تحولات .. أعشاب الرماد

قصائد الشاعر الكبير عبدالله البردوني - نشوان نيوز - تحولات .. أعشاب الرماد

عرفت ل ماذا.. كنت قتلي وقاتلي
لأن الذي يعطيني الخبز، آكلي

لأني بلا ريحٍ.. إلى الريح أنتمي
فيوماً يمانياً، ويومين (باهلي)

وطوراً غروبياً، وطوراً مشرقاً
وحيناً صدىً، حيناً نشيداً (سواحلي)

وآناً بلا وقتٍ، وآناً مؤقتاً
قناعي علائيٌ، ووجهي تنازلي

* * *

أأروي حكاياتي؟ جفوني محابرٌ
لأقلام غيري، حبر غيري أناملي

لأني دخلت السجن شهراً، وليلةً
خرجت، ولكن أصبح السجن داخلي

لقد كنت محمولاً على نار قعره
فكيف تحملت الذي كان حاملي؟

ومن يطلق السجن الذي صرت سجنه؟
ومن يطرح العبء الذي صار كاهلي؟

* * *

تخشبت والأيام مثلي تخشبت
أتمضين يا أيام؟ من أين؟ حاولي

من الآن حاول أنت.. كيف تريدني؟
سكت ل ماذا؟ هزّني من مفاصلي

تقولين: حقي أصبح اليوم باطلاً
عليَّ إليه، أمتطي ظهر باطلي

أتدرين؟! أنساني التمرغ ها هنا
جيني، وأنستني المنافي شمائلي

تقولين: ماذا أنتوي يا هواجسي؟
أتنوين شيئاً؟ فارقيني وناضلي

أما فيك ما لم يحترق بعد؟ كل ما
أعي، أنني أفنيت حتى تفاعلي

أجب غير هذا، أعشبت فيك جمرةٌ
وهذا اختلاجي فيك أزهى دلائلي

* * *

دمي صار ماءً رمدتني وحوله
قميصي، أتخشى أن تفيق شواعلي؟

تصيخ إلى شيءٍ يجادل هجعتي
ومن أي ذراتي ينادي مجادلي؟

* * *

أحس بقلبي الآن ركض ولادةٍ
عن الصمت يلهيني، عن الرعب شاغلي

أبيني وبيني ثالثٌ إسمه أنا؟
أمني أتى غيري؟ أيبدو مشاكلي؟

* * *

تحولت غائياً، من الموت أبتدي
إلى غايةٍ أعلى، ستضحي وسائلي

أللمرء ميلادٌ يموت ومولدٌ
بلا أي حد؟ ما الذي يا تساؤلي؟

* * *

أصوتي سوى صوتي؟ أجرب صيحةً
هنا مولدي يا فجر، قبل خمائلي

سقوني دمي، كي أرتوي دائماً بلا
حنينٍ، فنادتني إليها مناهلي

ترمدت كي أغلي وأندى، وها أنا
أتيت، وفي وجهي شظايا مراحلي

* * *

صباح المنى يا (قاع جهران) هل ترى
على لحيتي لون الشعير (القباتلي)؟

أتعرفني يا عم (عيبان) من أنا؟
أتنوين يا شمس الربى أن تغازلي؟

* * *

إلى شهوة الأعراس أسرجت مدفني
ومن قطع شرياني بدأت تواصلي

أما كنت ميتاً؟ إنما كنت أغتلي
وأعلو على قتلي، لأجتث قاتلي

سبتمبر 1978م

زر الذهاب إلى الأعلى