أرشيف الرأي

الحراك التهامي بين السلمية والعنف المسلح!

منذ1994م بدأت بوادر المعارضة الجنوبية للسلطة المركزية من خلال حركات مثل موج ‏والمتقاعدين المدنيين والعسكريين وغيرها والتي جاءت كرد فعل مباشر لإجبار عشرات الألاف من ‏المدنيين والعسكريين على التقاعد قسراً ، إضافة إلى تبعات 7/7/1994م مثل بروز مشكلة السيطرة ‏على الأراضي والعقارات والتي ظهر جانب منها في تقرير باصرة هلال ،

‏ خلاصة القول إن تجاهل تلك الحركات التي ظهرت في النصف الثاني من عام1994م ساعد على ‏تنامي أشكال أخرى من المعارضة الجنوبية توجت أخيراً بإعلان قيام الحراك الجنوبي السلمي ‏في2007م ، وعلى الرغم من ذلك لم تتعامل السلطة المركزية في صنعاء بصورة إيجابية مع المطالب ‏الحقوقية والسياسية من وقت مبكر وفي إطار الوحدة اليمنية حتى تصاعدت الاحتجاجات وبدأت السلطة ‏المركزية الاستجابة للمطالب الحقوقية وخاصة للمتقاعدين العسكريين ولكن في وقت متأخر..‏

بعد أن أخذت الاحتجاجات تتسع على المستوى الشعبي وصعد سقف مطالب قوى الحراك حتى ‏وصل إلى مطلب فك الارتباط ، وبعد أن كانت بعض المواقع الالكترونية والصحف هي الوسيلة ‏الوحيدة لمخاطبة الشارع الجنوبي ظهرت وسائل أخرى لديها القدرة على الوصول إلى مختلف الشرائح ‏الاجتماعية وهي القنوات التلفزيونية الفضائية التي تمكنت من حشد الجماهير بصورة غير مسبوقة، ‏وبذلك اصبحت القضية الجنوبية أبرز القضايا التي ستقرر شكل اليمن السياسي أو ما يمكن تسميته ‏بالجمهورية الثالثة خلال العقود القادمة.‏

إن العرض السابق لتطورات القضية الجنوبية يستدعي الدعوة لتدارك الأوضاع في جزء آخر من ‏وطننا الحبيب وهي منطقة الساحل الغربي (تهامة)، فمنذ سنوات مضت وشكاوى أبناء تهامة لا تجد ‏آذان صاغية ، فعتاولة الفيد ونهب الأراضي بعد أن ضاق عليهم الساحل الجنوبي وخاصة بعد تصاعد ‏احتجاجات الحراك السلمي الجنوبي ، وجهوا عقولهم وأعينهم تجاه الساحل الغربي ، ومن يتابع ‏اللقاءات الصحفية منذ سنوات والتي تعكس انتهاك حقوق أبناء تهامة البسطاء من قبل بعض المتنفذين ‏من داخل تهامة وخارجها يدرك أن تحولات قادمة ستطرأ على المشهد التهامي خاصة بعد التطورات ‏التي صاحبت القضية الجنوبية.‏

إننا نطرح هذا الموضوع من منطلق الحرص على سلامة وأمن الوطن ، وخاصة بعد الأحداث ‏العنيفة الأخيرة التي حسبت على ما بات يعرف بالحراك التهامي المسلح ، ندعوا الحكومة للتعامل مع ‏الأوضاع في الساحل الغربي بنظرة ثاقبة تزيل أسباب الاحتقان والتوتر ، لأن تصاعد الأحداث سيؤثر ‏بصورة مباشرة في الأوضاع الاقتصادية والأمنية والاجتماعية والسياسية على مستوى الجمهورية ، ‏كون تهامة تمثل مخزونا بشرياً كبيراً وذات موقع استراتيجي هام وتعاني في نفس الوقت من مشكلات ‏اقتصادية واجتماعية في مقدمتها معدلات الفقر العالية ، ومشكلات أخرى لامجال لذكرها في هذا ‏الموضوع الذي يقدم رسالة مختصرة لمن بيدهم مقاليد الأمور ، خاصة وأن من يقرأ التأريخ القريب ‏والبعيد يدرك أن ثورات تهامة المتعاقبة التي قادها في الغالب (الزرانيق) لم تكن سوى نتاج لمراحل ‏من الظلم والقهر ،كما أن تهامة أيضاً هي منارة العلم والسلام كيف لا وزبيد والأشاعرة نماذج لعلمها ‏وسماحتها ، فليتح لأبناء تهامة طرح مشكلاتهم ولتعالج بحكمة ليسود فيها العلم والسلام والمحبة ، نأمل ‏أن تتعض الحكومة الحالية من أخطاء الحكومات السابقة في التعامل مع القضايا الحقوقية ذات البعد ‏الجهوي في غرب أو شرق أو شمال أو جنوب اليمن ، فترحيل القضايا تحت مبررات غير منطقية ‏يزيد من الاحتقان الشعبي ويعرض البلد لتراكم المشكلات التي سيكون من الصعب معالجتها لاحقاً.‏

زر الذهاب إلى الأعلى