دراسات وبحوثشعر وأدب

القصيدة المفحمة للشاعر الكلاعي

محمد المقرمي يكتب عن القصيدة المفحمة للكلاعي


هي قصيدة توثق تاريخ اليمن القديم؛ حيث وقع بين يدي بحث للشيخ حمد الجاسر علامة الجزيرة العربية من جيل الأكوع وهو يعد أول من أدخل مطبعة في الرياض وأسس أول صحيفة (صحيفة الرياض) و(مجلة اليمامة) و(مجلة العرب) التي عُنيت بتاريخ العرب وتراثهم الفكري ولا تزال تصدر حاليا من دار اليمامة بالرياض وفيها نُشر هذا البحث عام 1399هـ من مخطوطة كُتبت عام 626ه‍ـ ضمن المخطوطات التي جمعها وصورها الشيخ بعد زيارته لأكثر من 76 دولة في سعيه للبحث عن تاريخ الجزيرة من الدول التي حاولت سرقة تاريخ العرب واستعاد ما استطاع استعادته..

وقد حقق مجموعة من الكتب منها كتاب صفة جزيرة العرب للهمداني وكتاب الجوهرتين الذي تحدث فيه الهمداني عن المعادن في جزيرة العرب من المخطوطة الألمانية.

اما قصيدة الكلاعي تتجاوز 300 بيت يدون فيها الكلاعي تاريخ اليمن القديم ويرد فيها على كاتب رومي.. والكلاعي ثالث ثلاثة ممن اهتموا بتاريخ اليمن القديم مثل الحسن الهمداني ونشوان الحميري.

يتفاخر الكلاعي بتاريخ اليمن وحضارته التي تجاوزت فارس والصين شرقا حتى بلغ المحيط المتجمد بعد أن غزا الأرض مشرقه ومغربه.

ويتحدث عن ملوك اليمن الذين غزوا الفرس والترك والروم وأسرهم واقتياداهم ملوك تلك البلدان إلى بئر بمأرب بعد أن استنجد بهم الناس لينقذوهم من الظلم.

يحز في النفس واقع اليمن الحديث وما أوصلتنا له النخبة الحاكمة ثم تفتش في التاريخ
فينتابك الفخر وأنت تقرأ:
من ضمن أبياته:
ومن عبر الدنيا تكبر جاهل
يفاخر قحطان بمن يتنصرُ
فلا غرو إن العير ينهق خاليا
فيؤذي ويُؤذَى إن رأى الليث يزأرُ

ويهجوه بمائة بيت على هذا النحو ثم يعدد مفاخر اليمنيين
فيبدأ بالملك الحارث الرائش الحميري وهو أول ملك حميري غزا الأعاجم فدخل بلدان فارس وقتل وسبا الغنائم فراش الغنائم بين حمير وكهلان وسمي بالرائش بعد أن أوقع بالترك
وراش بني قحطان أسلاب فارسٍ
فصار له اسماً في البرية يُشهرُ

ولم يكُ عنها ذو المنار بعاجزٍ
ولا العبد لما جاء بالسبي يُذعرُ

وذو المنار أبرهة بن الحارث الرائش غزا إلى أقصى المغرب وبنا المنار وهي أعلام على طريقه ليهتدي إذا رجع وقد بلغ. مدينة طنجة.

وأما العبد بن أبرهة ذي المنار فقد بلغ أقصر المغرب من الناحية الشمالية
وإفريقس الباني مدينة ملكه
وياسر ذو الحلم الذي لا يعبّرُ

والملك إفريقس هو من سميت أفريقيا باسمه حيث بلغ غانا واجتاح البربر والسواحل الغربية وبنى مدينة أفريقيا.

وشمر قد داخت سمرقند خيله
وكان له في السغد يوم مدغثرُ

وشمر لقب بشمر يهرعش وهو الملك اليمني شمر بن إفريقيس
وهو الذي أسر الملك الفارسي كيقاوش الفارسي ومضى حتى نزل بأرض السغد وفتح المدينة وبنى نصبا تذكاريا كتب عليه (أنا شمر الملك الأشم سرت من أزال إلى هذا المكان ألف فرسخ..)

وألقى بها لوحًا عليه كتابةً
له سيرة فيها ولوحٌ مسطّرُ
وآب بكيقاويش مالك فارس
وقد ضمه غل وكل مسمّرُ
فأسكنه في بئر مارب فينةً
من الدهر مجسونا يئن ويزفرُ
على الرغم سبعا من سنين تجرمت
وأعتقه من بعد والصفح أقرب

أعتقه بعد سبع سنوات عندما قدمت ابنته مع الخراج السنوي للملك شمر وكان قد تعب والدها كثيرا فاستسمحت الملك اليمني فأطلق سراح والدها.

وأما الأقرن فهو حسان بن شمر يهرعش فقدفتحت الروم وهو ذو القرنين وسمي تبعا أيضا لكثرة أتباعه وكان قد غزا الأرض واتجه نحو مغرب الشمس بغية الوصول إلى أقصى منطقة في الأرض التي تمكث فيها الشمس ستة أشهر فوق الأرض في الصيف وستة أشهر تحت الأرض في الشتاء حتى بلغ وادي الياقوت الأرض المتجمدة..

يقول الكلاعي:
وتبع داخ الصين حتى استباح ما
يصون به الملك المعظم يعبرُ
وأسعد ذو الجد السعيد فذاك لا
يوازنه مستقدمٌ أو متأخرُ..
وهذا الملك سمي أسعد الكامل لاتساع ملكه ولما رزقه الله من علم وملك وقد كان أول من كسى الكعبة بالأنطاع اليمانية المذهبة.. حتى أن الرسول نهى عن سبه وقد أسلم قبل مجيئ الرسول.

للمقالة بقية.. سأحاول البحث عن المخطوطة الأصل وتحقيق ما استصعب ومن ثم تحقيق الأعلام وشرح الأبيات بإذن الله فنشر هذا التاريخ مهم لشحذ همم اليمنيين ليعيدوا مجد وطنهم.

٩ شعبان ١٤٤٥هـ

زر الذهاب إلى الأعلى