صحيفة إسرائيلية تقلل من استحقاق كرمان لنوبل وتتساءل: كيف يُعلِمون بطلا عربيا في ثورات لم تنضج؟
ذهبت صحيفة يديعوت أحرنوت الاسرائيلية إلى أن غنيم كان أحق من توكل كرمان بجائزة نوبل للسلام لكنها قالت ان الاشكال تمثل لدى لجنة نوبل في كون الجائزة صعب منحها لثائر مصري ثار على رئيس حافظ على السلام!
وحاولت الصحيفة الاسرائيلية في عددها الصادر أمس تصوير نضال توكل كرمان ضد النظام الفاسد في اليمن بأنه من قبيل العناد الشخصي بينها وبين الرئيس صالح. وسعت يديعوت إلى التقليل من أحقية اليمنية توكل بنوبل، رغم أنها أثنت عليها بلهجة باردة، كناشطة اجتماعية.
المقال كاملا كما نشرته القدس العربي مترجما:
توكل كرمان.. الفائزة العنيدة
زجوا مرتين بتوكل كرمان، الفائزة بجائزة نوبل للسلام، بالسجن في اليمن وكان حظها حسنا إذ خرجت حية من غير ندوب عميقة. لا توجد جهة متمردة لم تنضم اليها، ولا توجد فرصة في المظاهرات في الميدان الكبير في صنعاء والمؤتمرات المغلقة والمفتوحة في اليمن واوروبا، لم تُقسم فيها على ان تفعل كل شيء مع رفاقها طلاب الجامعات، من غير عنف، من اجل ان تنحي الرئيس عبد الله صالح.
سمعتها تشتكي بكلمات متألمة مما جرى لها في التحقيقات، ومن محاولة اغتيالها بطعنات سكين. واعتقدت انه في المعركة المغامرة التي لا تبدو نهايتها البتة ما تخسره كثير جدا مقابل احتمال فوز. فليست هي العروس المحررة بل البوق المبتذل.
يمكن ان تُرى من وجهة نظر غربية طائرا غريبا لكنها في نظري بطلة. وهي متزوجة من زوج مؤيد وهي أم لثلاثة ومثقفة ولها مكان عمل مضمون فلماذا تجري في الشوارع وتقامر على حياتها. يستطيع قناص ان يقتلها في لحظة حركة المقاومة. وستقع لافتة 'صالح إرحل' على الارض ملطخة بدم المتظاهرة العنيدة.
ان نشاطيهما متصلان: فقد ولدت توكل قبل 33 سنة في الوقت الذي تولى فيه صالح السلطة بالضبط، وكلاهما يصر على عدم الوهن. أما هو فجرح جرحا بليغا بمحاولة اغتيال داخل القصر قبل اربعة اشهر، واستطاع المتمردون عليه ان يُقسموا انهم نجحوا آخر الامر في التخلص من دكتاتور، لكن توكل خاصة بددت الأوهام. ففي كل اسبوع منذ خمس سنين تخرج في ظهر يوم الثلاثاء من حرم جامعة صنعاء، وهي زعيمة بارزة مع خمار دقيق وشجاعة غير عادية، وتجلس داخل خيمة. تتظاهر على الرئيس، وتؤيد حقوق النساء، وتؤيد رفع سن الزواج (من 9 سنين إلى 17 سنة، من دون نجاح)، وتعترض على الاعتقالات التعسفية والتعذيبات، وتؤيد حرية التعبير.
كان واضحا ان ربيع الشعوب العربي سيحل هذه المرة في جدول عمل لجنة جائزة نوبل. وقد اتجهت المقامرات في الأساس نحو وائل غنيم ناشط الشبكات الاجتماعية من مصر. وغنيم المشهور الذي تهتم به وسائل الاعلام، مكث في المعتقل وكاد يضيع ثورة الملايين التي نظمها من خلال الفيسبوك بسبب مؤامرة لم تنجح في الزامه تهمة انه عميل للموساد.
كيف يُعلِمون بطلا عربيا في ثورات لم تنضج؟ ففي مصر كما هي الحال في اليمن والسعودية وتونس وليبيا لم ينقض أمر تبديل السلطة. كنت أبذل الكثير لأسمع الحيرة في الغرفة المغلقة في اوسلو إلى أن بُت قرار اعضاء اللجنة: اذا كان رئيس مصر أنور السادات قد فاز بجائزة السلام فكيف سيعطون الجائزة بسبب تنحية الرئيس حسني مبارك الذي حافظ على ذلك السلام. وفي المقابل فانهم في اليمن يصيدون عصفورين بفوز واحد: فثم بطلة اجتماعية مفاجئة وتذكير ايضا بمكانة النساء المنخفضة والبائسة. وينبغي ألا ننسى ان توكل كرمان هي المرأة العربية الاولى التي تفوز بجائزة نوبل.
فتشت دقائق طويلة أمس في صحف اليمن حتى وجدت تقريرا صحافيا صغيرا عن الفائزة المحلية وفي أكثر الزوايا إهمالا. لكن من الطبيعي ألا يجري الرئيس وجماعته للبحث عن مكبرات صوت، فهذه الجائزة هي تذكير آخر يثير الغضب.
ان منظمات اجتماعية محلية تهنئ توكل بالفوز، وهذا كل شيء. وتوصي رفيقاتها في منظمة 'صحافيات بلا حدود' بأن تستمر في الحفاظ على حواس يقظة، وان تبدأ العناية بتأشيرة الخروج للمراسم في السويد، وانه لا يجوز لها ان تترجم التكريم الكبير الذي أصبح من نصيبها إلى شهادة تأمين حياة.
'يديعوت' 9/10/2011