المحتربون

قصائد الشاعر الكبير عبدالله البردوني - نشوان نيوز - المحتربون

بلا أي داع، أو بداع تناهشوا فلا
الميت في الموتى، ولا الحي عائش

لأن المدمي باحث عنه في الدما
وكل قتيل عنه في الرمل رافش

إذا اعتل ماء الجسم واحتث نازفاً
فما قيمة الرامي إذا انقض خامش؟

***
كمالية حرب الخليج وغيرها
وحول الضروريات كاو وكامش

هنا قبل تشع كان إن شع(يفرس)
نضا (السر)(وادي ظهر)واغبر(عافش)

تلتها حروب مالغا باسمها فم
ولا دق مرش الكر والفر مارش

أفتشت عن وجه لهذا؟ لو أنه
- كما خلت- ذو وجه لما اهتم فاتش

أكل ربيع خالف النهج، لا الندى
يندي، ولا لمس النسيمات راعش

ولا تشتكي هذي البساتين عريها
ولا تنتوي حمل النهود العرائش

ألا تلحظ التفاح في الطين ينطوي
وتنزو كأسراب الجراد المشامش

وما بين أحزان المواسم والربى
تشاك، ولا بين المراعي وشاوش

ولا للمسمى النصر وجه من الضحى
ولا ظهر من تدعى الهزيمة غاطش

إذا ما نجا القتال، حال قتيله
بباطنه نعساً يناديه ناعش

لأن القوى بالضعف أغرى أذالها
مرسا فأعيا طيشها منه طائش

ل ماذا الأنام اثنان نفي كل بقعة
على الأرض مبطوش به ثم باطش؟

لأن الزمان اثنان: حرب وهدنة
وسر الوفاق اثنان: ماح وراقش

وما هذه الأثداء إلا مشاجب
ولا هذه الأذقان إلا حشائش

وتلك التي تحمر تصفر دور من؟
تحاول أن تنفض عنها الزراكش

***
نثير الحصى أمسى ضجيع قنابل
ولا قر مفروش ولا احتاز فارش

فلا فرق بين الحرب والحب لا اللقا
يسلي- كما قالوا- ولا البعد واحش

لأن التعادي اليوم حمال أوجه
إذا نام فيه فاحش قام فاحش

إذا اصفر من رضته أنياب طلقة
تنحى الذي ما مس كفيه خادش

***
فمن ذا يسمي الأرض أنثى بسيطة
وما فوقها إلا الجيوش الجوائش؟

ضجيج الصواريخ المبينات نطقهم
وعنهم تغني القاذفات العواطش

إذا شق جنزير فما، شق مدفع
فما، والثرى المنبوش عن فيه نابش

***
وبين الروامي والروامي تنابح
وبين الضحايا والضحايا تناقش

وبين الشظايا والمنايا تسابق
وبين الثواني والثواني تناوش

لأن (السلوقيات) في كل معتد
على عهدها حمر المآقي هوارش

أيا ناقشاً أخبار (كهلان) في الصفا
قوى العصر (بالنابلم) فينا نواقش

ويا غاز كل الساح عندك مقتل
وفيك إذا قصرت عام وعامش

من القصف حتى القصف تعدو خرائب
وتستاق أخرى العاصفات النوافش

أهذا الرماد المقشعر كتائب
بيوت، أذاك الفحم (سعدى) و(طارش)؟

أهذا الحصى المحمر أطفال روضة؟
أهذا الرصيف الرطب (عفرا)و(داحش)

ومن ذلك الدخان المشرئب قوافل
من الحقد يرعاها دم الريح (طاهش)

ومن ذلك المصلوب ساقاه (جدة)
و(صنعا) وأعلى منكبيه (مراكش)؟

عروق (الذفيرى) يا (إبقراط) أحرقت
وحالت سموماً- يا (بن سينا)- (الجوارش)

إذا أدام الثاني رأى بالكون مدهشاً
فمن أي شيء آدم الالف داهش؟

ترى أي عش – يا رصاص- بمأمن؟
وأي عروش للردى أنت عارش؟

ويا زوجة الشطرين ذبت على العصا
وما ذاب في تجميش خديك جامش

ويا زاحمين الأرض والجو بالقوى
أما للقلوب الأدميات هامش؟

ففي أي ركن يهدأ العشب والندى؟
وفي أي غصن تطمئن الروائش؟

وفي أي ثقب يجهش الحب باكياً؟
وهل يسكت الفولاذ والطين جاهش؟

ألا لا رأت يوماً ككانون (دجلة)
ولا أصبحت يوماً تطير (الدشادش)

مارس 1991م

زر الذهاب إلى الأعلى