آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

مذابح الأسد وصمت المشترك!

سلخ النظام السوري تسعة ألآف آدمي من مواطنيه بخلاف الجرحى ومازال السقف مفتوحاً ، واللقاء المشترك صامت لم يقل لنا موقفه ببيان إدانة أو حتى يعلن بوضوح موقفه إذا كان يؤيد بقاء الأسد الزرافه على أنقاض سوريا وشعبها.

لا يعتد هنا بموقف الساحات الثورية ومسيراتها وجمعتها الماضية ، لأن الساحات ليست ناطقاً باسم المشترك الذي يمثل تحالفاً حزبياً سياسياً يعبر عن مواقفه بإجتماعات هيئاته العليا والبيانات الصادرة عنها .

لا موقف للمشترك أمام ما يحدث لشعب عربي من مجازر لا لذنب الا لأنه خرج يطالب بالحرية والكرامة وإسقاط النظام العائلي الغشوم.

لا يعتد هنا حتى بمواقف بعض احزاب المشترك إذا صدرت عنها مواقف منفردة ، وهو مالم يحدث أيظاً . فهذه المواقف إن وجدت لا تعفي تحالف المشترك من تحديد موقفه من حدث بحجم الثورة السورية والمحنة التي يرزح تحت وطأتها الشعب السوري الذي يواجه حرباً مسعورة من قبل مهووسي السلطه وهيكلهم الطائفي المسيطر على الآلة العسكرية والأمنية المنفلتة من كل عقال والخارجة عن الضوابط والاخلاق والقيم القانونية والانسانية.

ستبقى علامة استفهام كبيرة تلف موقف المشترك وأحزابه وصحافة الأحزاب وتلقي بظلالها الإستفهاميه التعجبيه حول هذا الصمت المريب ازاء احدى ثورات الربيع العربي ، والموقف العجيب من قبل تكوين سياسي بنى مشروعيته ولاحقا انضمامه للثورة على رفضه للتمديد والتوريث والاستبداد واحتكار السلطة والثروة ، ورفض استخدام القوة من قبل الحاكم ضد شعبه ومواطنيه المفترض منه حمايتهم.

في سوريا مدد الأسد لنفسه ولم يبال حتى أنطفأت روحه على كرسي الرئاسه الذي سجله حصرياً بإسم عائلته ولقد وصل الإصرار على توريث الحكم حد استدعاء الطبيب بشار الزرافة الذي لا علاقة له بالسياسة ليحل في موقع الوريث المنتظر مكان أخيه باسل الذي لقي حتفه في حادث سير..

وفي سوريا أيضاً توريث أخذ طريقه إلى حيز التنفيذ وليس مجرد مشروع ينتظر زيارة ملك الموت للملك الجمهوري غير المتوج ليورث ابنه بلداً كاملاً بشعبه ودولته ومرافقه وأراضيه وشواطئه وبواديه.

وفي سوريا شعب حر خرج ليرفع صوته بمطلب الحريه وسقوط النظام كما فعل اخونه في الوطن العربي الواحد في موجة الربيع العربي.

وفي سوريا نظام مسعور و«قارط الموت» قابل مواطنيه بالرصاص والرشاشات والمدفعية والدبابات لكي يستمر في حكمه.

أمام كل هذه المعطيات أختار المشترك الصمت ودفن رأسه في التراب . بعض أحزاب المشترك تجاوزت الصمت إلى التبرير مع التيار الحوثي للمجازر يحركها في ذلك التعصب المذهبي وعدم قدرتها على النظر للبشر من منظور أخلاقي انساني قيمي، فقط تنظر من زاوية المذهب بعد أن تكون قد هبطت به إلى قاع العصبية الجاهلية . وبعض مكونات المشترك تنظر من منظار القومية اليسارية إلى واقع لا علاقة له لا بالقومية ولا بالتوجهات السياسيه ولا بالانسانية عموماً.

والطامة الكبرى أن تبرر المواقف المتوطئة مع مجازر الأسد مواقفها بالمقاومة والصراع مع العدو الصهيوني الأمريكي.
عشرات السنين دمر الاستبداد خلالها الداخل العربي في سوريا وهزم أمام العدو ولم يشكل له أي ازعاج لاحتلاله فلسطين والجولان وفي نهاية المطاف يستبد ويورث ويقتل شعبه بإسم المقاومة.

عندما اشتدت وطأة المعركة على بني شداد لجأوا إلى عنترة وكان مايزال عبداً لشد أزرهم بقوته ، ولكنه رفض متهكماً منهم : (إنما أنا عبد أحسن الحلاب والصّر ، ولا أحسن الكر والفر) فماكان منهم الا تحريره من العبودية أولاً. وفي اسرائيل تعاقب على حكم دولة الاحتلال الصهيوني عشرات الحكام دون أن نشهد أحدهم كشارون أو شامير أو رابين يسعى لتأبيد نفسه وعائلته في الحكم بمبرر حالة الحرب ومواجهة العرب ، لأن ذلك لو حدث سيكون بداية لضعف اسرائيل وهزيمتها وزوالها . ولقد كانت الجمهوريات الوراثيه بداية لضعف العرب وتفككهم وشحوب دورهم لأن الاهتمام ينصب على مصلحة الحاكم الفرد وعائلته ومن أجل ذلك يسخر كل إمكانيات البلد ويقايض بمصالح الأمة وقضاياها من أجل أن يرى إبنه ملكاً غير متوج فوق الجمهوريه الصورية . وسقوط الانظمة التوريثية يعزز من الجبهة العربية ويقوي موقف المقاومة لأن من يقاوم المشروع الصهيوني هم الشعوب وليس الأطفال الذين ورثوا بلدانهم كملك شخصي لهم ولأسرهم . وعلى من يقاوم اسرائيل أن لا يقدم نفسه كخصم للشعوب العربيه وتطلعاتها للتغيير والحرية.. وان مقاومة مشروطة بالعداء للشعب السوري كما يفعل حزب الله اللبناني لتصيب فكرة المقاومة في الصميم وتسيئ لها وتحولها إلى ورقة سياسيه انتزعتها إيران وبدأت باستثمارها سياسياً كما فعل الحكام العرب خلال خمسين عاماً شهدت فيه القضايا العربيه هزائم متتاليه تواتر فيها العد التنازلي للقضية الفلسطينية مع ارتفاع زعيق المقامة من قبل الانظمة المستبدة . أنظمة بانت في نهاية المطاف ضداً على شعوبها وتقتلهم بالجملة بل وتعمل فيهم مالا يعمله العدو الاجنبي.

زر الذهاب إلى الأعلى