خلال لحظة، يتحوّل بحارة وُدَعاء على متن زوارق تقليدية إلى قراصنة مجهزين برشاشات كلاشنيكوف وبنادق وقاذفات «أر بي جي7» وأجهزة تحديد الموقع الجغرافي «جي بي أس»، ولا يحتاجون إلى أكثر من ربع ساعة لأسر غنيمتهم
تتصاعد وتيرة الحرب التي تدور رحاها قبالة الشواطئ الصومالية في خليج عدن بين القراصنة والأساطيل التي تجول المياه في المنطقة. وفي آخر فصول هذه الحرب، تمكنت القوات البحرية الهندية من تدمير «سفينة أم» للقراصنة، إلا أنّ
ذلك لم يمنعهم من خطف ثلاث سفن أخرى، في وقت تعهّد فيه الإسلاميّون الصوماليّون توفير حماية للسفن التجارية.
وأعلنت البحرية الهندية، أمس، أنها دمرت واحدة من «السفن الأم» للقراصنة الذين كانوا يطلقون منها زوارق للاقتراب من السفن التي تبحر قبالة السواحل الصومالية. ووقع الاشتباك عندما تعرضت الفرقاطة «أي أن أس تابار» التي تجوب المياه في خليج عدن في إطار جهود مكافحة القرصنة، لإطلاق نار من سفينة القراصنة، ما دفعها إلى الرد عليها.
وقال المتحدث باسم البحرية الهندية، نيراد سينها، إن «الفرقاطة اقتربت من السفينة وطلبت منها التوقف. ولكن الأشخاص على ظهر السفينة المعادية هدّدوا بتفجير الفرقاطة إذا اقتربت». وأضاف: «شوهد القراصنة يحملون أسلحة آلية وقاذفات صواريخ على متن السفينة».
المعركة بين «السفينة الأم» والفرقاطة لم تمنع القراصنة من خطف ثلاث سفن جديدة؛ فقد قال أحد العاملين في جمعية بحارة شرق أفريقيا إن سفينة صيد تايوانية وسفينة شحن مسجلة في هونغ كونغ وسفينة يونانية استولي عليها في خليج عدن أول من أمس.
وفي تطورات فك رهن ناقلة النفط السعودية «سيريوس ستار» التابعة لشركة «أرامكو»، أعلن وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل من روما أن مالكيها يفاوضون القراصنة للإفراج عنها. وقال: «نحن لا نحب التفاوض مع الارهابيين أو مع خاطفي الرهائن. إلا أن مالكي ناقلة النفط هم من يقررون في النهاية بشأن ما يحدث هناك».
وكانت قناة «الجزيرة» القطرية قد عرضت في وقت سابق تسجيلاً صوتياً لرجل، قدم نفسه على أنه أحد القراصنة، قال إن الخاطفين يطالبون بفدية للإفراج عن الناقلة، التي تحتوي على نفط قيمته 100 مليون دولار، وأفراد طاقمها الـ25. وقال الرجل: «هناك مفاوضون على متن السفينة وعلى الأرض، عندما يوافقون على الفدية ستُحضَر إلى السفينة نقداً وسنضمن سلامة السفينة التي تحمل الفدية». وأضاف: «سنقوم بعدّ النقود آلياً ولدينا آلات للتعرف إلى النقود المزورة»، من دون أن يحدد قيمة الفدية، التي كانت أنباء قد تحدثت عن أنها مليون دولار.
وفي السياق، أطلق القراصنة سراح السفينة «أم في غريت كرييشن» التي ترفع علم هونغ كونغ وعن أفراد طاقمها الخمسة والعشرين (24 صينياً وسريلانكي)، وكانت قد اختطفتهم منذ شهرين، من دون أن يعرف قيمة الفدية التي حصل عليها القراصنة.
من جهة ثانية، لمّح رئيس الوزراء الصومالي نور حسن حسين إلى أنّ شبكات ما وراء الصومال تدعم القراصنة، طالباً مزيداً من المساعدة، قائلاً: «يتحتم مواجهة القرصنة براً وبحراً». وأضاف أن «عمليات السفن الحربية وحدها ليست كافية، إذ إن هناك شبكة قرصنة، وهو ما يعني وجود شبكة عمليات تتضمن البحر والبر، وفي بعض الأحيان أيضاً أنشطة خارج البلاد».
وتوعد تحالف قوى الإسلامية في الصومال، الذي يسيطر على الجزء الجنوبي من كيسمايو، بحماية السفن التجارية. وقال المحدث باسم الإدارة الإسلامية حسن يعقوب: «سوف نضع قوات بحرية، ونحمي السفن والممرات البحرية في المناطق الخليجية التي تخضع لسيطرتنا».
وأشار يعقوب إلى أن نحو 20 سفينة صغيرة محملة بضائع آتية من الإمارات دخلت إلى مرفأهم تحت مراقبة القوات الأمنية التابعة للسلطات المحلية. وقال: «لن نسمح لهذه العصابات بالتسبب في الدمار في مياهنا الإقليمية بعد الآن، وسنحمي كل الممرات».
وقال أحد التجار الصوماليين إنّ رجال الأعمال المحليين طلبوا من الحكام الإسلاميين وضع قوات للتصدي للقراصنة. وأوضح: «نحن قلقون جداً من تنامي هجمات القراصنة، لذا طلبنا من الإسلاميين حماية سفننا بقدر المستطاع في المنطقة الخليجية التي تخضع لسيطرتهم».
أما اليمن، فقد طالب نائب وزير خارجيته، علي العياشي، الدول العربية بزيادة جهودها في البحر الأحمر من أجل مكافحة القرصنة في القرن الأفريقي. وقال: «يجب أن تكون هناك آلية عربية للتنسيق والعمل»، معرباً عن قلقه من أن الجهود الدولية الحالية غير كافية.
ومن المرتقب أن يلتقي اليوم مسؤولون عرب في القاهرة من أجل البحث في استراتيجية لمحاربة القراصنة.
وسارعت الدول إلى البحث عن حلول لحماية سفنها. وأعلن وزير الدفاع الفرنسي أرفيه موران أن العملية البحرية الخاصة بالاتحاد الأوروبي من أجل التصدي للقرصنة «ستبدأ العمل في الثامن من كانون الأول».
(أ ب، أ ف ب، رويترز)