مساع لإحياء المحادثات السياسية ولجنة حدودية لتثبيت "التهدئة"
تتواصل الجهود السياسية والدبلوماسية الرامية لاستئناف محادثات السلام بين الأطراف اليمنية، فيما صمدت مبدئياً التهدئة في المناطق الحدودية بين اليمن والسعودية وسط أنباء عن تعزيزها بلجنة ميدانية تشرف على تثبيت وقف إطلاق النار ونزع الألغام، الأمر الذي يمثل تقدماً واضحاً على صعيد التفاهمات غير المعلنة بين الرياض والحوثيين. لكن على الرغم من التقدم السياسي، لا تزال التطورات الميدانية تتصاعد في الجبهات الداخلية، وخصوصاً في تعز.
وكان حصار مليشيات الحوثيين وعلي عبد الله صالح للمحافظة وتصعيدهم فيها على المدى الأشهر الماضية عائقاً أساسياً أمام نجاح المحادثات السياسية، فيما تمكنت قوات الجيش اليمني و"المقاومة الشعبية" خلال الأيام الماضية من كسر الحصار جزئياً عن المدينة على وقع تقدمها المتواصل على حساب المليشيات.
أما في عدن، المحافظة المحررة من مليشيات الحوثيين وصالح منذ أشهر، فتستمر الحملة الأمنية، التي تشنها قوات الشرعية بمساندة التحالف العربي، لملاحقة عناصر متشددة تنتمي خصوصاً لتنظيمي "القاعدة" و"داعش" في المدينة وخصوصاً في مديرية المنصورة. وفي السياق، تمكنت قوات الشرعية من السيطرة، أمس الإثنين، على مقر المجلس المحلي في المنصورة فيما أكد التحالف مقتل طيارين إماراتيين إثنين، إثر تحطم طائرتهما في الأراضي اليمنية نتيجة ما قالت إنه خلل فني. وكانت الطائرة قد تحطمت في عدن بعد قصف مواقع مشتبهين ب"القاعدة" في منطقة البريقة التي تشهد بدورها عمليات ضد المجموعات المسلحة في عدن.
في غضون ذلك، توضح مصادر سياسية يمنية مطلعة لـ"العربي الجديد" أن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، المتواجد في المنطقة، يعقد لقاءات لجمع الأطراف على طاولة المفاوضات مجدداً، وسيعرض خطة الأمم المتحدة لتنظيم الجولة الجديدة على القيادة اليمنية في الرياض، كما سيلتقي ممثلين عن الحوثيين وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الأسبوع المقبل في مسقط.
وفيما لا تزال تفاصيل المقترحات الأممية غامضة، يشير مصدر رئاسي، تحدث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الخطة الأممية تحمل مقترحاً بنقل الحوار إلى دولة عربية، وأن تقام الجولة قبل نهاية مارس/آذار الحالي. وينوه المصدر نفسه إلى تعاون الجانب الحكومي مع الخطة في ظل حرصه على وجود ضمانات بتنفيذ قرارات مجلس الأمن، والقرار 2216 خصوصاً. كما يلفت إلى وجود مؤشرات تفيد بحرص الحوثيين على المفاوضات واستعدادهم لتقديم تنازلات.
وتأتي الجهود الأممية وسط تواصل اللقاءات غير المعلنة بين السعودية والحوثيين، بعد نحو أسبوع من الكشف عن توجه وفد من الحوثيين وشخصيات قبلية محسوبة على الجماعة إلى الرياض، عقب تفاهمات غير معلنة أفضت إلى تهدئة في المناطق الحدودية، صمدت مبدئياً حتى اليوم.
في الأثناء، تفيد مصادر محلية وسياسية متعددة بتوجه لجنة سعودية حوثية مشتركة إلى المناطق الحدودية أول من أمس للإشراف على تثبيت وقف إطلاق النار، ونزع شبكات الألغام التي زرعها الحوثيون وحلفاؤهم في المناطق الحدودية، الأمر الذي يمثل تقدماً عملياً في طريق تطبيق التهدئة في المناطق الحدودية.
وفي السياق، لم ينف رئيس المكتب السياسي للجماعة، صالح الصماد، في منشور على صفحته الشخصية بموقع "فيسبوك"، وجود لقاءات مع الجانب السعودي، لافتاً إلى أن "ما حصل في الأيام الماضية في الحدود هو لقاء أولي، تم فيه تسليم أحد الأسرى السعوديين كحالة إنسانية نظراً لوضعه الصحي مقابل تسليم عدد من الأسرى من الجيش واللجان الشعبية. ولقاء كهذا يحصل في الحروب ولن يتأتى التسليم إلا بلقاء مع الطرف الآخر وتهدئة الوضع في الحدود لتهيئة أرضية مناسبة للقاء".
توضيحات الصماد شملت أيضاً قوله إنه "لا مانع أن تستغل مثل هذه المبادرات لإيجاد قناة تواصل مع الطرف الآخر (إشارة إلى السعودية) للاستماع لوجهات النظر والتفاهم لإيجاد آليات قد تفضي إلى حوار بعزة وكرامة يتم نقلها للقوى الوطنية للتشاور حولها لما فيه مصلحة البلاد". ولفت إلى أن التفاهمات أولية ومبدئية، "تم خلالها التفاهم على خطوات تدريجية قد تفضي إلى وقف العدوان في حال كانت هناك نوايا صادقة لدى دول العدوان. وإذا لم يتحقق ذلك فلن نخسر شيئاً"، على حد قوله.
ويعتبر نجاح التهدئة في المناطق الحدودية أكبر اختبار أمام أي جولة محادثات سلام مقبلة، إذ يعد صمودها مؤشراً قوياً على أن الأطراف الفاعلة بدأت عملياً بخطوات غير مسبوقة، قد تفضي إلى وقف إطلاق النار، بالتزامن مع اقتراب إكمال عام على بدء عمليات التحالف بقيادة السعودية لدعم الحكومة الشرعية.
من جهة أخرى، لا تزال الغارات الجوية للتحالف متواصلة لكن مع تراجع واضح في وتيرتها، إذ تتركز في المناطق القريبة من المواجهات شرق صنعاء وأطراف مأرب ومحافظة تعز، فيما لم يسجل وقوع ضربات جوية في صعدة معقل الحوثيين الحدودي مع السعودية.