قضت الحرب في اليمن على ما تبقى من المساحات الخضراء، والتي تميز بعض الحدائق والمنتزهات الوطنية، والتي طالما اعتبرها السكان ملجأ لهم ولأطفالهم في العطل والمناسبات.
وبدأ وجود تلك المساحات الخضراء في العاصمة صنعاء بالاندثار بشكل عام، بسبب جفاف أغلب الآبار المائية الموجودة فيها، بالإضافة إلى عدم اهتمام الجهات الرسمية بزراعة وتشجير شوارع وأحياء العاصمة خلال السنتين الماضيتين.
ويحرص خليل البنا، والذي يسكن في حي حده جنوب العاصمة، على ترفيه أفراد أسرته، وسط صنعاء، لكنه لاحظ أن "الحدائق أصبحت مهملة وتعاني الجفاف وندرة العشب فيها، ما يجعلها أشبه بصحراء مقفرة، فضلاً عن انعدام الألعاب". ولفت إلى أنه كان يجد في المساحات العشبية مكاناً لتناول الغداء وللهو ولعب أطفاله، مشيراً إلى أن أغلب الأسر التي كانت تحرص على زيارة هذه المنتزهات والمسطحات الخضراء بدأت بهجران هذه المناطق.
من ناحيته، أعرب المذيع التلفزيوني ريدان المقدّم عن مفاجأته بزوال المساحات الخضراء في العاصمة، بعدما كلّفه التلفزيون بإخراج عمل يتضمن "تصوير رقصات شعبية على مسطحات خضراء"، إذ لم يجد مبتغاه لندرة مثل هذه المواقع. ويقول لـ"العربي الجديد": "فوجئت بعد ثلاثة أيام من البحث المتواصل بأن جميع الحدائق قد أصابها التصحر، وطغى اللون الأصفر عليها"، مؤكداً زيارته لكل من حديقة السبعين، وحديقة فن سيتي، و14 أكتوبر، والثورة، وحديقة النهضة ومنتزه كنتاكي، لكنه لم يجد إلا اللون الأصفر، ومشيراً إلى أن إداراتها ترجع السبب لشح المياه. يضيف "زرت بعدها حدائق القصور الخاصة للبحث عن موقع للتصوير في العاصمة، إلا أن التصحر قد نال منها أيضاً".
من جانبه، يفسر المدير العام للحدائق والمتنزهات في أمانة العاصمة حسين الروضي مشكلة جفاف المسطحات الخضراء في العاصمة إلى جملة من الأسباب، أهمها "عدم قدرة الجهات المعنية على توفير المياه"، مشيراً إلى أن الأعشاب الخاصة بالحدائق والمنتزهات "تحتاج إلى مياه بكميات كبيرة لريها وضمان استمراريتها".
ولفت إلى أنه "من المفترض أن تكون كمية الديزل/ السولار الخاصة بحدائق ومنزهات العاصمة في حدود سبعين ألف لتر للأشهر السبعة الماضية، ليتم استخدامها في نقل صهاريج المياه وضخها إلى مناطق مختلفة، لكن لم يتم صرف إلا القدر القليل من هذه الكمية، ما سبب توقف عملية ضخ ونقل المياه لسقاية الحدائق والمنتزهات".
وعن عقود الإدارة العامة للحدائق مع ملاك المضخات والآبار، يقول الروضي إنهم رفضوا إبرام أي عقود جديدة مع إدارة الحدائق التابعة لأمانة العاصمة، نظراً لتجربتهم السابقة معنا، إذ نتأخر في صرف قيمة المياه التي تم شراؤها بالآجل، ولهذا يطالبوننا بالسداد مقدماً، وهذا ما نعجز عن فعله". يضيف "أحياناً يكون لدى بعض الحدائق والمنتزهات مياه متوفرة في خزاناتها الأرضية، لكنها تعجز عن رفعها وضخها لسقاية العشب والأشجار لعدم توفر التيار الكهربائي منذ أشهر طويلة".
يختتم الروضي بالإشارة إلى عدم توفير وزارة المالية الموازنة الخاصة بالإدارة العامة للحدائق والمنتزهات، ما يعيق الإجراءات والأعمال الخاصة بهذه المرافق. يذكر أن أمانة العاصمة عملت على تزيين وتشجير حدائق ومنتزهات العاصمة صنعاء خلال عام 2012، فقد تم تزيين وتشجير 50 حديقة ومنتزهاً بـ89096 شجرة وشجيرة وزهرة متنوعة.