آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

غوانتانامو: أمريكا صانعة الارهاب

تطالب عشرات المؤسسات الحقوقية ومنظمات الحريات المدنية في العالم ومئات الشخصيات الاعتبارية منذ عدة سنوات بوضع حد للاعتقال إلى اجل غير مسمى دون اتهام، واغلاق معتقل غوانتانامو، دون جدوى. وكان آخر المتضامنين مع المعتقلين الممثلة البريطانية جولي كريستي التي اضربت عن الطعام اسبوعا كاملا لتسلط الاضواء على مأساة اكثر من مئة سجين مضرب عن الطعام في غوانتانامو. وكان سبق كريستي الكوميدي البريطاني فرانكي بويل الذي نفذ اضرابا عن الطعام الشهر الماضي.

رغم ان الرئيس الأمريكي باراك اوباما الذي لم ير تهديدا للامن الأمريكي اكبر من غوانتانامو، تعهد عند انتخابه عام 2009 باغلاق المعتقل في غضون عام لكنه، وبعد مرور خمس سنوات على هذا الوعد، وامام المعارضة الشرسة في الكونغرس لم يتمكن من ذلك.

وبعد مرور اكثر من 11 عاما، لا يزال نحو 166 معتقلا بقاعدة غوانتانامو يعيشون في ظروف مهينة وغير انسانية وصفته منظمة ‘امنستي انترناشيونال’ ب’همجية هذا العصر’.

تنديد القانونيين، وارتفاع الاصوات المطالبة باغلاق السجن، ما زالا يواجهان آذانا صماء.

ورغم اقرار السلطات الأمريكية ان معظم المعتقلين في غوانتانامو لا يمثلون خطرا على الولايات المتحدة، يصر الجمهوريون بالكونغرس على عدم اغلاق المعتقل، بينما طالب اعضاء ديمقراطيون باغلاقه، وللاسف للاسباب الخطأ، فهم لم يدعوا لذلك لانه يمثل وصمة عار في جبين الولايات المتحدة التي تعتبر نفسها شرطي حقوق الانسان في العالم، وليس لان المعتقل يخالف الاتفاقيات الدولية ومواثيق الامم المتحدة ومنها اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 الخاصة بمعاملة الاسرى، بل بسبب الارتفاع الهائل لتكلفته في ضوء عجز الميزانية الأمريكية، حيث يكلف كل معتقل 2.7 مليون دولار سنويا، والمبلغ الاجمالي لتشغيل غوانتانامو منذ افتتاحه عام 2002 بلغ 4.7 مليار دولار.

الولايات المتحدة افتتحت قبل 11 عاما المعتقل في خليج غوانتانامو، كي لا تطبق شيئا من المعايير الانسانية ضد من سمتهم ‘مقاتلين اعداء’ وضم المعتقل في البداية 558 معتقلا من 41 جنسية كلهم مسلمون، ومعظمهم تم جلبهم في دفعة كبيرة من افغانستان، ولم يستثن من تلك المجموعة الا شخص واحد، كونه يحمل الجنسية الأمريكية، اما البقية وبعضهم يحمل جنسيات اوروبية، وجدوا انفسهم في حقل تجريب لكل انواع التعذيب.

اليوم، يوجد بالسجن 166 معتقلا من بينهم 56 يمنيا تلقوا موافقة السلطات العسكرية الأمريكية على نقلهم، لكن، ورغم بحث هذه القضية اثناء استقبال اوباما للرئيس اليمني هادي منصور يبدو ان ترحيلهم سيأخذ وقتا طويلا، بحجة اعادة دراسة كل حالة على حدة.

حوالي مئة من هؤلاء المعتقلين يدخلون اليوم يومهم الـ182 من الاضراب عن الطعام كوسيلة اخيرة للفت الانظار لمعاناتهم، وما يزيد هذه المعاناة والم الاضراب عن الطعام هو وسائل اطعامهم قسرا عن طريق الانبوب.

الادارة الأمريكية بعد كل هذه السنوات، لم تستطع صنع العدالة، ولم تعاقب ‘ارهابيين’ ارتكبوا فعلا عمليات خطيرة بدليل عدم محاكمتهم، والمتهمون الفعليون بالارهاب غير موجودين في غوانتانامو.

الادارة الأمريكية صنعت اكذوبة كبيرة في غوانتانامو، وكانت وما زالت تخشى اذا حاكمت ارهابيين يوما ما سيظهر انها هي صانعة الارهاب الاولى، ولذلك تخشى المحاكمات الحقيقية.

زر الذهاب إلى الأعلى