آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

هلال.. تباب صنعاء وتوصيف العاصمة

ذكرني قول عبد القادر هلال أمين العاصمة صنعاء بأن الناس يتطلعون أن تكون الحدائق بحجم المعسكرات في أمانة العاصمة وهو القادم إلى المناصب المدنية من المعسكر وبدلة الكاكي بكلام قاله الأستاذ أمين أحمد قاسم التاجر المثقف خريج الفلسفة عاشق الجمال قبل أكثر من20عاما..

عندما كنا ذات خميس في مقيله نتجاذب أطراف الحديث عن صنعاء وجمالها وندرة الحدائق والمنتزهات والأماكن التي يمكن يرتادها الناس بعوائلهم وأولادهم وأصدقائهم فعلق الأستاذ أمين قائلاً: باختصار يا جماعة شوفوا أجمل الجبال والتباب والمرتفعات في العاصمة يحتلها العسكر إذا نظرتم إلى كل شيء جميل في هذه البلاد ستجدونه مع العسكر أما يمتلكوه أو يخربوه ويدمروه . أنتهى تعليق الأستاذ أمين.

وكنا قد سمعنا كلام تم تداوله أثناء ما طرح اللواء علي محسن صالح الأحمر قائد المنطقة الشمالية الغربية قائد الفرقة الأولى مدرع - التي أصبحت اليوم منحله بفعل قرارات الهيكلة- فكرة إخراج المعسكرات من أمانة العاصمة على بعد 200 كيلو متر أنه سيتم تحويل أرض معسكر الفرقة الأولى مدرع إلى حديقة للأطفال وراج يومها انها ستكون "حديقة الشهيد أنس السعيدي" الطفل الذي استشهد في شارع هائل أثناء الثورة الشبابية فاستبشرنا خيراً وكنا يومها نلوك أغصان القات في مقيل زميل مهندس مدني يقع منزله بالقرب من الفرقة الأولى مدرع فبادرنا مهندساً أخر يشاركنا المقيل من "ذبحان" التي يشتهر أهلها بالطرفة والنكتة اللاذعة كما كان الأستاذ النعمان يرحمه الله " صحيح يا جماعة سيتحول مقر الفرقة الأولى مدرع إلى حديقة وسنكون نأخذ أولادنا إليها والله ستكون أجمل حديقة في صنعاء وحظنا أن بيوتنا قريبة من الحديقة "هيا اسمعوا لا تحلموش كثير مافيش من هذا الكلام شيء" منذ 25عاما وأكثر وأنا بصنعاء والتباب والجبال الجميلة أما معسكرات أو قصور و فلل لضباط كبار في الجيش والأمن وتجار مقربين من قصر الرئاسة " فجاءت تعليقات الذبحاني الساخرة كالماء الذي أخمد نار شوقنا لحديقة الشهيد الطفل أنس السعيدي وما هي إلإ دقائق حتى سمعنا زخات من رشاش متوسط فضحك زميلنا الذبحاني بسخرية الشامت بحديثنا الحالم وقال:"هيا" أسمعوا يا شباب أصوات ألعاب الأطفال في الحديقة قالها مع ضحكة كبيرة أطلقها بسخرية وفي نهايتها قال بصوت تهكمي " بطلوا أحلام ولا" تكونوش" تصدقوا أنفسكم وقت خدارة القات"..

والآن يا زميل محمد الذبحاني ماذا تقول بعد إن جدد اللواء علي محسن التزامه بتسليم قطعة الأرض الشاسعة التي يقع عليها مقر معسكر الفرقة إلى أمانة العاصمة لتحويلها إلى متنفس عام وأنه أبدى تفهماً للمخاوف المتصاعدة التي أثارها انفجار مخزن للسلاح بالمعسكر في أوساط سكان الأحياء الشعبية المتاخمة وهذه المرة ليست أقوال يتم تداولها فقد جاءت عبر صحيفة الخليج الإماراتية

وكان عبد القادر هلال أمين العاصمة صنعاء قد تحدث في مقابلاته الصحفية والتلفزيونية مراراً " ما أجمل أن تتحول المعسكرات في العاصمة صنعاء إلى مستشفيات أو حدائق ومرافق عامة " وهو الذي جاء إلى مناصبه المدنية التي تقلدها من بوابة المعسكر يشن حرباً شعواء على كثير من الظواهر السيئة في العاصمة صنعاء ولكن والمصيبة في لكن هذه فمخرب واحد يغلب مائة عمار كما يقول المثل اليمني صحيح هلال في أي مكان يذكر اسمه يكون محل إشادة ولمع أسمه وارتفع رصيده عندما كان محافظاً لحضرموت وتسلم ملفات شائكة في عهد الرئيس السابق" صالح" نجح في بعضها ولم يوفق في أخرى ولازال صدى تقرير" هلال باصرة" حول المحافظات الجنوبية مرتفعاً كونه أشار إلى مكامن الخطأ وحدد المعالجات لكنه ظل تقريراً ولم تنفذ منه توصية واحدة وحتى ملف الحوثيين كاد هلال أن يحقق فيه اختراقات مهمة ولكن سرعات ما حول أعداء حزب النجاح ما كاد أن يحققه الرجل من نجاحات في هذا الملف الشائك إلى أخفاقات وأشتهرت "أكله بنت الصحن"يومها في مكيدة كادت ترمي بالرجل إلى الهامش وتعرضه للخطر الكبير والماحق ولكن الله لطف.

وهلال اليوم وهو العسكري دمث الأخلاق والذي يبدوا أن المناصب المدنية هذبت سلوكه العسكري وأصبح من العسكر القلائل الذين لا ينطبق عليهم قول الزبيري يرحمه الله المشهور في العسكر نراه يتحدث في مقابلاته الصحفية والتلفزيونية أنه مع إخراج المعسكرات من العاصمة صنعاء ولديه تصور للبدائل في مساحاتها فهو يقول " مثلا معسكر داخل شارع الزبيري أنا أتمنى أن يكون موقفاً استثمارياً لصالح المجلس المحلي هذا مثال والباقي الناس تعرفها " ويضيف " ما أجمل أن تتحول المعسكرات إلى مستشفيات أو حدائق وهذه رؤية رائعة وممتازة ونتمنى بمن قال بذلك أن يفي بها" ويتحدث هلال عن توفير أراضي لبناء مستشفيات ومستوصفات ومدارس توفر البيئة المناسبة لتحصيل العلم ألم أقل لكم أن الرجل لا يشبه العسكر الذين وصفهم الشهيد الشاعر الزبيري.

يقول هلال في مقابلاته الصحفية بعد أن تعين أمينا للعاصمة صنعاء " أن الإنسان لا يدعو دائما إلى الإحباط واليأس وعليه أن يدعو للعزيمة والإصرار والتحدي ونحن سنعمل مع كل المخلصين والطاقم الإداري والإدارة السياسية والحكومة والمجتمع المساند للمضي نحو الأمام وفق الإمكانات المتاحة" والرجل لديه توجه جديد لم نعهده لدى المسئولين في الحكم المحلي فيقول" أعتقد أن أي أمة أو شعب يتطلع للنهوض والنجاح لا بد أن يتوفر له شرطان الأول دولة تعرض واجباتها وخدماتها والشرط الثاني مجتمع يساندها وبهذين الجناحين تتقدم الأمة إلى الأمام ويمكن القول إن أي موضوع أو قضية محلية أو خاصة بالبلديات فلا شك أن المجتمع ركيزة أساسية والفرد اليمني المتعلم والمهني والمثقف طاقة يمكن أن تستغل وإن اهلمت تحولت إلى طاقة سلبية " ومن النجاحات التي حققها هلال بعد تعينه أمينا للعاصمة معالجته لموضوع إضراب عمال النظافة بعد أن كادت العاصمة تغرق بالقمامات بتعاون الحكومة طبعاً وخاصة وزيري المالية والخدمة المدنية وأثبت الرجل أن لديه قدرة على إعطاء مساحة كبيرة لمكونات المجتمعات المحلية في أمانة العاصمة للمشاركة في اتخاذ القرار وهذا ما أكدته حملات النظافة في أمانة العاصمة التي ترافقت مع اضراب عمال النظافة حيث كانت هناك مبادرات شبابية ومن مجالس أحياء والقطاع النسوي وذوي الاحتياجات الخاصة من المكفوفين من الصم والبكم واتحاد الغرف التجارية والقطاع التربوي والمحاميين ومبادرات شبابية شعبية متعددة ساهمت ترميم الحفر في الشوارع ورفع المخلفات بجهود شعبية خالصة.

ولتحويل هذا الكلام إلى جانب عملي يرى هلال " أن عمل أمانة العاصمة صنعاء يجب أن لا يقتصر على استقبال الشكاوى فقط بل النزول الميداني والإلتقاء بالناس في الشارع والحي والمسجد والمدرسة والسوق كما أن أمانة العاصمة والمجلس المحلي أقرا تشكيل منظومة معلومات تمكن المواطنين من التواصل مع أمانة العاصمة عبر رسائل التلفون أو بالتواصل المباشر بغرف عمليات خاصة بالنظافة والمياه والكهرباء والمرور والدفاع المدني والرجل يطمح إلى إطلاع الناس على خطط الأمانة وبرامجها في قطاعات الخدمات حتى يتمكن المواطنون من الإبلاغ عن جوانب القصور في تلك الخدمات والرجل لا يكتفي بالتنظير والكلام كما يقال عنه بل هو واحد من المسئولين القلائل الذين ينفذون زيارات ميدانية مفاجئة ويقول في مقابلاته الصحفية أنه يشاهد ناس على قدر عالي من المسئولية وأن المواطنين متجاوبين ويتطلعون إلى دولة حقيقية .

من سيقرأ ما سبق سيتبادر إلى ذهنه أن الكلام تطبيل ومدح مدفوع الأجر وأن قلم الكاتب غُمس "بطلاء كميكو" للتلميع بدلاً من الحبر كما اعتاد الناس في مثل هذه الحالات والسبب وجود فئة من زملائنا الصحفيين والإعلاميين هم من عكس مثل هذا الإنطباع لدى الناس لكن ليصدقني القارئ الكريم وهو عندي الأساس والمهم وليس هلال أو غيره من النماذج التي تستحق الحديث عنها والإشادة بها أن العبد الفقير إلى الله لا يعرف عبد القادر هلال سوى من مشاهدته في التلفاز أو مشاهدة صوره في الصحف ولكن الرجل محل اشادة الكثير ويحضى باحترام كبير لدى اغلب من عمل معهم أو تعاملوا معه أقول اغلب ولم أقول كل لإنه من الطبيعي إن يكون للرجل الناجح خصوم ومن يزور حضرموت أو يقابل ناس من حضرموت لازال أهل حضرموت يتذكرون الرجل باعجاب وهلال من المسئولين القلائل الذين تسمعهم يقولون أنهم من عمق هذا الشعب ويعترفون بالأخطاء والمخالفات التي ترتكب من قبل موظفيهم ولا ينكرونها وهو ليس منزه عن الخطأ وإنما بشر فقد نقل عنه أنه أعترف مرات عديدة أنه خدع في اختيار بعض الأشخاص لمواقع ومناصب معينة بعد إن أكتشف أنهم ليس كما تخيلهم أو كون صورة عنهم والرجل من النوع الذي يقبل النقد ولا تأخذه العزة بالإثم شريطة إن يكون النقد موضوعي وصحيح ولا يحبذ استخدام القوة لردع المخالفين وإنما قوة القانون ولكن بعد التوعية أولاً وإيجاد البديل.

وهلال يتحدث بوضوح ويقول أن العاصمة صنعاء قتلتها المركزية الشديدة ويطالب بتوصيف العاصمة فيقول " الأمور في صنعاء تمركزت ولم يعطوها حقها كما لم يعطوا المحافظات حقها فمثلا لم يتم توصيف صنعاء حتى اليوم هل هي عاصمة سياسية أم سياحية أم اقتصادية أم ماذا؟ فصنعاء اليوم للأسف صناعية تقام فيها مصانع وليس فيها مياه والمفترض أولاً أن يتم توصيف ماذا تجب أن تكون صنعاء؟! من أجل أن يتم الحد من بعض الأنشطة لصالح محافظات أخرى وثانياً أين تريد أن تكون صنعاء خلال 20 أو50 سنة قادمة ؟ وهذا سؤال لم يتم الإجابة عنه حتى الأن

وأخيراً نخشى أن تكون الإجابة على الإسئلة عبارة عن عمل أعاقات ومصدات للرجل لتناقض تفكيره مع مراكز قوى تريد لصنعاء أن تكون كل شيء وان تكون اليمن هي صنعاء وصنعاء هي اليمن وبقية المحافظات وكل اليمن الواسع الكبير من صعدة إلى المهرة مربوط بصنعاء ولا شيء ينفذ إلا بإذن صنعاء وتحت سمعها وبصرها.. والله من وراء القصد
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى