من الأرشيف

هل جاء الدور على السعودية.. فقه نظرية المؤامرة (5)‏

(في كبرنا نكتب بقلم رصاص لاننا تعلمنا ان الكتابة بالحبر ليس سهلا محوها)‏
حكمة من يريد تجنب الخطأ

‏13 - هل وصل الدور إلى السعودية؟ ان اهم سؤال يجب طرحه الان وليس غدا هو: هل ‏تدمير بابل واور مرة ثانية بعد غزو العراق مقدمة لتدمير الكعبة في اكبر عملية انتقام تاريخي ‏مضمر طوال الاف السنين؟ ولتقديم المزيد من الادلة على الشراكة الاستراتيجية والتاريخية ‏العميقة والعضوية بين الصهيونية ونخب الفرس القومية قديما وحديثا لابد من الاشارة إلى ان ‏تدمير بابل اول مرة وقع على يد امبراطور الفرس كورش الذي هاجم بابل ل (تحرير) اليهود ‏من الاسر البابلي.‏

هنا ندخل في صلب موضوع مستقبل السعودية، ولكن قبل التوغل في مجاهيل العقل ‏الصهيوأمريكي لابد من ازالة وهم ربما يستحوذ على عقول البعض وهو ان أوروبا وأمريكا ‏المسيحيتان وإيران (الاسلامية) ليس منطقيا ان تعمل كل منها على تدمير الكعبة لانها تراث ‏ابراهيم الخليل اب العرب واليهود معا، اما إيران فلانها اسلامية فلن تفكر بتدمير الكعبة! هذا ‏منطق من ضاع في مجاهل غابات العدو المشترك، فاليهودية السائدة، كما تقول مصادر غربية ‏ومصادر يهودية مثل ناطوري كارتا، ليست يهودية النبي موسى بل هي احد اخطر انواع ‏عبادة الشيطان، كما تدل العديد من الشواهد والوثائق التاريخية والمعاصرة، لذلك فان عمل ‏الغرب والصهيونية على تدمير الكعبة عمل شيطاني في المقام الاول هدفه التمهيد لعبادة ‏الشيطان في كل مكان خصوصا في البقعة التي اختارها الله لتكون الاكثر قداسة واهمية. اما ‏نخب إيران السائدة فأن اسلاميتها لا تعدو كونها برقعا تضعه على وجهها وهي تمارس بغاء ‏‏(زواج المتعة) مع كل طارق سبيل يمكنه دعم مشروعها الامبراطوري الاستعماري، مثل ‏ممارستها البغاء علنا مع أمريكا واسرائيل في إيرانجيت، لهذا فان تدمير الكعبة أو الغاء ‏دورها هدف مجوسي وقومي فارسي جوهري.‏

الان السعودية تواجه كمائن مميتة لاول مرة في تاريخها:‏
أ-كمائن الشمال الشرقي: فمن الشرق، وبعد ان ازالت أمريكا جبل النار العراقي بغزو ‏العراق والذي كان يمنع حتى البعوض الفارسي من العبور إلى العراق ومنه إلى العرب ‏الاخرين، كسرت البواية الشرقية وتدفقت كافة اشكال مخلوقات إيران الوحشية والمشبعة ‏باحقاد لا حدود لها على الامة العربية، نراها الان بلا غموض وبصورة انموذجية في العراق ‏وسوريا ولبنان واليمن، لقد تدفقت تلك المخلوقات إلى العراق ومنه تحشدت على الحدود ‏السعودية في اكثر مناطقها رخاوة: المنطقة الشرقية حيث مكامن النفط والالغام الطائفية.‏

والخطورة هنا مزدوجة: خطورة على الهوية الوطنية السعودية حيث توجد فئة سعودية ‏جعلت هويتها الطائفية بديلا عن هويتها القومية العربية ووطنيتها السعودية، وخطورة من ‏الخارج حيث اسس (جيش) معاد للسعودية في شرقها وتحديدا في جنوب العراق والكويت، ‏وتزداد الخطورة عندما نأخذ بنظر الاعتبار ان كمائن إيران في جنوب العراق والكويت لديها ‏دعم ملموس في المنطقة الشرقية من السعودية، تماما كما كان الامر في جنوب العراق قبل ‏غزوه واستخدم الاحتياطي الإيراني هناك ليكون اهم عناصر دعم وانجاح الغزو الأمريكي ‏للعراق. فجنوب العراق والكويت الان عبارة عن مخازن بشرية ومخازن سلاح جاهزة لغزو ‏السعودية في لحظة بدء أمريكا خطة تقسيم السعودية.‏

ب-كمائن الجنوب: واسست إيران وبدعم أمريكي صريح قاعدة شعبية وعسكرية بالغة ‏الخطورة في شمال اليمن على الحدود مع السعودية هي قاعدة الحوثيين والتي تعد مصدرا ‏مهلكا ليس لليمن فقط بل للسعودية وكل الخليج العربي، لان تمرد وعزل شمال اليمن وجعله ‏اهم مراكز نشر الفوضى والتشرذم في جنوب الجزيرة العربية والقنبلة الموقوتة التي يمكن ان ‏تفجر السعودية من جنوبها. اما اذا تعاون الحوثيون مع نظرائهم في جنوب العراق والكويت ‏للقيام باعمال مشتركة منسقة بتخطيط إيراني فان السعودية تصبح امام تحديات بالغة الخطورة، ‏ولعل مقاتلة الجيش السعودي للحوثيين مباشرة قد نبههم إلى خطورة وجود القاعدة الحوثية في ‏جنوب السعودية والتي اصبحت لا تقل خطورة عن القاعدة الإيرانية الاشد خطورة وهي حزب ‏الله في لبنان ولا نقول اللبناني لانه تخلى عن العروبة.‏

ج - كمائن البحرين وقطر: لمن لا يعلم لم تدخلت قوات (درع الجزيرة) وهذه اول مرة تقوم ‏بها هذه القوات بدور قومي فعلي، لاحباط اخطر مؤامرة إيرانية على البحرين عندما قام ‏عملاءها مثل حزب الدعوة البحريني (جمعية الوفاق) وتوابعها الاذلاء المرتدين الذين ‏يتسترون - ويا للعار - باسم (التيار القومي) بشن هجمات مسلحة واسعة النطاق صورت ‏ووثقت ولم يعد بامكان اي اعمى ضمير انكارها، على ابناء البحرين البسطاء وقتل عدد كبير ‏منهم فاصبحت البحرين تطفو على عنف منظم طائفي المظهر لكنه يستبطن وينفذ خطة إيرانية ‏لغزو البحرين. فتدخل درع الجزيرة واحبط تلك المؤامرة.‏

لم تكن أمريكا بعيدة عن تحريض تيار في قطر ضد السعودية فالكل تصور ان الخلاف ‏السعودي القطري خلاف عادي بين امير قطر السابق والسعودية لكن التحريض الأمريكي ضد ‏السعودية كان حاضرا لان أمريكا كانت تنفذ خطوة واحدة من استراتيجية تقسيم كافة الاقطار ‏العربية، وهي ايجاد قاعدة عداء للسعودية في قطر لاكمال تطويقها! فالخطة كانت ومازالت ‏تقوم على تطويق السعودية اولا وقبل اي خطوات اخرى بحزام معاد من كافة الجهات، ولذلك ‏استغلت التيار القطري الغارق بسذاجة اوهامه لتحقيق هذا الهدف. لقد نشأت حساسيات أو عداء ‏بين السعودية وقطر وهذا هو المطلوب أمريكيا. ما نتيجة ذلك كله؟ تطويق السعودية من ‏شرقها بدأ من جنوب العراق ونزولا إلى الكويت وقطر وجيوب إيران في الامارات العربية.‏

د – كمائن الغرب: ان الوجود العسكري والمخابراتي الإيراني في ارتيريا والبحر الاحمر ‏مقابل السعودية وقربها ليس سوى تطويق اخر لها من جهة البحر، وجهة البحر هذه تعد اهم ‏طرق تنمية وادامة قوة الحوثيين في جنوب السعودية، لذلك لا يجوز ابدا تجاهل مغزى حرية ‏تحرك البحرية الإيرانية في تلك المنطقة والتي كانت حكرا على أمريكا وفرنسا! بصريح ‏العبارة أمريكا تسمح لإيران بالنشاط الخطير هناك لانها تريد اكمال تطويق السعودية من كل ‏جانب.‏

قد يفسر البعض بان هذا تكتيك أمريكي لمواصلة حلب المال السعودي فوجود إيران في ‏البحر الاحمر قرب اراضيها ومياهها الاقليمية هدفه اجبار السعودية على شراء السلاح ‏الأمريكي وطلب الدعم الأمريكي، لكن هذا التفسير ضعيف جدا لانه يتجاهل الهدف الاخطر ‏والابعد والذي اخذنا الان نراه بوضوح بعد غزو العراق، وهو وضع السعودية تحت عدة ‏مطارق وفوق عدة سنادين ويتواصل الطرق عليها من كل جانب حتى تتفكك كدولة وكيان. ‏انتبهوا لهذا الهدف السوبراستراتيجي الأمريكي ولا تذهبوا للسواقي الضحلة كالقول بانه وسيلة ‏حلب المال فقط.‏

تطويق السعودية بهذه الطريقة ليس سوى مقدمة لابد منها للبدء لاحقا بتقسيمها اذن، وهنا ‏تظهر مجددا صلة الشراكة الاستراتيجية الأمريكية الإيرانية في اليمن وفي السعودية وحولها، ‏فأمريكا تعمل في اليمن على تعزيز نفوذ الحوثيين من جهة، وتعزيز مواقع الانفصاليين في ‏جنوب اليمن من جهة ثانية، وكل تلك الاهداف تتلاقي في بؤرة واحدة وهي انهاء الكيان ‏الوطني السعودي لاحقا. لذلك علينا ان نتذكر ان ما نشر من خرائط تقسيم السعودية اثناء ‏العدوان الثلاثيني على العراق في عام 1991، واعيد نشرها في مطلع عام 2011، لم يكن ‏تهديدا ولا خاطرة عابرة بل تطبيق اولي لخطة بعيدة المدى موضوعة لتقسيم السعودية، والان ‏لم يعد سرا ان أمريكا تعمل بالتعاون الوثيق مع إيران على تحقيق ذلك الهدف الخطير.‏

السؤال المهم هو لماذا تقسيم السعودية؟
ان تقسيم السعودية هدفه المباشر هو اكمال مخطط تقسيم الاقطار العربية كافة وبالتدريج أو ‏بالتزامن، وتسهيل الاستيلاء المباشر على ثروات الدول القزمة أو المقزمة التي ستنشأ على ‏انقاض الكيان الوطني السعودي، اما الهدف الابعد فانه تطبيق خطة المسيحية الصهيونية ‏بفرض ما تريده ومنه تدمير الكعبة بصفتها الرمز الاول للتوحيد انطلاقا من ابراهيم الخليل ‏عليه السلام، لذلك فان معارك العالم الحالية التي ابتدأت في عام 1991 هي جزء من ام ‏المعارك العالمية بين قوى الشر وقوى الخير، حسب تعابيرنا، أو انها الارميجادون حسب ‏التعابير التوراتية، ولكن المضمون واحد وهو انها معركة الحسم وكسر العظم التاريخية الاكبر ‏في تاريخ البشر.‏

هذه النظرة الاستراتيجية البعيدة لما يجري في وحول السعودية هي التي جعلتنا نرى ‏وبصواب تام بان السعودية حينما تدخلت في معركة البحرين، وهي معركة قومية انموذجية ‏في المقام الاول وقبل اي اعتبار اخر مهما كان لان الكيان البحريني العربي هو المهدد مباشرة ‏وليس النظام فقط، كانت تفهم بان احتلال إيران للبحرين باي طريقة تم ما هو الا مقدمة لغزو ‏السعودية وبدأ عملية تحويلها إلى دولة فاشلة تتهاوى تدريجيا نتيجة الازمات المتلاحقة ‏والمترابطة داخليا وخارجيا حتى تتفكك وتنهار وتتحول إلى دول عديدة. فالنار البحرينية لن ‏تنحصر في البحرين بل انها اصلا مصممة للتوسع حولها خصوصا نحو السعودية.‏

انها اذن معركة وجود وبقاء تلك التي توجهها السعودية ودول الخليج العربي كافة وليست ‏معركة ديمقراطية أو حقوق الانسان والتي كانت دائما منتهكة في كافة الدول وبلا اي استثناء، ‏بما في ذلك أمريكا التي تعد المنتهك الاول لكافة حقوق البشر خصوصا الحق الاهم وهو حق ‏الحياة، واسألوا بشكل خاص العراقي والسوري والفلسطيني عن هذه الحقيقة، وفي هذه المعركة ‏من يتعرض لمحاولات الازالة هو الهوية القومية العربية والوطنية للسعودية وليس النظام ‏فقط، ولدينا الادلة الدامغة التي تثبت ذلك، فمصر وتونس وليبيا والعراق وسوريا واليمن ‏والسودان لم تعد أمريكا تخوض فيها معركة (الديمقراطية أو حقوق الانسان)، كما ادعت في ‏البداية، وانما هي تخوض معارك تقسيمها من اجل مصالحها الانانية كدولة امبريالية ‏واستعمارية.‏

ومعارك أمريكا مثل معاركنا، انها معارك حياة أو موت، فهي لا تعيش الا على التوسع ‏وثماره، وهي الان وقد وصلت ازمتها البنيوية الذروة ليس لديها من خيار سوى توسيع نهب ‏العالم وتدمير مقاومة شعوبه للاستعباد الأمريكي، باستخدام كافة الاسلحة والوسائل، لكي تسخر ‏ثروات الشعوب وابناءها لخدمة اهم اهدافها وهو تأجيل انهيارها كنظام رأسمالي تعفن وتحول ‏ إلى جثة لا تستمر الا بغرفة انعاش وبوسائل صناعية، كما عاش ارئيل شارون لعدة سنوات ‏وهو ميت سريريا، ولعل اوضح الامثلة هو التأجيل الثاني للانهيار برفع سقف الدين العام في ‏عهد اوباما.‏

أمريكا وحش كاسر لم يسبق للبشرية ان واجهت وحشا مثله عبر اكثر من 10 الاف عام من ‏حيث تعطشه لابادة الاخر بلا اي رحمة أو تردد بانانية مرضية وغير مسبوقة، وهي لذلك تريد ‏تسخير كل موارد العالم لاجل ابعاد شبح موتها بانهيار نظامها الرأسمالي الشائخ، ولكي ‏تستطيع السيطرة على العالم عليها، اولا، ان تحول كل الدول المستهدفة إلى دول فاشلة تتحلل ‏تلقائيا وتدريجيا وبلا غزو عسكري لا تستطيع أمريكا تحمل نتائجه الخطيرة كما اثبتت تجربة ‏العراق.‏

وبما ان أمريكا وضعت اليد على النفط العراقي، وهو النفط الاكثر في العالم في واقع الامر ‏وليس السعودية،، فان المطلوب الان وباسرع وقت ممكن الاسراع بإنهاء الكيان الوطني ‏السعودي لاجل تحويل ملكية نفط السعودية إلى دويلات قزمة متناثرة ومتحاربة، فتصبح ‏السيطرة على نفطها اسهل بكثير وبلا معوقات كبيرة، وبالسيطرة التامة على النفط العراقي ‏والسعودي توفر أمريكا اهم ضمانات ديمومة الرأسمالية الأمريكية كما تعتقد، ولكن في غرفة ‏انعاش. هذا ما تحتاج اليه الرأسمالية الأمريكية بصورة حاسمة.‏

اذن ما تريد فعله في السعودية هو نفس ما فعلته في العراق بفرض النظام الكونفدرالي تحت ‏تسمية مضللة وهو الفدرالية، وهذا ما فعلته في السودان بفصل الجنوب والان تجري عمليات ‏فصل اجزاء اخرى منه، وهذا ما تفعله في ليبيا التي بدأت عملية تقسيمها باعلان استقلال ‏برقة، وهذا ما تريد فعله قريبا في اليمن وتونس ومصر وسوريا. واذا نجحت في ضم النفط ‏السعودي،الموزع على دويلات، إلى النفط العراقي الموزع على اقاليم كونفدرالية فانها تعتقد ‏بانها ستتجنب الموت السريع والحتمي وانها ستستطيع العيش بواسطة وسائل اصطناعية بلا ‏حد زمني، وهذا بالتأكيد وهم قاتل فالرأسمالية الأمريكية ستموت حتما في النهاية كما مات ‏شارون بعد سنوات من العيش الاصطناعي.‏

وبنفس الوقت وفي تلك البيئة يمكن تدمير الكعبة وهو هدف توراتي معروف. وكي نتأكد من ‏ذلك دعونا نذكّر باهم التهديدات الصهيونية والتي صدرت عن قادة اسرائيل، ففي عام 1950 ‏قال بن غوريون رئيس الوزراء حرفيا (إن هذه الخريطة ليست خريطة دولتنا، بل ان لنا ‏خريطة أخرى عليكم أنتم مسؤولية تصميم خريطة الوطن الاسرائيلي، الممتد من النيل إلى ‏الفرات.)، وقال بعد حرب1967 (لقد استولينا على القدس واستعدناها، ونحن اليوم في طريقنا ‏ إلى يثرب)! هل تعرفون من هي يثرب التي يتحدث عنها بن غوريون؟ انها المدينة المنورة! ‏وفي نفس العام قالت غولدا مائير: (انني أشم رائحة أجدادي في الحجاز، وهي وطننا الذي علينا ‏أن نستعيده). وعندما زارت مواقع في جنوب طابا تنفست وقالت: (أشم نسيم يثرب وخيبر)! ‏وقال موشي دايان وزير الحرب بعد حرب عام 1967 واحتلال القدس (ألآن أصبح الطريق ‏مفتوحا أمامنا إلى المدينة ومكة) واضاف (لقد وصلنا أورشليم وما زال أمامنا يثرب وأملاك ‏قومنا فيها)!‏
اذن يثرب وخيبر وطن اجداد مائير وبن غوريون! لقد ابتلينا بوجود صلات لنا مع اكثر ‏البشر تذكرا للتاريخ واحداثه مهما طال الزمن وهم الفرس واليهود! ومن يعتقد بان الصهاينة ‏ينسون أو يتغيرون واهم، لان فلسفتهم تقوم على مقولة (تمسكن حتى تتمكن)، فهم يخفون ‏اهدافهم عندما يكونون ضعفاء حتى يحين وقت تحقيقها بامتلاكهم القوة، ولذلك يجب علينا ان ‏نتذكر بان اخطر عدوين لنا وهما الصهاينة والفرس يملكان ذاكرة تاريخية محفورة على سطح ‏ماس صلب لا تمحى بعد الاف السنين، ولذلك انتظر الصهاينة 4 الاف عام لتحقيق هدفهم ‏التوراتي، اما الفرس توأمهم في التذكر الحاد الطويل الامد فقد قرروا بعد فرض الاسلام عليهم ‏قبل اكثر من 1400 عام تدمير (ملك العرب) والثأر منهم ومن دينهم وحضارتهم مهما طال ‏الزمن، واختاورا (التقية اليهودية) وسيلة للتغلغل داخل الاسلام وتدميره من داخله، فصنعوا ‏التشيع الصفوي.‏

اما نحن العرب فان ذاكرتنا التاريخية تحفظ معلوماتها على ورق عادي، ولا تنحت فوق ‏سطح ماس كما يفعل الفرس والصهاينة، ولا ادري لماذا نترك الورق الذي كتبت عليه احداث ‏ذاكرتنا التاريخية تحت امطار عاتية فلا يبقى منها شيء نتذكره، واهم مانفقده هو عدم تذكرنا ‏لحقيقة عدونا ونبقى غير مدركين لكيفية تفكيره وما خطط لنا فلا نحتاط لمخاطر الثأر أو ‏الغزو؟! هذا هو التخطيط التوراتي قائم وثابت وينفذ على خطوات ومن بين اهم الخطوات ‏سيطرة اسرائيل على مكة والمدينة، وهكذا نجد انفسنا نواجه تحد مميت من قاطرتين تجران ‏الاحداث بقوة وزخم متجدد وهما قاطرة رأسمالية النهب عبر الغزو، وقاطرة الاساطير ‏التوارتية التي تريد تحويل الواقع الحالي إلى ترجمة حرفية لما ورد فيها.‏
المطلوب صهيونيا وإيرانيا وأمريكيا هو تدمير السعودية ككيان وليس النظام فقط، تماما ‏مثلما استهدف العراق ككيان وليس كنظام فقط، ومثلما تستهدف سوريا وليبيا واليمن ومصر ‏وتونس والسودان وغيره الان ككيانات قطرية عربية وليس كانظمة فقط، وعندما يحين وقت ‏تفكيك السعودية تدريجيا خصوصا عبر الاداة الإيرانية داخلها في المنطقة الشرقية فاننا سنرى ‏اعادة مطورة لما رايناه ونراه في العراق وليبيا وسوريا. لذلك فان اول مهمة قومية ووطنية ‏تفرض نفسها وتعلو فوق اي مهمة اخرى هي حماية الهوية العربية والكيانات القطرية، التي ‏رفضناها في مرحلة النضال من اجل الوحدة العربية، لان الكيان القطري بقي الحصن الاخير ‏في دفاعنا عن الهوية وعن الامة كلها، فما لم تكن لدينا اقطار موجودة فان كل شيء يصبح ‏مستحيلا، حماية الوجود القومي اولا وقبل كل شيء هي المهمة الحاسمة والاساسية والاكثر ‏قدسية، وبدون التذكر الحاد والجاد تلك البديهية فان الدعوة للاصلاح واسقاط الانظمة، اذا ‏عزلت عن تهديدات القوى الاستعمارية والصهيونية والإيرانية، تصبح احدى اخطر ادوات ‏المعسكر الامبريالي الصهيوأمريكي المتشارك عضويا وسوبراستراتيجيا مع إيران ‏واستراتيجيا مع تركيا.‏

من خلال هذه الصور المعاشة لما يجري الان هل ترون من هو الراكب ومن المركوب في ‏موضوع السعودية ودول الخليج العربي؟ المصالح القومية العربية هي الراكبة ام انها ‏مركوبة؟ من المهدد: العرب وهويتهم؟ ام الفرس والصهاينة وأمريكا؟ ايها السادة من الفاعل ‏ومن المفعول به؟ هل الفاعل هو من يصرخ بألم (هل ضحينا بكل شيء لنحصل على ما ‏يجري في سوريا وليبيا ومصر وتونس واليمن والسودان) ام انه مفعول به؟ من الجار ومن ‏المجرور: من وضع في نحو لغتنا (من) فجرت الجبال والجمال خلفها؟ ام الجبال والجمال التي ‏جرت من خشومها رغما عنها بقوة (من)؟!‏ يتبع..

* كاتب ومفكر عراقي

للاطلاع على الحلقات السابقة

زر الذهاب إلى الأعلى