العرب صالح البيضاني
تنطلق الأسبوع المقبل في العاصمة اليمنية صنعاء فعاليات مهرجان صنعاء للإنشاد 2008 في دورته السابعة، والذى بات تقليدا سنويا يقام في مثل هذا الشهر الكريم من كل عام ويتم من خلاله تقديم العديد من النماذج للإنشاد والموشّحات اليمنية التى تنوعت أشكالها وأساليبها على مرور الزمن ماجعل منها مدرسة رائدة في الانشاد الدينى حول العالم..
مهرجان هذا العام وبحسب رئيس جمعية المنشدين اليمنيين سيقام برعاية وزارة الثقافة اليمنية وبمشاركة 16 فرقة إنشاد من مختلف محافظات اليمن التى تشارك بحو إلى 350 منشدا من كل الأجيال والمدارس اليمنية المعروفة في الانشاد إلى جانب مشاركة العديد من الفرق العربية من مصر وسوريا.
ويعد الانشاد الدينى في اليمن من أبرز طرق الإحتفاء بالمناسبات الدينية المختلفة والتى يأتى على رأسها شهر رمضان الذى يعد أبرز مواسم ازدهار هذا النوع من الإبداع الذى يعبّر عن مكان الجمال الروحية والمادية من خلال التجليات الإنشادية التى يترنم بها اليمنيون كإحدى الخصوصيات التى تميزهم في استقبال هذا الشهر وإحياء لياليه وتوديعه من خلال روائع الشعر التى حولوها طربا حلالا، يتجلى بواسطة الإنشاد الدينى الذى بدأ في أولى صوره عندما أنشد كعب بن زهير في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنشد حسان بن ثابت في حضرة أبى بكر الصديق وعمر بن الخطاب، ووضعت لحسان بن ثابت منصة للإنشاد في مسجد رسول الله كما يقال.. ليواصل بعد ذلك أحفاد الأنصار تطوير هذا الفن الإسلامى البديع الذى يؤرخ لبدايات ظهوره بشكله الح إلى قبل نحو خمسة قرون، حيث يعد جابر رزق وعبد الرحيم البرعى من أوائل من أنشدوا ولحنوا لموشح اليمنى تلاهم بعد ذلك عدد آخر مثل عبد الله الشريم والنعامى وأحمد موسى والحليلى ومحمد حسين عامر وآل حمامة وآل سحلول وآل هزام وغيرهم.
وقد طور المنشدون اليمنيون أشكال ومدارس الإنشاد ونشروه حول العالم الذى وقف مذهولا أمام هذا الإبداع الذى لاتصنعه سوى الحناجر البشرية دون تدخل الآلات الموسيقية التى استعاض عنها المنشدون بجمال أصواتهم وقصائدهم التى كرسوها لموضوعات ذات سمة دينية كالعشق الإلهى أو مدح الرسول أو الوحدانية والملكوت. كما يتميز الموشح اليمنى كما يقول بعض المشتغلين به باستحداث بحور جديدة بالتوليد عن طريق التداخل في بحور خليلية مع استخدام مشتقات البحور ومهملاتها ومقلوباتها. وله أوزان كثيرة، وغير محصورة، إذ يعتمد وزنها على قريحة الشاعر كما هو الشأن في أدوار الغناء، وتلحينها، ويجيدها أكثر من كان لديه القدرة على التلحين والغناء. وقد أكد علماء موسيقى الشعر أن وزن الموشحات يعتمد على ذوق الشاعر وقدرته على التلحين والغناء.
الأمر الذى جعل من الإنشاد اليوم تراثا شفهيا عالميا اعترفت به اليونسكو ودعت للحفاظ عليه. حيث أسست لهذا الغرض جمعية المنشدين اليمنيين في العام 1989م..
والتى عملت على نشر الإنشاد الدينى في اليمن من خلال المشاركات الخارجية وتنظيم مهرجان الإنشاد اليمنى الذى يقام عادة في شهر رمضان من كل عام كتقليد سنوى منذ العام 2000م لارتباط الإنشاد الدينى بالجو الروحى الذى يبلغ ذروته في شهر القرءان.
وللإنشاد الدينى خاصة في شهر رمضان تجلياته وروحانيته وموسيقاه الخاصة التى تسمو معها الذات الإنسانية إلى عالم الروح وتتماهى النفس البشرية حبا وعشقا وصفاء. فهو رديف للإرشاد والمتنفس الأكثر اتساعا للتعبير عما تجيش به النفوس، والزاد الروحى الذى يشفى الصدور ويهذب الأخلاق.