قبل سبتمبر/أيلول الماضي كان اليمن من أكثر بلدان العالم حيازة للسلاح الفردي.ويذكر تقرير منسوب إلى وزارة الداخلية اليمنية في حينه أنّ معدل امتلاك اليمنيين للسلاح وصل إلى 3 قطع لكلّ مواطن.
هذا المعدل تغير، وتضاعف في الأشهر القليلة الماضية بفعل المواجهات المسلحة في المناطق والمحافظات، بالاضافة إلى اقتحام ونهب المعسكرات التابعة لوزارة الدفاع من قبل جماعات مسلحة، والسماح بدخول المدن والتجول فيها بالسلاح.
وتكتظ أغلب المدن والأرياف اليمنية بشوارعها وأسواقها بالرجال المسلحين، بعد أن كانت هذه المظاهر تقتصر على بعض المناطق الريفية، وأسواق السلاح المعروفة مثل سوق حجانة (30 كلم شرق صنعاء)، وسوق السوادية في محافظة البيضاء، وسوق الطلح في صعدة، وسوق أرحب شمال العاصمة.
من جهته، لا يفارق السلاح الفردي المواطن محمد عبد الكريم منذ فترة. يقول: "منذ بدأت الحرب، والكلاشنكوف لا يفارق كتفي، فالحرب ساعدت في تردي الأوضاع الأمنية، ولذا علينا الحفاظ على أمن الحي الذي أسكنه". وعما إذا كان في السابق يحمل السلاح، يؤكد أنه طالب جامعي، ويؤمن بأن ظاهرة حمل السلاح ظاهرة سلبية على المجتمع، لكنه اضطر إلى ذلك أخيراً لمشاركة "أهل الحي حماية المنازل من عصابات السطو".
في المقابل، يعتقد الحوثيون (أنصار الله) أنّ السلاح جزء من مكونات الشخصية المجاهدة. وهو الأمر الذي جعل أغلب المؤيدين للفكر الحوثي يحملون السلاح مثل المسدسات والرشاشات، والذخائر، والقنابل. وأدى إلى انتشار ظاهرة حمل السلاح بعد سيطرتهم على العاصمة وبقية المحافظات اليمنية. يفسر الحوثيون دوافعهم لحمل السلاح بشكل مستمر، بضرورة التأهب للحرب ومواجهة الأعداء الخارجيين أو عملائهم دخل اليمن.
من هؤلاء عبد الله غانم الذي يلقب نفسه ب "أبو الكرار". يقول ل "العربي الجديد" وهو يضرب بأصابع يده مراراً على بندقيته: "لا يمكن أن نتخلى عن أسلحتنا، لأننا معرضون للمخاطر، ونواجه عملاء وخونة الداخل وأعداء الخارج". ويلفت إلى أنه يحرص على تعليم طفله الوحيد ثقافة السلاح، وأهمية جعله الرفيق الأهم في حياته للانتصار للدين والأرض.
من جانبه، يؤكد الشرطي حسين الذماري ل "العربي الجديد" أنّ السلاح انتشر بشكل كبير خلال الأشهر القليلة الماضية. مشيراً إلى أنه كشرطي كان يقوم في السابق بتفتيش السيارات في صنعاء بحثا عن السلاح، عكس اليوم، لأنّ السلاح في كل مكان. ويضيف: "في السابق، كان المواطنون يخفون أسلحتهم، لأننا نصادرها منهم، لكن السلاح اليوم يوحي بأنّك تتبع جماعات مسلحة، فمن سيوقفهم؟!".
بدوره، يرجع مصدر مسؤول في وزارة الداخلية، فضل عدم ذكر اسمه، أسباب الانتشار الكبير للسلاح بعد سقوط العاصمة وعدد من المدن في يد الحوثيين، إلى نهب واسع للأسلحة الخفيفة والمتوسطة من المعسكرات في صنعاء وعدن من قبل المواطنين والمليشيات المسلحة.
ويقول ل "العربي الجديد": "جماعة الحوثي تحت مسمى اللجان الشعبية، وقوات الجيش والمقاومة التابعة للرئيس عبد ربه منصور هادي، وزعوا الأسلحة لأنصارهم في محافظات مختلفة من أجل القتال". ويلفت إلى أنّ هذا الأمر وضع جزءاً كبيراً من سلاح الدولة في يد المدنيين.
من جهة أخرى، تتفاوت أسعار قطع السلاح بحسب الحجم والنوعية وبلد التصنيع. لكن سلاح الكلاشنكوف الروسي هو المفضل لدى اليمنيين. ويتجاوز سعره ألف دولار أميركي أحياناً.
يشار إلى أنّ القانون اليمني يعطي الحق للمواطن بحيازة الأسلحة النارية الشخصية، وقد حصرها عام 1992 بالبنادق الآلية والمسدسات وبنادق الصيد مع كمية من الذخائر. ومع ذلك، بدأ نقاش عام 2002 حول قانون جديد يهدف إلى تنظيم حمل وحيازة الأسلحة، لكنّه لم يبصر النور بعد بسبب اختلاف المشرعين.