في الوقت الذي تفقّد فيه مساعد وزير الدفاع والطيران للشؤون العسكرية الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز القوات المسلحة في منطقة جازان، نقل مراسل «الحياة» في صنعاء الزميل فيصل مكرم عن مصادر يمنية مطلعة، قولهم إن الحوثيين بدأوا بإقامة نقاط تفتيش في صعدة وحرف سفيان،
وأنهم بدأوا أيضاً بحفر الخنادق وإقامة متاريس، إضافة إلى كونهم اشتبكوا في أكثر من مكان مع الجيش اليمني وأبناء القبائل الموالية لحكومة صنعاء لكونهم، بحسب أتباع الحوثي، مرتدين. وأكدت المصادر للزميل مكرم أن الحوثيين خزنوا الكثير من الأسلحة والأموال، في إشارة إلى أنهم ربما يشعلون حرباً سابعة.
تزامن هذا التطور في اليمن، مع تطور في جنوب لبنان، إذ تواصلت المواجهات بين سكان القرى الجنوبية مع القوات الدولية «يونيفيل»، وهي مواجهات قد تحصل، إلا أن تكرارها في الأيام القليلة الماضية وفي أكثر من قرية، أمر غير عادي، خصوصاً أن السفير الإيراني لدى لبنان غضنفر أبادي بات يتحرك في كل الاتجاهات، فهو زار المراجع الإسلامية والمسيحية ورؤساء حكومات سابقين ونواباً، وأكد أن بلاده تقف إلى جانب لبنان بمختلف طوائفه ومذاهبه، وهذا أمر لا يمكن لي أن أصدقه، لأنني ببساطة أرى أنني عاقل وأعرف العقلية الإيرانية (النتنة).
ليس من باب المصادفة أن تحدث هذه التطورات في شمال اليمن وجنوب لبنان، في الوقت الذي أقرّ العالم فيه عقوبات على إيران هي الأقسى من نوعها، خصوصاً أن الجميع يعلم أن الإيرانيين دأبوا على تحريك «دُمِيِّهم» في المنطقة كلما حشروا في الزاوية، واعتقد، لا، بل أجزم أنهم (الإيرانيون) بصدد إشعال حروب عبثية في المنطقة لإنقاذ نظام نجاد الذي بدأ يختنق، والمشكلة التي تواجه المنطقة أن الإيرانيين معروفون بنفسهم السياسي الطويل، وأنهم قادرون على إشعال المنطقة على رغم الحصار الذي فرض عليهم، وذلك لأنهم «عبثيون وعدميون» أولاً، ولأنهم يمتلكون أهم الأوراق في المنطقة ثانياً. السبب الثالث يكمن في ضعف الولايات المتحدة الأميركية، على رغم تعهدها أكثر من مرة بحماية أمن الخليج العربي، فأميركا لديها نحو 130 ألف جندي في العراق، وأقل منهم في أفغانستان، لكن جنرالاتها في بغداد وكابل يتبادلون التهم، وسياسييها في واشنطن يتبادلون المنافع الشخصية وأنخاب الفشل. لا أشك أبداً في حسن نية الرئيس باراك أوباما، لكن التركة التي خلّفها له سلفه الأرعن، أكبر من أن يتحملها، كونه أول رئيس أميركي ملوّن، ولا أقول أسود، لكي لا اتهم بالعنصرية.
الحدث الثالث الذي يثير الانتباه، بعد التحركات في شمال اليمن وجنوب لبنان، هو التحرك الكردي في جنوب شرقي تركيا، وهو تحرك يطرح كثيراً من التساؤلات، خصوصاً أنه تصاعد بشكل مفاجئ بعد التوتر بين أنقرة وتل أبيب على خلفية قتل الجيش الإسرائيلي ناشطين أتراكاً حاولوا كسر الحصار على غزة. معلوم أن المخابرات الإسرائيلية (موساد) هي التي ألقت القبض على زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان في كينيا في 15 شباط (فبراير) 1999، بحسب ما ذكرته صحيفة «وطن» التركية، على رغم أن الرواية التركية الرسمية، أشارت إلى أن اعتقال أوجلان جاء نتيجة تعاون استخباراتي بين أنقرة وواشنطن، لكن المؤكد أن رئيس الوزراء التركي السابق بولند أجاويد طلب من نظيره الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو المساعدة في القبض على أوجلان بحكم وجود تعاون استخباراتي بين إسرائيل وكينيا.
إسرائيل كيان قذر وإيران أقذر منها وحزب العمال الكردستاني أقذر من الاثنين معاً، وهو حزب «لا أخلاقي»، ويمكن القول إن الثلاثة يشكّلون جبلاً من القذارة السياسية التي لا تريد للمنطقة أن تهنأ بخيراتها وتدع الحروب جانباً لتهتم بالتنمية والتقارب بين شعوبها، ومعلوم أن التقارب بين العرب والأتراك – وإن في حده الأدنى – سيحد من الدورين الإيراني والإسرائيلي في المنطقة، ويبقي الكرد، وهم وثيقو الصلة بإسرائيل بحسب الكرد أنفسهم، حبيسي إقليمهم في شمال العراق، وعرضة للسحق في شمال غربي إيران وجنوب شرقي تركيا.