أيدته 14 دولة: فيتو أمريكي يحبط مشروع قرار حول غزة
أيدته 14 دولة: فيتو أمريكي في مجلس الأمن الدولي يحبط مشروع قرار حول وقف إطلاق النار في غزة
استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية الفيتو (حق النقض) في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار مقدم من أعضاء المجلس العشرة المنتخبين، يطالب بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار يحترمه جميع الأطراف، ويكرر تأكيد مطالبته بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن.
وحسب موقع الأمم المتحدة، حصل مشروع القرار على تأييد 14 عضوا من أعضاء المجلس الخمسة عشر، لكنه لم يُعتمد بسبب استخدام الولايات المتحدة- الدولة دائمة العضوية بالمجلس- الفيتو.
ويدين مشروع القرار يؤكد المطالبة بامتثال الأطراف للالتزامات الواقعة على كاهلها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بالأشخاص الذين تحتجزهم وبتمكين السكان المدنيين في قطاع غزة من الحصول فورا على الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية الضرورية لبقائهم على قيد الحياة.
الولايات المتحدة الأمريكية
وقال نائب المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة روبرت وود إن تبني مشروع القرار هذا كان ليبعث رسالة خطيرة إلى حماس، وهي أنه "ليس هناك حاجة للعودة إلى طاولة المفاوضات. وكانت حماس لتعتبر ذلك بمثابة تبرير لاستراتيجيتها القائمة على الأمل والدعاء بأن ينسى المجتمع الدولي مصير أكثر من مائة رهينة من أكثر من عشرين دولة عضوا محتجزين منذ 410 أيام".
وأشار إلى أن مجلس الأمن دعا في السابق إلى إنهاء الحرب بشكل دائم مع إطلاق سراح الرهائن، "وهذان الهدفان العاجلان مرتبطان بشكل لا ينفصل. وتخلى هذا القرار عن هذه الضرورة، ولهذا السبب لم تستطع الولايات المتحدة أن تدعمه".
ونبه إلى أن الحل الدبلوماسي الذي تواصل بلاده السعي إليه لجلب السلام والحرية للفلسطينيين في غزة، لم يتم التوصل إليه لأن حماس رفضت صفقة تلو الأخرى، مضيفا أن "بعض أعضاء هذا المجلس يتجاهلون في تصريحاتهم العلنية تعنت حماس القاسي، بل ورفضوا إدانة حماس".
وأضاف: "يبدو أن بعض أعضاء هذا المجلس لا يريدون مواجهة حقيقة مفادها أن إسرائيل ليست هي التي تقف في طريق وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن اليوم. بل إنها حماس".
وأفاد وود بأن بلاده أوضحت صراحة لإسرائيل أنها تتحمل مسؤولية تسهيل وصول المساعدات الإنسانية وتوصيلها على نطاق واسع في غزة، مضيفا "عملية وضع شروط ما نتوقعه من إسرائيل بطريقة مفصلة للغاية قد أدت إلى تغيير في نهج إسرائيل".
وأعرب عن أسفه لأن المجلس كان بإمكانه أن يستخدم لغة تسوية طرحتها المملكة المتحدة لسد الفجوات القائمة ودعم هذه الخطوات الإنسانية، مضيفا "طرحنا أيضا العديد من الصيغ على مدى الأسابيع القليلة الماضية والتي كان من الممكن أن تسد الفجوات وتجعل هذا المجلس يتحدث بصوت واحد".
الجزائر
من جانبه، قال السفير عمار بن جامع الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة إن اليوم هو "يوم حزين" للمجتمع الدولي بأكمله حيث فشل المجلس في اعتماد مشروع قرار كان ينبغي أن يكون "الحد الأدنى" الذي يوحده وأن يخدم "فقط لكسر صمته المطبق" بعد خمسة أشهر من اعتماد القرار 2735.
وقال إن الدعوات لوقف إطلاق النار جاءت من كل أرجاء العالم، "لكن شيئا لم يوقف آلة القتل الإسرائيلية". وأضاف: "رسالة اليوم واضحة: إلى قوة الاحتلال الإسرائيلية، أولا، يمكنكم الاستمرار في الإبادة الجماعية. يمكنكم الاستمرار في عقابكم الجماعي للشعب الفلسطيني مع إفلات تام من العقاب في هذه القاعة، فأنتم تتمتعون بالحصانة. وإلى الشعب الفلسطيني، رسالة واضحة أخرى، بينما تقف الغالبية العظمى من العالم متضامنة مع محنتكم، من المؤسف أن الآخرين لا يزالون غير مبالين بمعاناتكم".
وقال السفير بن جامع إن غزة "التي كانت تُعرف ذات يوم بأنها مدينة الأطفال، أصبحت بشكل مأساوي مدينة للأيتام"، وأشار إلى مقتل ما لا يقل عن 326 عامل إغاثة - وهو "أعلى رقم مسجل على الإطلاق في التاريخ" - وأكثر من ألف عامل صحي. كما أكد أن إسرائيل "قتلت عددا من الصحفيين في عام واحد يفوق عدد الذين فقدوا في الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام مجتمعين". وتساءل: "أين أولئك الذين يزعمون أنهم مدافعون عن حقوق الإنسان وحرية التعبير؟ لماذا يصمتون في مواجهة مثل هذه الفظائع؟".
وقال إن هذا الفشل ستكون له "عواقب مدمرة على النظام الدولي"، إلا أنه شدد على أن الجهود للمطالبة بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة ستستمر حتى يتخذ المجلس إجراءات حاسمة، "وهذه المرة بلغة أكثر حزما، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة".
يشار إلى أن مشروع القرار رفض أي جهد لتجويع الفلسطينيين، وطالب بتيسير دخول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع ومأمون ودون عوائق على نطاق واسع إلى قطاع غزة بجميع مناطقه وإيصالها إلى جميع المدنيين الفلسطينيين الذين يحتاجون إليها، بما يشمل المدنيين الموجودين في شمال غزة المحاصر الذين هم في أمس الحاجة إلى الإغاثة الإنسانية الفورية، وذلك بتنسيق من الأمم المتحدة.
وشدد على أن الأونروا ما زالت هي العمود الفقري للاستجابة الإنسانية في غزة، ودعا جميع الأطراف إلى تمكين الوكالة من تنفيذ ولايتها على النحو الذي اعتمدته الجمعية العامة، في جميع مناطق عملياتها، مع الاحترام الكامل لمبادئ العمل الإنساني القائمة على التحلي بالإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال، وإلى احترام القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك حماية مرافق الأمم المتحدة والمرافق الإنسانية.
روسيا تنتقد الرفض الأمريكي
السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا قال إن المجلس كان بوسعه المطالبة اليوم بوقف إطلاق نار فوري وغير مشروط ومستدام في غزة، فضلا عن إطلاق سراح جميع الرهائن على الفور وبلا شروط.
وأضاف: "من غير المعقول أن تقف الولايات المتحدة بتهكم في طريق المطالبة بمثل هذه الإجراءات اللازمة لإنقاذ الأرواح في أسوأ أزمة إنسانية في العالم".
وقال نيبينزيا إن الأمريكيين مسؤولون عن وفاة عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء ومعاناة الرهائن والفلسطينيين المعتقلين بشكل غير قانوني، مؤكدا "لا نحتاج إلى أن نستمع إلى محاضرات الولايات المتحدة حول النفاق. النفاق هو ما يظهرونه كل يوم في صراعات مختلفة".
وأضاف: "لو تم تمرير مشروع القرار، لكان بوسعنا أن نطالب إسرائيل بإنهاء هجماتها القاتلة في غزة والضفة الغربية، وكبح جماح عدوانها المستمر على لبنان وسوريا، ولكان بوسعنا أن نرسل إشارة واضحة للغاية إلى الأطراف لإنهاء العنف والانتقال إلى التسوية السياسية والدبلوماسية للقضية الفلسطينية".
وأشار السفير الروسي إلى أن "المعارضة الباردة والساخرة" من جانب الولايات المتحدة للمطالبة البسيطة نيابة عن المجلس بإنقاذ الأرواح البشرية هي عمل غير أخلاقي وغير إنساني.
وأوضح أن الإسرائيليين أنفسهم مهتمون بإنهاء دوامة العنف، مضيفا "نحن نرفض بشكل قاطع المحاولات الرامية إلى تقديم أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 كنقطة انطلاق للأحداث الدموية في المنطقة".
وأكد أن "واجبنا المشترك هو التأكد من أن أصوات الأغلبية المطلقة من الناس على هذا الكوكب مسموعة لإنهاء دوامة العنف هذه من خلال تسوية القضية الفلسطينية على أساس معترف به.... يجب أن نحقق السلام والاستقرار والازدهار في الشرق الأوسط".