عدن.. مدينة جميلة ودافئة كقلب نبي.. كل ما فيها يبتسم لك.. البحر والجبل.. والناس الطيبون.. الهواء الدافئ.. حبات الرمال.. المساجد والكنائس .. والمتنزهات..
عدن مدينة لا تشعر وأنت فيها بالغربة.. لأن الجميع في هذه المدينة مبتسم (على طول).. يستقبلونك بابتسامة.. ولا يكادون يودعونك إلا بها.. في جميع شوارعها وأزقتها وطرقاتها وبنياتها تجد لوحات الترحيب.. وبالمناسبة الترحيب في اليمن تنطق هكذا (مرحيب)..
جزء من هذه المقدمة كتبها الزميل الكمالي في زاويته أمس الأول بصحيفة الجمهورية الرياضية والذي عنونها ب (عدن.. دافئة كقلب نبي).. وبدأ مقالته يقول من يفكر أن يبيع (الخوف) للناس في مدينة عدن التي تحتضن حدثا رياضيا استثنائيا مثل الذي يفكر أن يتاجر فيها بملابس شتوية.. وهي مدينة واقعة على بحرين وطقسها لا يعرف الصقيع..
(الصوف والخوف) تجارتان فاشلتان في هذه المدينة الحميمة الدافئة والفشل المتبوع بسخرية ورأفة على صاحب الفكرتين هو نتيجة مؤكدة.. يقول زميلنا الكمالي: كيف يمكن توجيه تهمة الخوف لمدينة ولد التاريخ وتربى في حجرها ويحضنها بحر يتسع للجميع؟..
شدتني هذه المقالة.. وقرأتها بتمعن شديد وأستأذن زميلنا الكمالي بأن اقتبست منها جزءا يسيرا ليكون مدخلا للحديث عن حرب الشائعات التي لاحقت بعثة منتخبنا والتي أصابت الأسر العمانية بقلق عميق وهي في النهاية لم تكن سوى شائعات مغرضة ليس لها أي أساس من الصحة ومع ذلك انتشرت في وسائل الإعلام كانتشار النار في الهشيم للأسف الشديد.. وكأن الإعلام أصبح يستهويه أمر الإثارة دون تقصي الحقائق.. ومعرفة صحة الخبر من عدمه..!!
وصلت بعثة منتخبنا.. وبعد ساعات قليلة خرجت الإشاعة.. وبدأت تتناقلها وسائل الإعلام.. رغم عدم صحة الخبر.. ورغم أننا نفينا الخبر جملة وتفصيلا إلا أنني وجدت من الاتصالات كغدق السيل من زملاء المهنة في محاولة لمعرفة مزيد من التفاصيل.. رغم أن الحدث لم يكن..!
وتطورت الإشاعة حتى بلغت بأن مختطفي البعثة الإعلامية طلبوا الفدية بقيمة (75 ألف ريال) وهو رقم وهمي ومع الفدية طلبوا (سيارة هامر).. تصوروا كيف تتطور الإشاعة بمجرد أن يحاول البعض نشر الإشاعات المغرضة.. ويصدقها معظمنا..بل ويروج لها معظمنا.. ولكن دون أن ننظر إلى مدى تأثير مثل هذه الشائعات الرعب في نفوس الأسر.. وربما هذه أول إشاعة خرجت في خليجي 20.. وستتبعها إشاعات أخرى لأن الذين كانوا يحاولون إفشال خليجي 20 بأن يكون في عدن.. سيبحثون عن سراب في تحقيق أمنياتهم..
أعود إلى مدينة عدن التي تستضيف هذا العرس الخليجي.. والعرس الكروي الذي افتتح أمس وسط حضور الرئيس اليمني ووسط حضور جماهيري كبير.. ولم يكن حفل الافتتاح تقليديا، بل كان موغلاً في التاريخ.. فقد خرجت في الحفل جميع القبائل اليمنية لتستقبل الوفود الخليجية.. في لوحة رائعة كتبت من عرش بلقيس.. ودخلت تعويذة كأس الخليج على (هودج) أمامه سباق للفرسان يثير النقع..
ورحبت اليمن وجميع مدن عدن بالوفود الخليجية بالفل والبخور.. وفاحت رائحة القهوة اليمانية رمز الكرم والأصالة العربية.. ورغم أن الحفل لم يدخل فيه الليزر والتكنولوجيا.. وفضل اليمنيون أن يكون حفلا طبيعيا.. ولكنه أثار في النفس الابتهاج.. المختلط بالبكاء الذي جعل جسمي يقشعر أمام تلك اللوحات التي تتحدث عن الوحدة في الحكمة ووصية الأجداد.. وقدمت اللوحات حلما جميلا لجميع الشعوب الخليجية وشبه الجزيرة العربية بأن يكونوا على جزيرة واحدة تؤوي الكل في كلمات شارك فيها مجموعة من الفنانين في مقدمتهم عبدالرب إدريس وكرامة مرسال وغيرهم من الفنانين الذين شكلوا لوحة غنائية في التاريخ والمجد..
إلا هنا.. كان حفل الافتتاح غير تقليدي.. فكانت مباراة الافتتاح بين المنتخب السعودي واليمن لقاء غير تقليدي بغض النظر عن النتيجة.. فقد نجح المنتخب اليمني أن يبرهن للجميع بأنه داخل للمنافسة وليس للمشاركة الشرفية كما كان في السابق.. وبعيدا عن نتيجة الافتتاح فإن المنتخب اليمني سيكون حصان الرهان في هذه المجموعة وليس بعيدا أن يحسم المنتخبات التي ستتأهل من المجموعة الأولى..
وتبقى ساعات قليلة ويبدأ منتخبنا العماني مشوار الحفاظ على اللقب.. ويبرهن بأنه قادر على ذلك من خلال اللقاء الأول مع منتخب البحرين الذي سيكون بمثابة بوابة العبور إلى اليمن التي تحتضن كأس الخليج في هذه الأيام.. ولن تكون مهمة منتخبنا سهلة.. ولا هينة لعدة أسباب منها أن الجميع ينر له بأنه المنتخب البطل والذي يحمل الكأس والذي يمتلك مجموعة من النجوم المدججين بالخبرة من خلال مدارس الاحتراف وهذه الجوانب سلاح ذو حدين.. على منتخبنا أن يستغل السلاح الذي ينفعه في مثل هذه المواقف والمباريات.
وربما غياب علي الحبسي سيكون مؤثرا.. ولكن على الجهاز الفني أن يصنع التوازن في حراسة المرمى التي ستكون النقطة الفيصلية لمنتخبنا في هذه البطولة الساخنة من الداخل والخارج.. بطولة التهبت قبل بدايتها بأشهر وستزيد حرارة التهابها الآن.
بطولة فيها الكثير من الأحداث والمتناقضات.. فهي بطولة ليس في الملعب والمدرجات..وإنما بطولة من خلف الكواليس.. وهذه البطولة أسخن بكثير.. فقط بدأت البطولة بقضية التجنيس.. ولحقتها بقضية الحكام.. ولن تتوقف القضايا.. وسلملي على اللجنة الفنية..!!