arpo28

رداع.. بؤرة صراع جديدة في اليمن

حذر يمنيون من توسع نطاق المواجهات الدامية التي انفجرت أخيرا في منطقة رداع الواقعة في محافظة البيضاء وسط اليمن ، بين قوات الجيش اليمني ومسلحين قبليين يعتقد أنهم من عناصر تنظيم القاعدة.

وسقط في المواجهات عشرات القتلى من الجنود والمسلحين القبليين، وشارك سلاح الطيران الحربي في قصف معاقل المسلحين بجنوب وشرق رداع وخصوصا منطقة المناسح، حيث أودت أربع غارات أمس بنحو 16 عنصرا من القاعدة، بينما شنّ المسلحون هجمات بسيارات مفخخة أودت بعشرات الجنود.

وبدأت المواجهات صباح الاثنين الماضي بين قوات الجيش ومسلحي القاعدة، وذلك في إطار حملة عسكرية تشترك فيها أربعة من ألوية الجيش اليمني، التي يشرف عليها مباشرة الرئيس عبد ربه منصور هادي، ويقودها قائد المنطقة العسكرية الوسطى اللواء محمد علي المقدشي.

فشل وسطاء
ويعتقد مراقبون أن الحرب اشتعلت بعد فشل وسطاء قبليين في إقناع مسلحي القاعدة -واثنين من قادتهم من عائلة الذهب- بتسليم أنفسهم إلى السلطات والإفراج عن ثلاثة رهائن، هم زوجان فنلنديان ورجل نمساوي يدرسون اللغة العربية في اليمن خطفوا من صنعاء في 21 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقال مسؤول يمني إنهم بيعوا لاحقا لأعضاء في تنظيم القاعدة ونقلوا إلى محافظة البيضاء.

وكانت مصادر محلية تحدثت عن قيام الطيران الحربي بقصف مرفق صحي بمنطقة المناسح كان يستخدمه المسلحون لتصنيع العبوات الناسفة والسيارات المفخخة، حيث سقط عشرات القتلى منهم، إلى جانب تدمير سيارتين مفخختين. فيما أشارت إلى فرار المئات من المسلحين إلى محافظة ذمار.

ويشكو أهالي منطقة رداع وخصوصا "قيفة" -التي ينتمي إليها عبد الرؤوف الذهب وشقيقه عبد الإله المتهمان بالارتباط بتنظيم القاعدة- من هجمات الطائرات الأميركية دون طيار التي زادت من استهداف "مشتبه بهم". ويقول الأهالي إن الهجمات تودي بحياة الأبرياء كما حدث في سبتمبر/أيلول الماضي حين سقط 11 مدنيا بينهم نساء وأطفال بقصف سيارة مدنية بالمنطقة.

وتعد مدينة رداع الأهم بمحافظة البيضاء، وتقع على بعد 170 كيلومترا جنوب العاصمة صنعاء، وكان مسلحو القاعدة بقيادة طارق الذهب -الذي قتل في صراع عائلي- قد دخلوا المدينة في يناير/كانون الثاني 2012 واستولوا على مسجد ومدرسة العامرية، وقلعة رداع الأثرية، وأخرجوا بوساطة قبلية عقب تلبية السلطات مطلبهم بإطلاق سراح شقيقه نبيل الذهب.

وأكد أحمد سعيد الذهب، من منطقة "قيفة" في رداع، في اتصال مع الجزيرة نت أن غياب العدالة والحرية والمساواة هو ما يدفع كثيرا من الناس إلى أعمال العنف والانضمام إلى الجماعات المسلحة، وقال الذهب إن المطلوب هو إيقاف هجمات الطائرات الأميركية دون طيار، وحفظ دماء وأرواح اليمنيين.

وقال إن ثمة أطرافا تريد أن تصبح رداع ساحة حرب جديدة مع مسلحي القاعدة، وأشار إلى أن المنطقة إستراتيجية لكونها تربط بين المحافظات الجنوبية والشمالية، وستصل نيران الحرب إلى محافظة ذمار جنوب العاصمة صنعاء، كما ستتحول إلى حرب قبلية.

مبادرة للحل
وأضاف الذهب أنه تقدم بمبادرة لحل مشكلة الصراع المتفجر حاليا، وأبرز بنودها: خروج المسلحين من منطقة رداع سواء كانوا يمنيين أو أجانب، مقابل رفع الطائرات الأميركية دون طيار من المنطقة وإيقاف هجماتها.

وثاني بنود المبادرة -بحسب الذهب- هو إصدار عفو من الدولة عن أبناء عمومته عبد الرؤوف الذهب وأشقائه المتهمين بارتباطهم بتنظيم القاعدة، مع ضمانات بعدم ملاحقتهم أو استهدافهم من قوات الأمن، في مقابل تعهدات بعدم مشاركتهم في أي عمليات أو قتال داخل اليمن.

من جانبه، قال المنسق القانوني لمنظمة الكرامة لحقوق الإنسان -ومقرها جنيف بسويسرا- محمد الأحمدي، في حديث للجزيرة نت إن قرارا أميركيا بمعاقبة قبائل قيفة بمنطقة رداع -وهم الذين آووا عناصر مسلحة من القاعدة- كان وراء شنِّ هذه الحملة العسكرية الكبيرة على المنطقة.

واعتبر أن "مآلات هذه الحرب لن تكون في صالح البلاد، فهي أثارت بؤرة صراع جديدة كانت اليمن في غنى غنها"، وأكد دخول البعد القبلي على الحرب الدائرة الآن في رداع بمحافظة البيضاء، مشيرا إلى أن كثيرا من المقاتلين القبليين ليس لهم علاقة بعناصر القاعدة، وإنما دخلوا المواجهات نصرة لإخوانهم القبائل ورفضا لضرب مناطقهم وتدمير قراهم ومنازلهم.

ويعتقد الأحمدي أن "ما يجري هو حرب عبثية، والجيش اليمني هو ضحية النظام السابق، والآن يتم إقحامه في دوامة صراع عسكري جديد، في إعادة لإنتاج السياسات السابقة لنظام صالح، التي أدخلت البلاد في أتون صراعات قبلية عديدة".

زر الذهاب إلى الأعلى