في كتابه "التغيير الذكي" يوضّح الكاتب الإماراتي الدكتور علي الحمادي، أن التغيير مهمة صعبة، لأنها ترمي إلى نسف واقع استوطن في النفوس وغدا جزءاً أصيلاً منها، ومثلما أن له أنصار(مؤيدون) فله خصوم (معارضون).
ومن هنا؛ فإنه بوسعنا أن نوضح لكل ذي عقل، أن الفكرة النبيلة لا تموت بيد متبنيها ولو طال أمدُ تحقيقها، فقد يحملها جيلٌ آخر بعده، ويثابر حثيثاً لأجل تحقيقها، في حين تبدو قدرة المعارضين أقرب إلى الترنح منها إلى الصمود، لأن الجدية لدى المغيِّرين أقوى من جدية الممانعين الذين يكون تمسكهم أوهى، وثقتهم أقل، وتكون الغلبة في النهاية للقضايا العادلة والصابرين عليها، فهي سنة الصراع بين الحق والباطل، وبين صاحبه ومدّعيه، وبين المظلوم والظالم، والنهاية الواقعية تكون للحق ومتبنيه دون شك، ومهما حاول المرجفون الاعتراض على سنة التغيير، وتلبيد الأجواء المحيطة بها بغبار السموم المعثِّرة، فإن ذلك سيعود وبالاً عليهم، ويصبحوا بعدها وحيدين تأكلهم نيران الهزيمة والندم.
والسؤال الذي يُطرح بقوة في وجه كل مناكف أو مخاتل أو معاند: أين أنتم من حوادث التاريخ التغييرية؟!!
كان محمد صلى الله عليه وسلم صبياً يرعى الغنم ويأكل القديد في مكة، فتزعَّمَ أمة كانت تحسب نفسها في نعيم، ولم يكن إلا الوهم، وقد ركعوا للصنم وعاث بهم العجم، فلم يخذله الله وقد أمره بالتغيير، وحين عابه صناديد قريش وسخروا منه وحاربوه شر حرب، لم ينل ذلك من عزمه شيئاً، ولم يتردد في قبول انضمام رجال قريش إليه وقد أثخنوا المسلمين قتلا، ولم يقل إنهم فاسدون، لأنه يدرك أنه لن يغير وحده أو بمن معه من النفر القليل، وأن دخول أولئك إنما هو جزء من التغيير ذاته.
ولنتدبر؛ أين ملوك الفرس؟ أين ملوك الروم؟ أين ملوك بني أمية والعباسيين؟ أين العثمانيون؟ وأين الإماميون (في اليمن )؟
لا شك أن الجواب واضح... والسؤال الذي سيطرحه مَن بعدنا- وسأذكركم بذلك- إن أبقاني الله-: أين علي عبدالله صالح وأعوانه ورجاله من قومه الذين اصطفوا - خطأ أو جهلاً أو تعصّباً وانتفاعاً -إلى جواره؟!
*باحث في شؤون النزاعات المسلحة والبيئة