مع دخول جلسات الحوار اليمني المرحلة الثانية وهي مرحلة مهمة تتضمن جملة من القرارات ومشاريع لمواد الدستور القادم واستعراض تقارير الفرق التسع المنبثقة عن المؤتمر، تسود حالة من القلق والمخاوف في الأوساط اليمنية من محاولات تقويض العملية السياسية الجارية في البلاد.
ومما يعزز هذه المخاوف تصاعد أعمال العنف واستهداف أنابيب النفط وخطوط الكهرباء، بموازاة الجدل الواسع بين الحكومة وجماعة الحوثي التي هددت بالانسحاب من مؤتمر الحوار بعد مقتل نحو عشرة من أنصارها في محاولة متظاهرين اقتحام مبنى جهاز الأمن القومي (المخابرات) قبل عدة أيام.
ويربط محللون ومراقبون بين تصاعد العنف وتقدم مؤتمر الحوار الوطني المنعقد في العاصمة صنعاء إلى المرحلة الثانية التي توصف بأنها حساسة وحاسمة يعول عليها في حل الكثير من القضايا العالقة، كالقضية الجنوبية وقضية صعدة.
وقال راجح بادي -المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء اليمني محمد سالم باسندوة- للجزيرة نت إن هناك قوى متحالفة بعضها مشارك في مؤتمر الحوار "تسعى لإفشاله كلما شعرت بأنه يتقدم نحو تحقيق أهدافه في رسم معالم الدولة الجديدة".
وأشار إلى أن تلك القوى مستفيدة من بقاء شكل الدولة والنظام الحالي وتشعر بخطر التغيير، وكلما مضى الحوار بخطوات حثيثة زادت ضراوة محاولاتها إفشاله وعرقلة سيره.
وأضاف "الكثير من هذه القوى كانت في الأساس تراهن منذ البداية على عدم انعقاد مؤتمر الحوار أو على فشله وهي الآن في حالة ذهول من استمراره وتسعى بكل الوسائل لإفشاله".
محاولات تقويض
من جهته أشار المحلل السياسي والقيادي في اللقاء المشترك محمد يحيى الصبري إلى وجود قلق كبير من تقويض العملية السياسية بسبب الأداء الرخو لمن يديرون المرحلة الانتقالية ويشاركون فيها، إضافة إلى تحديات بقايا النظام السابق ومشاريع الموت في اليمن.
وقال في حديث للجزيرة نت إن "خمائر العنف تتوسع في البلاد والخروج من حالة الخوف التي يعيشها الشعب اليمنى أصبحت تتطلب من الرئيس والحكومة وشركاء التسوية السياسة في البلاد وضع برامج تحدد الأولويات الوطنية".
وكان مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر قد حذر من محاولات تقويض العملية السياسية التي قال إنها تسير إلى الأمام، وقال في تقريره إلى مجلس الأمن الدولي الثلاثاء الماضي إن هناك أطرافا تعمل على خلق أزمات وتنفيذ عمليات إرهابية فضلا عن تهريب السلاح إلى اليمن.
وأشار إلى أن حكومة الوفاق الوطني تواجه تحديات كبيرة، في مقدمتها الوضع الأمني الذي قال إنه لا يزال هشاً في أنحاء عدة من البلاد، منبها إلى ارتفاع عدد الاغتيالات التي تستهدف كبار القادة الأمنيين واستمرار الانقسامات العميقة داخل فرق العمل بمؤتمر الحوار الوطني، كفريقي صعدة والقضية الجنوبية.
وقال إن فصائل سياسية رئيسة لا تزال مسلحة وتواصل التسلح رغم مشاركتها في العملية السياسية، مما يخلق ظروفاً لمزيد من العنف وعدم الاستقرار.
إرباك سياسي
غير أن الأمين العام لمؤتمر الحوار الوطني الدكتور أحمد عوض بن مبارك قلل من شأن تلك المخاوف، وقال "ليست هناك مخاوف حقيقية من عرقلة العملية السياسية وما يجري من مشاكل أمنية هدفه إرباك النشاط السياسي العام".
وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن تقرير بن عمر أكد بوضوح أنه لا مجال للتراجع عن العملية السياسية، وأن مجلس الأمن والمجتمع الدولي يتابع عن كثب مجريات العملية السياسية وهو حريص على إنجاحها ولن يسمح لأي طرف بعرقلتها ولا تقويضها.
وقال إن "التقرير أرسل رسالات واضحة لكل الأطراف التي تريد أن تستوعب حقيقة التغيير والتي ما زالت تعتقد أن بإمكانها من خلال العمليات الخارجة عن القانون أن تقوض العملية السياسية".
وردا على سؤال للجزيرة نت بشأن ما ورد في تقرير بن عمر عن الخلاف داخل فريق لجنة القضية الجنوبية ولجنة صعدة، قال بن مبارك إن التقرير لم يشر إلى خلاف، بل إلى قضايا عالقة بحاجة إلى مزيد من التنازلات من مختلف الأطراف".
وأضاف "ليس هناك إشكال في هاتين القضيتين داخل مؤتمر الحوار، ولكن في الميدان هناك تحديات كبيرة توجب حلها خصوصا فيما يتعلق بالقضية الجنوبية. وسيكون من الصعب الحديث عن الحل ما لم تتم معالجة تلك التحديات".
من جهته لا يستبعد ياسر الرعيني نائب الأمين العام لمؤتمر الحوار الوطني الشامل باليمن- حدوث بعض الإرهاصات مع دخول مؤتمر الحوار الجلسة الثانية وهي أولى محطات اتخاذ القرار النهائي في الحوار".
وقال في حديث للجزيرة نت "أعتقد أن الجلسة العامة الثانية التي ستناقش وتتخذ قرارات نهائية ستكون حساسة جدا وستعكس مصداقية المكونات السياسية وحرصها على المشاركة بفعالية والتصويت على القرارات.