أرشيف الرأي

عن أروى عبده عثمان وزيرةً للثقافة

لن يكون لكل هذا الردح الذكوريّ المتهرّئ ضد أروى عثمان ورفيقاتها أيّة قيمة. فقط، هي استعاضة عن خذلان الحياة، ومزيداً من حشو البنادق بالموت.

العصمة الإلهية لدم الإنسان في هذا البلد تنتهك، وتتمزّق بنصال الذكورية المتوحّشة كلّ يومٍ ولحظة، فيما هم مشغولون بأمر تعيين أروى عثمان وزيرةً لوزارة الثقافة، وثلاثٍ أخرياتٍ معها في حكومة، لا يعلمون عنها سوى أنّه يقال لها حكومة.

على رسلكم يا هؤلاء، يا مؤمنين بتدوير الوظيفة العامة للرجل وحده، ربما ذرأت بلقيس ما طمسته ذكوريّة أسعد الكامل، و بن ذي يزن و ذمار بن علي، وسواهم، آساد الحروب والصراعات والقتل، والدماء التي ما نزال نجد طعمها إلى اليوم في حلوقنا.

أمسكوا يا أدعياء المدنيّة والحقوق والشعارات، فلربما أزلْنَ عن وجه البلاد كل هذا البؤس المتوزع على الجدار الذكوري المتصدع بالقبح والرذيلة.

الأستاذة القديرة والعزيزة أروى عثمان: كانت المرّة الأولى التي رأيتكِ فيها، ببهو مركز الدّراسات والبحوث اليمني، تتزيّين بكل سمتٍ ورجاحة نظرة. يومها، لولا أنّي أعرف أستاذنا الدكتور عبدالعزيز المقالح، لقلت هو أبوكِ، وهذا حنوّ الأب على ابنته. سلامي عليه حيث هو الآن!

كتبتُ لكِ قبل أكثر من شهر، مطمئناً على صحّتك، ومتمنّياً أن تؤول حقيبة الثقافة إليك، ليقيني بعطاءين: الأول، يتمثّل بالمرأة، الذات المتوقّدة بروح أرومتها الممتدّة في شرايين الحياة أرضاً وإنساناً. والثاني، يتمثّل بما أعرفه من وقوفك على قاعدة ثقافية صلبة، وأساسٍ من رؤية فلسفيّة مجتمعيّة عميقة وأصيلة، مع عمرٍ من الكلمات العِذاب.

إنّ حقل الموروث الشعبي المسحور الذي تلوّحين من داخله بالقصيدة والمشقر ومباخر الجمال، متداخلٌ مع النظم المعرفية الأخرى. الأنثروبولوجيا والتاريخ والأدب، تتعاضد، لتمثّل اندماجاً إبداعياً لطرقٍ عدّةٍ من التفكير. وسيمدّكِ هذا الحقل الضخم والزّاخر بتصوّرٍ واضح عن حالة الوعي المجتمعي، وصوغ رؤية تنويرية، قادرةٍ على هزيمة الموت والبارود في بلد "التنكا"، والانتصار للبقاء والحياة.

سأزوركِ يوماً ما بحول الله، وسأرى اليمن بصورةٍ أخرى في عينيكِ الضّاحكتين، وسأطلب منكِ نسخةً من "يحدث في تينكا بلاد النامس"، العمل السردي الحائز على المركز الأول عن جائزة الشارقة للإبداع العربي، في العام 2001م.

تحيَّةٌ من القلب لكِ، ولكل امرأة يمنية، تُسكن اليمن من وُجْدها ووريدها، وتمدّ الحياة من رئتيها المملوءتين بالنقاء والعطاء.. والقهر!

https://nashwannews.com/ar/secontna/uploads/old/dir2/images3/2014/11/2/1415685255.jpg

زر الذهاب إلى الأعلى