صُدمنا اليوم بهذا التصريح الذي صدر من اللواء علي محسن صالح مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الدفاع والأمن، الذي ساق فيه اعتذاراً لأبناء اليمن كافة ولأهلنا في الجنوب خاصة عن ما أسماها كل ما طال اليمن من "حروب ظالمة" في الجنوب وغيره.
يبدو أن هناك حالة تنويم مغناطيسي تمارس على النخبة داخل اليمن لتتصرف بلا وعي بطريقة تجعل المستقبل مفخخاً بالأزمات والنثرات، وإلا ما معنى أن يطل اللواء علي محسن بهذا التصريح العجيب الغريب، الذي أسوأ ما فيه، أنه يصور أن حرب 94 التي أشعلها علي سالم البيض بتمرده على انتخابات 93 وعدم أدائه اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية واعتكافه في عدن منذ 93.. وتلغيمه صنعاء بكافة أنواع الأسلحة وتأليبه لقبائل الشمال، أنها كانت حرباً ضد "الجنوب". متناسياً أن الحرب حسمها الجنوبيون أنفسهم وعلى رأسهم المشير عبدربه منصور هادي، ضد جناح انفصالي احتفظ بالقوة التابعة له ونكص على عقبيه، ثم عاد ليقصف صنعاء بصواريخ سكود بعد ان أعلن الانفصال عشية عيد الله الأكبر.
لقد أصر البيض على تعددية حزبية تحل محل الشراكة في الفترة الانتقالية بين الحزبين الموقعين على الوحدة، ليؤول الحكم لمن يختاره الشعب في أول انتخابات، فلما لم تأتِ النتائج وفقاً لحساباته.. أشعل الحرب وأعد لها عدتها. وكان مطار عدن ومنفذ الوديعة قبل الحرب يستقبلان أسلحة لا يزال بعضها يحمل أعلام الدول التي أرسلتها والتي كانت ترى في الانفصال رد فعل على موقف اليمن الرافض لمجيء القوات الأجنبية لتحرير الكويت.. فهل يقدم اللواء علي محسن اليوم هذا الاعتذار للشعب نيابة عن علي سالم البيض؟. وكيف يحق له أن يفعل ذلك وهو لم يكن قائداً ضمن القوات الانفصالية الموالية للبيض!
لقد قُلبت الموازين رأساً على عقب وأسهم "مكر الليل والنهار" الذي ذكره الله سبحانه في سورة "سبأ"، في جعل النخبة اليمنية تنحدر إلى سلسلة ارضاءات عقيمة، ظناً منها أن ذلك سيقطع على الانفصاليين الطريق، بينما هي تفرشه لهم بالورود.
لقد جانب علي محسن التوفيق في 2013 مكرراً خطأ تصريحه في العام 2011 حينما قال إن ما يجري في الجنوب هو "احتلال"، وقبله أسهم حميد الأحمر في تلميع صورة علي سالم البيض وتصفير عداده الجنائي الضخم، وكل ذلك كان من باب المكايدة لعلي عبدالله صالح، وهو أمر غير مبرر في كلتا الحالين.
وهنا نقول للواء علي محسن (الذي نقدر له تأييده لثورة التغيير).. نقول له ولغيره من السياسيين والعسكريين الذي جاءوا متأخرين إلى حفلة مجاملة الانفصاليين، أملاً في سحب البساط عليهم: لن يرضى عنكم الانفصاليون حتى تتبعوا ملتهم. وعدا ذلك فهو ليس إلا خدمات مجانية تقدمونها لهم، وتحرقون بها تاريخكم وتاريخ أمتكم، بأخطاء وتصريحات لا داعي لها ولا مبرر.