انتهى فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بالقاهرة والجيزة الأربعاء 14 أغسطس بحمام دم حيث قتل المئات من مؤيدي الرئيس المصري المعزول محمد مرسي وجرح آلاف آخرون برصاص الجيش والأمن. وفجر القمع الدامي للاعتصامين موجة عنف بمحافظات أخرى قتل فيها العشرات, الأمر الذي أثار مخاوف انتشار حالة فلتان أمني بالبلاد.
وأعلنت وزارة الداخلية مساء الاربعاء أن قواتها سيطرت بالكامل على ميدان رابعة العدوية بعد فض اعتصام ميدان النهضة بالجيزة صباحا "بطريقة حرفية" على حد تعبيرها.
وقال القيادي بحزب الحرية والعدالة محمد البلتاجي إن ما لا يقل عن ثلاثمائة من المعتصمين في رابعة قتلوا بينهم ابنته، بينما أصيب آلاف آخرون, في حين قالت وكالة الأنباء الفرنسية إن ما لا يقل عن 124 شخصا قتلوا في ميدان النهضة.
من جهته, قال التحالف الوطني لدعم الشرعية إنه تم إحصاء 2600 قتيل في رابعة العدوية, وأكد حرق قوات الأمن المشفى الميداني مساء اليوم.
بينما قالت الحكومة على لسان رئيس الوزراء ووزارة الصحة إن عدد قتلى أحداث اليوم بمختلف محافظات مصر لم يزد على 149 قتيلا.
وفي الوقت نفسه, تجري حملة اعتقالات شملت في ساعات مئات من مؤيدي مرسي بالقاهرة والمحافظات الأخرى وفقا لمدير مكتب الجزيرة عبد الفتاح فايد.
وأعلن التلفزيون الرسمي مساء اليوم أن الأمن اعتقل ثمانية من قادة جماعة الإخوان المسلمين بينهم القياديان بحزب الحرية والعدالة عصام العريان ومحمد البلتاجي, بالإضافة إلى الداعية صفوت حجازي, وعبد الرحمن البر الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين.
لكن العريان نفى في تغريدة أن يكون اعتقل هو أو البلتاجي، كما نفى وزير الداخلية محمد إبراهيم اعتقالهما. وقبل هذا كانت قوات الأمن حرقت المشفى الميداني بينما كانت جثث عدد من القتلى ما تزال في الخيام, كما حرقت المنصة.
حمام دم
وقبل ساعات من الإعلان للمرة الثانية خلال ساعات عن اعتقاله, كان البلتاجي قد قال إن قناصة بدؤوا منذ صباح اليوم إطلاق النار على المعتصمين في رابعة العدوية من على المباني العسكرية المحيطة بالميدان.
وأكد أن القناصة أطلقوا الرصاص على المعتصمين في رؤوسهم وصدورهم. ووصف ما حدث بالإبادة الجماعية, في حين قال مدير مكتب الجزيرة بالقاهرة إن من بين القتلى ابنة أحمد عبد العزيز مستشار الرئيس المعزول.
وغير بعيد عن ميدان النهضة, قتل ما لا يقل عن أربعة أشخاص في إطلاق نار على مؤيدين لمرسي بعد لجوؤهم إلى كلية الهندسة وفق ما قال أحد المحاصرين وأستاذ بجامعة القاهرة للجزيرة. وقد تمكن المحاصرون من الخروج من الكلية مساء اليوم بعدما وجهوا قبل ذلك نداءات استغاثة.
وكانت قوات أمنية وعسكرية هاجمت اعتصام مؤيدي مرسي في ميدان النهضة بالجيزة مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 124 شخصا وفق حصيلة لفرانس برس. وقتل خلال الهجوم مصور تلفزيون سكاي نيوز البريطاني وفق ما أكدته الشبكة, بينما أصيبت مصورة تعمل لحساب رويترز.
وبعد مقتل وإصابة المئات في ميدان النهضة، حاول مؤيدو مرسي الاعتصام في ميدان مصطفى محمود بالجيزة بحضور الداعيين محمد حسان ومحمد يعقوب، بيد أنهم ووجهوا بإطلاق الرصاص وقنابل الغاز. وقال طبيب بالمستشفى الميداني إن المستشفى استقبل ما يقرب من أربعين جثة، فضلا عن المصابين.
من جهته, قال الصحفي بجريدة الحرية والعدالة معتز ودنان للجزيرة إن أعداد القتلى في مصطفى محمود ربما تصل إلى ثمانين.
وكان مراسل الجزيرة بميدان النهضة نقل في وقت سابق اليوم عن شهود أن بعض مروحيات عسكرية أطلقت الرصاص على المعتصمين بالميدان. كما تحدث عن عشرات الجرحى بطلقات الخرطوش وحالات اختناق من قنابل الغاز.
وأعلن وزير الداخلية محمد إبراهيم مساء اليوم أن 43 شرطيا بينهم 18 ضابطا قتلوا بالأحداث الدامية التي بدأت صباحا, مشيرا كذلك إلى مقتل 149 مدنيا, وهي الحصيلة ذاتها التي أعلنتها وزارة الصحة. كما تحدث إبراهيم عن ضبط أسلحة لدى مؤيدي مرسي داخل مقري الاعتصام وخارجهما.
وكان اقتحام ميداني رابعة والنهضة قد بدأ صباحا بصورة مباغتة بعد تطويقهما وسد جل منافذهما لإنهاء الاعتصامين المستمرين فيهما منذ أكثر من ستة أسابيع للمطالبة بعودة مرسي.
حريق ينتشر
وقد امتدت الاضطرابات من القاهرة والجيزة إلى عديد المحافظات حيث اندلعت احتجاجات واسعة تطورت إلى صدامات دامية بين الأمن ومؤيدي مرسي, قتل فيها العشرات.
واندلعت احتجاجات واشتباكات بالإسكندرية والفيوم والسويس والإسماعيلية وأسيوط والمنيا وبني سويف والعريش, وتم خلالها حرق عدد من مقار الشرطة وآليات للجيش والأمن وفق مصادر متطابقة.
وقال مدير مكتب الجزيرة إن الاضطرابات امتدت كذلك إلى مدينة شرم الشيخ السياحية.
وتابع أنه تقرر حظر التجوال في شرم الشيخ ومدن أخرى بمحافظة جنوب سيناء عقب احتجاجات لمؤيدي مرسي. وتابع أن مصر في حالة فلتان, وأن الوضع يكاد يبلغ مرحلة الاحتراب في ظل الصدامات الدامية التي توسعت اليوم إلى جل المحافظات.
وأعلنت مصادر طبية وأمنية أن عشرة أشخاص قتلوا وأصيب نحو 150 آخرين في اشتباكات بين محتجين والشرطة بالإسكندرية.
وشهدت المدينة احتجاجات حاشدة تم خلالها حرق مدرعات للجيش والشرطة تنديدا بقتل المعتصمين بالقاهرة والجيزة, بينما قال الصحفي محمد سعيد للجزيرة إن مؤيدي مرسي قرروا الاعتصام في ساحة سموحة.
وفي المنيا, قتل ما لا يقل عن 41 شخصا في اشتباكات بين محتجين والشرطة, كما قتل 35 بالفيوم و15 بالإسماعيلية في ظروف مشابهة. وقتل أيضا خمسة بالسويس, وسقط أيضا قتلى بالزقازيق بالشرقية.
وشملت الصدامات أيضا أسيوط وبني سويف حيث أحرقت مقار أمنية وإدارية, في حين سيطر مسلحون بالعريش على مقر المجلس المحلي. وتحدثت تقارير عن حرق كنائس ودور مسيحية بمحافظات المنيا وسوهاج وأسيوط والسويس. من جهته, قال التلفزيون الرسمي إن مؤيدين لمرسي قتلوا أربعة من الشرطة بمركز أمني بالقاهرة.
وفي ظل موجة الاضطرابات هذه, دعا تحالف دعم الشرعية المصريين إلى التظاهر السلمي في كل المحافظات حتى إنهاء ما سماه الانقلاب العسكري.