تزداد المعارك القتالية على بوابات دمشق الشمالية والجنوبية، محافظتي حمص ودرعا، حدة، إذ يسعى الجيش الحر لإحكام سيطرته على محافظة درعا تمهيدا للزحف نحو دمشق، بينما يتمسك نظام الرئيس بشار الأسد بمحافظة حمص، الواصلة بين العاصمة والساحل، بتدريب مزيد من الموالين له على حرب الشوارع.
ويبعد مركز مدينة درعا عن دمشق مسافة 100 كيلومتر، لكنه لا يبعد سوى 20 كيلومترا عن الحدود الأردنية، مما يجعلها أقصر الطرق لتوريد السلاح لدمشق، إن قرر الأردن إعطاء الضوء الأخضر لهذا الأمر.
ويصعب من مهمة التحصل على السلاح من جهة الأردن قرب درعا من محافظة القنيطرة، التي ما زال نظام الرئيس بشار الأسد يملك فيها مواقع عسكرية مهمة أبرزها مقر الفرقة 5 واللواء 61 والفرقة 9، وقربها أيضا من مرتفعات الجولان التي تحتل إسرائيل جزءا منها منذ عام 1967.
وخلافا لما تتناقله وسائل الإعلام، لا يسعى «الحر» لجعل المحافظة «منطقة عازلة»، بل جعلها «منطلقا» باتجاه الشمال نحو العاصمة. وبحسب العقيد المنشق عارف الحمود، حققت المعارضة السورية تقدما خلال الشهر الماضي في معارك درعا، إذ سيطر مقاتلو الجيش الحر على اللواء 38 والكتيبة 49 التابعين لسلاح الجو، وتمكنوا من تحرير جميع الحواجز حول مدينة داعل.
ويتفق الخبير العسكري اللبناني العميد المتقاعد نزار عبد القادر مع الحمود في ما يخص تحويل درعا إلى منطقة عازلة، مشيرا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المنطقة العازلة تعني إبعاد الخطر عن جهة ما والقتال في منطقة محايدة، وهذا لا ينطبق على الوضع في المدينة».
ويستند عبد القادر بتحليلاته على تقارير إعلامية تؤكد قيام وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) بإقامة معسكرات تدريب لمقاتلي المعارضة داخل الأراضي الأردنية، مشيرا إلى أن «هؤلاء المقاتلين يتم إعدادهم ليكونوا قوة ضاربة في الحشد العسكري الذي سيتم إعداده بدرعا كقاعدة للتوجه إلى دمشق».
وكانت تقارير بريطانية أشارت الأسبوع الماضي إلى قيام الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بالإشراف على عمليات تدريب لعناصر المعارضة السورية في الأردن، الأمر الذي نفاه الجيش الحر جملة وتفصيلا.
أما البوابة الشمالية لدمشق، محافظة حمص، فتبدو الأمور فيها أكثر تعقيدا، إذ تختلف عن درعا في تنوعها الطائفي والديني، بالإضافة إلى وقوعها على الطريق الواصل بين دمشق والساحل السوري، معقل طائفة الأسد.
وتقول التقارير الإعلامية إن مهمة «الحفاظ على الأمن» في حمص أوكلت لـ«جيش الدفاع الوطني»، وهو فصيل أنشأه نظام الأسد مطلع هذا العام بهدف دعم قواته المسلحة التي استنزفت بعد عامين من القتال والانشقاقات.
ويرسل النظام سوريين موالين له للتدريب على حرب العصابات في قاعدة سرية بإيران.
ويصف ناشطون برامج التدريب بأنها «سر علني» في المناطق الموالية للأسد بحمص. ووفقا لمدير المخابرات الإسرائيلية ودبلوماسي غربي، فقد دربت إيران حتى الآن 50 ألفا من أعضاء «جيش الدفاع الوطني»، وتسعى لأن يبلغ العدد ما يتجاوز 100 ألف.
ووفقا لما نقلته وكالة «رويترز» عن سامر، وهو مسيحي من الميليشيات الموالية للأسد التي تقاتل في المناطق الريفية بمحافظة حمص، فمدة «برنامج التدريب على القتال داخل المدن كانت 15 يوما، وهو نفس البرنامج الذي يخضع له مقاتلو حزب الله اللبناني عادة».
ويضيف سامر أن «المدربين الإيرانيين يؤكدون على أن الحرب ليست ضد السنة بل من أجل سوريا، ولكن العلويين المشاركين في برنامج التدريب كرروا أنهم يريدون قتل السنة واغتصاب نسائهم».
يشار إلى أن إيران تعتبر «المعركة في سوريا» معركة ستحدد مصير نفوذها في المنطقة، ولا سيما أن سوريا كانت حتى الأمس القريب همزة الوصل مع حزب الله اللبناني.