حوارية الجدران.. والسجين

قصائد الشاعر الكبير عبدالله البردوني - نشوان نيوز - حوارية الجدران.. والسجين

هيّا يا جدران الغرفة
قولي شيئاً، خبراً، طُرفه

تأريخاً منسيّاً، حُلُماً
ميعاداً، ذكرى عن صدفه

أشعاراً، سجعاً، فلسفةً
بغبار الدهشة مُلتفَّه

أنغاماً تعلو قامتُها
وتحلُّ ضفائرها اللَّهفه

* * *

هَيّا يا جدران ابتدعي
أصواتاً، إيماءً، وجْفَه

فجّاً أسطوريّاً. أرجو
مِن نبت غرابته قَطْفَه

أشواقاً، أخيلهً حبلى
كوباً غيبيّاً، أو رشفه

* * *

(يا هذا تستسقي نهراً
لا تنظُرهُ، وترى الضّفَّه

الأنهار الكبرى تفنى
غَرقاً، وتحنُّ إلى النطفه(

* * *

أترين لهذا خاتمةٌ؟
(ماعندي للموتى وَصفَه)

)قد يهذي البعض كمذياعٍ
يعزو للسَّفَّاح الرأفه)

* * *

تحكين الآن عن الجاري
: ألَديكِ عن الآتي نُتفه؟

(هذي أعوامٌ، لا تمضي
لا تأتي، لا تجري خِلفَه

ألسقف يعي عن جمجمتي
أسراراً، تجهلها الشُّرفه

ترتاب الزاوية اليمنى
في اليسرى، تتَّهم الصُّفّه

لعروق وقاري وسوَسَهٌ
أقوى مِن ثرثرة الخِفَّه

أو ما تشتَمُّ شذى لغتي؟
وتَحسُّ بأجفاني رَفَّه؟)

* * *

هذا المدعو جلدي: جَدَثٌ
هذا المدعو رأسي: قُفَّه

إني أستدعي رائحةً
أخرى، أبغي أعلا رجفه

عنوان البرق المستخفي
أستملي عينيهِ خطَفه

* * *

(في قلبي ألسنةُ الدنيا
لكن لفمي عنها عِفَّه

الصمت حوارٌ مُحتَملٌ
والهجس أدلُّ مِن الزَّفَّه

إطلاق الأحرف حرفتكم
اِخترت الصمت، أنا حِرفَه

أو قل: ما اخترت ولا اخترتم
طبَعتنا العادة والألفه)

حسناً، ألديكِ سوى هذا؟
(إجهادي مِن طول الوقفه

مَن صفَّ ركامي، لا يدري
أني أوجاعٌ مُصطَفَّه)

* * *

وَجَعي مثلي؟ فمن الأشقى؟
مَن أضنى؟ مَن أعتى كُلَفه؟

مَن أستعطي يدَه قمحاً
ألقاني صاعاً مِن رُفَّه

* * *

(حرِّرني مِن هذا المثوى
أو فاسكت مثلي يا تُحفه)

(يونيو 1981م)
* * *

زر الذهاب إلى الأعلى