صرح مارتن بيل سفير اليونيسيف لدى بريطانيا اليوم لجريدة الشرق الأوسط بأن اليمن هو أخطر بلد في الكون. وهذا التصريح من مسؤول أممي له دلالاته وتداعياته الخطيرة.. وللتعرف أكثر على صاحب هذا التصريح ينشر نشوان نيوز نص تقرير ميداني أعده مارتن بيل يوليو الماضي عن وضع الطفولة في اليمن. وإلى نص التقرير:
صعدة، اليمن، 29 يوليو/تموز 2010 – عند السير في الشارع العام وهو الطريق الرئيسي في البلدة القديمة في صعدة، وعند عبور بوابة باب اليمن الرئيسية والمرور بمسجد الامام الهادي القديم، يجد المرء نفسه على الفور منجذباً إلى الماضي. فالبلدة ضاربة بجذورها في التاريخ، وكانت منارة للتعليم الإسلامي ورمزاً للتسامح. ومن هناك يمكنك التمشية في السوق التقليدية الصغيرة ولكنها تعج بالضجيج، ومنها إلى متاهة من البيوت الطينية القديمة حيث يمكنك أن تشم عبق التاريخ.
وكان مراسل بي بي سي السابق وعضو البرلمان – والذي سافر إلى بعض الأماكن الأكثر مشقة وخطورة في العالم من أجل مناصرة حقوق الطفل – قد وصل إلى مناطق كثيرة في اليمن، بما في ذلك مخيمات النازحين بسبب النزاع.
وفي زيارته التي استمرت لمدة ستة أيام، سافر السيد بيل مسافة 2000 كيلومتر تقريباً في خمس محافظات لرؤية كيف تدعم اليونيسف الجهود التي تبذلها الحكومة لتحسين حياة الأطفال.
رفع مستوى الوعي
وصرّح السيد بيل: "أن الأزمة الإنسانية في اليمن حادة، حتى بمعايير البلدان الأخرى التي زرتها في حالات الصراع أو ما بعد الصراع. ولقد أعجبت بالعمل الذي تقوم به اليونيسف والوكالات الشريكة لها، والشعب اليمني نفسه أيضاً. ولكن لابد من القيام بأكثر من ذلك بكثير، وخصوصاً لتلبية احتياجات الأطفال الذين هم مستقبل البلاد ".
وتعهد السيد بيل بزيادة الوعي حول الأزمة التي تواجه هؤلاء الأطفال عند عودته إلى المملكة المتحدة. وتم بث تقريره حول اليمن على شبكة آي تي في (ITV) يوم 27 أغسطس/ آب، وتم نشر تقرير شخصي عن رحلته في مجلة 'لايف' الصادرة مع صحيفة ديلي ميل يوم الأحد الماضي.
وأشار ممثل اليونيسف في اليمن جيرت كابيلاري إلى أن زيارة السيد بيل كانت "فرصة مهمة لتوضيح الجهود التي تبذلها الحكومة وشركاء التنمية في تلبية الاحتياجات الأساسية للأطفال".
'حان الوقت لبذل جهود متضافرة'
وقال السيد بيل: "لقد بينت لي رحلتي إلى اليمن أن وكالات المعونة مثل اليونيسف في أفضل وضع لمساعدة الأطفال في حالات الطوارئ. لأنها لا تطير فقط إلى أماكن حدوث الأزمة أو وصول وسائل الإعلام. إنها تعمل في جميع أنحاء العالم، عاماً بعد عام، لدعم الأطفال في البلدان في مرحلة ما قبل الأزمات الإنسانية وأثناء حدوثها وبعدها".
وفي إشارة إلى النزاع الدائر حالياً في اليمن وأزمة الفيضانات الهائلة التي تحدث الآن في باكستان، اختتم السيد بيل حديثه قائلاً: "لقد حان الوقت لبذل جهود متضافرة ومنسقة لمساعدة الأطفال في اليمن وكذلك في باكستان، والذين قد عانوا الكثير بالفعل. "
عفراء أحمد أحمد قليل، 7 سنوات، هي واحدة من الأطفال النازحين ويقدر عددهم بحوالي 3000 طفل وهم يحضرون الآن المدارس في مدينة صعدة. فقدت عفراء والدها في بداية الصراع وانتقلت مع بقية أفراد عائلتها من منطقة الهيدان إلى مدينة صعدة للعيش مع أعمامها في منزل مستأجر. وفي حين كان من المفترض أن تبدأ الدراسة في مدرسة خديجة في صعدة العام الماضي، جعلت الحرب ذلك مستحيلاً.
إلا أن عفراء الآن، مسجلة في مدرسة خديجة وتحضر الصفوف. ولقد تلقت الكتب المدرسية من مكتب التربية والتعليم، فضلاً عن مواد أخرى للمساعدة في تغطية بعض احتياجاتها. واخذت عفراء الامتحان النهائي مع زملائها حتى تتمكن من الانتقال إلى الصف الثاني. وهي تأمل أن تكون الحرب قد انتهت بشكل نهائي، حتى تتمكن من العودة إلى قريتها لمواصلة تعليمها هناك.
برنامج المياه والصرف الصحي في المدارس
ولقد تسبب الضرر الذي لحق بالبنية التحتية من جراء الحرب في أن يصبح سكان صعدة عرضة للإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق المياه. وللحد من هذا الخطر، قامت اليونيسف، من خلال الأمل، وهي الشريك المنفذ المحلي بتوزيع مجموعات من مستلزمات النظافة وعبوات المياه لجميع الأسر التي تعيش في البلدة القديمة. كما بدأت اليونيسف أيضاً برنامج المياه والصرف الصحي في المدارس (WASH) ، والذي يشمل جميع مدارس التعليم الأساسي الخمسة عشرة في صعدة. والهدف هو التأكد من أن جميع المدارس بها ما يكفي من المياه ومرافق الصرف الصحي الملائمة للأطفال وبرنامج للتثقيف الصحي.
وبدأت الحياة في صعدة تعود لما يشبه الحياة الطبيعية ببطء. وفي حين أن شبح الحرب ما زال يلوح في سماء المدينة، إلا أنه يتضاءل مع كل خطوة يخطوها سكانها نحو حياة أفضل.