arpo28

التدخل الأمريكي في اليمن: تجسس.. عمليات عسكرية سرية.. وأنشطة ناعمة (مشبوهة)!

تتعدد أوجه التدخل الأمريكي في اليمن، فمن تكثيف العمليات الاستخباراتية، وتوسيع العمليات العسكرية السرية، إلى دعم الحكومة اليمنية في حربها على الإرهاب، وأيضا دعم القبائل ومنظمات المجتمع المدني، حيث أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى كسب معركتين في آن واحد في اليمن.

المعركة الأولى، تستهدف تنظيم القاعدة الذي أعاد اليمن مؤخرا إلى الواجهة بعد تضييق الخناق عليه في أفغانستان والعراق والسعودية. والمعركة الثانية، تستهدف كسب العقول والقلوب، من خلال النشاط الناعم و(المشبوه) في أوساط القبائل ذات التأثير والنفوذ الواسع، والدعم السخي لمنظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال الحقوق والحريات. وفي خضم المعركتين، تكون السيادة الوطنية لليمن على كف عفريت أمريكي، لا يرقب في مؤمن إلاً ولا ذمة، حيث تحولت بعض مناطق البلاد إلى ساحة للمواجهات غير المتكافئة بين الطرفين. وفي كل الأحوال، يدفع المواطنون الأبرياء ثمن هذه المواجهات، سواء كان الهجوم من قبل تنظيم القاعدة ضد المصالح الأمريكية، أو من قبل الطائرات الأمريكية ضد مواقع لتنظم القاعدة.

تكثيف العمليات الاستخباراتية

يعد العمل الاستخباراتي في الولايات المتحدة الأمريكية من أهم الأعمال التي تأتي في إطار منظومة الأمن القومي الأمريكي، وتعتبر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (السي أي إيه) أحد أهم الأجهزة الرئيسية للتجسس ومقاومة التجسس في الولايات المتحدة. وتتلخص مهمتها في الحصول على المعلومات الخارجية بصفة خاصة وتجميعها وتقسيمها، وكذلك تدبير العمليات السرية التي ترى أنها تحقق أهدافها السياسية، سواء أكانت عسكرية أو مؤامرات سياسية.

ومؤخرا، أعلن مسؤولون أمريكيون عن تكثيف الجيش الأميركي وأجهزة الاستخبارات، جمع المعلومات باستخدام طائرات استطلاع وأقمار صناعية واعتراض الإشارات لتتبع أهداف تنظيم "القاعدة" داخل وخارج قواعده في اليمن. وأضاف المسؤولون، الذين اشترطوا عدم الكشف عن هويتهم، أنه يجري تبادل بعض المعلومات الاستخبارية مع قوات الأمن اليمنية لتسهيل عملياتهم ضد "القاعدة" في جزيرة العرب.

وتأتي عملية توسيع جمع المعلومات في أعقاب أمر سري أصدره في سبتمبر الماضي قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي، الجنرال ديفيد بترايوس. وتسعى واشنطن للتقليل من أي دور مباشر في الهجمات في اليمن، خشية تزايد المشاعر المعادية للولايات المتحدة في مقابل ارتفاع شعبية "القاعدة".

ولا يعرف على وجه الدقة البدايات الأولى للنشاط الاستخباراتي الأمريكي في اليمن، غير أنه من المؤكد أن هذا النشاط قد ازداد ضراوة في السنوات الأخيرة التي أعقبت أحداث 11 سبتمبر 2001، وفقا لمعطيات من الواقع تؤكد ذلك، وبحسب تصريحات أدلى بها مسؤولون أمريكيون مؤخرا، وكلها تأتي في سياق ما يسمى ب"الحرب الدولية على الإرهاب".

وتعتمد الإدارة الأمريكية على جواسيسها المنتشرين في كل مكان ومن مختلف الجنسيات، وأبرز عميل يمني يدعى " محمد العنسي"، وهو العميل الذي استدرج الشيخ محمد المؤيد إلى ألمانيا، عندما أقنعه بأن أمريكياً مسلماً يريد أن يدعم الأعمال الخيرية التي يقوم بها الشيخ، بشرط أن يسافر إلى أمريكا أو ألمانيا أو دولة إفريقية لم يعرف اسمها لملاقاته مباشرة، وتم الاختيار على ألمانيا كون الشيخ رفض السفر إلى أمريكا، وبمجرد وصول الشيخ المؤيد إلى ألمانيا (بصحبة مرافقه محمد زايد)، خضع للمراقبة الدقيقة بالصوت والصورة، ثم اعتقل مع مرافقه زايد يوم 10 يناير 2003، وكان الاعتقال بناء على طلب أمريكي بحجة أنه يدعم الأعمال الإرهابية، حيث أعدت وزارة العدل الأمريكية قائمة بالاتهامات الموجهة ضده، ومن ضمنها الاتهام بدعم حركة حماس والقاعدة.

وفي 28 يوليو 2005 قضت محكمة بروكلين بسجن المؤيد 75 عاماً ودفع غرامة قدرها مليون وربع المليون دولار، وأجلت محاكمة زايد إلى سبتمبر من العام نفسه. وفي يوليو 2008 قررت السلطات الأمريكية الإفراج عن الشيخ المؤيد ومرافقه زايد باعتبار أن فترة السجن التي قضياها عقوبة كافية عن التهم التي وجهت إليهما من قبل الحكومة الأمريكية وإصدار قرار بالإفراج عنهما، وذلك بعد أن كانت محكمة الاستئناف الأمريكية قد أصدرت في الثالث من أكتوبر 2007 حكمها في قضية المؤيد وزايد وقضت بإلغاء الحكم الابتدائي الصادر ضدهما من محكمة بروكلين.

أما عميل مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية "محمد العنسي"، فقد أشعل النار في نفسه يوم الاثنين 15 نوفمبر 2004 أمام البيت الأبيض احتجاجا على عدم إيفاء مكتب التحقيقات الفيدرالية بوعوده له، ونقل إلى أحد المستشفيات الأمريكية. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن العنسي قوله أنه "بدأ العمل مع مكتب التحقيقات الاتحادي بعد هجمات 11 من سبتمبر 2001 وانه حصل في عام 2003 على مئة ألف دولار إلا أنه كان يتوقع مبلغا أكبر من ذلك كثيرا، كما أنه لم يحصل على الإقامة الدائمة التي وعد بها".

كما تم اعتقال رجل الأعمال عبدالسلام الحيلة في مصر، وتم تسليمه لأمريكا في سبتمبر 2002، بطريقة مشابهة لطريقة اعتقال الشيخ المؤيد، حيث تم استدراجه إلى مصر بدعوة من شركة المقاولين العرب كونه رجل أعمال ومقاول، واتُهمت السفارة المصرية بصنعاء بتدبير الخطة بالتعاون مع المخابرات المصرية والأمريكية، إلا أن الحكومة المصرية نفت ذلك، مشيرة إلى أن عبد السلام الحيلة قد غادر مصر في 28 سبتمبر 2002 إلى أذربيجان، بينما الجانب اليمني يتهمها بتسليمه للمباحث الفيدرالية الأمريكية.

وهناك جاسوس أمريكي الأصل أثار الجدل مؤخرا عندما أفصح عن قصته، وهو الكاتب المغمور "ثيو بادنوس" الذي تنكر لمدة ثلاثة أعوام بالديانة الإسلامية، ودرس في عدد من المدارس السلفية في اليمن، منها دار الحديث بدماج بمحافظة صعدة، وكشف عن تفاصيل حياته في تلك المدارس بعد خروجه من اليمن في كتابه الذي سيصدر بعنوان "متنكرا كمسلم".

وقال "ثيو بادنوس" في مقابلة له نشرتها صحيفة "بازلر تساتونج" أنه اعتنق الإسلام في العام 2005، وأدى الشهادة، ومارس طقوسه كمسلم. وأوضح أن اليمنيين كانوا مضيافين جدا معه وودودين، وقال: "لقد خدعتهم طوال الوقت، كنت أعرف أنهم سيرعبون من فكرة أن كافراً من الغرب قد دخل أماكنهم المقدسة، وأنا غالبا ما كنت أشعر بالخوف من العواقب إذا ما اكتشف أمري، ومع ذلك فقد درست القرآن، واستمررت في الكذب، لذلك أنا لست فخورا".

وأضاف: "لست متأكدا ما يعنيه التطرف الإسلامي خارج إطار الإرهاب، وأنه في القرآن أشياء كثيرة جدا متطرفة حول الحرب والعنف والنساء عندما لا يكون من السهل التفسير حرفيا، والحفظ عن ظهر قلب، وهذا ما اضطررت إلى القيام به في المدارس. على الجانب الآخر، الإسلام فيه أيضا شيء فطري، فهو باطني ووجداني تقريبا". وأشار إلى أن "ثمة مشكلة رئيسية هي النظرة التي يتم تدريسها في المدارس، وهي أن الغرب يخون الإسلام، وبعد فترة قصيرة يجد الطلبة أنفسهم يشعرون بالتهديد والاعتداء، ويريدون الذهاب إلى الكفاح وقتل الكفار من الأعداء، ويفضل أن يكونوا من اليهود".

وقال عن اليمن بأنها تذكره بمسرحية الروسي تشيكوف (بستان الكرز)، مشيدا بأنها بلد ساحر، إلا أن حكومتها عاجزة عن ردع النفوذ المتزايد للجماعات الإسلامية المتشددة، وهو ما سيدفع بالبلاد إلى مزيد من الفوضى التي ستجعلها محط اهتمام الإرهابيين من القاعدة.

يضاف إلى ذلك، النشاط الذي تقوم به طائرات الاستطلاع الأمريكية فوق الأراضي اليمنية، وقد رصد شهود عيان منذ عدة أشهر، استطلاعات جوية لطائرات يعتقد أنها أمريكية، وشملت هذه الاستطلاعات بعض المناطق في محافظات شبوة والبيضاء وأبين.

وفي فبراير الماضي، سقطت طائرتا استطلاع أمريكيتين خلال أسبوعين، الأولى في سواحل محافظة لحج، والثانية في جزيرة سقطرى.

توسيع العمليات العسكرية السرية

في الوقت الذي أعلنت فيه الإدارة الأمريكية تخليها عن عبارة "الحرب على الإرهاب" في إستراتيجيتها الأمنية الجديدة، فقد اعتبرت في ذات الوثيقة التي كشف عنها في 27 مايو الماضي بأن تنظيم القاعدة هو عدو الولايات المتحدة الأول. وبالتزامن مع الكشف عن الإستراتيجية الأمنية الجديدة، أكد مسئولون أمريكيون أن القيادة العسكرية أمرت بتوسيع عملياتها العسكرية السرية في الشرق الأوسط وشرق إفريقيا. وأوضح المسئولون في تصريح لوكالة "فرانس برس" أن الهدف من هذه العمليات هو تعطيل نشاطات القاعدة وغيرها من التنظيمات المسلحة، في إيران واليمن والصومال.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" ذكرت في وقت سابق أن الجنرال ديفيد بترايوس قائد القيادة الأمريكية الوسطى أصدر الأوامر في سبتمبر الماضي لتعزيز عملية جمع معلومات عن هذه التنظيمات والتمهيد لهجمات عسكرية ممكنة يمكن أن تنفذها القوات الأمريكية. كما تأتي الموافقةُ على توسيع العمليات في وقت عزَّزت فيه القوات الأمريكية تدريب ومساعدة القوات اليمنية لمكافحة تنظيم القاعدة. كما سمحت الخطة -بحسب الصحيفة- للقوات الأمريكية بأن تنشط في اليمن بعد ثلاثة أشهر من بدء العمل بها، حيث تعمل تلك القوات على تفكيك تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وهو الأمر الذي يفسره إعلان السلطات اليمنية في 17 ديسمبر 2009 الماضي إعلان حرب مفتوحة ضد تنظيم القاعدة.

وكانت أول عملية عسكرية نفذتها طائرة أمريكية بدون طيار على الأراضي اليمنية، هي العملية التي استهدفت سيارة قائد تنظيم القاعدة في اليمن أبو علي الحارثي في مأرب بتاريخ 3 نوفمبر 2002، وقتل في العملية الحارثي مع خمسة من مرافقيه.

وفي هذه العملية، التزمت السلطات اليمنية الصمت، ولم تفصح عنها إلا بعد مرور خمسة أيام على وقوعها، وقالت إن انفجار السيارة وقع عندما أشعل أحد الركاب سيجارة فيما كانت السيارة محملة بحمولة كبيرة من المتفجرات، وأوضحت أن "الإرهابي" أبو علي الحارثي الذي كان من المحتمل أن يقوم بعمليات إرهابية في اليمن لقي حتفه في الحادث. غير أن الإدارة الأمريكية أعلنت عن مسؤوليتها عن العملية، مما تسبب بحرج بالغ للحكومة اليمنية، ودانت الأحزاب السياسية حينها هذه العملية بشدة، واعتبرتها عدوانا على سيادة اليمن كدولة مستقلة، وحملت السلطة مسئولية النتائج المترتبة على التفريط بالسيادة الوطنية.

وعندما استدعى البرلمان الحكومة لاستفسارها عن العملية، بررت ذلك في تقريرها المقدم للبرلمان، بأن السماح للأمريكان للقيام بمثل هذه العملية يأتي في إطار التزامها باتفاقية مكافحة الإرهاب، وأن تعاون أجهزة الأمن اليمنية مع نظيرتها الأمريكية يأتي تطبيقًا لقرارات مجلس الأمن وفي إطار التعاون والتنسيق بين الحكومة اليمنية ونظيرتها الأمريكية، لما تتمتع به الولايات المتحدة من إمكانيات متطورة تحدد أماكن "الإرهابيين" وتقضي عليهم.

ومنذ واقعة اغتيال أبو علي الحارثي بواسطة طائرة أمريكية بدون طيار في مأرب، لم نسمع عن عمليات نفذتها الطائرات الأمريكية في اليمن، عدا شكوك روج لها الحوثيون في الجولة السادسة من حربهم مع القوات الحكومية، تفيد أن الطيران الأمريكي شارك في قصف مواقع للحوثيين.

وفي 17 ديسمبر 2009 الماضي أعلنت الحكومة حربا مفتوحة وضربات استباقية ضد عناصر تنظيم القاعدة، حيث نفذت سلسلة هجمات جوية ضد أهداف تابعة للتنظيم في كل من أبين وأرحب وصنعاء وشبوة ومأرب خلال شهري ديسمبر ويناير الماضيين، وأسفرت هذه العمليات عن مقتل أكثر من 30 عضوا في التنظيم، وفقا لإحصائيات الحكومة، كما ذهب ضحيتها عشرات الأبرياء نتيجة القصف العشوائي، وقد أثار ذلك غضبا واستياءا شعبيا كبيرا.

وفيما أعلنت السلطات اليمنية مسؤوليتها عن هذه العمليات، فقد ذكرت قناة abc الأمريكية أن طائرات أمريكية قصفت بعض البدو الرعاة في المنطقة في 17/12/2009، وكان من بين القتلى أكثر من ثلاثين طفلا وامرأة. ورحبت الولايات المتحدة الأمريكية بلسان رئيسها بالمذبحة. وكان، رايان روس، الصحفي الأمريكي في القناة، أول من نشر خبر المذبحة، مشيرا إلى أن الإذن بالهجمات جاء من الرئيس أوباما شخصيا، وأكد أن الجيش الأمريكي هاجم موقعين مختلفين في اليمن بصواريخ كروز. وقد اتهمت منظمة العفو الدولية في بداية شهر يونيو الحالي الولايات المتحدة الأمريكية باستخدام صواريخ توماهوك تحمل قنابل عنقودية خلال هجومها على إحدى قرى المعجلة في محافظة أبين.

وجاء توقيت هذه العمليات متطابقا مع ما كشفت عنه صحيفة "نيويورك تايمز" مؤخرا من أن الجنرال ديفيد بترايوس قائد القيادة الأمريكية الوسطى أصدر الأوامر في سبتمبر الماضي لتعزيز عملية جمع معلومات عن هذه التنظيمات والتمهيد لهجمات عسكرية ممكنة يمكن أن تنفذها القوات الأمريكية، وسمحت الخطة بحسب الصحيفة للقوات الأمريكية بأن تنشط في اليمن بعد ثلاثة أشهر من بدء العمل بها.

وفي 21/12/2009 ألقى أحد قادة القاعدة كلمة في جموع الغاضبين على مجزرة أبين. وفي 24/12/2009 نفذت الطائرات سلسلة جديدة من الغارات فجر الخميس استهدفت مزرعة آل عبدالله بن دحة في منطقة رفض الواقعة بالقرب من مديرية الصعيد بمحافظة شبوة أو ما يعرف بمنطقة العوالق العليا. وأسفرت الغارة عن مقتل ستة أفراد من بينهم طفل وصاحب الكلمة محمد أحمد صالح بن عمير.

وفي أعقاب الهجمات الجوية أصدرت القاعدة بيانا مكتوبا 27/12/2009 قالت فيه أن مجزرة أبين: "تمت باتفاق وتنسيق يمني، أمريكي، مصري، سعودي، وبتعاون من دول الجوار"، مشيرة إلى "تخبط وكذب الحكومة اليمنية في تصريحاتها الإعلامية حيال مجزرة أبين، بزعمها أن الغارات يمنية في حين أنها أمريكية باعتراف الأمريكان".

وقد أعادت حادثة إقدام النيجيري عمر الفاروق عبدالمطلب على محاولة تفجير طائرة ركاب أمريكية متجهة إلى ديتورويت في عيد الميلاد، أعادت اليمن إلى الواجهة بخصوص الحرب على الإرهاب.

وقد أثارت عملية مأرب الأخيرة والتي قتل فيها الشيخ جابر الشبواني، نائب محافظ محافظة مأرب، في وقت متأخر من مساء الاثنين 24 مايو الماضي، أثارت التكهنات بأن الجيش الأمريكي أو وكالة المخابرات المركزية الأمريكية قد بدأت بالفعل في استخدام طائرات بدون طيار في شن هجمات في اليمن وفقا لخطة بترايوس. ويعتقد أن العملية كانت تستهدف أعضاء من تنظيم القاعدة كان الشبواني في طريقه إليهم لإقناعهم بعدم إفشال الحفل المزمع إقامته في مدينة مأرب احتفاء بذكرى الوحدة، إلا أن العملية أخطأت هدفها.

الجدير بالذكر أن هذه التطورات جاءت عقب خطاب للرئيس الأمريكي أوباما ألقاه بقاعدة "ويست بوينت" الأمريكية في الأول من ديسمبر الماضي، أبدى فيه عزمه على ملاحقة القاعدة أينما كانت، وخص بالذكر اليمن والصومال، حيث قال:" نحتاج إلى استخدام قوتنا العسكرية بسرعة وبدقة، كلما حاول تنظيم القاعدة وحلفاؤه البقاء في أي موطن قدم يجدونه لهم، سواء في الصومال أو في اليمن أو في أي مكان آخر"، وأضاف:"ويجب علينا الضغط عليهم من خلال إنشاء شراكات قوية وصلبة ".

وقال تقرير لوكالة الإسوشيتد برس الأمريكية: "أن الموقع الجغرافي لليمن يعد أمراً بالغاً في الأهمية، حيث كانت اليمن خلال فترة الحرب الباردة ساحة تنافس بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، وتقع اليمن في نقطة إستراتيجية بالنسبة للملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن وكذلك في الطريق المؤدية إلى قناة السويس، وعلى الجانب الآخر تقع الصومال حيث الوضع هناك أكثر تأزما".

دعم الحكومة في محاربتها للإرهاب

مثلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 تحولا كبيرا على صعيد العلاقات الدولية شمل دول العالم أجمع، حيث أعلن بوش في خطاب له بعد الأحداث المذكورة أن "من ليس معنا فهو ضدنا"، وتمخض عن ذلك ما بات يعرف ب"التحالف الدولي للحرب على الإرهاب". ومما زاد الطين بلة في مسار العلاقات اليمنية الأمريكية، هو أن أحداث 11 سبتمبر جاءت بعد عام تقريبا على الهجوم الذي تعرضت له المدمرة الأمريكية "يو إس إس كول" في خليج عدن (17 أكتوبر 2000)، ونجم عنه مقتل 17 بحارا أمريكيا وإصابة 38 آخرين بجروح، وتبنى تنظيم القاعدة ذلك الهجوم. وبعد أحداث 11 سبتمبر أشيع أن اليمن باتت ضمن قائمة الدول المستهدفة بضربة عسكرية باعتبارها إحدى أكثر المناطق توليدا للإرهابيين.

وقال الرئيس الأمريكي السابق"جورج دبليو بوش" في خطاب له بمناسبة مرور ستة شهور على أحداث 11 سبتمبر أن "الولايات المتحدة تسعى لإنقاذ اليمن من التحول لأفغانستان ثانية".

كما قال بوش في مؤتمر صحفي عقده في ولاية "أيوا" أثناء زيارة قام بها للولاية في منتصف عام 2002، أنه أبلغ الرئيس علي عبد الله صالح أثناء محادثات أجراها معه أنه "لا يمكن إلا أن يكون مع أو ضد الولايات المتحدة، وإذا كنت معنا فنريد نتائج".

وكان الرئيس صالح قد توجه إلى واشنطن في 28 نوفمبر 2001، بناء على دعوة من الرئيس الأمريكي، حيث التقى به وتم الاتفاق على الخطوط العريضة للتعاون الأمني وخاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب. وكان من أبرز ما أسفرت عنه تلك الزيارة هو الاتفاق على تدريب الأمريكيين للحرس الجمهوري اليمني، وتقديم المساعدات للحكومة اليمنية في حربها على الإرهاب.

وكانت المساعدات الأمريكية لليمن قد انقطعت بعد حرب الخليج الثانية بسبب رفض وفد اليمن في مجلس الأمن الدولي التصويت على القرار رقم 660 الخاص بإدانة الغزو العراقي للكويت، وأيضا معارضته القرار رقم 678 الخاص باستخدام القوة العسكرية لإرغام صدام حسين على الخروج من الكويت، وبرر الوفد اليمني تصويته هذا بحجة الدعوة لحل الأزمة وديا وداخل إطار عربي. وظلت المساعدات الأمريكية لليمن منقطعة بسبب ذلك منذ العام 1991 وحتى العام 2003، حيث كانت آخر معونة قدمتها الولايات المتحدة لليمن هي مساعدة بقيمة 23 مليون دولار قبل حرب الخليج الثانية بأسابيع. وساد الفتور العلاقات اليمنية الأمريكية طوال عقد التسعينات، وكانت أحداث 11 سبتمبر بردا وسلاما على النظام اليمني الذي بدأ يجني المساعدات الأمريكية لليمن في حربها على الإرهاب، بعد أن تردد حينها أن اليمن مستهدفة بضربة عسكرية استباقية باعتبارها ملاذا آمنا لتوالد الإهاربيين.

وفي مايو الماضي، قال مسؤول أمريكي لوكالة رويترز: "ما زلنا ندعم اليمنيين في تصديهم لهذا التهديد داخل حدودهم". وفي وقت سابق، أكد منسق مكتب مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأمريكية دانيال بنيامين، في ورقة عمل قدمت إلى مؤتمر دولي نفذته مؤسسة كارنيجي بواشنطن مؤخراً، بأن الإستراتيجية الأمريكية الجديدة لمكافحة الإرهاب والتطرف في اليمن، تعتمد على تدريب قوات الأمن الداخلي والمركزي وقوات مكافحة الإرهاب والمساعدة في الرقابة على الحدود وأمن المطارات ومعرفة الوثائق المزورة، وغيرها.

وتجدر الإشارة إلى أن التعاون بين اليمن والولايات المتحدة لا يقتصر على تقديم الدعم المادي والتدريب، بل يتعداه إلى سماح الحكومة اليمنية للمحققين الأمريكيين بالتحقيق مع المشتبه في انتمائهم للقاعدة من اليمنيين، وأيضا المشتبه في وقوفهم وراء بعض العمليات الإرهابية. فمثلا، بعد الهجوم الذي تعرضت له المدمرة "يو إس إس كول" في 17 أكتوبر 2000، وصل إلى اليمن نحو 100 فرد من فريق الدعم الخارجي، ومن فصيل أمني بحري ومن مكتب التحقيقات الفيدرالي، للتحقيق في الحادث. ثم عززت واشنطن في وقت لاحق قواتها في اليمن بألفي جندي من مشاة البحرية الأمريكية لتأمين الدفاع عن المحققين وحمايتهم، كما تجولت قبالة اليمن سفينة التموين "كامدن" وسفينتا المساندة "دونالد كوك" و"هوس". ورغم تعاون السلطات اليمنية مع فريق المحققين الأمريكيين، ولقاء الرئيس علي عبد الله صالح مع السفيرة الأمريكية في اليمن حينها "باربرا بودين" التي أبدت تفهمًا للموقف اليمني المتعاون مع الإدارة الأمريكية بشأن التحقيقات وتوفير التسهيلات المختلفة اللازمة لذلك، إلا أن العلاقات اليمنية الأمريكية شهدت حينها تراجعًا ملموسًا، وكان من مؤشرات التراجع اتهام الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية " ريتشارد باوتشر " الحكومة اليمنية بالعجز عن ممارسة سلطاتها، الأمر الذي جعل اليمن ملاذاً لبعض المجموعات الإرهابية -حسب وصفه-، ووصف الإجراءات اليمنية كذلك بأنها متساهلة وغير فعالة. ثم أعلن آنذاك عن اتجاه الكونجرس الأمريكي إلى وقف المساعدات الأمريكية لليمن، حيث بدأ أحد أعضاء مجلس النواب الأمريكي الخطوة الأولى بطلب تجميد المساعدات الأمريكية المزمع تقديمها لليمن. وعادة ما تتهم الحكومة اليمنية بعدم جديتها في مكافحة الإرهاب، واستخدام تنظيم القاعدة كفزاعة وورقة بغية جني المساعدات من المجتمع الدولي، والتي تذهب في الغالب لجيوب المسئولين، ووصلت التهم لحد التشكيك بوجود تعاون بين النظام اليمني وتنظيم القاعدة.

دعم (مشبوه) للقبائل ومنظمات المجتمع المدني

عقب أحداث 11 سبتمبر، تساءل بعض السياسيين والمثقفين الأمريكيين قائلين: "لماذا يكرهوننا؟"، في إشارة منهم لمشاعر الغضب والسخط المتزايدة ضد الإدارة الأمريكية في مختلف بلدان العالم، وخاصة بلدان العالم العربي والإسلامي. ونتيجة لذلك، عمدت الإدارة الأمريكية إلى العديد من الأعمال والنشاطات التي تهدف من وراءها إلى تحسين صورتها لدى الرأي العام العالمي، وخاصة في العالم العربي، ويندرج في ذلك، إطلاق قناة "الحرة"، وراديو "سوا"، ومجلة "هاي" باللغة العربية، والتي توقفت بسبب تكدسها في الأسواق وعدم إقبال القارئ العربي عليها.

ومن محاولة كسب القلوب والعقول من خلال الفضاء المفتوح، إلى النشاط الخارج عن الأعراف الدبلوماسية في داخل حدود الدول مباشرة. ففي اليمن، تكررت الزيارات التي قام بها السفير الأمريكي الأسبق لدى صنعاء "أدموند هول" لمحافظات مأرب والجوف وشبوة، وقام بافتتاح بعض المشاريع الممولة من قبل الإدارة الأمريكية، بل إنه أقحم نفسه في الكثير من القضايا المحلية، لدرجة أنه طالب بإغلاق مدارس تحفيظ القرآن الكريم، وشبهه البعض بالحاكم الأمريكي المدني للعراق "بول بريمر" بعد سقوط بغداد تحت الاحتلال الأمريكي.

وفي تلك الأثناء، تسربت معلومات تفيد أن السفارة الأمريكية بصنعاء قامت بشراء الأسلحة من المواطنين في مأرب والجوف بغرض تجفيف منابع تسليح الإرهابيين، ونفت السفارة الأمريكية ذلك في 27 يونيو 2004، وأكدت أن زيارة السفير الأمريكي أدموند هول التي قام بها إلى محافظة الجوف كان وبصورة بحتة لغرض (تدشين مشاريع تنموية) فيها، مشيرة إلى أن الزيارة لم يكن لها علاقة بأي حال من الأحوال بشراء أسلحة من المواطنين أو بالحملة العسكرية التي كانت في صعدة.

وفي أبريل 2002 شنت صحيفة "الميثاق"–لسان حال الحزب الحاكم- هجوما ضد "أدموند هول"، وقالت: "إن السفير الأمريكي بصنعاء أدموند هول يتصرف منذ تسلمه مهام منصبه الدبلوماسي وكأنه مندوب سام وليس مجرد سفير لبلاده في اليمن".

وأشارت إلى إنه "يتنقل من مؤسسة حكومية إلى أخرى وهو منفوخ الريش والأوداج، ويتحدث مع بعض المسئولين اليمنيين بلغة متعالية تفتقد اللياقة والكياسة الدبلوماسية التي يفترض أن يحافظ عليها أي دبلوماسي معتمد في أي بلد يحترم سيادته واستقلاله".

وأكدت الصحيفة أن اليمن "ليس بأي حال من الأحوال الولاية الأمريكية الثانية والخمسين، وأن السفير، تناسى أن اليمن بلد حر ومستقل وذو سيادة يرفض التدخل في شئونه الداخلية أو المساس بسيادته وقراره الوطني".

ولا يقتصر نشاط السفارة الأمريكية في صنعاء على دعم القبائل وشراء الأسلحة منها وتدشين المشاريع فيها، فهذا النشاط يجمع بين النقيضين في آن واحد، حيث أن السفارة الأمريكية تقوم بدعم وتمويل بعض منظمات المجتمع المدني الناشطة في المجال الحقوقي، ودعم وتمويل بعض الصحف الخاصة، ولديها علاقات واسعة مع مسئولين كبار في الدولة والحزب الحاكم والمعارضة، وبعض الصحفيين وأساتذة الجامعات، الأمر الذي يثير الشكوك حول ماهية هذه العلاقات ودوافعها والغرض منها، وعلاقة ذلك بالنشاط الاستخباراتي والتجسس الذي تقوم به السفارة الأمريكية في صنعاء بعيدا عن الأعراف الدبلوماسية، وهو ما يمثل انتهاكا صارخا للسيادة الوطنية على مرأى ومسمع الجهات الرسمية.

حصاد المواجهات بين الولايات المتحدة والقاعدة في اليمن

أفضت المواجهات بين الولايات المتحدة الأمريكية وتنظيم القاعدة في اليمن إلى إقدام تنظيم القاعدة على شن سلسلة من الهجمات التي استهدفت المصالح الأمريكية. وفي المقابل، قامت الإدارة الأمريكية بشن عمليات عسكرية محدودة استهدفت بعض أعضاء التنظيم، كما وسعت من قائمة المطلوبين اليمنيين المتهمين بالإرهاب، وفيما يلي ملخص لحصاد هذه المواجهات:

* الهجمات التي نفذها تنظيم القاعدة ضد المصالح الأمريكية:

- 17 أكتوبر 2000: مقتل 17 بحارا أميركيا وإصابة 38 بجروح في هجوم بزورق مفخخ استهدف المدمرة الأميركية "يو أس أس كول".

- 30 ديسمبر 2002: مقتل ثلاثة أطباء أميركيين وإصابة رابع بجروح في هجوم نفذه مسلح على مستشفى للكنيسة المعمدانية في جنوب صنعاء.

- 18 مارس 2003: مقتل أميركي وكندي ويمني بالرصاص وإصابة كندي آخر بجروح في شرق صنعاء بأيدي يمني أقدم بعد ذلك على قتل نفسه، وقالت السلطات اليمنية إن دوافع الهجوم فردية.

- 18 مارس 2008: مقتل شرطي وتلميذة وإصابة 20 شخصا بجروح في هجوم بالقذائف استهدف السفارة الأميركية في صنعاء دون أن يصيب الهدف، وانفجرت واحدة من القذائف في مدرسة للبنات مجاورة، وقد أعلنت القاعدة مسؤوليتها عن الهجوم.

- 17 سبتمبر 2008: 16 قتيلا على الأقل في هجوم بسيارة مفخخة استهدفت السفارة الأميركية في صنعاء (لا يوجد بينهم أمريكي واحد عدا فتاة يمنية تحمل الجنسية الأمريكية)، وقد تبنت مجموعة تطلق على نفسها "الجهاد الإسلامي في اليمن" تلك العملية.

*الهجمات والتحركات التي قامت بها الإدارة الأمريكية:

- فبراير 2002: مكتب التحقيقات الفيدرالية الأميركية (الإف بي آي) يعلن عن إضافة كل من جبر البنا، وجمال البدوي المتهمين بالضلوع في تفجير المدمرة الأمريكية "يو إس إس كول" بالقرب من شواطئ عدن، إلى قائمة أخطر المطلوبين للولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب.

- 11 فبراير 2002: المباحث الفيدرالية الأمريكية (الإف بي أي) تضع فواز الربيعي مطلوبا أول على صفحتها على الإنترنت كأخطر مطلوب في العالم، ونشرت صوره على مطارات وموانئ العالم قبل أن تضع أبو مصعب الزرقاوي كأخطر مطلوب. وقد لقي الربيعي مصرعه في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن اليمنية، وذلك عندما تمكنت أجهزة الأمن من العثور على المكان الذي يختبئ فيه في إحدى ضواحي العاصمة صنعاء.

- 3 نوفمبر 2002: مقتل قائد فرع تنظيم القاعدة في اليمن أبو علي الحارثي مع خمسة من مرافقيه، بواسطة طائرة أمريكية بدون طيار، استهدفت سيارته في منطقة "النقعة" بمحافظة مأرب.

- منتصف نوفمبر 2009: السلطات الأمريكية تجعل من فهد القصع المطلوب الثالث عالميا بعد زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن ونائبه أيمن الظواهري، ويتهمه الأمريكيون بالمشاركة التي لم تتم في ضرب المدمرة الأمريكية كول بسبب تأخره عن موعد تنفيذ العملية، وذلك بعد اتهامه قانونيا بالاعتقال والمحاكمة، وقضاء محكوميته في السجن وفق المدة القانونية وخروجه بقرار قضائي في العام 2007.

- 17 ديسمبر 2009: الطائرات الأمريكية تقتل أكثر من خمسين شخصا بينهم 14 امرأة و21 طفلا في هجوم شنته على منطقة "المعجلة" في محافظة أبين، ولا يعرف ما إذا كان من بين القتلى أعضاء في تنظيم القاعدة.

- 24 ديسمبر 2009: نفذت طائرات –لم يعرف هل هي أمريكية أم يمنية- سلسلة جديدة من الغارات استهدفت مزرعة آل عبدالله بن دحة في منطقة رفض الواقعة بالقرب من مديرية الصعيد بمحافظة شبوة أو ما يعرف بمنطقة العوالق العليا. وأسفرت الغارة عن مقتل ستة أفراد من بينهم طفل والعضو في تنظيم القاعدة محمد أحمد صالح بن عمير، الذي ظهر على شاشة قناة الجزيرة وهو يلقي كلمة بعد مذبحة المعجلة يتوعد فيها الولايات المتحدة الأمريكية.

- فبراير 2010: مجلس الأمن الدولي –وبطلب من الولايات المتحدة الأمريكية- يدرج ناصر الوحيشي (يمني) وسعيد الشهري (سعودي) على "القائمة الدولية الموحدة" التابعة للمجلس والخاصة بتنظيم القاعدة وحركة طالبان وكل ما يرتبط بهما من أفراد وكيانات.

- أول أبريل 2010: الإدارة الأمريكية تأمر باعتقال أو قتل الشيخ أنور العولقي الموجود حاليا في اليمن، وقال مسؤولون أمريكيون إن استهداف العولقي، وهو مواطن أمريكي، جاء لتورطه في التخطيط لشن هجمات على الولايات المتحدة.

- يونيو 2010: وزارة الخارجية الأمريكية ولجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة تدرج كلا من قاسم الريمي (يمني) ونائف القحطاني (سعودي) على قائمة المشمولين بالعقوبات التي تطبق على المتورطين في أعمال إرهابية.

وتجدر الإشارة إلى أن الغموض ما زال يكتنف مصير "عبدالرحيم الناشري" الذي يُعتقد أنه العقل المدبر للهجوم الذي استهدف المدمرة الأمريكية "يو إس إس كول"، والذي صدر في حقه حكم غيابي بالإعدام، وقد تردد أنه محتجز من قبل السلطات الأمريكية.

زر الذهاب إلى الأعلى