[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
عربي ودولي

ماذا بعد الإنذار العسكري الأميركي الأول للنظام السوري؟

فاجأ القصف الأميركي لقاعدة جوية سورية، فجر اليوم الجمعة، المراقبين بسرعته وتوقيته. كما حمل على طرح أسئلة كان على رأسها: ما الذي حصل ليتسبب بهذه الاستدارة المفاجئة والحادة لإدارة ترامب تجاه سورية؟ وإلى أي مدى كان هناك تفاهم روسي مع ترامب حول الضربة الصاروخية الأميركية التي استهدفت ليل أمس قاعدة جوية سورية ولماذا؟ ثم ماذا بعد الضربة؟

قبل يومين فقط كانت الإدارة قد أعلنت، بلسان البيت الأبيض ووزير الخارجية والسفيرة الأميركية في الأمم المتحدة؛ أنها ليست معنية بأمر الرئيس الأسد وأنها تترك للشعب السوري تقرير مصيره. وجاء هذا الكلام على خلفية موقف سابق للرئيس منذ ما  قبل الانتخابات، حذر فيه إدارة أوباما من أي تدخل في سورية.

يبدّل الرئيس ترامب فجأة خطابه ليقول خلال مؤتمره الصحافي مع العاهل الأردني في البيت الأبيض، أول أمس الأربعاء، بأن موقفه بعد ضربة الكيمياوي قد "تغيّر من سورية والرئيس الأسد"  وأنه لن يفصح عما في جعبته في هذا الخصوص. ثم صعّد اليوم نبرته لتبدو أشبه بالإنذار، حين قال، في طريقه إلى ولاية فلوريدا للقاء الرئيس الصيني، بأن "شيئاً ما يجب أن يحصل"، وبدا من كلامه أنه قرر القيام بضربة عسكرية ضد سورية. أعقب ذلك تلميحات شبه ناطقة من البنتاغون، بأن الضربة باتت مسألة وقت فقط، وجرى تسويق القرار من زاوية أنه جاء بتأثير صور الفاجعة الكيماوية، لكنها ليست الصور لوحدها، هناك حسابات أبعد وموسكو ليست بعيدة عنها.

عزز سكوت موسكو حتى وقت متأخر من الليل، الاعتقاد بأنها كانت على علم بالعملية، من أجل تجنب سقوط ضحايا روس، ولو أن الوزير تيلرسون نفى ذلك. وكانت تسريبات قد لمحت قبل ساعات من بدء العملية، بأن الروس "مستاؤون من الأسد" وأنهم "عرفوا بالعملية وربما  تفهموا الوضع لناحية أن هناك مشكلة الكيمياوي وعليهم التعامل معها".

من هذا المنطلق بدا أن التفاهم معهم جرى على أساس أن تكون الضربة محدودة، تقتصر على استهداف منشآت ومخازن وليس مدرجات القاعدة التي انطلقت منها الطائرات لقصف خان شيخون، وبما يجعلها "عقابية ورادعة" وبحيث تكون رمزية لا تغييرية.

وفّر الكيمياوي فرصة سانحة للرئيس ترامب تبرر انقلابه على موقفه وتمكنه من ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد. قراره بقصف القاعدة السورية ساعده على تجديد صورته في الداخل بأنه "رجل الفعل"، كما وعد في حملته الانتخابية وبما يخدمه في حجب مسلسل التعثر الذي رافقه منذ بدء رئاسته ولو مؤقتاً. كذلك حمل قراره رسائل إلى عدة أطراف: سورية، إيران وكوريا الشمالية، خلاصتها أن ترامب غير أوباما عندما تأتي لحظة الخيار العسكري. والأهم، أن ضربته وضعت ملف التدخل الروسي في الانتخابات وملابساته وتحقيقاته على الرف وإلى حين. خاصة إذا ما تفاعلت الضربة ونجم عنها تطورات ومواجهات جديدة. فالاشتباك العسكري في الخارج تبقى سيرته طاغية على ما عداه. وربما كان ذلك أحد أبرز أسباب الاستدارة الحادة التي قام بها الرئيس ترامب بقراره العسكري في سورية. وهنا يتلاقى الموقفان الأميركي والروسي. كلاهما يريد تغييب سيرة هذه القضية ولو أنه من الصعب شطبها من قائمة الاهتمامات في واشنطن.

الضربة، في الاعتقاد السائد ليست من العيار الذي يؤدي إلى تغيير الوضع السياسي ولا الميداني في سورية. والأرجح حسب كثير من المراقبين، أنها لن تحمل النظام السوري على تغيير حساباته. بل قد يرد هو أو إيران على الضربة، بصورة ما في مكان ما من المنطقة، إلا إذا حال الروس دون ذلك، وهذا غير مضمون. الأمر الذي يبقي الباب مفتوحاً على سائر الاحتمالات. خاصة لجهة التأثير غير المستبعد لهذا التطور على معركة الرقة الموعودة.

زر الذهاب إلى الأعلى