سيؤون.. تورق من قلب الصاعقة

قصائد الشاعر الكبير عبدالله البردوني - نشوان نيوز - سيؤون.. تورق من قلب الصاعقة

أمِن حرائق الحِمَى
إلى قتيلةٍ بما

أمِن لظى الأرض إلى
إغراق وابل السَّما

عظائم الأحداث، لا
تختار إلاّ الأعظَما

* * *

سَيؤون، ما أغرى(الحيا)
فانصبَّ فيكِ مُغرما

معانقاً، مقبِّلاً
في كلِّ عضو مَبسما

يُعطي يديك قلبَهُ
كأساً ويحتلُّ الفما

* * *

هل طاش مِن سُكْر الهوى
فما وعى كيف انهمى؟

ولا درى مَن ذا رمى
بهِ، ولا كيف ارتمى

ولا إلى أين ولا
مِن أين، يعدو كيفما..

مشعَّباً، مشعِّباً،
مُحمحِماً، مُدمدِما

مُلملِماً أشتاتَهُ
مشتِّتاً ما لملما

له ثلاثون فماً
وأربعون مِعصَما

وألفْ ثديٍ ساكبٍ
حدائقاً، وأنجُما

بالغَور يطوي المُنحَنى
يلوي التّلال الجُثَّما

يلهو بكل صخرةٍ
لهو الصبايا بالدُّمى

يُصبي المنابت الّتي
تحت الشُّحوب نُوَّما

مِن كلِّ فجٍّ أقبلَت
فيه الجبال عُوَّما

والراعدات رُكَّضاً
والمبرقات حُوَّما

كمعتدٍ يَطوي على
ضلوعه متيَّما

يغشى (المكلاّ) أغبراً
يعلو (شِباماً) أسحَما

أجاء يُحيي، أم أتى
يرمي البيوت أعظُما؟

* * *

كان غماماً راحلاً
ما بالَهُ تحضرَما؟

أباعثاً خصوبةً
أم ناشراً تيتُّما؟!

* * *

مِن حسنه في الأرض، أن
يُفوضيَ المنظَّما

أن يكسر المِعوَجَّ، أن
يعوِّج المقوَّما

فكل وسميٍّ إذا
عتا أجاد الموسما

* * *

مِن أين أقدَم الرُّبى
وكالمحيط أَقدَما؟

وردَّ عاداً
يبتغي (تيمى) ويغزو (جُرهُما)

يلقى النخيل دارعاً
والزنجبيل مُعلَما

يمرُّ بالحِنَّا كمن
يُقلَم المُقلَّما

ألا يحسُّ هل جرى
مخيَّراً، أو مرغما؟

وأن عُنفَ سيلهِ
أردى هنا وأيَّما

وأنَّ لِينَه
قسا وبالنَّعومة احتمى

وأن في دويَّهِ
سرّاً صموتاً مُفعَما

أشمُّهُ حقيقةً
أجُسُّهُ توهُّما

يُميتني تَقَحُّماً
أُمِيتهُ تفهُّما

يقول: ذُبْ مستسلماً
أقول: بل مستلهما

إذا اتَّسمتَ بالقُوى
فإن لي توسُّما

تبكي ضجيجاً مثلما
أبكي أنا ترنُّما

ألا تجيبيني؟ متى
كان التَّعالي أحزَما؟

بعض التغابي كالغبا
بعض التَّعامي كالعمى

* * *

لِصوتهِ من اللُّغَى
تسعون صوتاً مُبهَما

يتلو هنا مستعرباً
وهاهنا مُترجِما

يقول ما يدري الثرى
ويُعجزَ التكلُّما

تخطُّ مُفرداتُهُ
في كلِّ سفحٍ مُعجَما

تروي المراعي بعدَهُ
تأريخهُ مُنمنَما

ماذا يقول صوتُهُ
وهل يقول، ربما؟!

أحسُّني فيهِ صدىً
ومِعزَفاً مُحطَّما

وشارعاً مُقوَّضاً
ومعملاً مُهدَّما

ألستُ بعضَ شبوةٍ
و(شبوةٌ) بعضُ الحِمَى

كلُّ البقاع مسكَني
لا أسكنُ المُرقَّما

* * *

(سيؤون) يا غسيلةً
لها نقاءُ (مَريَما)

مَن ذا أصاب مغنماً
وما اقتضاهُ مَغرَما

ما هال هولٌ نافعٌ
ولا دهى ما علَّما

* * *

مآتمُ (السودان) ، هل
أهدت إليكِ مأتَما؟

كي تورقي مِن الحَشى
"تيناً" وتهمي (عَندما)

كي تَركبي سيل الرُّبى
في كلّ فصلٍ مُلجَما

لأن غيث وقتِنا
فوضى غريب المُنْتَمى

في الصَّيف يشتو في الشِّتا
يصطاف، مَن يدري لِما؟..

* * *

قيل: (قتيل الما ولا
قتيل حُرقة الظَّما)

يا قيل، أصبحنا نرى
كليهما جهنَّما

القحط يدفنُ "الكلا"
والسَّيل يشرب الدَّما

اليوم يقتاد الرَّدى
مَن كان يحدو الأنعُما

إبريل عام 1989م

زر الذهاب إلى الأعلى