تشهد "مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية اليمنية" وفروعها في المحافظات إقبالاً شديداً من جانب المواطنين على استخراج جوازات سفر مع تزايد حركة الهجرة بسبب الحرب وسماح بعض الدول للعاملين اليمنيين فيها باستقدام عائلاتهم للانضمام إليهم. وهو الأمر الذي ينذر بنفاد الكمية المتوفرة لدى المصلحة من الجوازات المستوردة.
ويرجح مصدر في المصلحة أسباب الإقبال الكبير هذا في أنّ الكثير من العائلات الميسورة ورجال الأعمال يريدون الهرب من الحرب. كما يحذّر المصدر في المصلحة التابعة لوزارة الداخلية لـ"العربي الجديد" من أنّ "الكميات المتبقية من أوراق الجوازات لن تصمد لأكثر من شهر، وستنتهي وتتوقف عملية إصدار الجوازات نهائيا، وخصوصاً أنّ المصلحة لن تتمكن من استيراد المزيد بسبب ظروف الحرب".
ويضيف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنّ المصلحة نفذت حزمة من الحلول والإجراءات بهدف تسهيل معاملات المواطنين، على رأسها إضافة الأبناء حتى سن 14 عاماً في جواز سفر الأم أو الأب حتى وإن وصل عددهم إلى خمسة أطفال. كما يشير إلى أنّ العمل جار اليوم على عدم استبدال الجوازات المنتهية الصلاحية، فالمصلحة تلصق أوراقاً إضافية رسمية عليها تسمح باستمرار صلاحية الجواز لسنتين إضافيتين. ويلفت إلى أنّ معظم دول العالم تقبل بمثل هذا الإجراء وتسمح لليمني بالتنقل بهذا الجواز المعدّل.
ويوضح أنّ اليمن يستورد هذه الجوازات من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ويطبعها هناك. لكن الأحداث الأخيرة تحول دون استيراد كميات جديدة منذ فترة.
كما يؤكد أنّ الكثير من رجال الأعمال والتجار والمغتربين يعملون على استخراج جوازات سفر لهم ولعائلاتهم. وهذا ما يجعل عدداً من العاملين في المصلحة وفروعها يمارسون عمليات فساد واسعة، فقد وصل سعر جواز السفر إلى أكثر من 50 ألف ريال يمني (232 دولاراً أميركياً) في حين أن سعره الرسمي لا يتجاوز الـ4500 ريال (20 دولاراً).
من جانبها، تقول المواطنة أم سليم الريمي إنّها تراجع المصلحة منذ أسبوع بهدف استخراج جواز سفر لها ولأبنائها الثلاثة للحاق بزوجها في السعودية بعد سماح الأخيرة للمغتربين اليمنيين باستقدام أسرهم للإقامة معهم. وتشير إلى أنّ المصلحة مكتظة بالمراجعين والازدحام الشديد يعقد من عملية استخراج الجوازات. وتضيف لـ"العربي الجديد": "دفعت أضعاف المبلغ المخصص لاستخراج الجواز، وإلا ما كنت سأحصل عليه في ظل الازدحام والطلب المتزايد".
[b]الأردن وماليزيا فقط[/b]
وفي سياق متصل، يقف آلاف اليمنيين في طوابير طويلة أمام مكاتب شركة الخطوط الجوية اليمنية باعتبارها شركة الطيران الوحيدة العاملة حالياً، والتي تنظم السفر من اليمن وإليها.
ويؤكد أحد العاملين في الشركة أنها لم تعمل أو تستقبل زبائن بهذا الكم من قبل، رغم ارتفاع أسعار تذاكر السفر الحالية إلى مستويات عالية. ويشير إلى أنّ هذا الازدحام ناجم عن عدم وجود شركات طيران أخرى تعمل حالياً في اليمن، بالإضافة إلى توفر ثلاث طائرات فقط للخطوط الجوية اليمنية.
وتقتصر رحلات الشركة إلى دولتين فقط هما الأردن وماليزيا، علماً أنّ الشركة لم يسبق لها إجراء رحلات يومية إلى عمان وكوالالمبور طوال تاريخها.
وتفرض الشركة مبالغ تأمين على المسافرين، بالإضافة إلى أسعارها المرتفعة والتي وصلت إلى مستويات قياسية بحسب شهادات مواطنين. ويتوجب على كلّ مسافر وضع مبلغ 300 دولار أميركي كتأمين يسترجعه لاحقاً. وترجع الشركة أسباب ذلك إلى أن شركات التأمين ضاعفت المبالغ المطلوبة من الشركة بسبب مخاطر الحرب في اليمن.
وفي هذا الإطار، يحرص المواطن عبد الواسع الأهجري على السفر جواً إلى العاصمة الأردنية عمان بالرغم من الأسعار المرتفعة التي تفرضها شركة الطيران مقابل هذه الرحلة. ويؤكد الأهجري أنّ السفر بالطائرة أكثر أماناً من السفر براً إلى احدى الدول المجاورة ومن ثم الذهاب إلى الأردن. ويفسر: "الوضع الأمني غير مستقر، وتسيطر الحركات المسلحة على أجزاء واسعة من اليمن.
كما أنّ رحلة المرور عبر المحافظات وصولا إلى الحدود السعودية غير آمنة، وتبقى فرصة سفري أنا وأسرتي عبر البرّ صعبة وخطرة، ولا أفضل مثل هذه التجربة".