية التي تسيطر على الأرض كانوا خارج الحوار بشكل أو بآخر، إما بعدم وجود دور حقيقي لهم، أو بعدم وجودهم من الأصل في جلسات المفاوضات.
- الحقيقة 16: أن المشاكل والصراعات التي ظهرت بعد الوحدة، بسبب سوء إدارة دولة الوحدة، أدت إلى بروز المشاريع القديمة المندثرة التي كانت الخطر الأهم على شمال اليمن وجنوبه، مشروع الإمامة في الشمال ومشاريع ما قبل 67م في الجنوب، واستمرار الوحدة بشكلها الهش والكاذب يساعد تلك المشاريع على النمو والترسخ كواقع، ولا يمكن مواجهة تلك المشاريع الا بعد فصل ملف الشمال عن الجنوب، لتكون القوى الشمالية أمام خيارين لا ثالث لهما، إما مواجهة مشروع الإمامة أو السقوط إلى ما لا نهاية، وهكذا الأمر في الجنوب، سيتمكن من مواجهة المشاريع الخطرة على وحدته، الجهوية وغير الجهوية. واستمرار الوحدة بصيغتها الحالية يجعل مختلف الأطراف –في الشمال والجنوب- عاجزة عن رؤية المخاطر الحقيقة، وتتغاضى أو تتعامى عن تلك المخاطر تحت وهم مساعي ترميم اليمن الموحد، فيما الواقع أننا في الطريق لنخسر الجنوب الموحد والشمال الموحد، وندخل في عهد الفشل الكامل والدويلات والمناطق المتناحرة والمقسمة بين المجموعات المسلحة والإرهابية والطائفية.
- الحقيقة 17: أن الجبهات العسكرية –بما فيها التحالفات القبلية- التي في الشمال لا يمكن أن تحقق نجاحات مهمة ونوعية في مواجهة الحوثيين –في حال استمرت الحرب- الا إذا غُلت يد هادي عن التدخل فيها، وفُصلت ميزانية دعمها عن شرعية هادي، وتم التعامل مباشرة مع تلك الجهات وفُوضِت بالحوار مع القوى التي يتحالف معها الحوثيين بما في ذلك صالح وحزب المؤتمر، وأنشئت قيادة مستقلة لها ترتبط بالتحالف مباشرة دون أي علاقة لسلطة هادي بها، وتكون لها سلطة إدارة المناطق الشمالية التي تتحرر من سلطة الحوثيين، فالحقيقة أن لا أحد يثق في هادي، وبالتالي يخشى الكثير من المغامرة والقتال تحت شرعيته أو توجيهاته.
- الحقيقة 18: أن هناك مقومات في الشمال ليكون دولة مستقلة وفيه من الثروات ما يُغنيه لو تم ادارتها بشكل صحيح، وأهم ثروة يمتلكها الشال هي الثروة البشرية، إضافة إلى ثروات أخرى كثيرة وهائلة تغنيه عن الحاجة للجنوب وثرواته الطبيعية ومساحته الجغرافية، والأمر نفسه ينطبق على الجنوب، وحتى على حضرموت لوحدها.
- الحقيقة 19: أن الشماليين لم يستفيدوا من الوحدة، بل خسروا الكثير بسبب الصراع والحروب على السلطة منذ عام 90م وحتى اليوم، وباتوا يتوقون للجمهورية العربية اليمنية على حدود عام 90م، ومن استفاد من الوحدة هم نخبة انتهازية شمالية وجنوبية في نفس الوقت، والفارق في حصة النخبتين يساوي الفارق في الكتل السكانية التي كان يدعي كل طرف أنه يمثلها.. أما الشعب فكان ضحية، في الجنوب وفي الشمال كذلك.
- الحقيقة 20: أن هناك مخاطر واضحة على وحدة الشمال ووحدة الجنوب، وبدلاً من السعي لاستمرار وحدة لكامل اليمن غير موجودة على الأرض، وهناك عراقيل جمة أمامها، لماذا لا نسعى لعمل انفصال على الأقل يحفظ وحدة الشمال ويحفظ وحدة الجنوب، قبل أن نرى الشمال مقسم لدويلات متناحرة، والجنوب كذلك.
- الحقيقة 21: أن التعامل والتفاوض مع الواقع الانفصالي المكرس على الأرض –ولو المؤقت- في مصلحة الجميع، شمال وجنوب، وسيكون المدخل ل #صناعة_السلام_في_اليمن، على مرحلتين، سلام داخل الشمال، وسلام داخل الجنوب، ومن ثم نبحث عن سلام بين السلامين، سواء كان سلاماً يضم يمن موحد، أو سلاماً بين شطرين منفصلين بشكل منظم، فاستمرار التعامل والتفاوض مع القوة الطفيلية لن ينجز تسوية سياسية، وان أنجزت التسوية لن تتمكن القوة الطفيلية من تنفيذها على أي شبر من مساحة الجنوب، عدى مساحة قصر معاشيق، وهذا يعني أننا وولد الشيخ والمجتمع الدولي والسفراء نحرث في الهواء.

ثالثاً/ أفكار لمشروع مبادرة قد تكون أساس لحل في اليمن على مرحلتين:
ومن خلال تلك الحقائق السابق تفصيلها سأطرح مسودة لمشروع للسلام في اليمن، يمكن التعديل عليها بالحذف والاضافة، كون المسودة عبارة عن مجموعة أفكار تهدف لعمل عصف ذهني، قد يؤدي إلى بروز مشروع مفصل لاحقاً، بالتعاون مع أشخاص وقوى سياسية وأحزاب وجهات أخرى، ومن ثم السعي للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة، يمكن من خلالها العمل على أن يعترف المجتمع الدولي بالواقع الجديد الذي سيتفق عليه اليمنيون، حتى وان كان متعارض مع القرارات الدولية، ويمكن شرعنة ذلك الواقع لاحقاً.
مشروع وأفكار قد تكون أساساً لمبادرة تحل الأزمة في اليمن من مرحلتين:
1- اجراء حوار برعاية المملكة العربية السعودية بين القوى الفاعلة في الشمال، الحوثيين والمؤتمر والأحزاب المتحالفة معهم من ناحية، وبين أحزب اللقاء المشترك والقوى المتحالفة معهم من ناحية ثانية، (اكمال وتوسيع للمشاركين في الحوار الذي انطلق في ظهران الجنوب السعودية)، واذا أمكن تنظيم اجتماع للأربعة الكبار المقاولين للحرب، صالح والحوثي واليدومي ومحسن في سلطنة عمان وبضمانات دولية لعودة صالح وعبدالملك الحوثي، سيكون ذلك أفضل وأسرع في التوصل للسلام في الشمال، بدلاً من حوار مراسلين عن تلك الشخصيات، ولا يتدخل هادي والجنوبيين بتفاصيل هذا الحوار لأن الهدف منه إيجاد تسوية مؤقتة في الشمال، توقف الحرب وتؤسس لسلطة مشتركة من تلك القوى وحلفائها تدير الشمال بشكل مؤقت لعامين مثلاً.
2- إجراء حوار برعاية المملكة والإمارات بين القوى ومراكز النفوذ الجنوبية بما فيهم مجموعة هادي، ودون تدخل من الأشخاص ومراكز القوى الشمالية في الحوار الجنوبي الجنوبي، لأن الهدف منه إيجاد تسوية مؤقتة في الجنوب توقف الصراع على السلطة وسيطرة كل طرف على مربع أو منطقة، وتؤسس لسلطة مشتركة من تلك القوى تدير الجنوب بشكل مؤقت لعامين مثلاً.
3- فور التوصل إلى تسوية في كل من الشمال والجنوب يتم جمع ممثلي الطرفين في حوار برعاية المملكة ودول الخليج بما في ذلك سلطنة عمان والأمم المتحدة والسفراء الأجانب للبحث في إمكانية بقاء اليمن موحداً بصيغة جديدة، تضمن شراكة الجميع في بناء دولة مواطنة متساوية يسودها النظام والقانون والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، يمن تتساوى فيها الفرص دون أي تمييز ومن أي نوع، ودون تحاصص مناطقي أو فئوي من أي نوع –حتى لا تتكرر تسوية الطائف التي أفضت لنظام طائفي في لبنان-، مع منح كل محافظة صلاحيات واسعة جداً، بل كاملة، في إدارة شؤونها المحلية وجزء من ثرواتها الطبيعية، سلطات حُكم محلي كاملة لكل محافظة تُنهي احتكار المركز لإدارة المحافظات.
4- في حال عجز ممثلي الشمال والجنوب عن الوصول إلى تسوية خلال شهر من اجتماعهم تضمن بقاء الوحدة عليهم ايجاد صيغة اتفاق لفك ارتباط فوري منظم بين الشمال والجنوب وفقاً لحدود عام 1990م، ووفقاً للتصنيف السكاني لذلك التاريخ من ناحية الجنسية التي كان يحملها كل مواطن، ويضمن الاتفاق الحقوق الشرعية القانونية لمواطني كل شطر في الشطر الآخر التي ترتبت خلال فترة الوحدة، وحرية التنقل بين الأسر التي اندمجت عبر المصاهرة، وغيرها من التفاصيل الأخرى، وننتقل من مرحلة وحدة سادتها الانقسامات والحروب والمكايدات إلى انفصال يسوده التعايش بين دولتين جارتين تجمعهم مصالح مشتركة، وكما العرب عدة دول لا مانع من أن يكون هناك يمنان من جديد يعيشون جنباً إلى جنب.
5- في حال أصر أي مكون شمالي على الاستحواذ على السلطة ورفض الانخراط في محادثات شمالية شمالية برعاية المملكة، أو طرف آخر تقبله الأطراف، كأن تكون الرعاية من المملكة وسلطنة عمان معاً، أو ماطل في التوصل إلى تسوية سياسية، تتوحد جهود بقية الأطراف الشمالية لإقناعه بشتى الوسائل الممكنة للانخراط في المحادثات بشكل جدي، ما لم يتم تشكيل تحالف من القوى الشمالية لإسقاط نظامه أو مناطق سيطرته بشتى الوسائل الممكنة، وينطبق الأمر نفسه على الجنوب.
6- بعد التوصل إلى تسوية شاملة، أو تسوية شطرية، يتم التحاور بين دول التحالف العربي وبين السلطة –أو السلطات- الجديدة على كيفية معالجة أثار الحرب، وما نجم عنها من خسائر، واطلاق مشروع إعادة اعمار اليمن الموحد -أو الشطرين-، بالتعاون كذلك مع المجتمع الدولي والدول المانحة.
7- في حال توصلت القوى الشمالية إلى تسوية وفشلت محادثاتهم مع القوى الجنوبية في إيجاد مخرج لاستمرار الوحدة، يتم الاتفاق على انفصال منظم كما في البنود أعلاه، وتُعتبر فترة السنتين في الشمال فترة انتقالية يتم خلالها العمل على توحيد وهيكلة المؤسستين العسكرية والأمنية في الشمال كمؤسسات وطنية احترافية لا حزبية ولا طائفية ولا مناطقية وبأقل أعداد ممكنة، وتهيئة الأوضاع لإجراء انتخابات برلمانية عند انتهاء المرحلة الانتقالية المحددة بسنتين، ويتم خلال السنتين تحول أنصار الله (الحوثيين) –وأي مجموعة ترغب في المنافسة على الانتخابات والسلطة- إلى حزب سياسي وفقاً لقانون الأحزاب.
8- يمكن إيجاد آليات لتلك البنود وتخريجات تضفي عليها الصفة الرسمية والشرعية، فالأساس أن نسعى لشرعنة الواقع بدلاً من دفن رؤوسنا في الرمال عبر استمرارنا في التعامل مع نصوص نظرية لم يعد لها أي واقع، كشرعية نظام ودولة وحدة لم يعد لها وجود حقيقي على الأرض.

رابعاً/ ملاحظات ختامية:
- في حال فك الارتباط سنعمل في الشمال على أن يكون هناك حق لكل مواطن حَمَلَ جنسية دولة اليمن الموحد حَمل جنسية اليمن الشمالي وان كان من أبناء المحافظات الجنوبية والتمتع بكامل الحقوق بما فيها الحقوق السياسية في الترشح لمختلف المناصب.
- أنا من المحبين للوحدة، والمتطلعين لاستمرارها بعد تصحيح مسارها، لكن لا يمكنني إجبار أحد عليها، ولا فرض قناعاتي، ومن هنا طرحت هذا المشروع الذي قد يؤسس للانفصال، فما يهمني هو الإنسان لا الجغرافيا، فأنا ضد شعار (الوحدة أو الموت)، وضد شعار (نموت نموت ويحيى الوطن)، ومع شعار (نعيش نعيش حتى لو تقسم الوطن من جديد). فحياة الإنسان وعيشه بأمان هو الأهم.
- سأعمل على تكوين مجموعة أو تكتل أطرح عليهم هذه الأفكار الأولية ونتناقش حولها ونعدل ونحذف ونضيف عليها، ومن ثم نسعى لصياغة مشروع مفصل يعبر عنا كتكتل نكون جميعاً شركاء فيه ونسعى معاً من خلاله ل #صناعة_السلام_في_اليمن بالتعاون والتكامل مع التكتلات الأخرى.
- في حال فك الارتباط فأن هناك حقوق ستترتب على ذلك والتزامات، ومنه تقسيم الديون والممتلكات التابعة للدولة في الخارج، بمعنى أصح وراثة ما لدولة الوحدة وما عليها، ومن هنا أنصح الإخوة في الجنوب أن لا يفرطوا في يمنيتهم في حال فك الارتباط، ليرثوا التاريخ كذلك، ليبنوا الجنوب على حضارة وهوية عمرها آلاف السنين بدلاً من البدء من الصفر، وبالأخص أنه سيكون هناك خلافات شتى في تعريف الهوية عندهم وسيكون ذلك مدخل لبروز صراع هويات ما قبل 67م.... وأود تذكيرهم أنه عندما انفصل جنوب السودان عن شماله لم يتخل الجنوبيون عن هويتهم السودانية، مع أن هناك اختلاف عرقي وديني مع الشمال، ومع ذلك دخل اسم السودان في الجمهورية الوليدة، منعاً لإحداث صراع هوية جديد قد يشرذم الجمهورية الوليدة ويستدعي هويات عصبوية من أي نوع كان، إضافة إلى أن الجنوبيين أرادوا أن يكون لهم حصة في تاريخ السودان بدل من أن ينشئوا دولة بلا تاريخ ولم يسمع بها أحد من قبل.

زر الذهاب إلى الأعلى