"لا تقبروناش"... كررها الطفل اليمني فريد شوقي (5 سنوات) مراراً مخاطباً الأطباء قبل أن يعجزوا عن إنقاذ حياته من الموت الناتج من شظية أصابت رأسه وهو يلعب أمام منزله بمدينة تعز (وسط) في 13 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وظهر فريد عبر مقطع فيديو وهو يتوسل الأطباء في المستشفى بلهجته العامية "لا تقبروناش..لا تقبروناش" (لا تدفنوني تحت الأرض)، ليكون ذلك سبباً في تعاطف اليمنيين وانتشار صوره عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكتابة الأشعار ورسم الرسوم المعبرة عن مآسي أطفال اليمن وأوجاعهم بشكل عام، لاسيما بعدما توفي فريد حين فشل الأطباء في إنقاذ حياته، لتسجّل جريمة جديدة ضد الطفولة ارتكبتها مليشيات جماعة الحوثي في اليمن.
وعلّق الناشط الحقوقي طارق البناء على خبر وفاة فريد بقوله: "لم نقبرك يا فريد، يا طفل تعز الجميل بل قبرتنا أنت ...". ويواصل في منشور له عبر "فيسبوك": "قبرت طمأنينتنا، ودفنت بقية رغبتنا في الحياة، وتسللت من خلفنا بهدوء، ورحلت".
أما يحيى أبو الرجال فيناشد "يا علي عبد الله صالح، يا عبد الملك الحوثي نرجوكم أوقفوا الحرب أنتم من أطلقها وأنتم بيدكم إيقافها"، مؤكداً ضرورة أن يستمعوا إلى نداء كل يمني يطالب بإيقاف الحرب وعلى رأسهم الطفل فريد. ويضيف "إن لم تفعلوا فاعلموا أن ما قبل هذه الاستغاثة ليس كما بعدها".
من جانبه، لم يجد الشاعر الشاب عامر السعيدي إلا أن يعزي اليمنيين معبراً عن ألمه وتعاطفه مع الطفل فريد بأبيات شعرية مختصرة قال فيها لا تقبروناش / إني أعشق اللّعبا / وأشتهي وطناً لا يقتل الطربا / لا تقبروناش / حتى لا ترى صوري/ أمّاً تنوح على بروازها وأبا...".
وبحسب تقرير صادر عن منظمات المجتمع المدني في محافظة تعز حول الانتهاكات الجسيمة ضد أطفالها منذ 15 مارس/ آذار إلى 30 سبتمبر/ أيلول الماضي، فإن 830 طفلاً سقطوا بين قتيل وجريح بسبب الحرب و3400 طفل أصيبوا بمرض حمى الضنك.
وأضاف التقرير الذي أعلن في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، أن 194 طفلاً من تعز قتلوا على يد جماعة الحوثي المسلحة والقوات الموالية للرئيس السابق، بينهم 104 ذكور و51 أنثى. بينما تسببت مقاتلات التحالف العربي بمقتل 63 طفلاً بسبب القصف. كما أكد أن 38 طفلاً قتلوا بواسطة قناصة حوثيين، لافتاً إلى أن ثلاثة أطفال "بينهم طفلتان من أسرة واحدة توفين نتيجة الخوف والفزع الذي أثارته منصات صواريخ الكاتيوشا ومدافع الهوزر القريبة من مقرات سكنهن".
وأشار التقرير إلى 635 حالة إصابة تعرض لها أطفال في المدينة، 405 "منهم أصيبوا جراء القصف المتعمد للأحياء السكنية من قبل جماعة الحوثي المسلحة والقوات الموالية للرئيس السابق، و18 أصيبوا بقصف مقاتلات التحالف العربي على مواقع وتجمعات المليشيات في بعض المناطق".
وعن الأيتام، فقد أكد التقرير أن ما لا يقل عن 10 آلاف طفل فقدوا الأم والأب في الحرب، و2300 طفل فقدوا إخوتهم، وأن "عشرات الأطفال مصابون بإعاقات دائمة، "خاصة أولئك الذين بترت أطرافهم أو أصيبوا بتشوهات جسدية".
كما لفت إلى أن حوالي 45 طفلاً من الخدج منعوا من الحضانات العلاجية ووسائل التنفس بعد إغلاق أقسام الأطفال الخدج في كل من مستشفى: اليمني السويدي واليمني الدولي والجمهوري والثورة. كما أن عدد الأطفال المصابين بالسرطان بتعز 5500 طفل كانوا يرتادون مركز الأمل للأورام السرطانية، توقفت رعايتهم بعد محاصرة المركز.