النعمان.. أستاذ الأحرار ومُلهمهم
موسى عبدالله قاسم يكتب عن النعمان.. أستاذ الأحرار ومُلهمهم
منذ نشأة الحركة الوطنية في ثلاثينات القرن العشرين، كان الأستاذ المناضل أحمد محمد نعمان علمها الأبرز وصانعها الأول، بذل كل ما بوسعه في سبيل استعادة الإنسان اليمني لآدميته وحقه في الحياة حراً عزيزاً كريماً، بعيدا عن الكهانة السلالية العنصرية الإرهابية.
وبرغم ما كان يعيشه من حياة رغيدة -قياسا بذلك الوقت- إلا أنه انتفض في وجه الظُّلام الذين يذيقون شعبه ويلات القهر والذل والحرمان، وفضّل شظف العيش في المنافي ودهاليز السجون الرهيبة وسيف الوشاح الإرهابي، ونذر نفسه في سبيل القضية الوطنية التي آمن بها وعلّم الأحرار أبجدياتها وحثهم على التمسك بها مهما كانت العواقب والمآلات.
بعد انتكاسة ثورة 48 نتيجة تآمر الرجعية العربية عليها وعلى أحرارها، كان الموت ينتظره ورفاقه في كل يوم وليلة، بعد دخوله اليمن ووقوعه في الأسر، وكان سيف الإمامة العنصرية يجز رؤوس رفاقه يوم بعد آخر، يقول عن تلك المجزرة الرهيبة بحق الأحرار "قُطعت رؤوس أحبائي وأعزائي، وذُبح معهم عمي وشقيق أبي عبد الوهاب نعمان الذي عاش في السجون سبعة عشر عاماً، وانتهت حياته كريماً عزيزاً، مع الأبطال الذين أضاءت دماؤهم السبيل للمكافحين والأحرار في البلاد العربية وأعطتهم دروساً في التضحيات والإقدام والمغامرة."
تجربة السجن الرهيبة التي عاشها أستاذ الأحرار شدّت من عزيمته وإرادته في المضي قُدما نحو الخلاص الوطني الكبير، خلاص الشعب وتخليصه من بين فكي الكهنوت العنصري، فيقول رحمه الله "إننا لن نضعف ولن ننهزم، وإنا لواثقون من أن يوم النصر قريب، وأن اليمن لا بد وأن تتحرر، وأن تُسْعد، وأن يقوم فيها حكم شعبي يعمل من أجل الشعب ولإسعاد الشعب، وستسوّد وجوه الخائنين والدساسين والمنافقين. إنه لا يمكن أن يهزمنا أحد، ولا يمكن أن يحطمنا أحد، إلا إذا هزمنا أنفسنا، وإلا إذا حطمنا أنفسنا، ولا شيء يهزمنا ويحطمنا مثل الفُرقَةِ فاحذروها".
ما دوّنه الأستاذ النعمان قبل أكثر من ستة عقود من الزمن في تقييمه لمرحلة ما بعد الانتكاسات الثورية في 48 و55م، وحالة اليأس التي اجتاحت البعض من أحرار اليمن نتيجة لتلك الانتكاسات وثمنها الباهض، يمكن اسقاطه على واقعنا اليوم، ونحن نخوض ذات المعركة المصيرية مع ذات العصابة الهاشمية الإرهابية، إذ يقول:
"يا أبناء اليمن، لا يأس مع الكفاح، ولا تظنوا أن الفشل واقف لكم بالمرصاد فإن الفشل لا عيب فيه ولكن العيب كل العيب في الاستسلام واليأس والقنوط؛ إن مصر ظلت تنشد التحرر سبعين عاماً والصين الشعبية حوالي تسعة وتسعين عاماً. ولم يتحرر شعب من الشعوب إلا بعد صراع طويل وكفاح مرير وجهاد عنيف ومرحلة عسيرة شاقة وتضحيات ونكبات وفشل متلاحق وهزائم متكررة".
وبالفعل، لم تذهب تضحيات الأحرار سدىً، بل كانت صيرورتها ثورة الألف عام، ثورة الـ26 من سبتمبر الخالدة، ودون شك فإن تضحيات أحرار اليوم في مختلف الجبهات الجمهورية ستُكلل بالنصر الجمهوري المبين مهما كانت التضحيات.
رحم الله أستاذ الأحرار وملهمهم، في ذكرى مولده الأغر، الـ26 من أبريل 1909م.
عناوين ذات صلة: