على مدى العصور الماضية اصاب جسم الامة العربية الوباء المعروف الذي اطاح بأجسام الكثير من اقطار العالم، البعض لم يشفى منه إلى الآن، ألا وهو الاحتلال.
هناك أنواع من الاحتلالات، منها الاحتلال العسكري الذي يحتل الأرض ومقدرات الشعب والموارد وأرزاق الناس ولكن بعد برهة من الزمان ثبت ان اصحاب هذا الاحتلال يرون انه حان الوقت للخروج من هذا البلد أو ذك، فيخرجوا، وبخروجهم من جسم البلد، يخرجون ايضا من جسم الشعب ولا يبقى من احتلالهم إلا ما بقى من حطام الاسلحة وجثث السيارات العسكرية في مزابل البلد ومزابل التاريخ.
ويعتبر هذا الاحتلال مع كل ضرره، ليس بالاحتلال الأخطر على الشعب الواحد، حيث يمكن لهذا الاحتلال ان يخرج من خلال وحدة الشعب ورص صفوفه الثورة التحررية في مواجهة هذا الاحتلال ورأينا كيف خرج المحتلون الفرنسيون والبريطانيون و حتى الأمريكان اخيرا من المناطق التي احتلوها أو يحتلونها فعلا. وكما شاهدنا، خروج المحتل العسكري من بعض البلدان والأقطار التي احتلها، لم يبفى خلفه سوى الذكريات والقصص، سواْء كانت الذكرى مرة أم حلوة بلسان القاص والراوي لها.
لكن هناك احتلال آخر، هو الأخطر، وهو الاحتلال الثقافي للأقطار والشعوب، فلا يمكن أن يخرج هذا الاحتلال من خلال التعبئة العسكرية، ولا بالسلاح ومهما كانت قوتك فأنك محتل لا محالة ويسيطر عليك المحتل وعلى مقدراتك وحتى على علاقاتك مع الآخرين؟؟
وأود ان اذكر هنا بحديث مهم جدا للخميني، الذي قال مرة أن اخطر الاحتلالات هو الاحتلال الثقافي. والخميني في فترة دراسته التي طالت 15 عام في نجف العراق، لم تستطع اللغة العربية احتلال لسانه و لم يتمكن العراقيون تغيير فكره وأنه، حتى حين يصلي، لايلفظ الحروف كما ينبغي لفضها في اللغة العربية، لغة القرآن، وليس لديه اي خطبة بلغتنا العربية ولم يفضلها على اللغة الفارسية أطلاقا، ولم ننتبه نحن العرب له، وربما هذه الكلمة الوحيدة التي نطق بها الخميني تفيدنا نحن العرب، الكلمة التي كنا غافلين عنها ولم نعلم شيء عن ذلك الداء الخطير والضار في جسم الأمة العربية، وهذا ينقلنا إلى الاحتلال الفارسي لبعض الأقاليم العربية بالإضافة إلى احتلاله للأحواز، أرض وشعب" وقد قرأ العرب الفاتحة على روح دولة الأحواز منذ سنوات والأحوازيين أعادوا هذه الروح إلى الجسم الأحوازي والعربي ايضا"، احتلاله للجزر الاماراتية من سنين عدة، ومؤخرا احتلاله للعراق.
إن الإيرانيون استطاعوا احتلال البلاد العربية وخصوصا الخليج العربي من خلال عنصرين،وهذين العنصرين هما، المال والمرأة، فأن الإيراني حين يريد أن يزوج أحدا أبنته، لا يريد مالا، بل يريد تمويلاً لزواجها، حيث بإعطائه المرأة سيحصل على كل ما يريد من خلالها، وأن المرأة لها التأثير الأكبر في المجتمع، والإيرانيون يفعلون ذلك اليوم في سوريا حيث بنو الحوزات النسائية، وخصصوا رواتب لهن، ليستطيعن نشر المذهب الصفوي من خلال المرأة لأنها المدرس الأول لأبنائها والأكثر تأثيرا عليهم من الأب.
الإيرانيون يبنون في سوريا وتحديدا في السيدة زينت والقرى الأخرى الحوزات النسائية في الوقت الذي لم يبنو فيه مثل هذه الحوزات في إيران نفسها، وأن ما تسمى بالمساجد الإيرانية التي أحدثت ضجة في سوريا قبل فترة، لم تكن مساجد، بل هي حوزات وحسينيات صفوية، المذهب الشيعي بريء من هذه الحسينيات ومما يفعلون من مكر وخداع للأمة عن طريق المذهب.
واستطاع الإيرانيون عن طريق تزويج بناتهم للخليجيين وايضا اخيرا للسوريين والعراقيين، استطاعوا أن يحتلوا الأسرة وهي العمود الفقري للجسم العربي والمجتمع و للدولة العربية، واستطاعوا أن يحتلوا الأسواق من خلالها ايضا وأن يأخذوا مكان العربي في الأسواق وان يجعلوا الرزق العربي في الاسواق ضيق وشحيح، واحتلوا أماكن مهمة في السوق الخليجي حيث هذا الإيراني أو ذلك زوج أخته و ابنته، مسئول في الحكومة الفلانية، وأصبح لديه مقدرة على التجول في السوق بحرية تامة ومن خلال هذه الأساليب الخطيرة اصبح لإيران الذراع القوي المسلط على الرزق والقرار الخليجي، واصبحت لدي الفرس مجموعات وأعشاش وخلايا ثابتة ومتحركة تأتمر بأمرهم وتنفذ الأوامر الصادرة من "السيد القائد" كما يسمونه أتباع المذهب الصفوي في دول الخليج العربي. نماذج هذا النشاط الإيراني كثيرة ورأينا كيف منع "الفالي" من الدخول وكيف دخل الكويت وهو ممنوع الدخول، فكيف نفسر ذلك؟
في الكويت، ان لم يكن جدك أوجدتك أو زوجتك إيرانية، فأن زوجة أبنك إيرانية، أو لديك في البيت أكله إيرانية، أو اذا كنت لا تطبخ الأكلة الإيرانية، فأن لديك سلعة من صنع إيراني أو من استيراد شركة إيرانية، فأنت محاصر من كل الجهات بما هو إيراني وأنت تعيش معاه في كل الاماكن وفي معظم الأوقات وهو يبني لضررك ولا تستطيع ردعه ولا القضاء عليه.
عن طريق الاستثمار أستطاع النظام الإيراني أن يشتري لأعوانه المحلات والعقارات والكثير من المتطلبات الاخرى، كما نرى هذه الأيام تطاولت يد الاحتلال الإيراني على ألأمارات العربية لشراء العقارات فيها، ليسيطر الفرس على اسواقها وعلى الجسم العربي من خلال المواطنين والعملاء الذين يعيشون هناك ويمدهم النظام بالمال والتشجيع على ذلك، والأخطر من هذا اننا رئينا الاحتلال حتى في الدراما الخليجية مؤخرا، بعد أن كانت في الكويت تنشر وتكتب عن طريق البعض مثل داود حسين بعض الكلمات الإيرانية وفي بعض المسرحيات والمسلسلات وفي العام الماضي سمعت جمل فارسية كاملة في بعض المسلسلات الخليجية، وهذا يدل على عمق الاحتلال الثقافي الإيراني لدول الخليج العربي، ولو سمحنا الآن للمواطنين في دول الخليج العربي ان يصوتوا على أسم الخليج، لكان المنتخب هو "الخليج الفارسي" وبنسبة عالية ولا اشك بذلك ، فاعتبروا يا أولوا الأبصار.
*كاتب عربي من الأحواز