منذ أن بسط الحوثيون في اليمن نفوذهم على محافظة صعدة وأتموا بالكامل تحكمهم على شؤونها والتصرف في كل أمورها منذ ذلك الحين وأبناء المحافظة ينظرون إلى ما سيقدمه الماسكون بزمام الأمور فيها من مختلف الخدمات ولو بصورة تعكس مدى قدرة هؤلاء على تقديم أنفسهم كبديل يستطيع نزع ثقة المواطن الصعدي في المواسم الديمقراطية القادمة – الانتخابات النيابية و المحلية – إذا كانت لديهم الرغبة في إفساح المجال للتنافس الشريف مع فرقاء العمل السياسي والمذهبي دون الاستئثار والتسلط وعدم الاعتراف بالآخر..
الواضح إلى الآن أن الحوثيين لم يغادروا مطلقا المربع الأول ولم يفكروا في الانتقال إلى دائرة العمل الخدمي والمطالبة للمحافظة بما تحتاجه صعدة، خصوصا وأنها رزحت تحت وطأة الحرب التي كانوا سبباً رئيسياً في إشعال فتيلها ولمدة تزيد على ست سنوات ويكتفون الآن بترديد شعار الحركة الحوثية على مدار الساعة وتحفيز أنصارهم على رفعه وترديده وهو ما يتم داخل القرى والمدن والأحياء السكنية وبشكل مقرف ومزعج يتنافى مع أخلاقنا وقيمنا السامية وبصورة تنبئ بحالة هستيرية لدى هؤلاء الناس ورغبة جامحة لديهم في استفزاز الساكنين الذين لا يخفون انزعاجهم من استخدام هذه الطريقة في رفع وترديد الشعار وتشغيل الأناشيد والزوامل الشعبية عبر مكبرات الصوت ولفترات تصل أحيانا إلى 7و8 ساعات دون توقف.
أيها السادة: ترديد الشعار في الأسواق والطرق والجوامع والأماكن العامة والخاصة وتعليقه بشكل استفزازي على مساكن المواطنين ومساجد المخالفين لكم وعلى محلات الآخرين لا يظهر أبدا أن لديكم الرغبة في القبول بالآخر والاعتراف به ويثبت للناس أنكم لا يمكن أن تتعاملوا مع من يخالفكم بالحوار والإقناع دون اللجوء إلى استخدام الترهيب والضرب والسجن والاستدعاء ليلا أو نهارا دون مراعاة لمشاعر الناس الذين تحكمونهم .
أيها السادة: ترديد الشعار في كل وقت وفي كل مكان لا يشبع الجائع من أبناء المحافظة ولا يشفى به المريض ولا يضيء الظلام الدامس الذي تعيشه معظم مديريات المحافظة ولا يعاد به ببيت مواطن دمرته الحرب ولا يعيد الآلاف من الأسر المشردة نتيجة الحرب ولا يمسح طريق انقطعت أو كادت تنقطع هي السبيل الوحيد في إيصال الخدمات إلى القرى والعزل للمواطنين المتجرعين كاس الذل من قبل أتباع الحوثي في هذه القرى والعزل تحت مسميات مختلفة .
أيها السادة: التحدث من قبل البعض أن محافظة صعدة تعيش وضعا يختلف بكثير عن بقية المحافظات اليمنية من الناحية الأمنية وسهولة الحياة اليومية بشكل عام لا يدل على حرص القائمين عليها بذلك ولا يعني أنهم – أي الحوثيون – أرهقوا أنفسهم لتحقيق ذلك فكل ما يرصده أبناء المحافظة أن هؤلاء يبحثون عن تحسين أوضاعهم و اتباعهم دون غيرهم ، صحيح ان الأمن مستتب في المحافظة لكن كل ذلك يرجع إلى أن أبناء المحافظة ليسوا أشراراً ولا قتلة ولا قطاع طرق وان الذي كان يقلق الأمن والسكينة هم فريقين اثنين انتهى بهم الصراع إلى تسليم المحافظة لأحدهم وهنا انتهت كل أسباب المشاكل والقلاقل ويشهد بسلمية أبناء المحافظة كل من يقطنها من خارجها لأنها كانت مرتعا اقتصاديا ضخما لهم على طيلة الفترات الماضية ما قبل الحروب الست .
أيها السادة: لقد أثقلتم كاهل المواطن في صعدة بتزمتكم الزائد وإظهار الحرص على مصلحة الوطن والدين والمواطن مع إن ما تقومون به مخالفا تماما لحرصكم المزعوم ويتعارض ومصالح الناس الغلابا في هذه المحافظة .
تعلمون أيها السادة أن التضيق من قبل الحوثيين على المنظمات الإنسانية جاء نتاج لازمة يعيشها الحوثيون في دواخلهم تنبع من حقدهم وحسدهم للعاملين في هذه المنظمات ممن حالفهم الحظ من أبناء هذه المحافظة إذ أنهم رأوا أن هؤلاء لا يتبعونهم وأنهم من أحزاب أو مذاهب أخرى أو ممن ليس معهم ولو لم يكن مؤطرا بحزب أو مذهب، وبهذا بدأوا في طرح شروطهم لعمل المنظمات في صعدة وكأن هذه المنظمات جاءت لعمل ربحي متناسين دورها الإنساني الفعال وخدماتها التي تقدمها على مستويات مختلفة وباختلاف أنشطتها وبرامجها نظرا لتخصصاتها المتباينة.
لقد أعاق تزمت الحوثيين إعادة بناء صعدة وفوتوا بشروطهم المجحفة خدمات هذه المنظمات إذ أنها كانت من تغطي سوأتهم وعجزهم عن تقديم أي شيء على المستوى الصحي والمعشي والتعليمي وغيرها خصوصا وان بعضها تملك ميزانية ضخمة مخصصة لصعدة لم يقدر لها أن تعمل بها داخل المحافظة كل في مجالها.
لقد استفز الحوثيون هذه المؤسسات الدولية باتهامهم إياها أنها تعمل لصالح أمريكا وإسرائيل في المجال الإستخباراتي وأنها جاءت لتهدم القيم والمبادئ ووو ..علما أن بعضها لا تربطها علاقة جيدة مع إسرائيل لموقفها الإنساني في حربي لبنان وغزة بل والبعض الآخر كانت تعمل بحياد تام على طيلة الصراع العربي الإسرائيلي ، وبعيدا عن هذا كله وحتى لا يظن احد أنني أحاول تبرئة هذه المنظمة أو تلك فلي هنا عدة تساؤلات للحوثيين وللقارئ الكريم هي:
1- لقد عملت هذه المنظمات في لبنان حيث يتواجد حزب الله الشيعي وفي غزة حيث السيطرة التامة لحركة حماس السنية وكلاهما يتمتعان بقدرات عالية في معرفة الأنشطة الاستخباراتية وخبرة قديمة في التعامل مع هذه المنظمات ومع العدو الحقيقي وكيفية الأنشطة الاستخباراتية لا كيف يفوتون المصالح على رعاياهم نظرا لأنها لم تتحقق مصالحهم فكيف استطاع الحوثيون معرفة هذه المنظمات الاستخباراتية و لم يستطع على ذلك حزب الله ولا حماس؟.
2- لماذا ان هذه المنظمات لم تكن استخباراتية يوم أن كان الحوثيون يحاولون الحصول على نصيب الأسد من التوظيف فيها؟ وحينما لم يقبلوا أصبحت استخباراتية ومن مصلحة المحافظة طردها وإبعادها؟ وحين كان قبولهم للعمل فيها مرتبط بمؤهلاتهم وقدراتهم اتضح انهم غير مؤهلين لذلك فحددوا موقفهم منها؟
3- قبل اتخاذ قرار التهم على هذه المنظمات الإنسانية كان من المفترض على الحوثيين مراقبتها ورصد أنشطتها التي بموجبها سيتم اتخاذ كهذا قرار، وإذا كان قد حصل ذلك وجب على الحوثيين تعريف الناس عن ماهية تلك الأنشطة والإعمال التي تمارسها هذه الجهات وتوعية المجتمع بخطورتها وعدم التعامل معها .
4- ما هي البدائل التي يستطيع الحوثيون وضعها عوضا عما كان تقدمه هذه المؤسسات الدولية وخصوصا في المجال الصحي .
5- ما هو شعوركم وانتم ترون العشرات من العاطلين عن العمل يفترشون الأرصفة تسببتم انتم في تعطيلهم نتيجة قراركم المتخذ تجاه المنظمات والذي راح ضحيته العشرات من الشبان الذين كانوا يعملون معها؟
وحتى لا أضع نفسي في مرمى النقاد والمعلقين الذين يطالب بعضهم بالتوضيح بالأدلة والبعض الآخر متعصب للحوثيين يرى ما كتبته من باب المناكفات أو الكره أو غيره لزم علي ذلك – التوضيح – حتى يكون القارئ على بينة من أمره:
• المراوغات في تمكين المنظمات من أعمالها بحجة التنسيق المسبق معهم لتسهيل مهامها واعانتهم في الحصول على المعلومات بحيث أن هذه المعونات أو الخدمات لا تذهب لغير المتضررين والمستحقين وهو ما لم يتم فكلما أرادت أحدا هذه الجهات العمل يظهر أمامها العوائق التي لم تكن في الحسبان واتضح أن المستحقين هم أتباعهم لا غير يشهد على ذلك الأسماء التي رفعت للغذاء العالمي للحصول على المعونات والمساعدات وتبين بعد توزيعها ان المستفيدين هم كل من له علاقة بهم فقط.
• منع الجهات وشركائها من تنفيذ أي مشروع سواء إعادة بناء أو غيره إلا عبرهم وهو ما حصل مع منظمة رعاية الأطفال حينما أرادت بناء ما يقارب عشرين هنجرا في المدارس وترميم بعضها وبالتحديد في مديرية سحار وساقين وحيدان والظاهر .
• الضغط على هذه المنظمات لتقديم قوائم بأسماء الموظفين العاملين معها لمعرفتهم وتبديلهم بأتباعهم أن كان احدهم له عمل في أي قطاع من القطاعات الحكومية ما جعلها تبدي تخوفها من ذلك خشية قيامهم بأي عمل قد يمس حياة وسلامة العاملين وحتى لا يكونوا سببا في تزيدهم بالمعلومات عنهم.
• نهب بعض الاشياء التابعة لبعض هذه المنظمات من قبل الحوثيين دون حياء ولا مراعات للاخلاق التي يدعون انهم يحاربون من اجلها ولا للمبادئ الانسانية التي تعمل هذه المنظمات من اجلها فعلى سبيل المثال قام الحوثيون بنهب سيارتين على المفوضية السامية للشؤن اللاجئين الاولى هايلوكس موديل 2011 والاخرى سيارة مصفحة جيب ضد الرصاص ونهب مخزن المنظمة ذاتها في مديرية الظاهر الملاحيط تحت ذريعة انهم قاموا بتوزيع المواد للمواطنين وقاموا بنهب مكتب الهلال الاحمر بصعدة وتحويله إلى مكتب لهم باسم المكتب التنفيذي وغير ذلك كثير لا يتسع المجال لحصرها .
• بعد ان زادت التصرفات الغير اخلاقية من قبل الحوثيين تجاه هذه المؤسسات قررت الالتقاء بالحوثيين لمعرفة الاسباب ابداء انزعاجهم من التصرفات التي بدات تظهر من قبلهم – الحوثيين - تجاه تحركاتهم واعمالهم ليتفاجأ ممثلو المنظمات بوضع عدد من الشروط الجديدة تظمن لهم مواصلة تنفيذ اعمالهم وهي :
1- نقل مكاتب هذه المنظمات إلى منطقة ضحيان حيث السيطرة التامة لهم الامر الذي رفضته هذه المنظمات .
2- تبديل الكوادر العاملة حاليا معهم باخرين هم من يختارونهم وقوبل ايضا بالرفض .
3- تزويدهم بجهاز فحص حديث يكشف نوعية الأدوية ولما تستخدم ولان في ذلك خطورة على صحة المجتمع رفضت المنظمات الشرط وابدت عدم قدرتها على ذلك .
4- اذا لم تقبل المنظمات باي من الشروط السابقة فعليها دفع نسبة من ميزانية أنشطتها يحددونها هم يقابله رفض قاطع والقبول بالتوقف عن العمل ولتضطر بعض هذه المؤسسات لمغادرة صعدة لعدم قدرتها لتحمل هذه العنجهية الزائدة بلا حدود أطباء العالم الصليب الأحمر والبعض في طريقه لاتخاذ قرار المغادرة والعمل في مناطق أخرى
وبناءً على ما سبق يتبين لأبناء محافظة صعدة مدى حرص هؤلاء الافاكين لمراعاتهم على مصالح الناس وشعورهم بالمسؤولية نحوهم دون حياء ولا ضمير يردعهم عن فرض مصالحهم على مصالح الناس المساكين .
نلتقي في مرات أخرى عن ذات الموضوع
والله المستعان وحسبنا الله ونعم الوكيل