آراء

النبي وقبيلته

وزير الأوقاف والإرشاد في اليمن الشيخ محمد عيضة شبيبة يكتب عن: النبي وقبيلته


ماكان الله ليعجزه أن يهدي قبيلة النبي للإسلام من أول لحظة ويشرفها بقبول دعوته من أول وهلة، لكنها صدَّت عنه وعارضته وحاربته وهو ابنها وأحد أفرادها؟!

فكيف ترك الله قريشا وما تشاء؟! حتى أنها لم تكتفِ بعدم تصديق النبي عليه الصلاة والسلام بل عارضته معارضة موجعة وأستهدفت شخصه الكريم بالتشويه وأنزلت أقسى العذاب بمن آمن معه!!

-يسحبون بلالا الحبشي في بطحاء قريش فتشوي جسده رمضاء مكة ويضعون على صدرة حجرا كبيرا فيردد وقد كتمت أنفاسه، أحد أحد!!

-تُطعن سميةبنت الخياط اليمانية بحربة سيد قريش في موضع عفتها فتصبح أول شهيدة في الإسلام!!

-يُقَلَّب خباب بن الأرت التميمي على الجمر حتى يُشم وَدَكَ ظهره !!

-تصادر تجارة وأموال صهيب بن سنان اليماني الملقب (بالرومي) ولم يتركوه يخرج من مكة إلا بثوبه الذي يستر جسده.

حتى الرسول نفسه وضعوا القاذورات على رأسه وهو ساجد في صحن البيت بجوار الكعبة، وشنوا عليه حملة إعلامية ظالمة كاذبة، فاتهموه بالجنون، والسحر، والكذب، والبحث عن الزعامة.

كان يتنقل فيهم لعل وعسى ويذكرهم بالرحم والقربى ويطالبهم أن يكفوا عن أذيته بحق قربه منهم، فهو لا يريد منهم أجرا وإنما يتركوه فقط يبلغ دِين الله ويقول لهم: إن لم تؤمنوا بي فراعوا قربي فيكم واتركوني وشأني: (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ)

ولكن لا فائدة، ولا أذن واعية،

(وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ ۚ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ)

ولو قرأتم السور المكية لأدركتم حجم وشراسة المعارضة القرشية!!

ثلاث عشرة سنة من الأذى والأوجاع والتعذيب له ولأصحابه ثم في الأخير يقررون في دار الندوة التصفية الجسدية والتخلص من النبي صلى الله عليه وسلم فأضطر بمن آمن معه إلى الخروج من مكة ومغادرتها وقلبه يتقطع من الحزن عليها وجعل ينظر إليها ويودعها وهو يقول:(والله إنك لأحب البقاع إلى الله ولولا أن أهلك اخرجوني منك ماخرجت)

ولم تكتفِ قريش بطرده وإخراجه من أرضه وتشويهه وتعذيب أصحابة بل لاحقته بسيوفها إلى يثرب حيث اختار الملاذ الآمن والقبيلة التي أدخلته في جوارها وحمته بسيوفها وأشلائها.

إن لله حكمة في ترك قريش في غيها، تحارب النبي وتؤذيه.

وله حكمة في جعل شرف حماية النبي ونصرته وداره إلى غيرها.

وله حكمة في تأخير اسلامها،

كل ذلك حتى نعلم -والله أعلم- بأن الله اصطفى نبيا ولم يصطفِ قبيلة، وبأن القرب من النبي أو البعد منه مبني على الاستجابة لا على القرابة، وبأن رسالة الإسلام عالمية لا (عائلية) ولا قبلية.

وبأن النبي عليه الصلاة والسلام ما جاء ليمنح قبيلته حق التحكم في الرقاب والأموال وممارسة الكهنوت والتحدث باسم الله وباسمه.

إن البعض يريد أن يُقرِّش الإسلام العالمي ويحصره في قبيلة، مع أن هذه القبيلة هي من صدت عنه وحاربته في أول أمره وأمرها، فكيف كان سيكون صنيع هذا البعض لو كانت قريش كالأنصار فتحت له صدرها قبل دارها وآمنت به وحمته وبذلت جماجمها من أول وهلة ؟!

دعوا الإسلام كما أراده الله رحمة للعالمين وللناس كافة ولاتشوهوه بحصره في سلالة أو قبيلة،

لا ندعو إلى العصبية مع قريش أو ضدها، معاذ الله.

ونؤكد أن قريشا في آخر أمرها أسلمت وحسن إسلامها وكان لها فيما بعد مساهمة كبيرة في نشر الإسلام والتمكين له في مشارق الأرض ومغاربها، ولسنا من الشعوبيين نستهدف تشويه العرب العدناني منهم أو القحطاني، لكننا نصون نبينا عليه الصلاة والسلام ونربى بأنفسنا أن نحول نبينا إلى شيخ قبيلة جاء ليهتم بدنياها ويورثها السلطة والثروة.

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)

أسعد الله صباحكم وطابت أوقاتكم.

اقرأ أيضاً على نشوان نيوز: آية المودة في القربى والتدليس الإمامي (1-2)

زر الذهاب إلى الأعلى