من الأرشيف

الدولة المُتعصبة.. في يوميات "الثورة"!‏

لمْ أكنْ أعرفُ أنّ مقالي الأخير "الدولة الرخوة.. ماذا بعد" سيثيرُ عواصِفَ من الغضبِ ‏والعَتَب على الكاتب والناشر معاً! وإلى درجة أن يتوقف نشر مقالاتي في يوميات صحيفة ‏الثورة!‏

أعرفُ أنّ قرار إيقاف المقالات كان أكبر من إدارة الصحيفة وحتى من وزارة الإعلام! ‏وأعرف أنّ العصبيّة هي الحاكمة الآن.. تَقدَحُ ناراً، وتتطايرُ شرراً.. وليتها تفعلُ ذلك من أجل ‏إنسانِ هذه البلادِ ومُعاناته، وجيشِها المغدورِ وشهدائِهِ كُلَّ يوم، وليسَ مِنْ أجل يوميّاتٍ عابرةٍ ‏كل أَحَد!‏

كنتُ أرْبأُ بالرّجل الكبير أن يُوقِفَ نشرَ مقالاتي في الثورة! على الأقلّ احتراماً للقارئ ‏المُنتظِر ليوميات الأحد! مع اعتقادي الجازم بأنّ كل ما كتبتُ لا يساوي في ميزانِ ضميرِ ‏التاريخِ دمعةَ أمٍّ يمنيّةٍ على ابنها الجُنديِّ المغدور.‏

لا يُمْكِنُ للعصبية الغاضبة أنْ تحْكُمَ بالعدل.. إنّها لا تَحْكُمُ بل تتحكّم، ولا تضيءُ بَلْ تُشعِلُ ‏وتَحرِق! ثم إنّها تستنفِدُ طاقتَها في أسرع وقتٍ كيْ تنطفِئَ وتموت! وهذه هي طبائعُ الاشتعال!‏

لقد كانت مقالاتي في صحيفة الثورة في فترةٍ هي الأخطرُ في تاريخِ اليمنِ المُعاصر وما ‏تزال. ولذلك، فقد كانت تعبيراً عن هذه الخطورة.. وكانت بعد ذلك اختباراً صعباً لإدارةِ تحريرِ ‏الجريدة وأشهدُ أنّها نَجَحَتْ فيه بامتياز.. وكانت امتحاناً لمدى الالتزام بِحُريّةِ الكلمة المسؤولة، ‏وأشهدُ أن الصحيفة تجاوزت في ذلك كل ما نَشَرَتهُ منذ تأسيسها..‏
أقولُ ذلك اعترافاً بفضل، واعتزازاً بصداقة!‏

لكنَّ المُضحِك أن يظنّ أحدٌ أنّ إيقافَ النّشرِ في صحيفةٍ ما إيقافٌ لقلم!.. وفي هذا الزمان! ‏زمانِ آلافِ الصُّحُفِ والقنوات ومواقع التواصل الاجتماعي!‏
يَغْضَبُوْنَ مِنْ كلمة "الدولة الرخوة"! وكأنَّ المُصطلح من اختراعي!‏
لكنّ رَدّةَ الفِعْلِ هذه تُثبِتُ أنّها دولةٌ رخوة بالفعل! وإنْ كُنتُ لمْ أتصوَّر أنّها رخوة إلى هذا ‏الحد!‏

زر الذهاب إلى الأعلى