آراء

عن الحشاش الحالي والسلالة والسلطان صلاح الدين

عبدالسلام القيسي يكتب: عن الحشاش الحالي والسلالة والسلطان صلاح الدين


في الفترة الذهبية والحكم الجمهوري النبيل، كان السلالي في المؤتمر وفي الإصلاح وفي الناصري وفي الاشتراكي والسلالي السلفي، كانوا كلهم حزباً واحداً في ممرات الظلام.
يصب السلالي من كل حزب جلّ عداوته للحزب الآخر وصنعوا الخلافات بين الأحزاب والتكتلات اليمنية، فهم عالية كل جماعة وهم خفية كل معركة. يتخاصم حزبان كبيران كالمؤتمر والإصلاح فيرسل كل حزب ممثلاً منه لحسم الخلاف، يكون السلالي من حزب الإصلاح هو ممثلهم، وكذلك من المؤتمر، وهما حقيقة يخضعان لتعليمات الخميني الخفي.
تمتد خيوط السلالة منذ ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢، بين الأحزاب والجماعات وفي دور كل ملتقى، في الوجه والوجه الآخر، على كل شاكلة، منهم بدأت ثغرة عودة الكهنوت على حصانه الأسود، وعبرهم سقطت الجمهورية، وبدأبهم منذ ستين سنة.. من ينسى كبوات الثورة؟
شعر الكهنوت الأول في الخمسينيات بقرب السقوط، كانت المرحلة مرحلة تهاوي الأنظمة الملكية والكهنوتية حول العالم ومرحلة تحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وقامت السلالة بضربة استباقية وأرسلت الشامي إلى عدن للعمل كثائر مع الثوار ومارس دوره في عدن بحذاقة من قبل الثورة ومن بعد الثورة.
أكتشفنا مؤخرا أن الشامي الثائر الحر هو المؤسس وعراب التنظيم الخفي للسلالة في اليمن وما قام به ضد الجمهورية كان أبشع بكثير مما قام به العدو الظاهر؛ لأن الصديق مثل الشامي كان ينخر الجمهورية من الداخل وقد فعلها وها نحن نجني فعلته.
هذه السلالية، ومثلها كل سلالة، تاريخيا تتواتر بالتنظيمات السرية، فكل خطواتهم من ألف إلى ياء مدروسة، كما بني صهيون، وكما فرسان الهيكل، وكما كل فرق الموت وأشهرها فرقة الحشاشين التي لاتزال بشكل آخر.
يرابط عبدالملك في كهفه، كما حسن الصباح الذي رابط زمناً في قلعة ألَموت بإيران، ويحكى أن السلطان صلاح الدين الأيوبي وضع صيادي رؤوس خلف حسن الصباح لقتله، وصل الخبر لحسن وأرسل وزيره إلى السلطان، قيل إن وزيره قال له: أريد التكلم معك وحدك.
أخرج صلاح الدين كل من في بلاطه، كلهم
الوزراء والأبناء والأخوة إلا حارسين واقفين على يمينه ويساره فأشار اليه الوزير: هاذان.
أراد من صلاح الدين إخراجهما فصاح به: هاذان لا، أنا وهما بقلب واحد، هما هنا حماية لي وهما مكمن سري، إما تتحدث وإما فاذهب.
كان رد الوزير على صلاح الدين صاعقاً: لو أمرتكما بسحب سيفيكما على السلطان لقتله، هل تفعلان؟ سحب الحارسين سيوفهما لقتل صلاح الدين فأمرهما بالتوقف ودار ظهره في حضرة السلطان للسلطان وذهب تاركاً صلاح الدين في وجومه واندهاشه وخيبة ظنه.
من قلعة ألموت قال حسن الصباح للسلطان: توقف عن البحث عني لقتلي، تصل يدي إلى خلف كرسيك، وفعلاً تراجع صلاح الدين عن طلب رأس أمير الجبل وقائد أكبر فرقة دموية عبر التأريخ، خبرة اغتيالات.
للسلالة أيادٍ في كل مكان، بين الجند وفي الكتبة، بين الكبار ووسط الصغار، تنشط مؤامرتهم في تفاصيل التفاصيل وكفوا عن القول: لا تضخموا من الحوثي وتخوفون الجميع منه، فهو ضعيف ولكن أنتم تكبرونه.
لا يا هؤلاء، ليس كذلك، بل يجب أن نرى الحقيقة بكل أعيننا، بألف عين وعين، وندرك الخطر الذي يلم بنا وأحدق بنا منذ دهر، منذ ألف سنة ويزيد تسقط السلالة وتعود، تسقط وتعود، تسقط وتعود، لماذا؟ لأنها لم تسقط.
أي لا تسقط، نسقطها عن حكم البلاد ولا نسقط الوكر الدموي الخفي الذي يغذي عودة كل قرن، إسقاط السلالة يعني الجري خلف خيط الظلام الممتد من قرون كثيرة، الوصول إلى المنبع وليس فقط ردم المصب، فلربما تسقط الحوثية كما سقط المتوكلي الأخير، لكن متى ننتهي من ينبوعها الأسود؟

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى