أرشيف محلي

المرضى اليمنيين في مصر.. ضحايا سمسار ومؤجر وسفارة

كثيرة هي المعاناة تلك التي يتكبدها المواطن اليمني أثناء رحلته العلاجية إلى جمهورية مصر العربية تبدأ تلك المعاناة من حيث تبدأ الرحلة وتنتهي، وبحسب تقارير طبية مصرية رسمية فإن اليمن تحتل البلد الأول بامتياز من حيث السياحة العلاجية الوافدة إليها تليها السودان، ففي الآونة الأخيرة زاد عدد اليمنيين الراغبين في العلاج إلى مصر بشكل ملحوظ غير مسبوق, لا سيما بُعيد اندلاع الثورة.

الدقي، المنيال يمنيتان!!

أينما وليت وجهك في مصر فستجد يمنيين حتماً، فلم تعد الدقي والمنيال هما المنطقتين اللتين كان يشتهر اليمنيون بالإقامة فيهن، بل انتشروا في كل مناطق القاهرة ليس فسحة أو نزهة كما سيعتقد البعض بل ضرورة للعلاج، فمن المستحيل وخصوصاً في الآونة الأخيرة أن تمر على أي من شوارع وزقاقات القاهرة دون أن تجد فيها يمنيا على الأقل.
فالدقي والمنيال الموصوفتان بأنهما ولايتان يمنيتان نافستهما مناطق عدة وذلك في إشارة من إخواننا المصريين ووصفهم المبالغ من كثرة اليمنيين ما حدا بهم إلى إطلاق هذا الوصف الظريف، فاليمنيون هناك هم أكثر الناس الوافدين إلى القاهرة وأكثرهم عرضة للنصب والاحتيال من بعض محتالين لا يمثلون الشعب المصري الطيب بسجيته، فالمحتالون يعرفون بدهائهم في اصطياد فرائسهم!
وفي الوقت ذاته فإن اليمني ليس غبياً إلى هذه الدرجة كي يكون عرضة للسرقة وفريسة سهلة للمحتالين، لكنه ربما ما زال على فطرته المجبول عليها منذ الأزل!!
ارتفاع في أسعار الشقق!!
على غير عادة ارتفعت أسعار الشقق في القاهرة بشكل جنوني، حتى قُبيل دخول فصل الصيف ويرجح كثيرون سبب ذلك الارتفاع إلى زيادة عدد الوافدين اليمنيين لتلقي العلاج خصوصاً بعد اندلاع الثورة، فعدد الجرحى والمصابين بسبب الثورة زاد من أعباء الخطوط الجوية اليمنية وأضاف أرقاماً إضافية إلى نسبة الوافدين لتلقي العلاج في مصر.
يخبرني السمسار المصري”الدلال” ويدعى سيد أن مُلاك الشقق يرون هذا الإقبال المتزايد على شقتهم فيتمسكون بأسعار خيالية لم تعهد لها مصر في التاريخ مثيلاً مما يجعل المضطر لأن يقبل.
كانت بعض مناطق الأطراف في القاهرة كالبحر الأعظم والمعادي وفيصل...الخ تتسم برخص أسعار الشقق فيها، لكنها اليوم وبعد انتشار اليمنيين فيها لم تعد كذلك فأينما وليت وجهك فثمة يمني في شقة أو عمارة.
ما يميز اليمنيين عن غيرههم أنهم وفي بلد الاغتراب يكونون أكثر أخوة وتعاونا فالجميع يعين بعضهم البعض!!
مأزق
كثير من اليمنيين حين يقصدون مصر للعلاج لأول مرة لا يحسبون جيداً كلفة العلاج والإقامة، حينها يدركون أنهم كانوا على خطأ في حسبتهم هذه، ولن تصدق أذنك حين أسرد لك قصة واقعية شاهدتها بأم عيني لأب أراد علاج ابنه المصاب بالسرطان في الدم وهو برفقة الإنسان النبيل عبدالله المحيا وهما أمام بوابة مستشفى القصر العيني الفرنساوي ليتأكد الأخير أن كل ما في جعبة والد المريض سوى 800جنيه مصري أي ما يعادل 132دولاراً وبالعملة المحلية 28.380ريالاً فقط وهذا المبلغ بالكاد يكفي لـ5أيام فقط مقابل إقامة لا غير!! وهذا نتيجة معلومة مغلوطة تلقاها والد المريض من أن العلاج والسكن في مصر أرخص من التراب حد قوله. فما كان من الرجل الإنساني عبدالله المحيا بن صبر إلا أن أخذه إلى منزله ولم أعرف ماذا فعل بعد!!
متأخرات
رجل يمني في الخمسينيات من عمره برفقة زوجته دفع ما استطاع أن يدفعه لمالكة الشقة مقدماً وبعد أن نفذ منه المال وهو يعالج زوجته المصابة بسرطان في الدم بقيت عليه متأخرات الإقامة ما حدا بصاحبة الشقة أن تغدو عليه وتروح لتدق عليه باب الشقة لسداد ما عليه من إيجارات وبالبلدي المليان رد عليها: أنا معي مرض ولما أكمل أعالج زوجتي شاأجيبلك حقك مشسرقيكش ولا أنا هارب..وبعد شد وجذب وصياح ونواح تدخل أحدهم في دفع ما تبقى من الإيجارات.
عراقيل أخرى..!
كثيرة تلك المشاكل والمعوقات التي يجدها المواطن اليمني القادم إلى مصر للعلاج! وإن سلم من إحدى تلك المشاكل فلا بد أن يقع في غيرها!
حول ذلك يقول رئيس الجالية اليمنية إبراهيم الجهمي أن المشكلة تكمن في عدم فهم الطاقم الضخم الذين تكتظ بهم السفارة لطبيعة عملهم ولعدم إدراكهم أنهم ابتعثوا لخدمة المواطن في بلد الغربة وتلك وظيفتهم ومهمتهم الأساسية! ولكن ذلك لم يحدث أبداً! المواطن اليمني الذي يقصد مصر مجبراً للعلاج والبحث عن الدواء ومنذ وصوله مطار القاهرة وهو في خوف وهم وقلق وترقب وحذر .. فلا يوجد من يرشده إلى الأسلوب الأمثل من حيث السكن والمشفى المناسب والطبيب المعالج ! فيقع ضحية لسائق التاكسي والذي يذهب
به إلى مسكن يزج به فيه ويجبره على دفع إيجار مدة لا تقل عن شهر ليكتشف فيما بعد انه بعيد عن المستشفيات وبعيد عن خطوط المواصلات وبعيد عن الجهة التي يقصدها .. بل إن الإيجار الذي دفعه كان مبالغاً فيه .
= وأيضاً الكثير جدا من القادمين للعلاج يقعون ضحايا النصب والابتزاز بل والخداع من قبل أطباء ليسوا متخصصين وأيضاً مستقلين وغير مؤتمنين يهمهم المال ولو كان المريض ليس علاجه عنده أو قد لا يحتاج إلى عملية أو قد يتسمسر به الطبيب ذاته من مركز إلى معمل إلى مختبر يستفيد من العمولات التي يتحصلها من تلك المراكز ... ومع ذلك السفارة بها ملحقية طبية وللأسف أن القائمين عليها ومنذ عشر سنوات يعتبرون أنفسهم أنهم جاءوا للفسحة والنزهة وليس غير ذلك .. وكثيراً ما يشتكي المتعالجون من إهمال وتسيب، بل واتجار الموظفين في الملحقية بمن يلجأ إليها مع المستشفيات والأطباء والمعامل نظير عمولات يتلقونها من إرسال الزبائن إليهم وأصبح حال المريض اليمني في مصر (كالمستجير من الرمضاء بالنار)
== ومن ضمن المشاكل والعراقيل التي يتعرض لها المواطن الزائر إلى مصر التعرض للسرقات وعصابات النشل وبالقوة أحيانا مستغلين الانفلات الأمني في مصر وأحيانا بالخديعة والحيلة ومع ذلك تقف السفارة مكتوفة اليد غير مبالية أو عابئة بما يتعرض له المواطنون ولا تقوم بأي دور يذكر في التقليل من تلك المخاطر وذلك بالتنبيه والتحذير والإرشاد للرعايا وأيضا لم تتابع الأجهزة الأمنية ألمختصة بمتابعة تلك الحالات والبلاغات والبحث عن عصابات تخصصت في سرقة اليمنيين خاصة ..
ولقد كان لرئيس الجالية اليمنية إبراهيم الجهمي دور كبير في القبض على ثلاث تشكيلات عصابية تخصصت في سرقة اليمنيين وتم القبض عليهم وتسليمهم للنيابة والتي أحالتهم للقضاء وحكم عليهم بالسجن سنوات متفاوتة .. وكذلك
كان للجالية اليمنية الدور الملموس في القبض على عصابات الاتجار بالأعضاء ليمنيين واستئصال أعضائهم البشرية من الكلى والكبد في قضية شهيرة قبل ثلاث سنوات واهتمت بها مختلف وسائل الإعلام العربية .. وقوبل إبراهيم الجهمي بمحاربة كبيرة من قبل النافذين وممن لهم صلة مباشرة ببعض أطراف القضية.

إهمال، تسيب، لامبالاة!!
القصر العيني الفرنساوي..أنين مرضى لم تأبه بهم ملائكة الرحمة!!
لمشفى قصر العيني الفرنساوي في القاهرة قصص وحكايات فبعد أن كان المشفى النموذجي حتى وقت قريب صار مسكناً لعزرائيل وأشباح الموت نتيجةً للإهمال المتعمد واللامبالاة لأنين المرضى وصراخ(العيانين).
مصريون ويمنيون وأجانب شكواهم واحدة ومعاناتهم واحدة في الوقت ذاته، إهمال، تسيب،برود، ومعظم العاملين فيه لا يهمهم سوى أن تدفع فقط!!.
قصتي مع المشفى!!
- لم أعتد أن أدخل مشفى في القاهرة كمرافق إلا هذه المرة حين رافقت أختي والدتي المصابة بسرطان في القولون أسال الله بجلاله أن يجنبكم كل مكروه وأن يشفي كل مريض، فكانت وجهتنا صوب مشفى قصر العيني الفرنساوي كما يسميه إخواننا المصريون.. وذلك لما نسمعه من سمعة طيبة عنه، ولجتُ بوالدتي المشفى تحت ما يسمى بحساب مقدم(4.000) جنيه مقدماً وأكملت كل الإجراءات أملاً في خدمات طبية تساعد أمي على التشافي ..،مرت الأيام ووالدتي تتلقى المحاليل وبعض الأدوية الروتينية والطبيبة المشرفة على حالتها لم تعاينها إلا مرة واحدة بعد إلحاحي على قسم التمريض من جلب الطبيبة المشرفة لتشرف على حالتها.
نفس الشكوى
- في البدء كنت أظن أنني الوحيد من يعاني ذلك لأتفاجأ بجيران لنا يمنيين في الغرفة برفقة أمهم المريضة رحمة الله عليها وشكواهم مع شكواي واحدة، ولم يتوقف الحال على ذلك فمصريون تكاد تكون شكوانا وشكواهم واحدة.
أخبرت عدداً من المصريين وزوار المستشفى ما سبب هذا الإهمال الكبير ليجيبوا عن سؤالي أن وضع البلد الحالي حال دون تقديم خدمات طبية مميزة وأن مصر بعد الثورة تعاني حالة من الفوضى والتسيب وفي الحقيقة لم تكن الإجابة مقنعة بالنسبة لي فأنا وغيري من اليمنيين تكبدنا خسائر فادحة بدءاً من تذاكر الطيران التي أرهقت الجميع بسعرها المرتفع والأموال التي حاولنا جمعها لنحظى برعاية طبية مميزة لطالما افتقدناها في بلدنا اليمن ونفاجأ بأننا جئنا نشتري الموت بدلاً من العافية.
اشتروا الموت!!
- مسكينة هي جارة أمي في الغرفة رقم 6 من الدور السادس ففي الباحة كنت أراها وهي تتحدث مع ابنيها وبنتها المرافقة وهي بصحة لا بأس بها لأتفاجأ حين رأيتها وهي على سرير متحرك مع الأوكسجين في حالة غيبوبة تامة ليخبرني ابنها من أن خطأ طبياً كان السبب فبعد أن أخذ الطبيب المعالج لها عينة من الكلى أمر إحدى الطبيبات وأظنها مستجدة استقرأتُ ذلك من سنها الصغير أمرها بأن تضع المريضة على ظهرها وأظنها فهمت عكس ذلك فوجهت المرافقين بأن يضعوها على البطن ..يقول معاذ أبو غانم وأخوه كمال إن والدتهم لم تمض عليها دقيقتان من وقت وضعها على البطن إلا ووالدتهم في حالة نزيف من الأنف وفي غيبوبة تامة لتدخل غرفة العناية المركزة تحت مايسمى التنفس الاصطناعي لمدة أربعة أيام وتفارق الحياة ولم ينتهِ الأمر سوى بشكوى لم تفارق أدراج المكاتب وجثة هامدة أقلتها اليمنية إلى صنعاء.
صوم حتى الموت!
- لعمل منظار لامرأة مسنة، يستغرق وقت الإعداد ثمانية أيام وهي صائمة حتى كادت تهلك وسط استغراب بعض الأطباء عن هذه المدة وأخرى لعمل جرعة كيماوية لمقاومة السرطان رفض العاملون هناك إعطاءها الجرعة حتى سداد ماعليها.
رحلة المعاناة لم تصل إلى هذا الحد وتقف بل إن مرضى مصريين كثرا رفضوا استكمال العلاج بسبب الإهمال وفاتورة العلاج ولإقامة الباهظة.
علاقات
- بعض من أطباء قصر العيني الفرنساوي في القاهرة يستخدمون المشفى لصناعة علاقات عامة مع المرضى وخصوصاً الأجانب فبعد الكشف عن المريض يقوم الطبيب بإعطائك كرت عيادته لمتابعة العلاج هناك ويتم ذلك في وضح النهار أحد اليمنيين التقيناه صدفة في مكتب المدير التنفيذي للمشفى وهو يقدم شكوى لا تكاد تختلف عن شكوى أولاد غانم وبقية المرضى متمتماً بلغة عتاب ممزوجة بحرقة كادت تدمي عينيه،مخاطباً المدير أنه في مملكة الأردن يختلف الوضع تماماُ عن مصر ففي الأردن حد قوله يمنع القانون الأردني عمل أي عيادة للأطباء الذين يعملون في مستشفيات الدولة أو في نفس المنطقة وذلك احترازاً منهم حتى لا يتم استغلال الوظيفة في الربح المادي الخاص.
أجواء قروية
- بعد أن ساد الضيق والضجر والدتي من المكوث طويلاً في المشفى حاولت خلق أجواء قروية لأرفع من معنوياتها حتى تستكمل علاجها الكيماوي المقرر من الطبيب فكم كانت تروق للملالاة والمهاجل فآراها تبتسم وينشرح صدري وحين تدخل في حالة اللاوعي فإن ماصنعته من أجواء لا يجدي معها.
أنهاك
- ما تستطيع أن تخرج به من مشفى قصر العيني الفرنساوي هو فاتورة تكاليف ودواء وإقامة باهظة فعد من المصريين نصحونا من مغادرة المشفى بسبب الإهمال المستثري فيها والفاتورة التي تنهك الجميع كما يشكو كثير من المرضى والزائرين من رسوم الزيارات المتعاقبة فلا يمكن أن تدخل لزيارة قريب لك إلا برسوم وفي أي وقت وإن استطعت أن تفلت من الرسوم فلن تستطيع أن تفلت من حارس البوابة ورسومه الخاصة.
سفارة غائبة
- مراراً حاولنا الاتصال والتواصل بالملحق الصحي بسفارة اليمن في القاهرة ولكن دون جدوى فالمكتب خالٍ إلا من موظف أو موظفين والملحق غاااائب وصعب أن تصل إلى مدير مكتبه فما بالك بالملحق نفسه فمدير مكتبه حين اتصلنا به برر لنا غيابه بأنه يتابع المرضى وشئونهم في الخارج.

زر الذهاب إلى الأعلى