1967
التاريخ أعلاه هو مقدمة المقدمات الحضرمية مهما حاول من حاول من أبناء حضرموت بكل أطيافهم وفي داخل الوطن وحتى في مواطن الاغتراب سيبقى التاريخ أعلاه جزء لا يتجزأ من تركيبة حضرموت وطناً وإنساناً ، أما لماذا هذا التاريخ بالذات لأنه المنعطف التاريخي لمشروع حضرموت الدولة والذي سقط في هذا التاريخ تاريخ قيام ما سمي سابقاً " جمهورية اليمن الديمقراطية الجنوبية ".
ولما يحتوي المسألة من أهمية بالغة فلابد وان نبدأ من نهاية الأحداث الجسام التي يمر بها الوطن ، فما بعد يوم الأول من سبتمبر / ايلول 2007م وحتى خطاب رئيس سلطة الشعب الأعلى فخامة الرئيس علي سالم البيض يجب أن يحتوي الطرح كامل واقعية التعامل السياسي من مختلف الأطراف مع التأكيد على أن هذه الأطروحة لا تمثل توجهاً لجهة ما بمقدار ما تمثل ورقة لابد وأن يتم تداولها في هذا التاريخ بالكيفية الصحيحة ، والتعاطي معها بالجدية الكاملة وتحمل كامل المسؤوليات الناجمة عنها ، فالطرح ليس لمجرد الطرح بل لبناء سور قوي ضد القوى المعادية للمشروع الزمني الحاضر في ضمير الوطن الجنوبي العربي عموماً ...
سأتمسك بالقبض على نهاية الأحداث لغاية إيصال الفكرة إلى كل مواطن في الجنوب العربي قبل أن تصل إلى غيره ، لذلك نبدأ بالأول من سبتمبر / أيلول 2007م بسبب أنه كان يوماً عظيماً في الحراك الجنوبي بعد أن تحالفت قوى الجنوب العربي كلها تحت بند رئيس هو الاستقلال والعودة إلى ما قبل 22 مايو / ايار 1990م ، وسقف المطالبات المرتفع والذي تحقق من بعد هذا التاريخ الأول من سبتمبر 2007م هو العلامة التاريخية التي يجب على الجنوبيين قبل غيرهم تكريس مفهومها فتجاوز مسائل ما بين سلطة الاحتلال وما بعد حرب 1994م يقتضي اعتبار أن الاعتبار السياسي أولاً يبدأ بحق الجنوب العربي في كيانه السياسي المستقل وحق تقرير مصيره ...
بين الجنوب العربي والحضارمة مفارقة ما ، فلطالما حاول كل من الطرفين الأخذ بطرف الدولة وقيادة الآخر ، خاصة وأن تركيبة الحضارمة الفكرية تنطلق من نهج يرتكز في تأسيسه الفيسولوجي على خصوصية الهوية الحضرمية ، وأن المحافظة على تفاصيل الهوية هو جزء من مفهوم تعاطي الحضارم مع كل الأحوال المحيطة بهم ، وفي كل أزماتهم وحتى رخائهم يتلمسون في خصوصيتهم وجودهم وتعاملهم مع الآخرين ...
إبان الاستعمار البريطاني لمدينة عدن ، كانت حضرموت خاضعة للانتداب البريطاني ، وعلى حضرموت سلطنتين القعيطية والكثيرية وكلاهما كانتا تتعاملان مع مفاهيم الخصوصية الحضرمية على أنها جزء من تركيبتها السياسية ، حتى أن المشروع السياسي الأول للمناضل عمر باعباد يرحمه الله كان نقطة بارزة في مفهوم تقاطع الخصوصية الحضرمية مع التطلعات السياسية لعموم أبناء حضرموت في ذلك التاريخ ، ولذا وجد المشروع قبولاً نوعياً خاصة في جهة المفكرين والأدباء وهذا ما تستلهمه الأجيال الحضرمية المتعاقبة جيل بعد جيل ...
في حين أن شيخان الحبشي رحمه الله احتوى المشروع الحضرمي بمحاولة فيها من الجدية وفيها من الدهاء الكثير ، وحينما نسرد تلكم الحقبة السياسية بكامل ظروفها ومؤثراتها نجزم بأن شيخان الحبشي كان يبحث عن جغرافية حضرمية أوسع تحتوي إمارات الجنوب العربي ، وتجد من خلال قضية التعويضات البريطانية مدخولاً اقتصادياً قادراً على بناء الدولة الوليدة ، هذا الاستقراء ليس عبارة تخمين بل هو عن مراجعات عديدة استقراءها مفكرين حضارمة وغيرهم في فكر شيخان الحبشي ومنهجيته وإن كانت تقديراته ذهبت أدراج الرياح .. اليمنية ...
بعد ثورة اكتوبر في عدن ( وقعنا ) حضارمة وجنوبيين في الفخ اليمني ، ذهبت حسن النوايا ، وذهبت وراءها الانقياد للمشروع الوطني إلى محصلة مؤلمة تمثلت في التآمر اليمني ، وهنا شيء لابد وأن يتم التذكير به باستمرار وهو أن اليمن في باطنها دولة ومنذ الحكم الأمامي كانت تبحث عن التوسع شرقاً تجاه حضرموت ، وأن ما يسمى عند اليمنيين ثورة 26 سبتمبر هي انقلاب داخل البيت الزيدي أدت تحرير الأفكار التوسعية تجاه الشرق لاحقاً ...
فيما عانى الجنوبيين من التمدد اليمني انكفأ الحضارمة على أنفسهم بل شهدت حضرموت مرحلة نزوح تجاه الشمال ( المملكة السعودية ) ، وأخذ الحضارمة يحملون الجنوبيين تبعات الأحداث الجسام ، وتحمل الجنوبيين مرحلة التناحر السياسي المفرطة في الأداء السلبي حتى وصل الحال إلى يناير من العام 1986م عندما وجدت قيادات الحزب الاشتراكي الحاكمة نفسها في مرحلة تصفية لم يعرف لها التاريخ في الشرق الأوسط كله مثيلاً له ...
بكامل الوعي القومي المزروع في دواخل علي سالم البيض وبدون خصاله الحضرمية الأساسية السياسية التي كانت تبتغي الجنوب العربي في مرحلة الستينيات من القرن العشرين المنصرم ذهب إلى اليمن متجاوزاً التاريخ ليوقع على دولة الوحدة مع اليمن الشمالية ، خطيئة وقعت وحدث ما كان يحلم فيه الأمام بالتوسع اليمني ناحية الشرق بل تجاوزت حدود اليمن الجغرافية كل حدود كان يطمح لها اليمنيين في بواطنهم ...
بعقلية منفتحة على الحضارمة أن يتحملوا عتاب الجنوبيين اليوم ، واليوم بالتحديد فإن كان الحضارمة يحملون الجنوبيين الوجود السياسي اليمني على مدار سنوات دولة اليمن الجنوبية فأن على الحضارمة أن يتحملوا خطيئة أبنهم علي سالم البيض الذي ذهب صوب صنعاء بكامل قواه العقلية ليسلم الجنوب العربي إلى اليمن ، ليس هنا جدارة من طرف جنوبي أو حضرمي على التملص من المسؤولية التاريخية وهنا محك من محكات الشعوب الحية التي إن كانت تريد تحقيق إنجاز تاريخي على الأرض ان تضع نفسها في محور الحقيقة المجردة لتحمل ما سيأتي من أحداث ...
بعد الوحدة اليمنية استعاد الحضارمة روح حضرميتهم بخصالها بما فيها رغبتهم في وجود الكيان الحضرمي ، وكان ابريل من العام 1997م وأحداث المكلا هي دلالة على هذا الاتجاه بعد أن طرحت حكومة اليمن مشروع فصل حضرموت ساحلاً ووادياً فكانت ردة الفعل الشعبية الشديدة هي مقياس لرغبة جامحة وإن كانت دفينة في تحقق الكيان الحضرمي السياسي بدون أدوات مقنعة في تلكم المرحلة ...
ويوم أن جاء الأول من أيلول / سبتمبر 2007م لم يكن المناضل حسن باعوم وهو يعلن عن سقف المطالب في إطار دولة الجنوب العربي صاحب خيارات عديدة فالنزعة مزروعة والمنهج واضح والأدوات وهي الأهم تاريخياً كانت متوافرة خاصة وأن الجنوبيين أخذوا في بلورة مشروعهم السياسي الذي توصل إلى تصحيح الدولة سياسياً على اعتبار إسقاط ( اليمن الجنوبي ) وإحياء ( الجنوب العربي ) برغم أن الجنوب العربي هو تسمية استعمارية إلا أن الرؤية السياسية أدت إلى قناعة لدى كل الأطراف في الحراك داخل وخارج الوطن على تأدية مهمة واحدة مشتركة غايتها الاستقلال عن اليمن كان جنوباً أم كان شمالاً ...
واتجاه لابد وأن يأخذ في الحسبان هو أن قيادات الحراك الجنوبي بدت أكثر رغبة في تجاوز الماضي حتى من رغبة الشعب الذي يفرط في تكريس التنظير حول خطايا الماضي ، وهنا اعتبار لابد وأن نأخذه في حساباتنا الحاضرة والقادمة وهي أن الماضي جزء منا يحتوي الإصابة كما يحتوي الخطأ ، والخطأ هو البراءة من الماضي لأن هذا يعني البراءة من أنفسنا وهذا لا يكون عرفاً ولا شرعاً ولا قانوناً إلهياً بل الوجوب هو الإقرار بالخطايا والتوبة منها والتعهد إلى عدم العودة إليه مجدداً ...
ما تحقق لا يجب التفريط فيه فالجنوبيين الذي لن يجدوا في القريب هوية غير الهوية الحضرمية هم شركاء في مشروع حضرموت السياسي ، وإن كان شيخان الحبشي في ستينيات القرن العشرين المنصرم هو من بحث عن الجنوب العربي فالحالة اليوم أضحت مختلفة فهماً ووعياً فالطرف الحضرمي يبحث عن الجنوبي ، والجنوبي يرغب في احتواء الطرف الحضرمي ...
قد يجد من في نفسه السوء الفرصة مواتية لصب نيران من الفتنة بين طرفي الدولة الحضرمية الجنوبية ، وهم كثير وفيهم من الحضارم وفيهم من الجنوبيين ، وسيأتي من اليمن طيف قومي ، وطيف مذهبي ، وطيف وطني ، يزرع ما يزرع بين الحضارمة والجنوبيين ، وفي هذا ما يجب أن يتعامل به أخوة النضال لأجل تحقيق غاية الاستقلال ، فالتعاطي مع ما هو آتي هو اختبار لا يقل صعوبة وعنفاً عن اختبار قدرتنا في حتمية الحضور السياسي وتحقق الاستقلال ...
لا إفراط أو تفريط ، لا تهون أو تهوين مع حقنا في الوطن أياً كانت تسميته وعنوانه لأنه محطة نحتمل في دواخلنا له الكثير من التجارب السابقة فعلينا تحمل المسؤوليات والتعامل المسألة تحت البند الكبير هو الاستقلال ، والاستقلال ليس النهاية بل أن نأخذ ومنذ الآن العهود والمواثيق المغلضة الشديدة على أن الشراكة تعني أن نبني وطناً لطالما تركناه يعاني بالفكر الضال والمنهج الخاطىء ...
في هذا السبيل ونحن نستقرأ في المرحلة التاريخية نستذكر خطاب الزعيم علي سالم البيض في الحادي والعشرين من مايو 2009م عندما تعهد بأنه سيؤدي دوره التاريخي المناط عليه باستعادة دولة الجنوب ثم يترك كل أمور الدولة للجيل الحاضر ليقرر حالة الدولة وسياساتها ، هنا تتجلى شجاعة لابد وأن نجلها كجيل يدرك تماماً أنه يعمل في إطار ثورة لم يعرفها العرب من قبل ، ثورة حقيقية قيادتها تعلم بأنها ولابد وأن تبذل وعلينا جيل الثورة أن نبذل ونضحي ونسعى ، ويحتوي كل منا الآخر لأننا على هدف استقلال جنوبي نعلم بأنه جزء من مرحلة بناء لشعب يريد دولة تبني وتعمر وتضع الإنسان الجنوبي في موقعه الملائم بين كل البشرية ...
* بو عمر - مدير شبكة حضرموت العالمية
* نقلاً عن شبكة حضرموت العالمية
[B]مواضيع متعلقة[/B]
تقرير الغبار الأسود: اليمن .. انفصال كارثي الحدوث حضرمي النتائج (خاص)
"الغبار الأسود".. ودولة حضرموت
________________________
ملاحظة هامة: تم تغيير الخارطة أعلاه في الموقع المدون على الخريطة بعد أقل من يومين من نشرها في نشوان نيوز وتم إضافة المحافظات الجنوبية وأصبح المسمى: دولة حضرموت والجنوب.