آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

أوقفوا هذه المهزلة!

هذه مأساةٌ آنَ لها أنْ تنتهي، ومهزلةٌ آنَ لها أنْ تتوقّف!.. إنّها مأساة ضرب الكهرباء، ومهزلة صبر الدّولة! بعد أنْ أصبحت علامة إستفهام مخيفة، ولو تكشّفت أسرارُها فإنها الفاجعة الكبرى! لأنّ صَبْرَ الدولة غير المبرّر قد يرقى إلى خيانة وطن!.. وبالطبع، فإنه لا يمكن لمؤامرةٍ بدائيّة إستمرت كلّ هذه الفترة أن تظل غامضةَ الأهداف والتفاصيل إلى ما لا نهاية!

إنّنا إذا سلّمنا أنّ الهدف من ضرب الكهرباء هو النَّيل من الرئيس المنتخب بإجماع.. وهذا صحيحٌ وواضح, فإنّ التساؤل يظلّ مُلِحّاً..لماذا إذنْ يتّسع صدرُ الرئيس لحفنة مخرّبين يريدون النَّيل منه!؟ وإلى متى؟

قبل أسابيع، أعدمت السعوديةُ خمسة يمنيين وعلّقت جثثهم في شارعٍ كبير وعلى مرأى من الجميع! والأرجح أنّ جنايتهم كانت كبيرةً حتى يعَاقَبوا بذلك وبأحكام قضائية! لكنّ الإجراء في ظنّي ومهما كانت قسوتُهُ هو إجراءُ دولةٍ تريد أن تبقى! ولا أعرف كيف كانت السعودية ستعاقِب لو أنّ بضعة مخرّبين ضربوا أبراج الكهرباء وأنابيب النفط لديها مرةً واحدة! وليس سبعمائة مرّة كما حدث عندنا!؟

هذا هو الفرق إذن.. دولةٌ تريد أنْ تبقى، ودولةٌ تصرّ على الذهاب مع الرّيح! رغم أنها قادرةٌ على إنزال العقاب بهؤلاء الأشقياء بجيشها الذي لم يَعُدْ منقسماً، وشبابها الثائر الشجاع الذي أذهل العالم بشجاعته وهو يواجه الرصاص والنار بصدره العاري وأصابعه العنيدة المضيئة بالحلم والأمل.

هل يعني التغيير أن يعيش الشعب في الظلام.. وأن يموت كَمَدَاً واكتئاباً وقَرَفاً من كلّ شيء!.. أهذه هي الرسالة التي يُرَادُ إيصالُها؟.. أنْ يكفر الشعبُ بكلّ ما آمن به، وكافح من أجله خلال خمسين عاماً!.. هل هذا هو القصد؟ ولمصلحة مَنْ؟ هل لمصلحة المهدي المُنْتَظَرْ؟.. وهو مُنْتَظِرٌ بالفعل وعلى أبواب صنعاء! بل وأصبح في قلبها!.. أمْ لمصلحة السلاطين الجُدُدْ! الذين يحلمون بالتقسيم والتقليم!..أمْ لمصلحة الحالمين بالعودة ولو على جثّة البلاد الممزّقة!

لمصلحةِ مَنْ هذا الإصرار على ضرب الضوء والمعرفة والعلم والقنوات الفضائية والنّت والفيس بوك والصحافة وهي كلها مرتبطة بالكهرباء! لمصلحةِ مَنْ تجويعُ الشعب بضرب أسباب رِزْقِهِ في كلّ ميادين الحياة اليومية.. في المصنع والورشة والدكان، والمستشفى والسوبرماركت والمطعم.. وفي كل مكان! عبر ضرب الكهرباء.

لمصلحةِ مَنْ هذا العجز المخجل!؟ والذي ليس له سابقة في تاريخ الدول والشعوب! بضعة مخرّبين في صحراء مكشوفة!.. لا جَبَلَ يَعْصِمُهُمْ، ولا غابةَ تأويهم، ولا أدْغَالَ تُخْفِيهم! يُمْسِكُونَ بتلابيبِ البلاد، ويضغطون بأظافرهم السوداء على عُنُقِ شَعْبٍ بكامله عَبْرَ الضرب المستمر للكهرباء والنفط! بينما الدولة ترسل أرتال المهندسين العُزّل تِلْو المهندسين! حتى مَلّ المجرمون من الضرب! وأصبحوا يمنعون المهندسين من إصلاح الأبراج! بينما لَمْ تَمَلَّ الدولةُ من إرسال المهندسين الطيبين.. ولا أعرف كيف لم تَنْفَدْ قطع الغيار المستوردة للأبراج المُحَطَمَة.. ومَنْ هو المستورِد المحظوظ!.. بينما يموت الآلاف بسبب أجهزة الكِلى المعطّلة في المستشفيات، وأسرّة الأطفال الخُدّجْ المتوقّفة بفعل انقطاع الكهرباء.

إنّ الدولة وعلى وجه اليقين مسؤولةٌ عن كلّ وفاةٍ في مستشفى بسبب الكهرباء، وعن كلّ طفلٍ خَدِيْجٍ يموت وعن كلّ دمعةِ أمٍّ مكلومةٍ مكظومة!

وفي الواقع أَنّ الشعبَ كلَّه أصبح مكلُوماً مكظوماً.. وكئيباً!.. وَحْدَهُ، السفير الأمريكي مَنْ يَضْحَكْ!.. أمّا عَلَاَمَ يضحك!, وما الذي يسمعه من السياسيين اليمنيين حتى ينفجر بالضّحك، فالله هو العليم الخبير.

لقد أثبت الشعب اليمني أنّه أصْبَرُ شعوب الأرض قاطبةً! على حكّامه أولاً، ومعاناته ثانياً. والسبب في معاناته ببساطة، أَنّ حُبّ الوطن مُنْعَدِمٌ لدى النخب الحاكمة عبر عهودٍ وعقود، وعبر مئات السنين! كما انّ الإحساس بآلام المواطن غير موجود.., وللأسف، فإنّ هذا الشعب المكافح لم يَحْظَ يوماً بحاكمٍ يعيش آلامه وآماله.. ينزل إلى الشارع ويسعد بسعادة الناس ويشقى بشقائهم!

مِنَ المؤكّد أنّ القصورَ لا تنطفئ أبداً! وكذلك فندق الموفنبيك!.. يتحاورون، ويعجنون ويخبزون.. ويأكلون!.. ويشربون أيضاً!.. بينما الوطن غارقٌ في الظلام!

زر الذهاب إلى الأعلى