تعمل السعودية على تقوية تحالفاتها الغربية سياسيا وعسكريا واستخباراتيا، بالتزامن مع تحولها لقائد فعلي لمجموعة دول عربية، لتتخذ خطوات سريعة ضمن إستراتيجية بعيدة المدى تستطيع من خلالها إدارة الصراعات الإقليمية التي تجتاح المنطقة.
وبينما ينهمك المسؤولون السعوديون وعلى رأسهم الملك سلمان بن عبدالعزيز، باستقبال زعماء ومسؤولين عرب توافدوا على المملكة خلال الأيام القليلة الماضية، لمعرفة تصور المملكة النهائي لما يجب فعله، أرسلت الرياض واحداً من أكبر وأهم مسؤوليها إلى الحليف البريطاني القديم.
وتأمل دول الخليج العربي ومصر والأردن، والتي زار كبار قادتها ومسؤوليها الرياض في الأيام الماضية، أو يستعد عدد منهم لذلك، أن تنجح السعودية ذات الثقل السياسي والعسكري والاقتصادي الكبير، بقيادة حلفائها نحو بر الأمان وإنهاء الفوضى التي تجتاح المنطقة.
الحلفاء القدامى
لم يتم تسريب كثير من تفاصيل زيارة ولي ولي العهد، الأمير محمد بن نايف، إلى العاصمة البريطانية لندن، التي بدأت الثلاثاء، وانتهت الخميس، وهو أمر متوقع في علاقة البلدين التاريخية التي نادراً ما يبوح الطرفان بأسرارها، باستثناء بعض صفقات السلاح العملاقة التي تكشفها تفاصيلها المادية الهائلة.
وتتحدث وسائل الإعلام السعودية والبريطانية عن عدة ملفات جرى بحثها خلال الزيارة بشكل عام، وبينها مكافحة الإرهاب، والتطورات في اليمن وسوريا وليبيا، إضافة لتعزيز العلاقات التجارية والثقافية والتعليمية بين البلدين والتي تضرب جذورها بعيداً في التاريخ.
لكن الوفد السعودي المرافق للأمير محمد الذي يشغل أيضاً منصبي وزير الداخلية، ورئيس مجلس الشؤون السياسية والأمنية، يكشف بعضاً مما تخطط له السعودية مع حليفها البريطاني، لاسيما اصطحابه لوزير الثقافة والإعلام عادل الطريفي ووزير الدولة للشؤون الخارجية نزار مدني ورئيس الاستخبارات العامة خالد الحميدان و رئيس هيئة الأركان العامة الفريق أول ركن عبد الرحمن البنيان .
سياسة جديدة
يقول مراقبون للسياسة السعودية، إن المملكة في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، تعتمد على سياسة المبادرة واستباق الأحداث، بدل انتظار وقوعها، ويستندون في ذلك إلى النشاط الداخلي والدبلوماسي والعسكري والاستخباراتي الذي تعيشه الرياض.
فخلال أقل من شهرين على تولي الملك سلمان لعرش المملكة، أجرى تغييرات جوهرية في المناصب الداخلية، وضخ مبالغ مالية كبيرة لينتهي من رسم الخطوط الرئيسية للحياة الداخلية في المملكة، بتفاصيلها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية.
وعلى الصعيد الخارجي، نجحت السياسة السعودية بشكل مذهل في تغيير الصورة باليمن المجاور لمصلحتها، وأعادت الشرعية للرئيس عبدربه منصور هادي، بالتزامن مع نشاط مماثل في عدة دول مضطربة، وتستعد الرياض الشهر المقبل للمشاركة في مؤتمر اقتصادي يتوقع أن يساعد مصر على تجاوز الصعوبات التي تعترض استقرارها.
إعادة رسم المشهد
ويرى المراقبون، أن المملكة القوية، التي يقف خلفها حلفاء عرب يتزايدون يومياً، ومن المرجح أن تنضم تركيا إليهم خلال الفترة المقبلة، تريد أيضاً أن تعزز علاقاتها مع حلفائها القدامى الذين يقفون إلى جانبها وليس خلفها في مواجهة تريد السعودية أن تكون حاسمة وتضع حداً للفوضى المحيطة.
ويجري الحديث بالفعل، عن تحرك جديد لتغيير دفة الصراع في الدول المضطربة بالمنطقة لصالح السعودية وحلفائها، عبر عدة سيناريوهات تحمل الكثير من مؤشرات الجدية لنجاحها، ومن بينها البحث في تشكيل قوة تدخل عربية، قوامها 40 ألف مقاتل وتضم في مرحلتها الأولى الإمارات ومصر والأردن.
ويرد اسم المملكة العربية السعودية، في كل التحليلات السياسية والتقارير الإعلامية ودراسات مراكز الأبحاث، عند حديثها عن حل للصراعات الجارية في المنطقة، من اليمن والعراق شرقا، وحتى ليبيا في الغرب، مروراً بسوريا ومصر.