(إذا رأيتم فيّ اعوجاجاً فقوموني بحد سيوفكم) الخليفة الراشد(أبو بكر الصديق)..
(لا خير فيكم إذا لم تقولوها لنا ولا خير فينا إذا لم نسمعها منكم)الفاروق (عمر بن الخطاب)..
(لا خير في رعية تساق كما تساق الإبل ولا في ولاة يرون الحق فيتبعون سواه) الإمام (علي بن أبي طالب)..
ليس بمقدور المرء أن يختار والديه أو وطنه الذي خلق فيه.. والأوطان (جغرافياً) ليس لها أي علاقة بتقدم الإنسان أو تخلفه.. فتلك إرادة يصنعها هو بذاته ثم بتضافر إمكانات ذاتية وموضوعية..
ونحن في هذا الوطن لم يبخل علينا المولى عز وجل بالموقع ولا بالثروات سواء في باطن الأرض أو من فوقها من تنوع المناخ وتعدد مواسم الأمطار قياساً مع إخواننا في الصحاري.. ولكن مصيبتنا الأساسية في حكوماتنا المتعاقبة الذين أؤتمنوا على حاضرنا ومستقبلنا، فلم يكونوا عند مستوى الأمانة ولا المسئولية تأهيلا إلا ما رحم ربي وقليل ما هم..
والشعوب بذاتها ليست مبدعة بفطرتها ولا بجنسيتها أو دياناتها ولكن بذكاء وحنكة من يقودنها ويوجهونها ويؤهلونها ويشعلون جذوتها للعمل والإنتاج ويديرون مواردها بكفاءة ونزاهة وإخلاص ليصنعوا منها شعوباً عظيمة مهابة بين الأمم أو يجعلونها شعوباً كسولة متبلدة تعيش عالة على أوطنها وتأكل من صدقات الآخرين وفضلاتهم..
ف(ماليزيا) لم تكن شيئاً مذكورا قبل (مهاتير محمد) صانع المعجزة الماليزية.. و(سنغافورة) لم تكن كذلك قبل (لي كوان يو) أول رئيس وزراء لسنغافورة وصانع المعجزة فيها الذي جعلها أنشط ميناء بحري في العالم، وثالث أكبر موقع لتكرير النفط، ومركزاً عالمياً رئيسياً للصناعات التحويلية والخدمات في آسيا كلها.. وهناك (اردغان تركيا) و(قابوس عُمان) و(دبي محمد بن راشد) وما كانت (دبي) لتكون على هذه الحال لولا التفريط بميناء (عدن) لصالح ميناء (دبي) التي صنعت على أنقاض (بندر عدن) رغم بعدها الجغرافي عن خط الملاحة الدولي وخطورة الملاحة في مضيق (هرمز)، فحرموا شبابنا عشرات آلاف الفرص المباشرة وغير المباشرة من العمل ومثلها من الوظائف المستفيدة من خدمات الميناء ناهيك عن الحركة التجارية المهولة التي كانت ستنشأ في (عدن) وضواحيها من تشغيل الميناء، كما هو حاصل اليوم في (دبي) تماما وهي التي كانت مجرد شاطئ يبابا صفصفا..
لكن القدر الإلهي قد اقتصّ من بعض الذين خانوا الأمانة وذبحوا الدجاجة التي تبيض ذهباً لليمن الموحد.. ألا شُلّت أيديهم فردا فردا.. لذلك أكرر أن الشعوب التي صعدت من تحت الرماد كانت بفضل قيادات وطنية آمنت بوطنها وشعوبها بعد الله، فاستطاعت تفجير الطاقات المكبوتة الكامنة في داخلها وحولتها إلى قدرات خلاقة مبدعة ومنتجة عكست نفسها خيرا ورخاء على الإنسان والوطن..
ومثلها الشعوب المتخلفة سببها في الأساس حكومات غير مؤمنة بوطنها مرتهنة ومسلوبة الإرادة والقرار وقيادات عاجزة متبلدة الفكر والتفكير، ومسئولون غير أسوياء العقل أو أتقياء الروح، والناس على دين ملوكها إن صلحوا صلحت بهم الأمة والعكس..
لكن معظم مسئولينا خليط من صغار النفوس وموتى الإرادة والطموح وعديمي الإحساس بما يعاني منه شعبهم ووطنهم.. جاءوا إلى الوظائف على حين غفلة من الشعب والتاريخ بدون كفاءة وبدون أدنى اهتمام أو مجرد نية للتعلم والتأثر بالآخرين..
كل مؤهلاتهم الولاء الأعمى ل (الحصان) الكسيح عن القيام بأي شيء يفيد الوطن سوى نهب الخزينة العامة والاستعداد لتنفيذ ما يطلبه الأسياد دون نقاش ولو كان على حساب الوطن والقيم والشعب..
فالذين ألفوا الانحناء والخنوع لغير الله لا نتوقع منهم أن يرفعوا رؤوس الشعب وسمعة الوطن في أي موقف.. وفاقد الشيء لا يعطيه..
المضحك المبكي معاً أن تجد الحكومات في العالم هي المشغولة بشعوبها والتفكير بحاضرهم ومستقبلهم.. لكن في بلادنا الشعب هو المشغول بحكومته المتربصة به الدوائر في كل لحظة فهذا الشعب في حالة دفاع دائم عن نفسه من حكومات الحصان المتلاحقة التي تسهر الليالي لتجهز عليه وتضحي به من أجل طعمة من أصحاب المصالح غير النظيفة..
هذا هو حال حكومات المصالح الشخصية والمتاجرة بالوطن.. جميع قراراتها لمصلحة مراكز القوى على حساب مصالح شعب بأكمله.. ترفع أسعار المحروقات بحجة مكافحة التهريب وهي تمارس التهريب عبر وزاراتها ومؤسساتها الرسمية.. ثم ما ذنب شعب بأكمله يدفع استهلاك الكهرباء عن الزمرة المرفهين بالمجان على حساب كل الشعب عندما تقوم برفع تعرفة الكهرباء دون تمييز بين أناس يصطلون وتشوى أجسامهم وتخلس جلودهم من الحر في (الحديدة وعدن ولحج وأبين) وفي جميع المناطق الحارة وبين عُصبة مترفة يستهلك كل فرد منها عشرات آلاف الكيلوهات من الكهرباء شهرياً لتدفئة مياه المسابح وحمامات البخار والجاكوزي والساونا مجاناً في فيللهم..
وقد بلغت مديونية وزارة الكهرباء عند هؤلاء الرهط من أصحاب الكروش والوزراء وبعض القيادات الكبيرة والمشائخ أكثر من (مائة وعشرين مليار) ريال والمبلغ في ارتفاع مخيف..
ثم ما ذنبنا نتحمل آثامكم بالجُرَع المتتالية ودفع فوائد أرباح قروض لم يكن لنا يد فيها ولا موجودة آثارها تتحملها (أغلبية) الحصان في مجلس النواب فهم الذين صادقوا عليها وأقروها رغم علمهم بعدم جدواها سلفا اللهم الكيد الحزبي الرخيص بشركائهم في الوطن..
على حكومة الحصان أن تعيد النظر في حماقاتها مع هذا الشعب فيما بقي من عمرها، إذا بقي لديها شيء من ماء الوجه قبل أن تأتي اللحظة التاريخية وهي آتية لا ريب فيها بإذن الله وسترغمهم على ذلك.. ويومها سيكون للشعب معهم حساب آخر عن كل النكبات والفضائح التي أذاقوها هذا الوطن خلال فترة قهرهم هذا الشعب وتمريغ سمعة الوطن بالوحل في مؤتمرات الذل والنخاسة في (لندن ونيويورك وأبو ظبي) باسم أصدقاء اليمن (تأدبا) عن قول الحقيقة المرة (أوصياء اليمن) حتى أصبح البعض يتندر بنا ويردد: "من كان عليه نذر أو كفارة يمين أو عتق رقبة أو صدقة أو مال غير مشروع يريد تطهيره فليرسله إلى اليمن!!"..
حاشا لله إن كانت أو ستكون أمريكا أو بريطانيا في أي يوم من الأيام صديقة لأحد غير إسرائيل.. والكفر ملة واحدة ولكن المنافقين لا يفقهون..
وهذا الشعب يتحمل قسطاً كبيراً من كل الذي يعانيه ويتجرعه من قبل حكومة (الحصان) فهو مشارك ومتواطئ على نفسه بالسكوت عن كل ما لحق به من ضيم وعذاب، والساكت عن الحق شيطان أخرس..فماذا بقي لحكومة الحصان لتتباهى به أمام نفسها..
فقد ألقت بالعملة الوطنية الحضيض وحولتها إلى أشبه ما تكون بالمحارم الصحية، وأهانت هيبة الجيش ومكانته وجرأت الأطفال عليه في صعدة والجوف وسفيان والملاحيط وهو الذي حسم المعركة الأولى مع الحوثيين في 2004م باقتدار وكان قادراً على الحسم في كل الجولات التالية لولا تفريط الحكومة بالنصر وبتلك الدماء الزكية التي سفكت والأرواح الطاهرة التي أزهقت من القادة والضباط والجنود الأبطال، واليوم تأتي (الوساطة القطرية) لتعيد لنا أجهزة الدولة إلى محافظة صعدة!! ونخشى أن يأتي علينا اليوم الذي نحتاج فيه إلى القطريين لإعادة (الجمهوريين) إلى صنعاء..
إن حكومات الحصان هي من باعت ثروة الوطن، وبددت إيرادات النفط في فترة ارتفاعه الذهبية على حفلات عبثية بالإنفاق العبثي في المكلا والحديدة وإب وتعز، باسم الاحتفال بالأعياد الوطنية بينما كل مشافي ومدارس الوطن بلا استثناء خاوية على عروشها من الأثاث والمستلزمات الضرورية..
ونتيجة لضيق العيش وانسداده توقفت التنمية لصالح الفساد، وصار أبناؤنا يُحرّقون في مقالب القمامة خلف الحدود، وآخرون مختطفون في (أريتريا) وبعضهم يساقون كالأغنام عبر مطار صنعاء إلى القاهرة لتشليحهم قطع غيار آدمية لمن يدفع (بيع الكلى)..
أما ما يسمى بالأحزاب السياسية بدون استثناء من الذين خربوا البلاد باسم الديمقراطية وأفسدوا السلام الاجتماعي في النفوس الذي كان سائداً قبل هذه الحزبية البليدة التي لا يفقهون منها شيئا ولن يفقهوا بهذه الطريقة البدائية القبلية العبثية فان خير ما يعزينا فيهم هو قول رب العزة والجلال في سورة الأحزاب مبيناً أحوال من كانوا يلهثون خلف كل ناعق دون فهم وعلم.. "ربنا إنا اطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا.. ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كبيراً"..
آخر السطور:
ما تعرض له الدكتور القدير سلطان الصريمي من قرصنة الكترونية على منزله الشديد التواضع يعد سقوطاً أخلاقياً مروعاً وعاراً كبيراً على من قاموا به، وكان يفترض بهم توجيه قدراتهم الالكترونية للكشف عما تحيكه عصابات التمرد للوطن وليس لرجل من أشرف الرجال في الوطن ، كل سلاحه قصيدة تنشر ومقالا يكتب ولا تحتاج إلى أجهزة تصنت ومتابعة، وللدكتور الرائع نقول: "(سلطان) لا تفجعك خساسة الحنشان".