منذ مرحلة الإعداد والتهيئة لخليجي عشرين في اليمن وقبل أن تبدأ فعاليات الخليجي الرسمية والأستاذ حمود عباد وزير الشباب والرياضة على مرمى ملتهب من الهجوم والنقد الحاد الذي لا يحتمل عليه جبلا نقم وعيبان من خلال الكتابات التي هاجمته كثيرا حتى إن أغلبها ليبدو خارج نطاق الموضوعية والنقد البناء الذي ينبغي أن يتناول القضية لا شخص الوزير مع خالص احترامي وتقديري للزملاء الذين تفاعلوا مع الحدث ومن حقهم أن يكتبوا أو ينتقدوا..
صحفيون كثر أوسعوا الرجل شتما وقدحا كما لو أنه هدم أركان الوطن أو المتسبب في صفقة الغاز المسال التي لم تلق من الاهتمام والنقد عشر معشار ما لاقاه الاهتمام بالشأن الرياضي خلال هذه الفترة المتأخرة، وأنا هنا لا أهون من شأن هذه التظاهرة الرياضية الرائعة بقدر ما أدعو إلى التريث وإعمال العقل على مهل.
وزارة الشباب والرياضة في اليمن مثلها مثل أي وزارة أو مؤسسة حكومية تشكو حالها إلى الله، وما يجري فيها من فساد لا يقل عما يجري في غيرها إن لم يكن غيرها أكثر وأكثر.. وأداؤنا الرياضي مثل أي أداء على الساحة سياسي أم ثقافي أم اقتصادي.. لا فرق. ولو أننا خضنا مضمارا آخر في أي قطاع كان مع إخواننا الخليجيين لأتينا بنفس النتيجة إن لم تكن أسوأ، هذا من جهة..
ومن جهة أخرى فإن إحراز أي تقدم أو فوز على المستوى الإقليمي وفي أي قطاع كان مرهون بخبرات سابقة وتراكمات عديدة تمثل رصيدا لأي جماعة أو فريق ينوي النزال. رياضيونا الأعزاء على ملامحهم شقاء "جان فالجان" وبين أعينهم بؤس "أحدب نوتردام" كما هو الشأن لدى معلمينا وأطبائنا وعسكريينا ومهندسينا وكل الفئات الأخرى بلا استثناء، وهاتوا لي مرة قد أحرزت فيها أية فئة من هذه الفئات نصرا على المستوى الإقليمي وعادت مرفوعة الرأس..
يعلم الجميع أننا لما نرتق بعد إلى نظام المؤسسية في أداءاتنا الرسمية، وأننا لا نزال في مرحلة الحبو، ويعلمون أيضا مقدار وحجم الوضع المادي لأي جهة، وهو وضع مزري وضحل يصاحبه خلل كبير في الأداء وفساد في الجانب المالي والإداري.. وأتساءل: هل لو كان آخر وزيرا للشباب والرياضة غير حمود عباد بمن في ذلك وزير الشباب والرياضة الكويتي هل سيفوز منتخبنا في الخليجي ويرفع رأس اليمنيين عاليا؟ لا أعتقد. وسيبقى الانكسار الرياضي جزءا من الانكسار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي نمر به، وكل واحد مرتبط بالآخر ضعفا وقوة.
أقول: إلى جانب الضعف العام والوضع الذي تمر به البلاد، والفساد المالي والإداري الذي يرافق أي أداء رسمي كما لو أنه جزء من العمل نفسه ثمة خلل في البنية المؤسسية لجهاز الشباب والرياضة بعلم القاصي والداني، فالمشايخ قد كثروا وتكاثروا على هذه الوزارة ليس من الآن فقط؛ بل ومنذ وقت طويل واسترجعوا الذاكرة قليلا إلى الوراء، والمشايخ كما هو معروف إذا دخلوا مؤسسة ما أفسدوها وجعلوا أكفأ أهلها ضعافا بحكم معاييرهم الشخصية وحساباتهم الخاصة، وما الضعف والخلل الذي تمر به الدولة بشكل عام إلا بسبب مشايخها الذين أتوا على كل شيء وكأنهم دابة الأرض حتى لكأن مؤسسات الدولة قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، وانظروا إلى هؤلاء كيف نجحوا في تأسيس شركات تجارية خاصة وكيف فشلوا في مؤسسات الدولة التي يديرونها، أو بالأصح كيف أفشلوا كافة مؤسسات ومرافق الدولة!! الأمر لا يحتاج إلى طول تفكير.
العجيب أيضا أن ردد الكثير من الكتاب لفظ "الخطيب المفوه" على معالي الوزير عباد، في إشارة منهم إلى نشأته وميوله وكونه من وجهة نظرهم لا يفقه شيئا في أمور الرياضة، وهو تحامل مفرط في حق الوزير، لسببين: الأول: كم من الوزراء والمسئولين يعملون في إطار تخصصاتهم العلمية والأكاديمية في اليمن؟ وربما في غير اليمن؟ ثانيا: شهادة حق أقولها أن الرجل كان ناجحا إلى حد كبير في عمله السابق كوزير للأوقاف والإرشاد بشهادة الكثير من داخل الوزارة وخارجها الذين بكوا عليه بعد رحيله منها وقد عتبوا عليه أثناءها، ثم إن مواهب الرجل وقدراته الإدارية لا تخفى على كثير والقضية في النهاية هي إدارة وفق رؤية واستراتيجية يعد الوزير أو المسئول الأول في أي مؤسسة كمؤشر الساعة ليس إلا مع تأكيدي على أنه لا مؤسسية لدينا بالصورة الصحيحة حتى الآن لا في الرياضة ولا في غيرها! وبالتالي فما ذمهم هذا إلا على غرار: (إنهم أناس يتطهرون)! فخففوا معشر الزملاء على أهل المروءات! و انتقدوا بعقل، فالوزير ليس فوق النقد ولا يخلو أداءه من قصور أو خلل سواء كان هذا الخلل ذاتيا أم موضوعيا، ثم إن النقد وحتى يؤتي ثماره ينبغي أن يتناول القضايا لا الأشخاص، والله المستعان.
من قريب الموضوع
إلى معالي الوزير نفسه أقول لم تكن موفقا ومعك الرجل الخلوق والمهذب الأستاذ فؤاد الروحاني أمين عام جائزة رئيس الجمهورية في أن يقتصر ملتقى الشباب المبدعين هذا العام على الفائزين بالجائزة على مستوى الجمهورية فقط، بعد طول انتظار لكثير من الشباب المبدعين الذين يمثل لهم هذا الملتقى متنفسا سنويا جميلا على مستوى كل المحافظات، والميزانية المرصودة سنويا للملتقى كان ينبغي ألا تطالها احتياجات خليجي عشرين التي أثرت سلبا على هذه التظاهرة الشبابية السنوية البديعة، آمل تدراكها إن كان في الأمر سعة حتى تشمل كل الشباب، وإنا لمنتظرون!