شعر وأدب

رسالة اعتذار لـ"صعدة" (شعر)

قصيدة الشاعر اليمني المثنى الهمداني بعنوان رسالة اعتذار لـ"صعدة" (شعر)


من قالَ إنكِ لستِ في نبضاتنا

أرضاً

وتاريخاً

ومعشرْ

أو أن حبكِ في جوانحنا تَيَبَّسَ

أو تَرَمَّدَ

أو تَصَحَّرْ

من قال إن هواكِ فينا جفَّ يوماً

أو تلاشى

أو توقف في العروقِ عن التدفقِ

أو تَبَخَّرْ

من قال إنكِ لستِ غاليةً علينا

كَذِّبِيهِ ..

فأنتِ غاليةٌ وأكثرْ

يا صعدة الحبِّ الكبيرِ الجمِّ

أُمُّ أشد أقيال البلاد محبةً لبلادهمْ ..

ولادة العظماء من أبناءِ قحطان المعظمِ

بِنتُ حِمْيَرْ

إنا نُحبكِ.. كلُّ من قالوا بأنا لا نحبكِ

كذبيهم ...

إن حبكِ في جوانحنا لمنحوتٌ كحرفٍ مسنديِّ

مثلما هو في دفاترنا مُسطرْ

إنا نحبكِ.. كل من قالوا بأنكِ قد خذلتينا وخنتِ العهد .. عهدَ الثورة العظمى

وسلمتِ المواقعَ للحثالاتِ الدخيلةِ

كَذِّبِيهم ...

في الحقيقة نحنُ من جئناكِ بالخذلانِ

نحن وألف نحن ولا سوانا

نحن من بعناكِ للدخلاءِ

نحن بكل أوجهنا

بكل صفاتنا وطيوفِ أمتنا

تبابعةً

وأقيالاً

وأحزاباً

وعسكرْ

نحن اقترفنا الذنب أكبرَهُ بحقكِ حين سلمناكِ

ثم بحق أنفسنا جميعاً حين سلمنا الى الدخلاء ما حزناه من أجدادنا

وطناً

ومعتقداً

وجمهوريةً عظمى

وتاريخاً معطرْ

نحن اقترفنا الذنبَ نحنُ

فيا ترى كم يطلب التاريخ من أرواحنا ثمناً ليغفره لنا..

كم يلزم الذنب الكبير من الدماءِ لكي نقدمها له

ونعود ثانيةً إلى تاريخنا متطهرين لكي نراهُ وقد تطهرْ

كم يا ترى ..

كم يلزم الذنب الكبير من الدماءِ لغسلهِ

وبأي تضحيةٍ يساومنا ليُغفرْ ..؟

إنا نزفنا

كم نزفنا من دمٍ سعياً إلى الغفرانِ ..؟

لا الغفران جاز لنا

ولا الجرح الكبير بنا تخثرْ ..

تُبنا وقدمنا كبار التضحياتِ ليغفرَ التاريخُ

لكنا وجدنا الذنبَ أكبرْ

يا صعدةَ الأقيالِ إنا رغم ما اقترفتْ من الآثامِ أيدينا

ورغم عقوبة التاريخ

رغم ضياع ثورتنا فإن هواكِ مزروعٌ بأنفسنا

وحبكِ أنتِ رغم كل تضررات قلوبنا لازال حياً في الجوانحِ ما اضمحلَّ ولا تضررْ

.....

إنا نحبكِ

بل نذوب إلى عناقكِ لهفةً وتشوقاً

ونكادُ نُصهرُ بالشجونِ

لا ... لستِ ساسانيةً أبداً

وربِّكِ يا حبيبتنا

ومن أجرى الدماءَ الحميريةَ في رجالكِ

لستِ ساسانيةً مهما يُقالُ ولن تكوني

لا... لم يهن معناكِ في كلماتنا أبداً

وربكِ ياعزيزتنا

وطهرِ رجالك السبتمبريةِ لم يهن معناكِ قط ولم تهوني

وككلِّ شبرٍ من ثرى اليمن السعيدةِ، كلُّ شبرٍ منكِ نعشقهُ إلى حد الجنونِ

هذا هواكِ يعيشُ في نبضِ القلوبِ

وفي الدماءِ

وفي العيونِ

يا صعدةَ التاريخِ

يا تاريخَ تضحيةِ اليمانيين ينبتُ فوق أضرحة الرجال بنفسجاً

ويشعُّ أقماراً برغم الليلِ

يخترقُ الدجى من خلفِ أسوارِ السجونِ

لن يستمر السجنُ عهداً يا حبيبتنا

وهذا عهد من لا ينكثون العهد

لا محضاً من الوهمِ المُحالِ أو الظنونِ

سنفجر الدنيا على الباغي

سنشعلها براكيناً بوجه الغاصبِ الكهنوتِ

بل وسنشعلُ الزلزال من رحم السكونِ

ونُكَفِّرُ الذنب الذي اقترفتهُ أيدينا بحقكِ أولاً

وبحقِّ أنفسنا جميعاً من سواحل حضرموت إلى ميونِ

ويظل حبكِ في ربيعٍ دائمٍ يا صعدة الحبِّ المتينِ

زر الذهاب إلى الأعلى