قال غائب حسين حواس وهو أحد الشخصيات الاجتماعية في صعدة شمالي اليمن ومحلل ومراقب عن كثب لكل الأحداث التي جرت هناك إنه لا النظام السابق ولا تكتل المعارضة -ممثلة باللقاء المشترك- ولا شباب الساحات الثورية عملوا على إدانة الحوثي رسمياً كمليشيات مسلحة ارتكبت جرائم القتل ودمرت المنازل وتسببت في نزوح آلاف الأسر، بقدر ما قاموا باستغلال ورقته في الصراع كخصوم.
وأوضح المحلل السياسي أن "صالح" ساند الحوثيين وعمل على تهيئة الأجواء السياسية والعسكرية والأمنية والاجتماعية وتوفير المناخ الملائم لنمو مليشياتهم، كما أن القوى السياسية بما فيها المشترك و الثوار اليوم يتعاملون مع الحوثي بمستوى ليس بعيداً عن المستوى الذي تعامل به "صالح" معهم.
وشدد حواس على ضرورة البدء بحملات عسكرية وطنية تستعيد بها الدولة وجودها و سيادتها على إقليمها في صعدة، وقمع التمرّد وتجريد عصابات الحوثي التي تقتل الناس من سلاحها و إعادتها من وضع الميليشيات إلى وضع المواطَنة..فإلى تفاصيل الحوار:
• ستة حروب قامت في صعدة، ماذا تقول فيها؟
-في الواقع الجماعة الحوثية كما تسمى أو "خمينية اليمن" لم تأتِ بجديد عن تشكيلات الخمينية في المنطقة من قبلها، والحملات العسكرية والمعارك التي دارت كانت بمثابة تدريبات قاسية للحوثيين لا أكثر، وعملت هذه التدريبات على تقويتهم و تصليبهم.
عموماً.. أستطيع أن أؤكد لك أنه تم وضع خطة خمسية لبناء جماعة عسكرية ساهمت أطراف النظام السابق في البداية في بنائها من خلال عدم وجود نية جادة في احتواء هذه الجماعة من الناحية العسكرية التي هي في أصلها و في منشأها و في عناصر تكوينها جماعة عسكريه مسلحة لا شرعية ولا قانونية من الأساس، وهي بهذا التوصيف جماعة ضارّةٌ بالمجتمع شهرت السلاح في وجه الدولة والمجتمع وما هو معلوم أنها إذا أخذت هذه الجماعة و وضعتها في إطارها القانوني والشرعي والدستوري، فضلاً عن الإطار القيمي والأخلاقي، فإن هذه الجماعة بخروجها عن القوانين بتشكيلتها العسكرية و بتعبئتها العنصرية على أساس سلاليّ, هذه الجماعة أعطت الحق للدولة الإفتراضية أن تحسم أمرها عسكرياً لأنها كانت تمارس سلوكاً أمنياً وعسكرياً - أعني الحوثية - مضاداً لأمن البلد مضاداً لأمن الشعب مضاداً لأمن الجماعة الإجتماعية للشعب وكذلك مضاداً لأمن الدولة , و إيقاف هذا السلوك الأمني يكون بسلوك أمني مضاد وهنا حصل الفاقد , فالفرقاء الذين كانت خلافاتهم تحت الطاولة نقلوا الصراع من مركز الدولة إلى الطرف في صعدة .
هذا الصراع مَثّل ثغرات في بنية النظام دخلت منها عناصر الإمامة المنتشرة والمتوغلة في جهاز الدولة , و في ذاكرتها الأمنية , في مصادر معلوماتها و في مراكز قرارها في حزب الدولة نفسها و كذلك توغلت و تموقعت وتمفصلت عناصر الإمامة في قوى المعارضة و في منظمات المجتمع المدني وفي الأوساط الثقافية والإعلامية وإستطاعت بهذا أن تتحكم بواسطة هذا اللوبي المنتشر وتتوزع الأدوار , من هنا إستطاعت أن تدير المشهد , وعموماً فإن النشأة العسكرية الجادة لهذه الحركة وتعاطي الدولة الغير جاد والمشبوه أفضى إلى تقوية وتصليب تلك الجماعة عكس ما كان متوقعاً أن يتم سحقها عسكرياً واحتوائها إجتماعياً وثقافياً و سياسياً .
• برأيك هل إستفادت الحركة الحوثية من تلك الحروب أكثر مما تضررت وهل كانت استفادتها مقصودة من قبل النظام السابق؟
-السلطة والمعارضة في اليمن ظلتا يتجاذبين ورقة الحوثية في صعدة سياسياً ويعتبرانها رقماً في محصلة صراعهما السياسي وبما أن السلطة في اليمن والمعارضة في اليمن متمثلة بالمشترك كانتا تتصارعين صراع مصالح وليس صراع مبادئ فإنّ كلاًّ منهما كان يخرج من داخل منظومة القيم المفترضة لديه و من داخل منظومة القانون والدستور المفترض أن تسلكه هذه المنظومة - كان كلاهما يخرج ويستدعي الحوثية إلى دهاليز عقد الصفقات مع الحوثي , أجل إن خلاف المشترك مع السلطة وخلاف السلطة مع المعارضة - خصوصاً أنّ الخلاف جرى خارج أرضية المبادئ والقيم الوطنية وخارج منظومة القانون والدستور - فإنه أفضى إلى أن تستفيد هذه الجماعة المسلحة من هذا الخلاف و بالمناسبة لم تستفد مثل هذه الحركة في التاريخ إلا من حالة الإنقسام التي تعيشها القوى الوطنية المفترضة .
• في الحربين الأخيرين خرج الوضع من المشهد المحلي إلى المشهد الخارجي , هل يدل هذا على أن هناك تدخلات خارجية حقيقية؟
-النظام السابق والرئيس السابق / علي عبد الله صالح هو الذي أخرج القضية بنفسه عندما أراد أن يبتزّ دولاً إقليمية بهذه الحركة ويلعب دور الوسيط الأمني أمام الخليج والسعودية بالذات، كما لعب دور الوسيط الأمني مع القاعده أمام الأمريكان , ف "صالح" هو الذي أخرج مشكلة الدولة والشعب مع الحركة الحوثية أخرجها من داخل السيادة اليمنية والإحتواء الأمني الداخلي , فكان طبيعيّاً بالنسبة للأطراف الخارجية التي تبحث - أساساً - عن نفوذ وأدوار في الداخل اليمني وجدت أن الرئيس السابق أعطاها فرصة التدخل وقدمها هو بنفسه.
• قبول النظام السابق بالجلوس على طاولة الحوار مقابل الحوثي برعاية قطرية , هل كان ذلك اعترافاً من النظام بالحوثي كطرف آخر ؟
-قلت لك إن الرئيس السابق هو الذي كان يخرج القضية لكي يحول المشكلة الأمنية والعسكرية إلى مداخيل إقتصادية وهو هنا كان يمارس أو يزاول ما يسمى باقتصاديات الحروب ...
القطريون بدورهم كانوا يتحركون بالوكالة عن إيران , فنعم أن الحوثيين استفادوا من هذا التصعيد وعرّفت بهم هذه الممارسات التي قدحت في السيادة اليمنية و في سيادة القيادة نفسها , القيادة اليمنية هي التي كسرت هيبة نفسها وهي التي أضرت بسيادتها وسيادة الدولة وسيادة الشعب أيضاً , عندما تحصل مشكلة بحجم حرب في زاوية من الوطن، فيقوم النظام بدلاً من احتوائها ورفض التدخل الأجنبي يقوم باستجداء التدخل الأجنبي على طريق تسليع هذه المشكلة وتحويلها إلى ناتج اقتصادي وكذلك أيضاً كان يجري الاحتفاظ بهذه الجماعة لمثل اليوم الذي نشاهده هذه الأيام من محاولة استخدامها كألغام أو قنابل يتم إلقاؤها من قبل النظام السابق إلى داخل أروقة العملية السياسية.
• في بداية الثورة سقطت محافظة صعدة في أيدي الحوثيين دون أي مقاومة حكومية وسيطروا على كل المرافق الحكومية وحكموها .. هل هُيئ لهم الأمر ؟ أم أنهم أسقطوها بقوتهم؟
-ليس هناك أحد على الإطلاق وهو أقلية يستطيع أن يفرض بالقوة وجوده أو أن يستلب الأكثرية فاعليتها أو فعلها , ما حصل من تسليم صعدة من قبل وتسليم مركز المحافظة وتسليم الإدارة ثم بعد ذلك ضخ الموازنة والتي لا تزال تُضَخُّ إلى اليوم وعدم أخذ الإيرادات والسماح للحوثيين بممارسة أعمال السلطة من خلال جبي الأموال وتحصيل الواجبات والزكوات بل وفوق ذلك إعطاءها عائدات شركة النفط وفوق ذلك استمرار ضخ الموازنة حتى على أيام عهد الدولتين، دولة النظام السابق ودولة حكومة الوفاق، هذه جميعها الآن وإن قدمت لها المبررات لكنها ستكون في المستقبل القريب عبئاً تاريخيّاً على من ساهم ويساهم في تسهيل أو مشاركة القيام بهذه العملية.
عملية ضخ الموازنة والإعتراف بالجماعات الغير مشروعة في صعدة وإعطائها الموازنة لتصنيع الألغام ونسف منازل المواطنين الذين كان يفترض أن حمايتهم عهدة على عاتق الدولة , نشاهد أن الدولة نفسها هي التي تضخ الأموال لمن يقتل مواطنيها الذين انتخبوها.. هنا أقول إن هذه العملية بكاملها تمثل خيانة تاريخية ولعنة تلاحق كل من شارك من بعيد أو من قريب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة فيها و بالطبع فإن كل الأطراف متورطة فيها .
• نلاحظ أن الحركة الحوثية انتشرت في عدة محافظات وبوتيرة متسارعة , برأيك هل هناك قوى داخلية وخارجية تقف خلف توسعهم وتدعمهم؟
-لكني أود قبل هذا أن أعرج على الوضع القيمي والقانوني والأخلاقي الذي سمح باستيعاب جماعة مسلحة إرهابية فألقت بالوطن والمواطن في رقعة جغرافية ووطنية غير يسيرة وأقصد عندما تم إعطاء الحوثي الشرعية الثورية أو استقدامه كضيف شرف في ساحات الإعتصام وثائر, فيما توج الرئيس السابق تواطؤه مع الإماميّة بفتح صالة 22 مايو لهم للاحتفال..
الواقع أنه لا المشترك ولا الثوار ولا النظام السابق أدانوا الحوثي بصفة رسمية كجماعة مسلحة .
أما سؤالك عن الإنتشار السريع للحوثي، فالواضح للعيان أنّ علي عبدالله صالح يريد أن يستخدم الحوثيين كآلة انتقام و الواقع أن هذه العملية هي بمثابة تعجيل لحصاد زرع الحوثي، نعم هناك موجة للحركة الحوثية كإحدى تنويعات الإمامة التي تعيد إنتاج نفسها في الحركة الحوثية أو غيرها مع إجراء عملية تحديث طفيف على جوهر الإمامة و ليست الحركة الحوثية إلا تنويعاً عسكرياً لكيان عنصري تاريخي واجتماعي في اليمن دخيل على اليمن مستغلاً للظروف ولذلك لعلك تلاحظ معي إذا لاحظت التاريخ أن حركات الإمامة لم تتوسع في اليمن إلا في حالات ضعفه وحالات انقسامه ، إنّ انتشار الحوثيين اليوم ساعدنا جميعاً في اليمن لنعرف حقيقة الحوثي لأنه من قبل كانت نار الحوثي تلتهم السكان في صعدة، فلا يصل منها إلى تعز أو حتى صنعاء أو محافظات أخرى إلا النور الذي ينبعث من النار وهذا الذي كانوا يتوهمونه نوراً كان ناراً تشب في ديارنا ، اليوم في تعز "إحتك" أبناء تعزّ بالحوثي وبالحاقدين مع الحوثيين وعرفوا مَنْ هم - الحوثيون - علماً أنهم لم يعرفوا إلا الشيء اليسير من سوء و شرّ وضرر هذه الجماعة , فأنا شخصياً لست قلقاً بانتشار الجماعة الحوثية لأنها خير من يوصل رسالة عن ذاتها و شرّها و فتنتها .
• باعتبار الحوثي مليشيات مسلحة إلا أنه قُبل لدخول الحوار .. إلى أين سيتجه الوضع في صعدة بعد الحوار ؟
-أولاً مع الأسف أن ما يسمى بالحوار أفرغ كل مضامين المبادرة الخليجية التي كان الناس قد استبشروا أنها سوف تضع حداً لانهيارات الوضع وتداعياته , مما لاشك فيه أن الوضع إنهار وتداعى بعد الصدامات الدموية في صنعاء واستبشر الناس بعد انتخاب الرئيس هادي , غير أن ترحيل كل هذه القضايا إلى الحوار وإعطاء مدىً زمنياً أكبر وفرصة زمنية أكثر لتوسع جماعات العنف ولمن يهدف لاضطراب اليمن و من في مصلحته الفلتان الأمني والاضطرابات الداخلية، كل هؤلاء أعطتهم هذه الفترة الزمنية مدىً زمنياً أبعد لتوسعها ولبناء خلاياها وللتعبئة العسكرية.
ولذلك سيكون إنفجار الوضع إذا انفجر أكبر مما لو انفجر قبل عام وإذا تأخر أكثر فسيكون الإنفجار مدوياً أكثر مما لو انفجر اليوم ، إنّ استقدام الحوثي إلى الحوار واستبعاد جماعات عنف مماثلة له تضعنا وتضع قيادات الدولة وتضع القوى السياسية وتضع منظمات المجتمع وتضع المعتصمين وأهل الساحات تضعهم جميعاً أمام سؤال، لماذا الذي يهدد مصالح الأجانب يُدان ويحارَب مع تحفظنا على ما تقوم به هذه الجماعات وأقصد القاعدة بالواضح , لماذا الذي يهدد مصالح الأجانب وهي مجرد مصالح يُدان ويحارَب و الذي يذبح اليمنيين ويقتلهم وينسف بيوتهم ويقتل نساءهم وأطفالهم يفسح له المجال و لا يدان ولا يحارب بل يتم البحث عنه وإرسال الوفود لاسترضائه ؟ السؤال هل الدم اليمني للسكان والمواطنين اليمنيين رخيص لدى هذه القوى والأطراف مقارنة بمصالح الأجانب إلى هذا الحد ؟، إننا لا نبرر عنف جماعة على أخرى ولكنني أريد توجيه رسالة صادقة و صريحة إلى الذين يحاربون الإرهاب في أبين و هم يدعمون الإرهاب في صعدة أنهم بهذا يدفعون بأبناء المناطق المذبوحة والمتضررة والمضطهدة من قبل جماعة الحوثي يدفعون بهؤلاء السكان الضحايا إلى أحضان إرهابٍ آخر شعروا بذلك أم لم يشعروا ، لأن السكان في صعدة وفي عمران وفي حجة وفي الجوف و غيرها عندما لا يجدون نظاماً محلياً يحميهم ولا نظاماً دولياً يحميهم، فإن جدارهم الأخير سيكون البحث عن جماعة أخرى وسيكون شعارهم قول أبي القاسم الشابي:
لا عَدلَ إلّا إنْ تعادلت القُوى * وَتصَادمَ الإرهابُ بالإرهابِ
• برأيك كيف سيكون مستقبل صعدة بعد الحوار ؟
-مرتبط بمستقبل اليمن و أؤكد لك أن صعدة ستعود، لكنها لن تعود على طبق من ذهب، بل بتضحيات غير يسيرة و سيستقر الوضع في اليمن، لكن ليس في الفترة المنظورة وسيتطلب ذلك تضحيات جسام خاصة أمام الجماعات التي لا تؤمن إلا بالعنف ولا تفهم إلا لغة القوة و مهما يقل لك المتكذّبون فلن تعود سيادةٌ ولا سيطرةٌ للدولة على صعدة إلا بالطريقة التي خرجت منها .
• أفهم من كلامك أنه لا بد من حرب في صعدة حتى تعود إلى أحضان الدولة ؟
-هذه ليست حرب هذه إسمها حملات عسكرية تستعيد بها الدولة وجودها و سيادتها على إقليمها ، الحرب تكون بين متكافئين , الحملة العسكرية إن حصلت فهي لقمع تمرّد ولتجريد عصابات تقتل الناس من سلاحها و إعادتها من وضع الميليشيات إلى وضع المواطَنة , لأن هذه العناصر اليوم نزعت عن نفسها صفة المواطَنة وأصبحت عناصر ناشطة في منظومةٍ عسكرية غير مشروعة.
• إذا لم يتم التعامل الجاد مع الميليشيات الحوثية هل سيصبح اليمن كالعراق؟
-لا لا أبداً , ليس بالضبط لأن الوضع الاجتماعي والقبلي وكذلك ثقافة المجتمع اليمني التي توجد لها وعليها فيها ثغرات ولكن تظل فيها مكامن قوة لا تتيح ولن تتيح لمثل هذا أن يحدث بإذن الله، هناك فرصةٌ واحدة فقط أمام إيران أن تُسقط تجربتها في العراق على اليمن في حالة أن تكون المليشيات الحوثية هي القوة الأكبر، و هذا لم يتحقق إلى الآن ولن يتحقق بإذن الله.
• الحوثي كقوة مسلحة هو نتاج النظام السابق , النظام الحالي لماذا لم يحرك ساكناً تجاه الحوثي ؟
-لا لا هذا التعبير ليس دقيقاً و لا أميناً، إن الحوثية نتاج النظام السابق ولكن النظام السابق تواطأ مع وجود إماميّ قام بإعادة نفسه وأننا نريد أن نكون منصفين بما يتطابق بالتحديد وبالتوصيف الدقيق مع ما هو حاصل في الواقع , النظام السابق لم ينتج الحوثيين ولكنه دعمهم وهيأ الأجواء لهم و زوّد عربتهم بالوقود ، أما الإمامة فهي متواجدة ومليشيات الإمامة متواجدة من قبل مئات السنين ذبحت اليمنيين , قال قائلهم قبل مئات السنين :
ولأضربن قبيلة بقبيلة * ولأملأن ديارهن نواحا
الأئمةُ ذبحوا اليمنيين على مدار تواجدهم في اليمن منذ أكثر من ألف عام، لكن ذلك لا يعفى النظام من مسئولية تهيئة الأجواء السياسية والعسكرية والأمنية والاجتماعية وتوفير المناخ الملائم لنمو هذه الجماعة وهو بذلك قد ارتكب خيانة وطنية عظمى إن تجاوزت عنها الأطراف السياسية، لأنها لا تؤمن بالسيادة اليمنية و لا بالنظام الجمهوري إلى الحد الذي تحاسبه عليه، فإن التاريخ لن يغفر له ولن يغفر له الشعب ولو بعد حين . القوى السياسية بما فيها المشترك و الثوار اليوم يتعاملون مع الحوثي بمستوى ليس بعيداً عن المستوى الذي تعامل به معه علي عبدالله صالح ولكنهم يقبل بعضهم على بعض يتلاومون عندما يجد أحدهم أن الحوثي أصبح حليفاً للآخر، بمعنى أن القوى السياسية الأخرى سواء الثوار أو المشترك لا يتذمرون من الحوثي إلا عندما يصبح حليفاً لعلي عبدالله صالح وعلي صالح لا يلوم الحوثي إلا عندما ينقل رجله الأخرى للتحالف مع هذه القوى وكلهم هنا يقومون بأعمال لا قيمية ولا وطنية ولا دستورية ولا قانونية لا بالقانون المحلي الخاص بنا ولا بالقانون الدولي العام .. التعامل مع جماعات الحوثي يعتبر مخالفة شرعية ودستورية بموجب القوانين النافذة عالمياً والقيم العالمية وبموجب القانون اليمني والدستور .
• لا أحد مثَّل صعدة في الحوار سوى الحوثي , هل هذا يعني أنه الممثل الوحيد لصعدة؟
-الحوار يعولون عليه كثيراً وفي الواقع فقد أصبح الحوار أو جعل منه من يسوق له كالزائدة الدودية في الجسم، حيث تقوم بامتصاص الالتهابات والسموم ولكنهم غير مدركين أن هذه الالتهابات والسموم إذا زادت عن المستوى المحتمل فقد تنفجر وتؤدي إلى الوفاة ، نعم لقد تم ترحيل كثير من القضايا إلى سلة الحوار حتى أصبح موضوع الحوار كسلة المهملات ، الحوار لن يكون نهاية المشكلة نحن نتمنى أن ينجح الحوار ولكننا نتخوف أن يكون بداية المشكلة ، فالحوثيون يستنزفون الحوار ويستنزفون العملية السياسية ويحولون معطياتها إلى ناتج عسكري يدشنونه لحظة الصفر , الحوثيون جماعة عسكرية وسيبدون وجههم الحقيقي حتى للأطراف المخدوعة بهم عند استحقاقات الحوار , أما بالنسبة لمشاركة أبناء صعدة في الحوار، فالقوى السياسية وقوى الداخل والخارج التي ترعى العملية الانتقالية لا تتعامل إلا مع الأقليات المسلحة ولا تتعامل مع الأغلبية المسالمة , بل يتم تهميشها و بناء الوفاقات السياسية مع جماعات العنف على حسابها ، و الذي نتحسب له أن يسمح لأبناء صعدة بالدخول إلى الحوار كطالب مستمع و هنا سيكون هذا بمثابة إعطاء شرعية أن أبناء صعدة حضروا ولكن لا صوت لهم وإن تكلموا فلا سماع وإن سُمع لهم فلا نتائج ولا قرار يتخذ بناءً على ما سُمع منهم والقضية في صعدة معروفة حتى من قبل الحوار .. جماعة إرهابية أسقطت المحافظة ولا تزال الدولة نفسها تضخ لها الميزانية لتمويل نشاطها الإرهابي، هل هذه قضية تحتاج إلى نابغة أو عبقري لفهما؟
• ألا تعتقد أن هذا سيوّلد احتقاناً سياسياً من جديد في الجماعة المسالمة والتي هي أكثرية ؟
-يوماً عن الأيام سينتفض السكان والمواطنون في صعدة وغير صعدة هناك فاقد فقط اليوم بهذا الخصوص يتمثل في ركون هذه الجماعات السكانية إلى قوى إما حزبية أو دينية تمثل قيادات المجتمع وهي التي لا تزال إلى اليوم تؤجل انفجار الوضع ضد الحوثي، لأن المواطنين يركنون إليها وهي ليست حيث يضعون ثقتهم .
• شعار إيران قتال أمريكا لماذا الحوثي التابع لإيران لا يسأل نفسه لماذا إيران لا تقاتل أمريكا أولاً ومن ثم هو ؟
- هذا السؤال وجهناه ونوجهه على سبيل الاستنكار وليس من أجل الحصول على جواب للإيرانيين الفارسيين والإيرانيين العرب بالتبعية . إيران التي تدشن حملةً أو حرباً كلامية متبادلة بينها وبين الإسرائيليين وبين الأمريكان هي ومليشياتها ومليشيات آل بيتها سواء آل بيت الحكيم أو آل بيت الصدر أو آل بيت بريمر أو آل بيت بوش في العراق، هؤلاء ليس بعيداً عن الذاكرة أنهم هم الذين حرسوا المجندين والمجندات الأمريكان والبريطانيين في العراق , السؤال يجب أن يوجه إلى من يسمون أنفسهم آل البيت في العراق و اليمن وغيرها . لماذا وأنتم تقولون إنكم منارات الإسلام سخرتم مناراتكم و حتى الفتاوى التي يتجاوب لها أنصاركم في تسليم سلاح صدام حسين الذي وزعه عليكم للبريطانيين ونحن نعلم أن صدام حسين وزع أكثر من سبعة ملايين قطعة سلاح على العراقيين هذا السلاح بفتوى من محمد باقر الحكيم الذي يعتبر من أهم المرجعيات الشيعية وكما يقال من آل البيت .. مسألة التلاعب بعواطف الجماهير أصبح أمراً واضحاً ولعلك تلاحظ كيف يقتل الإيرانيون أطفال سوريّة وهم يرتدون بِزة الأسد العسكرية.
• يتضح من كلامك أن الحوثي لا يقصد الموت لأمريكا أو إسرائيل وإنما لأبناء اليمن؟
-أخي الكريم هذه الشعارات من الحوثيين أو من غيرهم ولكنها من الحوثيين بالذات هي بمثابة أعلاف يلقونها لجماهيرهم ويضحكون بها على جماهيرهم وبالمناسبة هم يدخلون من المداخل النفسية للشعوب، فهم يعلمون أن هناك احتقاناً في النفسية الجمعية لشعبنا العربي ضد الإسرائيليين وضد الأمريكان، فيأتون من هذا المدخل النفسي ولكنهم في النهاية هم الذين يذبحون هذا المواطن الذي يصدقهم، يذبحونه بالوكالة عن الإسرائيليين والأمريكان ، هذا المدخل النفسي أسقطوه أو جربوه مع المعتصمين والشباب في الساحات، حيث كانوا يعلمون أن الشباب في الساحات يبغضون علي عبدالله صالح، فشتموا علي عبدالله صالح للنفوذ إلى نفسية الثوار وهاهم اليوم يتحالفون مع علي عبدالله صالح ويشتمون الأمريكان ويتحالفون مع الأمريكان ، وبعلمنا أن هناك تحالفاً و اتفاقاً أمنياً صرح عنه حتى حسن زيد كأحد المطلعين على اتفاق الدوحة أنه تم إعطاء الحوثيين دوراً أمنياً في ملاحقة القاعدة وتمّ أخذ جماعة من القاعدة في الجوف وتسليمهم عن طريق الحسام نائب مدير الأمن السياسي في صعدة الذي أخطفته القاعدة فيما بعد وكان رد القاعدة على الحوثيين تفجير موكب حوثي في الجوف قيل أن بدرالدين كان فيه .
• ما هي الكلمة التي توجهها إلى حكومة الوفاق وإلى اللجنة الفنية في مؤتمر الحوار؟
-اللجنة الفنية في لجنة الحوار لا أوجه إليها كلمة واحدة لكون ما صدر عنها إلى الآن يصب في مصلحة المتربصين بالنظام الجمهوري و بوحدة اليمن ،
أما حكومة الوفاق، التي هي في الواقع أقرب إلى كونها لجنة منها إلى حكومة، فنحن نطالبهم من قبل الحوار ومن بعد الحوار إن كانوا صادقين وإن كانوا يعرفون القوانين وإن كانوا يعرفون الدساتير وإن كانوا قرأوا عن السيادة في أيام دراستهم أن يكفوا عن ضخ الموازنة للجماعات والمليشيات الحوثية التي تستخدم هذه الموازنة في صناعة الألغام والتي ربما تطال الذين ضخوا الموازنة أنفسهم في المستقبل.